وأنت الشئ بالمثلية

التوسع في الكلام عن الشيئية

التوسع في شرح الشيئية:

وأنت الشئ بالمثلية:

في اللغة الشيء،يطلق على كل ما هو موجود يصح أن يعلم ويخبر عنه ويطلق على المذكر والمؤنت.فالشئ ينافي العدم وكل ما ليس بشئ فهو في حكم العدم، قال تعالى(قُلِ اللّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) وقال(وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً).(أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ)فهذه الايات تنفي إطلاق الشيء على المعدوم. والشئ أنكر النكرات فهي كلمة جامعة لكل ما هومادي أو معنوي.ظاهرأو باطن.حاضر أو غائب زماني أو مكاني .معروف أو مجهول .                                                    فنقول فَعَل شيئا،قَالَ شئ “تأخّرت عنه شيئًا قليلا،أنتابني شيء من الخوف،شيئًا بعد شيء،شيئًا فشيئًا{على سبيل التدريج}شيء ما{شيء غير محدَّد}شيء من كذا{قليل مِنْ…}في الأمر شيء{فيه سبب خفيّ}.الشّيءُ بالشّيء يُذكر. رأس كل شيء: أعلاه، شَيْءٌ مِنَ الْحَيَاءِ.شَيْءٌ مِنَ التَّعَبِ.شَيْءٌ مِنَ الوَقْتِ.شَيْءٌ مِمَّا مَعَكَ .حَقَّقَ شَيْئاً كَثِيراً. لَيْسَ بِشَيْءٍ يُذْكَرُ.{أَيْ لاَ أَهَمِّيَّةَ لَهُ}.أَنْتَ لاَ شَيْءَ: أَيْ لاَ قِيمَةَ لَكَ. و كلامي هذا شئ.

اما ما ورد في الكتاب، قال تعالى(إنما قولنا لشئ إذا أردناه أن نقول له كن فيكون) وسماه شيئا وهو غير موجود،ولكنه مشهود لله في حال عدمه، خاطبه تعالى وسمع الخطاب (كن) وامتثله(فيكون).
لهذا قال ابن عربي“أنا العدم الظاهر”أي :أنا العدم الذي ظهر لك وجودي،القائم بالأسماء الإلهية وجودي،فأنا مقيد بها ،والوجود الحقيقي المطلق للحق،ولهذا نطق بالعدم الظاهرلأنه مشهود للّه،ظاهر له،سواء في الوجود العلمي (عدم مطلق) أو في الوجود العيني(عدم نسبي)وهذا جواب من عارف فانٍ(من الفناء)في الله تعالى،ظاهر به معدوم لنفسه،وكأنه تخلق بالإسمين الظاهروالباطن،فعدمه تابع لباطن ووجوده تابع للظاهر.

قال تعالى( قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً)ثم ذكر في الجواب عن السؤال(قُلِ الله)، فظهرت مرتبة الألوهية بصفات الشيئية كما يليق بها،كقولنا:أي الناس أصدق،فلو قيل:جبريل،كان هذا الجواب خطأ،لأن جبريل ليس من الناس فكذلك هنا،في الاية. وأتى باسم الجلالة” الله”وهذا يُجَـوِّز قلنا أن مرتبة الألوهية ظهرت بصفات بشرية. والشيئية في الاية هي لإثبات الوجود .
قال تعالى(كُلُّ شَىْء هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ)واستتنى تعالى”وجهه” والمستثنى داخل في المستثنى منه.وعن عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ حَدَّثَهُ عَنْ أُمِّهِ أَسْمَاءَ أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ”لَا شَيْءَ أَغْيَرُ مِنْ اللَّهِ{رواه احمد}فأطلق عليه نعت الشئ.
وَسَمَّى النَّبِيُّ الْقُرْآنَ شَيْئًا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِرَجُلٍ أَمَعَكَ مِنْ الْقُرْآنِ شَيْءٌ قَالَ نَعَمْ سُورَةُ كَذَا،وَسُورَةُ كَذَا ،لِسُوَرٍ سَمَّاهَا.وظهرت في وجهتها الخلقية بصفات بشرية كالمكر (وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ)،والكيد(إِنَّهُمۡ یَكِیدُونَ كَیۡد وَأَكِیدُ كَیۡدا)،والاستهزاء(ٱللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ) وورد في الحديث أن رب العالمين يضحك، وورد في الحديث:من آتاني يمشي آتيته هرولة.ونسب الهرولة إلى ألوهيته،وورد كذلك في الحديث النزول،وورد في الحديث“مرضتُ فلم تعُدْني، وجُعتُ فلم تُطعمْني”،وأقام الحق تعالى ربوبيته مقام عبده.وأقام الحق تعالى هذه الوجهة مقامنا :“مرضت ولم تعدني،وجُعتُ فلم تُطعمْني” وقال تعالى على لسان عبده “سمع الله لمن حمده “.

فكلامه تعالى شأن مقتضياته شئ ،قال تعالى (ما فرطنا في الكتاب من شئ )فكل ما هو مذكور في القرءان ينسب إلى الشيئية. .

فكما قلت الشيء عبارة عما يصح أن يعلم ويخبر عنه ،وتشمل الحسي والمعنوي ،الصامت والناطق الساكن والمتحرك الظاهر والباطن …
أما الذات الالهية فغنية عن تنزيهنا لها،لا تعرف بمفهوم إشارة ولا تدرك بمعلوم عبارة ،غنية عن العالمين وغير محتاجة لمعرفة من”يعرفها”فهي ليست شئ ولا يجوز وصفها بالشيئية،فهي لا تطلب أحدا ولا يطلبها أحد،لأن كل من طلبها تعلق بها وقيدها .                                                                                         الاحدية حضرة سحق ومحق ولا تجل بها بإجماع جميع العارفين. يقول ابن عربي في ف ح 2 ص 269 : أما أحدية الذات في نفسها فلا تُعرف لها ماهية حتى يُحكم عليها لأنها لا تشبه شيئا في العالم ولا يشبهها شئ إنما متعلقه بالمرتبة وهو المسمى الله انتهى.
ويقول كذلك في فتوحاته :كان الله ولا شيء معه إنما هو الألوهة لا الذات ،وكل حكم يثبت في باب العلم الإلهيّ للذات إنما هو للألوهية وهي أحكام نسب وإضافات وسلوب فالكثرة في النسب لا في العين وهنا زلت أقدام من شرّك بين من يقبل التشبيه وبين من لا يقبله عند كلامهم في الصفات واعتمدوا في ذلك على الأمور الجامعة التي هي الدليل والحقيقة والعلة والشرط وحكموا بها غائباً وشاهداً فأما شاهداً فقد يسلم وأماغائباً فغير مسلم.

يقول ابن عربي :”مسألة “بحر العماء برزخ بين الحق والخلق في هذا البحر اتصف الممكن بعالم وقادر وجميع الأسماء الإلهية التي بأيدينا واتصف الحق بالتعجب والتبشش والضحك والفرح والمعية وأكثر النعوت الكونية فردّ ماله وخذ مالك، فله النزول ولنا المعراج..

“مسئلة ” من أردت الوصول إليه لم تصل إليه إلا به وبك. بك من حيث طلبك وبه لأنه موضع قصدك. فالألوهة تطلب ذلك والذات لا تطلبه.

” مسئلة ” المتوجه على إيجاد كل ما سوى الله تعالى هو الألوهة بأحكامها ونسبها وإضافاتها وهي التي استدعت الآثار فإنّ قاهراً بلا مقهور وقادراً بلا مقدور صلاحية ووجوداً وقوة وفعلاً محال انتهى .

يقول في كتاب (المسائل لإيضاح المسائل: المسالة 21):لو كان موجودا لا يتصف بالعدم لكان حقا ولو كان معدوما لا يتصف بالوجود لكان محالا انتهى.

فمرتبة الألوهية هي الحضرة التي أحببت فيها الكنزية أن تعرف فظهر الكنز المخفى والسر المعمى، فكانت لهذه المرتبة وجهة الى الذات الالهية ( ليس كمثله شئ) (لا تدركه الابصار)(سبحان ربك رب العزة عما يصفون)….إلى غيرها من الايات ووجهة خلقية وهي التي ظهرت فيها هذه المرتبة بصفات الشيئية،وبأوصاف البشرية ،فمن رحمته الواسعة بنا،تقرب لنا بها.
وكلمة شيء ،كلمة لا تفيد معنى ،ولا تشير الى صفات الجلال والعظمة ولاعلى صفات الجمال، ويمكن أن يكون نعتا قيَّدت به الالوهية نفسهاـللتقرب إلينا، فالإله يطلب المألوه ،وعلى أي فهي لا يمكن أن تشير للذات الالهية لغناها عن العالمين.  قال صلى الله عليه وسلم: تفكروا في الآء الله ،ولا تفكروا في ذات الله ،والأحدية لا مقتضى لها في الكون الإلهي فبالاحرى الذات الإلهية هي غنية عن العالمين.
فمرتبة الالوهية جمعت بين الاطلاق والتقييد وكذلك النبوة ،ولون الماء لون إناءه. فالنبوة مطلقة قال تعالى (قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين)وسماه نورا والنور مطلق. قال صلى الله عليه وسلم “اني ليست كهيئتكم ” فلا هيئة له تقييده. فلم يكن له ظل يرى من خلف كما من امام..
فالعارف هو الذي يقيد في عين الاطلاق،ويطلق في عين التقييد،فهذه الحقائق الله أعلم بحقيقتها،والله أعلم بكلامه. والنبوة كذلك لا نعرف منها إلا على قدر تجليات عصرنا وستبقى مجهولة “ما عرفني حقيقة غير ربي”فحسبنا التسليم في هذه الامور.

وهذه المشاهد الحاتمية الاكبرية،غائصة في الاسرار الربانية والعبارات تقصر عن الاحاطة بها ،وحسبي ان هذا جهدي وإن لم يصبها وابل فطل . ..

عند ترسيمه في مقام الختمية ،صعد المنبر النبوي الشريف،وهنا أعطي فتح العبارة فكلام ابن عربي ليس بالسهل شرحه، لأنه رضي الله عنه أوتي جوامع الكلم ،فكلمة واحدة تحتاج عدة سطور لشرحها. شرح كلامه متعب ويتطلب وقتا ومراجعة حتى لا يدرج به سهوا ،أو جهلا خطأ  .

الشرح القادم:

ثم قال لي : ما أنت بشيء ،ولا كنت شيئا،ولست على شيء . قلت له : نعم : لو كنت شيئا ،لأدركني جواز الإدراك. ولو كنت على شيء لقامت النسب الثلاث. ولو إني الشيء لكان لي مقابل،ولا مقابل لي.

والله يقول الحق وهو يهدي السبيل .وصلى الله على نبينا وحبيبنا محمد وعلى آله وصحبه

هل أعجبك الموضوع؟ يمكنك مشاركته على منصتك المفضلة

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد