الباب التاسع والخمسون بعد الخمسمائة

الشرح الأول

قال الشيخ الاكبر:الباب التاسع والخمسون بعد الخمسمائة( 559)، في معرفة أسرار وحقائق من منازل مختلفة .

 – قلت في شرح العنوان :

الرقائق: مفردها رقيقة وهي الواسطة اللطيفة الرابطة بين شيئين او بين معنيين او بين ايتين .

اللطائف: مفردات قرآنية تحمل معانٍ خفية.

الدقائق:المعنى الدقيق إذ غَمُضَ وخَفِي المرادُ به فلا يفهمه إلاّ الأذكياءُ الراسخون في العلم ،ودقة المعاني رقتها ولطفها.

الحقائق: جمع حقيقة وهي في الاصل الشئ الثابت وعند المناطقة هي الماهية وهي ما به الشئ.

الرقائق،والدقائق واللطائف عبارة عما يغمض من حقائق العلوم والمعارف والأسرار فكل ما في الوجود هو(صبغة الله ومن احسن من الله صبغة)وهو وجه من وجوه الله(فأينما تولوا فثم وجه الله)ووجه الله لا يخلو من لطائف إلهية،وأسرار ربانية فكل شئ في الوجود له خصائصه،لأنه تابع لتجليات إلهية تخصه،يدبرها اسم إلهي يخصه ،وحضرة محمدية تخصه،ولا تكرار في الوجود وإن ظهر في الشهود(إنا كل شيء خلقناه بقدر)فلا يصل للكون الا ما قدر له،وما تقبله ذاته،فكل شخص عنده قابلية للتجلي الذي يصله ، بل كل شئ(وخلق كل شئ فقدره تقديرا)فظهرت المخلوقات الكونية حسب التقديرات الأزلية، وكل على حسب استعداده الذاتي (ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت)(من تَفَوُّت)كل ميسر لما خلق له.وتدرج الأسرار والحقائق في مراتب الوجود، للوسع الالهي هي منازل(من النزول ومفردها منزل)لأن الحق تعالى لايكرر شيئا في الوجود، فمنزلك هو سكانك وهو يخصك.

قال تعالى(هو الذي جعل الشمس ضياء و القمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب)(يونس)(واالقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم)(يس)،ومنازله 28 ولو كان منزلة واحدة لما علمنا عدد السنين ولا الحساب،و كلمة “منازل”ثابتة الألف في الايتين فمنازله من الثوابت الكونية.(constantes universelles)
وكما أن للقمر منازل(والشريعة تتبع السنة القمرية)فكذلك للأسرار والحقائق الإلهية منازل،تنزل فيها ،حسب الزمان وحسب المكان، وحسب الشخص المعني بها،والكل يتبع الإرادة الإلهية،فالاسرار والحقائق هي كذلك منازل ينزل فيها السائرون الى الله.

يتبع إن شاء الله بالشرح الصوفي الذوقي للأبيات التالية التي ذكرت في هذا الباب    :

لله في خلقه نذير*يعلمهم أنه البشير
وهو السراج الذي سناه*يبهر ألبابنا المنير
في كل عصر له شخيص*تجري بأنفاسه الدهور
عيَّنه في الوجود فردا *الواحد العالم البصير
يا واحدا مجده تعالى*ليس له في الورى نظير
ليس لأنواره ظهور*إلا بنا اذ لنا الظهور
فنحن مجلى لكل شي‏ء*يظهر في عينه الأمور

يقول الشيخ الاكبر في مقدمة  هذا الباب أنه جمع جميع الحقائق التي بالفتوحات يقول رضي الله عنه    :

 :..اعلم أيدنا الله وإياك بروح القدس أن هذا الباب من أشرف أبواب هذا الكتاب،هو الباب الجامع لفنون الأنوار الساطعة،والبروق اللامعة والأحوال الحاكمة،والمقامات الراسخة،والمعارف اللدنية والعلوم الإلهية،والمنازل المشهودة،والمعاملات الأقدسية، والأذكار المنتجة والمخاطبات المبهجة والنفثات الروحية والقابلات الروعية،وكل ما يعطيه الكشف ويشهد له الحق الصرف ضمنت هذا الباب جميع ما يتعلق بأبواب هذا الكتاب مما لا بد من التنبيه عليه مرتبا من الباب إلى آخره.

هذا الباب طويل جدا،وصعب،وليس  من السهل كشف النقاب عن طلاسمه،واستخراج اسراره،أسأل الله تعالى أن يعينني عليه، بمدد مولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم,.

هل أعجبك الموضوع؟ يمكنك مشاركته على منصتك المفضلة

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

عرض التعليقات (3)

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد