دَعۡوَىٰهُمۡ فِيهَا سُبۡحَٰنَكَ ٱللَّهُمَّ

حديث الجمعة

دَعۡوَىٰهُمۡ
الدعاء:مصدرمن دعا يدعو،دعوة وجمعها دَعَوات،قال تعالى:”قدأجيبت دعوتكما”،وتعني كذلك النداء ،إذا ناديت رجلاً لأمر فقد دعوته له، “دعوته لوليمة”ومنه سمي النداء للصلاة دعوة، كما في الحديث: اللهم رب هذه الدعوة التامة.

الدعوى :هي مصدر ادَّعي يدَّعي ادعاء،ودعوى،والجمع: دعاوى،وهو أن يدّعي المرء أمراً،حقا أم باطلا،وتستخدم عند المحامين والقضاة في المحاكم ،لرفع ظلم أولإثبات حق.

و وردت في القرءان أربعة مرات وفي ايتين ارتبطت بالظلم،قال تعالى :

— في سورة الاعراف(وَكَم مِّن قَرۡیَةٍ أَهۡلَكۡنَـٰهَا فَجَاۤءَهَا بَأۡسُنَا بَیَـٰتًا أَوۡهُمۡ قَاۤىِٕلُونَ فَمَا كَانَ دَعۡوَىٰهُمۡ إِذۡجَاۤءَهُم بَأۡسُنَاۤ إِلَّاۤ أَن قَالُوۤا۟إِنَّا كُنَّا ظَـٰلِمِینَ فَلَنَسۡـَٔلَنَّ ٱلَّذِینَ أُرۡسِلَ إِلَیۡهِمۡ وَلَنَسۡـَٔلَنَّ ٱلۡمُرۡسَلِینَ).

— وفي سورة الانبياء(وَكَمۡ قَصَمۡنَا مِن قَرۡیَة كَانَتۡ ظَالِمَة وَأَنشَأۡنَا بَعۡدَهَا قَوۡمًا ءَاخَرِینَ فَلَمَّاۤ أَحَسُّوا۟ بَأۡسَنَاۤ إِذَا هُم مِّنۡهَا یَرۡكُضُونَ لَاتَرۡكُضُوا۟ وَٱرۡجِعُوۤا۟ إِلَىٰ مَاۤأُتۡرِفۡتُمۡ فِیهِ وَمَسَـٰكِنِكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تُسۡـَٔلُونَ قَالُوا۟ یَـٰوَیۡلَنَاۤ إِنَّا كُنَّا ظَـٰلِمِینَ فَمَا زَالَت تِّلۡكَ دَعۡوَىٰهُمۡ حَتَّىٰ جَعَلۡنَـٰهُمۡ حَصِیدًاخَـٰمِدِینَ) فكان “دَعۡوَىٰهُمۡ” الظلم.

— وفي سورة يونس وردت في حق اهل الجنة،قال تعالى (دَعۡوَىٰهُمۡ فِيهَا سُبۡحَٰنَكَ ٱللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمۡ فِيهَا سَلَٰمٞۚ وَءَاخِرُ دَعۡوَىٰهُمۡ أَنِ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ)

دَعۡوَىٰهُمۡ “محذوفة الألف لأن دعاوى ساكني الجنة متنوعة إذ فيها الأمم السابقة ،وكل وشريعته وكل ونبيه،واختلفت عبادتهم ،ومعرفتهم بالله وبنبي الله صلى الله عليه وسلم ،وفيها أصحاب الفترة الذين لم يأتيهم نبي ولا رسول(كالقس بن ساعدة)…. لذا كتبت “دَعۡوَىٰهُمۡ” محذوفة ألف لتشمل كل من دخل الجنة من سيدنا ادم إلى آخر من يقول لا اله الا الله.

ووردت في “دَعۡوَىٰهُمۡ” ثلاثة قراءات :

قراءة بالتفخيم هم الأنبياء ،وبعض فحول الأولياء لأن دعواهم صحيحة ومعرفتهم بالله ونبيه حسب ما يرضي الله ووسوله.

وقراءة بالترقيق تخص كل المومنين،لأن فيهم من مُزج إيمانهم بأوحال التوحيد(وما يومن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون).

وقراءة بالإمالة لمن دخل الجنة بشهادة” لا اله الا الله محمد سول الله” وحدها وبالشفاعة ،ولم يضف لكلمة التوحيد الا القليل من العبادات ،أو كان من أهل الكبائر.

فهي“دَعۡوَىٰهُمۡ”وليس دعاؤهم، فهناك من في دعواه تشبيه،وتجسيم وجهل بالربوبية ، وتشكيك في أسماء الله(يلحدون في أسمائه) فيها حق أو باطل،لذا تبعها التنزيه *سُبۡحَٰنَكَ *المحذوفة الألف كذلك لاختلاف توحيدهم،ومقاماتهم،ومعرفتهم بالله، وبالتالي اختلاف تنزيههم للألوهية،وحضرت الميم المحمدية مصطحبة باسم الجلالة. ”اللهم”حجابا للذات الالهية،وإشارة الى وساطتها دنيا وآخرة.فبمعرفة النبوة المحمدية تظهر الدعوى الصحيحة من غيرها. قال تعالى بعدها(وتحيتهم فيها سلام)ومن اسماء الحق تعالى السلام ،سلام لصاحب الخلافة الكلية،وصاحب اكبر مقام؛فالكل عرف سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم،بعد ظهورسيادته في الاخرة؛وسلام بينهم،فكل واحد سلَّم للاخر”دعوايه”… “قال تعالى “فيها” لاختلاف مقاماتهم في الجنة ،فهذا في جنة المأوى والاخر في جنة النعيم… وهناك اختلاف حتى في درجات كل جنة،فمنهم من هو في روضات الجنات.

قال تعالى(واخر دَعۡوَىٰهُمۡ أن الحمد لله رب العالمين)…… فالحمد مرتبط بدعوى كل واحد، إذ كل واحد وشريعته،وعبادته،ومقامه. اختلفت معرفتهم،وتنزيههم فاختلفت محامدهم. (لم يقل تعالى:اخردعوايهم الحمدلله رب العالمين)”أن” الواردة في الاية ضمير الشأن “أن” يفيد أن صيغة الحمد اختلفت بين الحامدين،فحمد الانبياء ليس كحمد الاولياء،وليس كحمد عامة الناس.كما أن الحق تعالى حمد نفسه بنفسه الله (الحمد لله رب العالمين) قبل القبل بلسان جمع الجمع،حمدٌ على لسان النبوة المحمدية.فللحمد الأولية والاخرية…واثنوا على الالوهية بالربوبية :”أن الحمد لله رب العالمين”.. (وَءَاخِرُ دَعۡوَىٰهُمۡ أَنِ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ)وفي الاخير اتحد الجميع في حمد الالوهية ” الحمد لله” والثناء عليها بالربوبية“ر ب العالمين” لأنهم و إن اختلفت دعوايهم فقد اقروا له بالربوبية في تلك الأزمنة الغابرة والتجلي الأولي الازلي*يوم* ألست بربكم..فقالوا *بلى *”أنت ربنا”….. فظهرت رحمة الله بعباده،و إن اختلفت دعوايهم إذ ألهمهم تنزيهه ،عن كل ما قديعتري عقيدتهم وتوحيدهم من تشبيه*سبحانك اللهم * أفشوا السلام والتسليم بينهم ،إذ لا فاعل إلا الله،واخر ما ورد على ألسنتهم حمد الله. (له الحمد في الأولى والآخرة وله الحكم.واليه ترجعون).
فاللبيب من جعل في اذكاره اليومية ،أي الحمد في الاولى ‘الحمد لله رب العالمين” فهي آخر دعوانا،وننسلخ من كل إدعائاتنا الدنيوية واعتقاداتنا في الألوهيه،لأن كيف ما كنا لن نقدر الله حق قدره،فجاء الحمد ليغطي على جميع ادعائتنا (الحمد لله رب العالمين) ولو بعدد الميم المحمدية أي أربعين.

وصلى الله على سيدنا محمد نبي الله ،وعلى الزهراء بَضعة رسول الله ،وعلى اله وصحبه.

هل أعجبك الموضوع؟ يمكنك مشاركته على منصتك المفضلة

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد