شرح الباب 351 من الفتوحات

شرح الباب 351 من الفتوحات

الباب الحادي والخمسون وثلاثمائة: في معرفة منزل اشتراك النفوس والأرواح في الصفات.

يقول الشيخ الأكبر في بداية هذا الباب: إعلم أن هذا المنزل من أعظم المنازل،له الاسم:الأول والآخر والظاهر والباطن، والخلق والأمر.يحتوي على مقامات وأحوال لا يعرفها إلا القليل من الناس. عَظّم الله مقداره وأعلى منارَه،له زمام التكوين. وعنه ظهر وجود العالَم الحقّ، والعالم الأعلى والأسفل ناظر إليه.سلطانه قويّ لا يُرام،ومقامه عزيز لا يُضام.

قلت : الشيخ الاكبر يتكلم في هذا الباب عن اشتراك النفوس والأرواح في الصفات، وهذا الاشتراك كان أولا ،قبل القبل،في عالم الذر ،حين أخذ الله تعالى من بني ءادم من ظهورهم ذرياتهم وأشهدهم على أنفسهم قال تعالى(وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَىٰ شَهِدْنَا أَن تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَٰذَا غَافِلِينَ)(الاعراف)فالأنفس شهدت بوحدانية الله،أما الارواح فهي من الله،توحيد الله ذاتي لها ،ومعرفته ذاتية لها.فهذا أول اشتراك في صفة الفطرة(فطرت الله التي فطر الناس عليها)(كتبت بتاء مطلوقة وليس صدفة)وهذا استمداد من الإسمين الأول والباطن.

وفي هذا الاستمداد الاولي الباطني كل النفوس اشتركت فيه

أما الاشتراك الثاني ففي عالم الظهور، استمداد من اسمه الاخر والظاهر: عندما يصل الولي إلى تصفية قلبه من الغل، والحقد،والحسد،والغيبة،والنميمة،والرياء، والكبرياء، والسهو،واللغو،واللهو….ويصقل قلبه بالذكر،والمجاهدات والطاعات، والصيام،والقيام….. ولا يبقى للسوى في قلبه اثر،تتحد نفسه مع روحه،وتصير نفسه هي روحه،وروحه هي نفسه،و يصبح روحانيا نورانيا،وأهلا لاستقرار الصفة النبوية في باطنه،تستقرفي  بصيرة العارف، فيبصر بها ،ويسمع بها ،ويبطش بها

فهو ناظرلا بعيانه،سامع لابأذانه،ناطق لابلسانه،بل التصرف للنور المحمدي الأحمدي الذي استقر ببصيرته(قل هذه سبيلي ادعوا الى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني)

وهذا المقام ،هو من اعلا مقامات التصوف،سماه الحكيم الترمذي مقام القرب،ويقول عنه ابن عربي أنه مقام بين الصديقية،والنبوة التشريعية ويضيف هو مقام النبوة اللاتشريعية.

يقول ابن عربي: يحوي على مقامات وأحوال لا يعرفها إلا القليل من الناس. عَظّم الله مقداره وأعلى منارَه،له زمام التكوين.وعنه ظهر وجود العالَم الحقّ، والعالم الأعلى والأسفل ناظر إليه.سلطانه قويّ لا يُرام،ومقامه عزيز لا يُضام..اهـ.

فهو مقام الختمية الكبرى،وبطبيعة الحال،أحوال ومقامات الختمية لا يعرفها إلا من حط رحاله بها.فالختم يختص بمعراج الى السموات السبع،وفي هذا المعراج مقامات، وعلوم تعطاه،وقربه من النبوة المحمديةأعطاه(زمام التكوين) وتغزلاته في الحقيقة المحمدية،تُظهر المقتضيات الكونية،(فمثلا الصلاة النورية التي أعطيت لشيخنا من الحضرة المحمدية،أعطت دفعة قوية للذكاء الاصطناعي).                                   وهو محل نظر الله من العالم.والعوالم تعرفه لأنه خليفة النبوة المحمدية،والظاهر بصفتها.

ولذا قيل “الغوث محل نظر الله من العالم”.

سلطانه قويّ لا يُرام،ومقامه عزيز لا يُضام.

قال ابن عربي،وصل: صَمت العبد إذا كَلّمه الحقّ: في هذا المنزل ،والحق يُكلّمه على الدّوام،فالعبد صامت مُصْغٍ على الدوام، على جملة أحواله: من حركة وسكون، وقيام وقعود لا لأهل الشهو. لأن الحق تعالى،هو سمعه الذي يسمع به،ولسانه الذي ينطق ،به وبصره الذي يبصر به.لذا فهو صامت مقيد ببشريته في حياته،ومطلق بروحانيته في حياته وبعد مماته،لا يقيده القبر ولا البرزج، وكما كان الحق سمعه وبصره.وهو كذلك يده التي يبطش بها.. والكلام بطبيعة الحال وراء حجاب النبوة المحمدية …، 

،لهذ قال ابو يزيد”بطشي أشد”،وبطش الله من مقتضيات أسمائه الجلالية ،ودائما يصحب البطش الرحمة واللطف.ومن هذا المقام قال “سبحاني”وقال اخر “انا الحق
وفي كل وصل يشير ابن عربي الى مراتب النبوة المحمدية،إما تصريحا أو تلميحا ،فالحقيقة المحمدية هي روح،هي الروح الكلية،ومراتبها كذلك أرواح،فابن مشيش يقول في صلاته” وَاجْعَلِ الحِجَابَ الأَعْظَمَ حَيَاةَ رُوحِي. وَرُوحَهُ سِرَّ حَقِيقَتِي. وَحَقِيقَتَهُ جَامِعَ عَوَالِمِي بِتَحْقِيقِ الحَقِّ الأَوَّلِ يَا أَوَّلُ يَاآخِرُ يَاظَاهِرُيَا بَاطِنُ” .

فالقلم الاعلى واللوح،والعقل...أرواح ومراتب للنبوة المحمدية،فاشتراك نفوس العارفين في الصفات معهم،لأن نفوسهم أصبحت روحانية نورانية محمدية، يسمعون بها وينطقون على لسانها . قال سلطان العاشفين :

فلا حي إلا مَن حياتي حياته●وطوع مرادي كل نفس مريدة

وقال الشيخ ابراهيم الدسوقي:

أنا القطب المبارك قدره ●وأن مدار الكل من حول ذروتي

 ولولازنادي في الطبيعة قادح●لماقامت الأشخاص من فلك طينتي

وحكمي في سائرالأرض كلها●وفي الجن والأشباح والمردة

وماقلت هذا القول فخرا وإنما●آتى الإذن كي لايجهلون طريقتي

فمدار الكون عليه،فهو قطب الوجود وحكمه سائر في الجن والاشباح والمردة

وقال الشيخ ماء العينين :

شربت شرابا لاذوو الخمرتشرب●وشاهدت ما الابصارعنه تُحجب

وخضت بحارا لاتخاض بحيلة●ولكنها فضلا تخاض وتُشرب

وقال الكتاني:

انا الاول الثاني انا الظاهر الذي●بطنت بسر الغيب بين اخوتي

وقال شيخي رحمه الله:

اراه في نفسي وهيكلي وقالبي ●متمثلا فكدت أقول أنا هو

فأجابني لست أنت بما أنت ●فلو كنت أنت أنت، لما كان هو

وصاحب هذا المقام الكون يعرفه،يقول ابن قضيب البان في موقف القطبية:

أوقفني الله تعالى على بساط القطبية وقال لي:الإنسان الكامل قطب الشأن الإلهي، وغوث الآن الزماني …. وقال لي: القطب يعرفه كل شيء حتى أهل الغيب،وعالم المحال ..انتهى .

قال ابن عربي في بداية الباب 351 :”إعلم أن هذا المنزل من أعظم المنازل،له الاسم: الأول والآخر والظاهر والباطن،والخلق والأمر..

فهو ناطق بلسانها قائم مقامها،منتحل مهامه وهو الذي سماه ابن عربي اشترك النفوس والارواح في الصفات.وبالنسبة لابن عربي حتى الحروف أرواح يقول في الفتوحات:.. ان هذه الحروف التي تتوازى مع مراتب الوجود والأسماء الالهية هي أرواح ملائكة، تتسمى بأسماء هذه الحروف،وهذه الحروف الملائكة هي التي تحفظ هذه الأسماء الإلهية ….وبهذه الارواح تعمل الحروف لا بذواتها أي صورها.. ويحكي ابن عربي أنه اجتمع مع مَلَك حرف القاف وهو ملك عظيم….وما منهم ملك،إلا وقد أفادني.انتهى.

 

فالقلم واللوح … مراتب للنبوة المحمدية،و كذا العقل الأول مراتب يستمد منها العارفون.لذا فمعرفة مراتب وحضرات النبوة مستحيل”ماعرفني حقيقة غير ربي“.

يقول الشيخ محمد الكتاني أن الشيخ ابراهيم الدسوقي رآى الصلاة الانموذجية باللوح المحفوظ وأراد أخذها،فقيل له هذه ليست لك هي لمحمد الكتاني،شيخ ياتي من بعدك،فكل من وصل الى مقام الختمية تعطاه علوم أو صلوات من الحضرة المحمدية، فكتاب فصوص الحكم كما يقول الشيخ أعطى له من الحضرة المحمدية.

ثم يتكلم الشيخ عن دور الختم في التبليغ،ومجالس الله مع عباده “انا جليس من ذكرني”هي مجالسة للإسم الإلهي الذي يذكر به الولي،وعدد هذه المجالس تُعرف بالكشف الصراح (و هي غير محصورة لأن الأسماء الإلهية غير محصورة ،وما تجلى الله تعالى لشخصين بنفس التجلي،للوسع الإلهي)والأمور كلها بيد الله (إليه يرجع الامر كله)فالعارف وإن كان له التصرف، فهو تحت إرادة الله،ولا يقع في الكون إلا ما يريده الله،والعارف حياته بموته،فهو ميت في حين حياته ،قال صلى “من أراد أن ينظر الى ميت يمشي على وجه الارض فلينظرالى أبي بكر”                                       فهناك رجوع اختياري بمجاهدة النفس، وهناك رجوع اضطراري بالموت.                  ثم يحدثنا عن مقام العبدية،وهو أول مقام،وأعظم مقام للنبوة المحمدية.يقول :”وقرن تعالى محبّته العالية لأهل مجالس الفرائض،وقرن محبّة أخرى دون هذه المحبّة لأهل مجالس نوافل الخيرات”. يشير الى الحديث “مايزال عبدي يتقرب الي بالنوافل حتى احبه…. “هذا ما تعطيه النوافل،فما بالك بالفرائض ..كنت سمعه الذي يسمع به،وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها… وهذه ربوبية،فكل أعماله بالله، فنبه ابن عربي صاحب هذا المقام ألا يلتفت الى هذه الربوبية،ويكون عبدا محضا شاهداً،يُشاهد الحق في عين ذاته. فالشهود له دائم، والحكم له لازم.والعبد الحقيقي هومن تكون العبادة ذاتية له، كالتنفس .يعبد الله بالضرورة وهي الأرض الواسعة(ياعبادي إن أرضي واسعة فأيي فاعبدون)هي مَجلى الربوبيّة ومنصّة المالك الحقّ،وفيها يرونه.

يقول ….وما لقيت أحداً من هذا الصنف،إلا واحداً بالموصل،كان له هذا المقام …. “فلا تُشهَد الأشياء إلا بمراتبها”،لأن مراتبها ترجع بها الى اسم إلهي،لابأعيانها لهذا لا يوجد في الكون إلا الجمال،لأنه من مقتضيات أسماء الله الحسنى، والحسنى مؤنث الحسن، فلا يصدر عنها إلا الحُسن (وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا) .

يقول الجيلي:

فكل قبيح إن نسبت لحسنه=أتتك معاني الحسن فيه تسارع

واطلق عنان الحق في كل ماترى= فتلك تجليات من هو صانع

ومن هذه النافدة قال الغزالي : ليس بالإمكان ابدع مما كان

يقول “فما تميّز العالَم إلا بالمراتب،وما شرُف بعضه على بعضه إلا بها”. ومن عرف أن الشرف راجع على الإسم الإلهي(أي الرتبة)لايغالط نفسه،فالفخر فينا راجع للرّتب، والرّتب نِسَب عدميّة،فما فخرنا إلا بالعدم.فنحن عدم ظاهر،وهذا مقام من يقول :ما  رأيت إلا الله. اهـ.

كالشيخ ابن سبعين كان ذكره “ليس الا الله”،وهو مقام أبو يزيد البسطامي بالحال..وأبو يزيد البسطامي كان هو صاحب خانة العرش،في المخمس العرشي،قبل أن يتركها لابن عربي،كان الحقّ سمعه وبصره وجميع قواه.فمن قِواه العلم بالأمور،والحقّ تلك القوة،والعبد موصوف بها،فهو موصوف بالحقّ،(هو الذي عبر عنه“بالخلق والامر “في بداية الباب) فكانت نفس أبو يزيد عين روحه… وذكر رجلين آخرين من أصحاب هذا المقام رجل بقونية،وآخر بفاس..ويضيف أن من أصحاب هذا المقام من يتصف بالتقييد، ومنهم من يتصف بالاطلاق، وهو صاحب الديوان الالهي،فإذا مات لَقي الله وهو مسئول عن العالَم،(الخلق والأمر)والعالَم مسئول عنه. ….

ويقول” أن الكمال في الاطلاق، فأطلقناها ضرورة،لا اعتقاداً.وأطلقتها أنا،ومن خصّه الله بهذا العلم،على الله اعتقاداً.وأطلقها غيرنا اضطراراً إيمانياً،لكون الشرع ورد بها،لا اعتقاداً.فحفظنا عليه ما هو له،حين لم يحفظه ومكر بعباده في ذلك. فمن حفظ على نفسه ذُلّه وافتقاره،وحفظ على الله أسماءه كلّها التي وَصف بها نفسه والتي أعطى في الكشف أنها له،فقد أنْصَف،فاتّصف بأنه على كل شيء حفيظ.اهــ…”.

للوسع الإلهي كان من الأولياء أصحاب هذا المقام من صفته التقييد في أحواله،ومن صفته الاطلاق… حتى لاتتعطل دائرة من الدوائر الكونية،فبعض المقتضيات لايمكن أن تظهر إلا والتقييد مصاحبا لها،ولا تكرار في الوجود،وإن ظهر في الشهود للوسع الإلهي، ومن أسماء الله :الواسع،

ولذا ثم قيل له: “لا يُقيّدك مقام،فإنك محمديّ.فلا تكن وارثاً لغيره،تحُز المالَ كلّه. فمن ورثه من أمّته،زادَ على سائر الأنبياء بصورة الظاهر،فإنهم ما شهدوه حين أخذوا عنه رسالاتهم إلا باطناً… ”

قيل له: السعادة في الإيمان لافي العلم،والكمال في العلم.فإن جمعت بينهما فأنت إذن أنت،ما فوقك غاية…اهـــ.

الايمان الحقيقي هو الذي تصحبه المشاهدة.عن أنس رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم لقي رجلا يقال له :حارثة،في بعض سكك المدينة،فقال:” كيف أصبحت يا حارثة ؟ “قال:أصبحت مؤمنا حقا.قال:”إن لكل إيمان حقيقة،فما حقيقة إيمانك ؟ “قال:عزفت نفسي عن الدنيا، فأظمأت نهاري،وأسهرت ليلي،وكأني بعرش ربي بارزا،وكأني بأهل الجنة في الجنة يتنعمون فيها،وكأني بأهل النار في النار يعذبون.فقال النبي صلى الله عليه وسلم: “أصبت فالزم ، مؤمن نور الله قلبه “

 

 والكمال في العلم بصفات الله،وبأسمائه ،ومعرفة نبيه صلى الله عليه وسلم

ما في الوجود إلا ثلاثة أناسيّ: الإنسان الأول الكلّ الأقدم،وإنسان العالَم،والإنسان الآدميّ.فانظر ما هو الأتمّ من هؤلاء الثلاثة ؟

كشوفات خاصة بابن عربي(ثم قيل له)قيل مبني للمجهول ،فهي حضرة مجهولة معروفة …”فبهذا القدر أثْبِت عينَك واعرف أيْنَك…”. فهو رضي الله عنه يتكلم عن مقام فوق المقامات،بل نهاية المقامات،وسماؤها،لهذا قال رضي الله عنه في اول الباب: إعلم أن هذا المنزل من أعظم المنازل،له الاسم: الأول والآخر والظاهر والباطن،والخلق والأمر.يحتوي على مقامات وأحوال لا يعرفها إلا القليل من الناس. عَظّم الله مقداره وأعلى منارَه،له زمام التكوين.وعنه ظهر وجود العالَم الحقّ،والعالم الأعلى والأسفل ناظر إليه.. سلطانه قويّ لا يُرام، ومقامه عزيز لا يُضام

تطرق رضي الله عنه في هذا الباب الى أعلا مقام في الولاية المحمدية،من حيث الظاهر والباطن،و من حيث الأولية والاخرية،وربما يتخيل للقارئ أن ليس هناك رابط ظاهر بين الوصل،والوصل الذي يليه،وفي الحقيقة هناك رابط باطني هو رابط الحقيقة المحمدية،ولنائبها في كل زمان الغوث الختم،وقد أشار الى هذا الرابط في عنوان الباب،والحقيقة المحمدية هي الروح الكلية،ومراتبها أرواح،كالقلم والعقل الأول ….والصفة الأحمدية أي القرءان روح (وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا)

 

 قال الشيخ التجاني: أما الحقيقة المحمدية هي مرتبة لاتعرف ولا تدرك ولا مطمع لأحد في نيلها من هذا الميدان،ثم استأثرت بلباس من الأنوار الإلهية واحتجبت بها عن الوجود،فهي بعد هذا اللباس تسمى روحا،وهذا غاية إدراك النبيين والمرسلين،ثم استأثرت بلباس آخر فسميت عقلا،ثم استأثرت بلباس آخر فسميت نفسا،ومن بعد هذا ظهر جسده الشريف صلى الله عليه وسلم،والاولياء مختلفون في الإدراك لهذه المراتب،فطائفة غاية إدراكهم نفسه الزكية صلى الله عليه وسلم وطائفة غاية إدراكهمم عقله الأنْفس صلى الله عليه وسلم ،وطائفة وهم الأعلون بلغوا الغاية القصوى في الإدراك،فأدركوا حضرة روحه المقدسة صلى الله عليه وسلم ،ولا مطمع لأحد في درك الحقيقة في ماهيتها التي خلقت عليها ..

لهذا هذا المنزل هو اشتراك النفوس الكاملة في بعض الصفات مع الأرواح (المراتب) المحمدية الاولية،بالتبعية،ووراثة محمدية.

أما قوله “من حضرة الغيرة المحمدية من الاسم الودود“فالكون كله يسير تحت جناحي الرحمة والودودية المحمدية،والودودية مصاحبة للحضرات المحمدية، وتجلي الودود دائما تصحبه الغيرة ليكون مقتضاه أقوى وأظهر.

يقول شيخي رحمه الله تعالى في كتابه “الاستمدادات(بالتصرف):أن الودودية بها صلاح الكون وأهله،وأن لوح التَّعَيُّنَات الإجمالية،وَلَوْحُ التَّعَيُّنَاتِ التفصيلية،أو الصفة بالموصوف بها اتصلا عن طريق الودودية،فَصَارَ لَوْحاً وَاحِداً،فَلَمَّا رَجَعَ كَانَتِ الفُتُوحَاتُ وَالتَّسْهِيلاَتُ وَتَضَاعُفُ الأَعْمَالِ وَاطْمِئْنَانُ النُّفُوسِ،وَظَهَرَتِ الوُدِّيَّةُ لِلْوُجُودِ ،وَهُوَ قَوْلُهُ{بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ سُبْحَانَ الذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ}فَكَلِمَةُ”الذِي” المُضَافَةُ لِلتَّنْزِيهِ إِذَا كَسَرْتَهَا أَعْطَتْكَ “741”،اِطْرَحْهَا عَلَى 99 عَدَدَ أَسْمَاءِ اللَّهِ الحُسْنَى تُبْقِي لَكَ ثَمَانِيةً وَأَرْبَعِينَ “48”، سَيِّرْهَا مَعَ أَسْمَاءِ اللَّهِ الحُسْنَى حَسَبَ التَّرْتِيبِ المَعْهُودِ تُوقِفُكَ عَلَى اِسْمِهِ تَعَالَى الوَدُودُ،وَهَذَاهُوَ سَبَبُ العَفْوِ الإِلَهِي عَلَى هَذِهِ الأُمَّةِ.فَإِذَا نَظَرْنَا إِلَى الآيَاتِ التَّهْدِيدِيَّةِ وَعَلِمْنَا أَنَّ الحَقَّ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنَفِّذَ عَدْلَهُ فِيمَنْ يَسْتَحِقُّهُ،وَعَلِمْنَا أَنَّ المُسْتَحِقِّينَ مَوْجُودُونَ،وَمَعَ ذَلِكَ لَمْ يَفْعَلْ،وَينْتَظِرُ رُجُوعَهُمْ وَتَوْبَتَهُمْ، كُلُّ هَذَا مِنْ بَحْرِ الوَدُودِيةِ،فَرَتَّبَ الحَقُّ سُبْحَانَهُ كَلِمَةَ الذِي عَلَى كَلِمَةِ التَّنْزِيهِ:{سُبْحَانَ الذِي،تَبَارَكَ الذِي} انتهى كلام شيخي…

قال رضي الله عنه أن الحساب المذكور حول كسر كلمة الذي =  741 مقسومة على99  = 7.48 وفي الأسماء الحسنى الودود في المرتبة 48،قال أن هذا الحساب أخبره به مولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم مناما.

فهذا المنزل،منزل اشتراك النفوس والأرواح في الصفات من أعظم أبواب هذا الكتاب(الفتوحات)لأنه يتكلم عن مقامات كبرى في السير الصوفي…ويربطها بمراتب (أرواح) محمدية.فالحقيقة المحمدية هي الروح الكلية ومراتبها أرواح.

شرحت هذا الباب حسب ذوقي،وحسب ما جاد به علي تجلي الوقت،وحسب معرفتي المتواضعة بأذواق الشيخ الاكبر،

في الباب 373 يقول ابن عربي:واعلم أن جميع ما أتكلم به في مجالسي وتصانيفي، إنما هو من حضرة القرءان وخزائنه،فإنني أعطيت مفاتح الفهم والإمداد منه….انتهى. ويقول عن الفتوحات أن الحقائق التي بها هي من باب الكشف والألهام،والفتح الرباني،وأن ترتيبها كان بأمر رباني ويقول عن الفصوص أنه أعطي له من الحضرة المحمية.

فكلام ابن عربي نابع عن كشف صراح رباني،وليس له ظاهر يفسر به،وليس بالسهل شرحه ،لهذا قال عن هذا الباب أنه يحتوي على مقامات وأحوال لا يعرفها إلا القليل من الناس.

كلام كله باطن ،وكله أسرار ،ومن تطفل على كلامه يبقى مع القشور،وليس لكلام ابن عربي قشور،غالب كلامه لب،لأنه كشف صراح وفتوحات ربانية.الشارح هو الذي يبقى محصورا مع القشور،قشور فكره وتفكيره.                                                يقول ابن عربي عن حقائق الألوهية (ج1 ص189)”…وهذا المدرك عزيز المنال يتعذر تصوّره على من لا أُنْسة له بالعلوم الإلهية،التي يعطيها التجلي والنظر الصحيح

وصلى الله وسلم على سيدنا مولانا محمد صاحب الشرائع الاحمدية والشريعة المحمدية ،وعلى آله وصحبه.

لم اورد الباب 351 كاملا لأنه طويل

يوجد  الباب و الشرح على شكل  ب د ف بمجموعة

تلغرام

 

https://t.me/+ULwGE93SpNhhNTFk

 

حصل المقال على : 272 مشاهدة
هل أعجبك الموضوع؟ يمكنك مشاركته على منصتك المفضلة

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

عرض التعليقات (1)

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد