حضرات النبوة المحمدية

إن لم تكن معنا فدعنا

حضرات النبوة المحمدية
للنبوة المحمدية حضرات على قدر التجليات الإلهية،فمع كل تجل إلهي حضرة محمدية تضفي الرحمة على مقتضاه،(فأينما تولوا فثم وجه الله)لأن النورالمحمدي لبس حلل الأسماء الإلهية قبل القبل،وهذا الاصطحاب هو الذي خوَّل للنور النبوة الوساطة في التجليات الإلهية،وهذا الاصطحاب اخفى شأنها،واعلى قدرها،وستر أمرها،ورفع ذكرها ،فلا يذكر الله الا ذكر معه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، قال تعالى (أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ)(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ) (اسْتَجِيبُوالِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ)(وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ)(إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ) (بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ) (وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ)(وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ)(وَمَنْ يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ) (فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ)(وسَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ) (أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ) …وفرض الله تعالى طاعته فرضا مطلقا قال(وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا)اية مطلقة غير مقيدة،ولا مشروطة ،لا يُحاجُ، ولايُناظر،ولا يطلب منه الدليل.

فمع كل تجل إلهي حضرة محمدية،وبما أن الكون يسير حسب الإرادة الإلهية ووفق التجليات الإلهية ،فحقيقة سيدنا محمد صلّى الله عليه وسلّم،هي حقيقة كلّ ذرة من ذرات الوجود، فلو كشف لك الحجاب عن وجهها، وظهر لك نورها،ورأيت حقيقة الحقيقة المحمديّة، لقلت أنت كذلك(لواحتجب عنّي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم طرفة عين ما عددت نفسي من المسلمين). ولهذا قال صلى الله عليه وسلم”ما عرفني حقيقة غير ربي” . قال الشيخ ابن مشيش ” فلم يدركه منا سابق ولا لاحق ” .

قال أبو يزيد البسطامي :غصت لجة المعارف طالبا الوقوف على الحقيقة المحمدية فإذا بيني وبينها سبعين ألف حجاب من نور،لو دنوت من أدناها، لاحترقت كما تحترق الشعرة بالنار.

وروي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم سأل جبريل عليه السلام كم عمرت من السنين ؟قال والله لا أدري غير أن كوكبا في الحجاب الرابع يظهر في كل سبعين ألف سنة مرة رأيته إثنين وسبعين ألف مرة فقال النبي صلى الله عليه وسلم يا جبريل وعزة ربي أنا ذلك الكوكب .انتهى .

فالحقيقة المحمّدية هي غاية مايصل إليه الكمّل من الاولياء، وجميع ما تسمعه من تغزّلاتهم إنّما هو فيها،فيسمونها بليلى وسلمى، وسعدى والخمرة…وغير ذلك وهي التي تظهر للعارفين وتخاطب العارفين” من راني فقد رآى الحق” .

قال ابن العربي في ج1 ص179 إشارة لظهور المحمدية في صورة حقية :.. من قال من أهل الكشف أنه مأمور بأمر إلهي،في حركاته وسكناته مخالف لأمر شرعي محمدي تكليفي،فقد ألتبس عليه الأمر،وإن كان صادقا فيما قال أنه سمع،وإنما يمكن أن ظهر له تجل إلهي في صورة نبيه صلى الله عليه وسلم فخاطبه نبيه،أو أقيم في سماع خطاب نبيه، وذلك أن الرسول موصل أمر الحق تعالى الذي أمر الله به عباده،فقد يمكن أن يسمع من الحق في حضرة ما،ذلك الأمرالذي قد جاء به أولا رسوله صلى الله عليه وسلم، فيقول أمرني الحق وإنما هو في حقه تعريف بأنه قد أمر وانقطع هذا السبب بمحمد صلى الله عليه وسلم،وما عدا الأوامر من الله المشروعة، فللأولياء في ذلك القدم الراسخة،وقدعلمت أن العالم كله مخلوق منه صلى الله عليه وسلم ،فقابليته وحده بقوابل سائر الموجودات فهو المستفيض الأول،والمفيض الثاني،لأن الفيض الأقدس الذاتي متوجه إليه بالتوجه الأول، ومنه يتوجه إلى بقية المخلوقات،بقدرقوابلهم،فهو كل الوجود ،وله كل شئ،انتهى .

وقال كذلك : اطلب رؤية الله في المرآة المحمّديّة،ولكن ببصر سيّدنا محمد صلى الله عليه وسلّم لا ببصرك .اهــ.

يقول الإمام الجيلي :كل كمال تشهده بالمحسوسات،فهو من فيض صورته الظاهرة،وكل كمال تعقله بالمعنويات فهو من فيض معانيه الباطنة فهو في المثل معدن كمالات العالم باطنها وظاهرها فمحسوسات العالم تستمد من ظاهره ومعقولات العالم تستمد من باطنه فهو هيولى الصورة والمعاني الوجودية فعالم الشهادة فيض ظاهره وعالم الغيب فيض باطنه وعالم الغيب عبارة عن حقيقته انتهى.

قال ابن الفارض:

وفي عالم التركيب في كل صورة ●ظهرت بمعنى عنه بالحسن زينت
وفي كل معنى لم تبنه مظاهري● تصورت لا في هيئة هيكلية
وفيما تراه الروح كشف فراسة●حفيت عن المعنى المعنيِّ بدقة

قال البوصيري:

كيف يدرك في الدنيا حقيقته●قوم نيام تسلّوا عنه بالحلم

قال الشيخ التجاني : أما الحقيقة المحمدية هي مرتبة لاتعرف ولا تدرك ولا مطمع لأحد في نيلها من هذا الميدان ،ثم استأثرت بلباس من الأنوار الإلهية واحتجبت بها عن الوجود، فهي بعد هذا اللباس تسمى روحا ،وهذا غاية إدراك النبيين والمرسلين ،ثم استأثرت بلباس آخر فسميت عقلا ،ثم استأثرت بلباس آخر فسميت نفسا،ومن بعد هذا ظهر جسده الشريف صلى الله عليه وسلم ،والاولياء مختلفون في الإدراك لهذه المراتب،فطائفة غاية إدراكهم نفسه الزكية صلى الله عليه وسلم وطائفة غاية إدراكهمم عقله الأنفس صلى الله عليه وسلم وطائفة وهم الأعلون بلغوا الغاية القصوى في الإدراك،فأدركوا حضرة روحه المقدسة صلى الله عليه وسلم ولا مطمع لأحد في درك الحقيقة في ماهيتها التي خلقت عليها

قال الإمام الخروبي :حقيقة المصطفى صلى الله عليه وسلم،سر لطيف من أسرار الحق تعالى لايطلع عليه في الدارين سوى الرب جل جلاله ولا يكشفه أحد غيره لانبي مرسل ولاملك مقرب أوحقيقة أحمديته من السر المكنون والأمر المصون الذي انفرد به الحق تعالى وما أدرك الموقنون منه إلا ظاهر صورته المحمدية.

قال الشيخ محمد البرهانبوري :الإنسان الكامل :هو الإنسان الذي ظهرت فيه جميع مراتب الوجود الحق مع انبساطها .اهــ.

قال الكتاني :سمعت سيدنا ومولانا في بعض المشاهد يقول:لامرمى دون مرماي،ولا كشف لأحد عن طلعة ظاهر باطن مُحَيَّاي {قل الروح من أمر ربي ) “ما عرفني حقيقة غير ربي” .

قال الشيخ أبو المواهب الشاذلي:رأيته صلى الله عليه وسلم مرة فقلت له : ياسيدي قول البوصيري : فمبلغ العلم فيه أنّه بشر معناه :منتهى العلم فيك أنّكبشرعند من  لا علم له بحقيقتك،وإلّا فأنت من وراء ذلك بالرّوح القدسي ، والقالب النبوي،فقال صلى الله عليه وسلم : ” صدقت “.

فنحن جاهلون بمراتب وحضرات النبوة المحمدية ،لهذا فنحن نطلب من الله تعالى الذي خلقها وعرفها أن يصلى عليه فنقول مثلا”اللهم صل على سيدنا محمد صاحب التاج”فما أدرك العارفون من حقيقته محمديته،وأسرار أحمديته،إلى على قدر تجليات زمانهم وفتوحات عصرهم، فما كشف لهم منها فهو نعمة لهم،ليعظموا قدره ويعرفوا عظمته،ويسمو بها زمانهم .وما ستر عنهم من أمره،فهو رحمة من الله تعالى بهم،لأن الله تعالى ارسله رحمة للعالمين،ففي ظهوربعض حقائقه نعمة،وفي بطونها رحمة وهي من الغيب الذي يجب ان نؤمن به. فالاسماء والصفات،هي حجب للذات الالهية، وكذلك هي حجب،حائلة دون معرفة الحقيقة المحمدية.فالنبوة المحمدية من مقتضى الاحدية وهي نور من الله(قد جاءكم من الله نور) فالحقيقة المحمدية غيب مطمطم،وكنز مطلسم ،وكل ما يُعرف عنها،هو ماتُظهره التجليات الالهية،حسب مراد الله تعالى،و كل زمان ونصيبه.فما ظهر منها فهويناسب ما أراد الله ان يظهره من علوم لدنية،ومن تقدمات تكنولوجية،لأن كل ما يظهر في الكون منوط بصلاة الله وملائكته على النبوة المحمدية.

قال المشيشي “ولا شيء إلا وهو له منوط” وما خفي منها فهو رحمة بهم ،وكل عارف يأخذ من الحقائق حسب مقامه.فكل عارف للاسرار ذائق وبتجليات عصره ناطق.

فاعرفوا نبيكم جزاكم الله خيرا

إن كنت معنا فاتبعنا = وإن لم تكن معنا فدعنا

دعنا إن لم تكن تعتقد في النور المحمدي الاحمدي،في الوجهة الحقانية النورانية للنبوة المحمدية،دعنا إن لم تكن تصدق في برزخية النبوة المحمدية ووساطته في التجليات الإلهية. إذا لم تذُق معنى شرابِ الهوى دعنا .دعنا جزاك الله خيرا.

وإن لم تفهم ،فسلم تسلم،تؤجر وتغنم،ولا تنكرتأثم. فالفكر اذا تاه اتخذ إلهه هواه، ولاحول ولا قوة الا بالله.

اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا وَمَوْلاَنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا وَمَوْلاَنَا مُحَمَّدٍ صاحب الشرائع الأحمدية والشريعة المحمدية وعلى اله وصحبه ..

هل أعجبك الموضوع؟ يمكنك مشاركته على منصتك المفضلة

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد