الريب – الشك
الشك هوالتردد بين النقيضين ،بلا ترجيح لأحدهما على الآخر عند الشاك،وقيل :الشك ما استوى طرفاه،من حيث تردد القلب بين طرفيه المتضادين، أما الريب فلا يخرج عن أمرين : الأول :الشك مع التهمة للشيء المشكوك فيه،أو قلق النفس واضطرابها. والريب في سياق القرآن الكريم لم يخرج عن التظنن في إنزال الكتاب العزيز،أو الريب في يوم الساعة اليوم الذي يجمع له الناس، ويبعثون فيه من الأجداث،وفي هذين الموضعين يصلح أن يكون الريب مصحوباً بالتهمة حتى تنكشف حقيقة الشيء المتهم به؛ إذ الريب أن تتوهم بالشيء أمراً ما،فينكشف عما تتوهمه قال تعالى في نفي الريب عن القرآن الكريم(ذَلِك الكْتَاب لاريب فيه)، وقال في يوم القيامة (اللَّه لاإِلهَ إِلاَّ هو لَيجمعنكُم إِلىَ يومِ القْيامةِ لاريب فِيهِ) ويوم القيامة هو يوم الجمع:لذا قال تعالى(ربنا إنكَّ جامِع الناسِ لِيومٍ لاريب فِيهِ)ويوم البعث هو الإعداد ليوم الساعة،قال تعالى (ياأَيهاالناس إِن كُنتُم فِي ريبٍ مِن البْعثِ فَإِنَّاخلَقْناكُم مِن تُرابٍ) وغير هذه الثلاث من آيات الكتاب فهي كُثُر؛إذ التهمةُ تقع على هذه المغيبات حتى ينكشف أمرها ؛لذا كان أسلوب الخطاب في آيات الريب هو أسلوب ترقُّب وانتظار حتى يقع الأمر على حقيقته ،فالوحي أعجز المرتابين بانتظار أن يأتوا بمثله ، والساعة آتية لاريب فيها،وإن كاد الحق سبحانه يخفيها؛وإنما يجليها لحينها .
أما الشك فهو وإن وقع في المغيبات وغيرها لكن لا على جهة التهمة لإرادة الانكشاف ؛ وإنما لعدم اليقين الحاصل من الجهل ؛إذ الشك نقيض اليقين وهوضرب من الجهل؛لأن كلَّ شك جهلٌ،وليس كلُّ جهلٍ شكاً،فالشك منوط بعدم إرادة الحقيقة ,وارتضاء الجهل.أما عدم اليقين فشكُّهم بوجود الله ؛ لقوله تعالى(أَفِي اللَّهِ شك فَاطِرِالسماواتِ والأْرضِ)وخاطب الباري نبيه فقال(فَإنِ كُنت فِي شكّ مِما أَنزْلنْا إِليَك فَاسأَل الذَّين يقْرأُون الكتاب من قبلك)فالشك هنا نقيض اليقين،ولا يصلح أن يكون موضع تهمة،وإن كان كلا الأمرين محالاً على النبي . لأنه خطاب لأمتِهِ وكذا (و إِنهَّم لَفِي شكّ مِنه مرِيبٍ) فوصف الشك بالريب لتخصيصه بالشك الذي تحتويه التهمة مع قلق واضطراب،اذ مرِيب مأخوذ من أرابني الأمر إذا صار ذا ريبة ، والريبة قلق النفس ،وأن لا تطمئن إلى شي.
منقول