طلب زيادة الشرف لسيدنا رسول الله

الفتاوي الحديثة

طلب زيادة الشرف لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: 

فإن قُلت:الدعاء بالزيادة في شرفه صلى الله عليه وسلم مُمتنع،لأنه يقتضي أنه مُتّصف بضدّها حتى تطلُب له الزيادة، وهو مُحال في حقّه؟ قُلت:اعلم أن نبينا صلى الله عليه وسلم هو أشرف المخلوقات وأكملهم، فهو في كمال وزيادة أبداً.. فلا مُحال في زيادة كماله وترقّيه بالنّسبة إلى نفسه،بعد كونه أكمل المخلوقات.ونحن نُطالب له الزيادة في الكمال إلى تلك الدرجة التي لايعلم كُنهها إلا الله تعالى. وفائدة طلبنا له ذلك،مع أنه حاصل له لامحالة بوعد الله تعالى،أمور:

منها إظهار شرفه صلى الله عليه وسلم،وكمال منزلته وعِظَم قَدره،ورفع ذكره وتوقيره.

ومنها مُجازاته صلى الله عليه وسلم على إحسانه إلينا.

ومنها حصول التواب إلينا. ونظير ما نحن فيه من طلب الزيادة:”اللهم زِدْ هذا البيت تشريفاً”في حقّ بيت الله الحرام،فإن الدعاء بزيادة الشّرف مأمور به،ولم يقُل أحد إن ذلك ممتنع..وليست هذه المسألة(أي طلب الزيادة لسيدنا رسول الله):من مخترعات المتأخرين،بل أشار إليها أكابر المتقدمين كالإمام الحليمي وصاحبه البيهقي(وناهيك بهما إمامة وجلالة)وتبعهما إمام المتأخرين مُحرّرالمذهب أبو زكريا النووي فقال في(روضته ومنهاجه):[صلى الله عليه وسلم وزاده فضلاً وشرفاً لديه ]وناهيك بهذين الكتابين..فما توهّمه(أي السائل)من أنّ سؤال الزيادة يقتضي أن في مقامه صلى الله عليه وسلم نقصاً، توهّم باطل لا دليل عليه.. فالحليمي يُصرّح في “شعب الإيمان”:أن مقامه صلى الله عليه وسلم يقبل الزيادة في الثواب وغيره من سائر المراتب والدرجات،ويؤيّد أنه صلى الله عليه وسلم وإن كان أكمل الخلق وأفضلهم،لكن لا تُحصَر ولا تُحصى غايات كمالاته العليّة،بل هو دائم الترقّي في تلك الغايات ولاحدّ لها انتهاءً..وكماله صلى الله عليه وسلم،مع جلالته، لايمنع احتياجه إلى زيادة مزيد،وترقّ واستمداد من فضله تعالى وجوده وكرمه،فإنه لا انتهاء لفضله الواسع،ولاانتهاء لكماله صلى الله عليه وسلم المُستمدّ من ذلك.. جاء في الخبر:قال رجل:يا رسول الله أجعَل شطر صلاتي دعاءً لك؟ قال: نعم.قال: فاجعل صلاتي كلها دعاءً لك؟ قال: إذاً يكفيك الله هَمّ الدنيا والآخرة الحديث من مصنف عبد الرزاق.وبهذه الرواية يعلم أن المراد بالصلاة في الرواية الأولى وما بعدها: الدعاء..وهذا الحديث أصل عظيم لمن يدعو عَقب قراءته فيقول:”اجعل ثواب ذلك لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم”..فمعنى طلب الزيادة في شَرفه أن يتقبّل قراءته فيُثيبه عليها،وإذا أثيب أحد من الأمّة على فعل طاعة من الطاعات كان للّذي علّمه مثل أجره، وللمعلّم الأول صلى الله عليه وسلم نظير جميع ذلك.فهذا معنى الزيادة في شرفه صلى الله عليه وسلم،وإن كان شرفه مستقراً حاصلاً..
وبهِ يُردّ ما وقع في فتاوى شيخ الإسلام البلقيني،فإنه سُئل عمّن يقول في دعائه: اجعل ثواب هذه الختمة هدية لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.فأجاب بما حاصله :ثواب القراءة واصل له صلى الله عليه وسلم،لأنه هو المُبيّن والمبلّغ له،فلا حاجة “لذكر القارئ ذلك.وإن ذكره على نظير:”اللهم آت سيدنا محمداً الوسيلة والفضيلة(الحديث.

 

الفتاوى الحديثية:شيخ الإسلام شهاب الدين بن حجر الهيثمي (909_974هـ).

قلت:قال تعالى(قل لاأسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى)فنحن حسنة في صحيفته،ونقطة في بحر حقيقته.(وربك الغني ذو الرحمة)… كما أن الحقيقة المحمدية تترقى في مراتبها لا خارجها،فترقيها ذاتي لها والكمال ذاتي لها ولا تترقى بدعائنا .. 

هل أعجبك الموضوع؟ يمكنك مشاركته على منصتك المفضلة

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد