ثم قال لي:الوجود الأول كوجود الكليات ،والوجود الثاني كوجود الشخصيات .ثم قال لي : العدم حق،وما ثم غيره، والوجود حق ليس غير .قلت له : كذلك هو
الشخصية هي مجموع السمات التي تكوّن شخصية الافراد،وهذه السمات تختلف من شخص الى اخر،حيث ينفرد كل شخص بصفات تميزه عن الاخر،وبعبارة صوفية هي الوحدانية،أما قوله وجود الكليات فهو إشارة إلى الواحدية،فنور النبوة كان متأحدا في عين الكثرة في الواحدية، والكليات كلها متأحدة حتى الأسماء الإلهية متأحدة فالضار عين النافع،والمعطي عين المانع،لا كثرة.ثم اعطيت الإشارة إلى الظهور،فظهر التكثر في عين الوحدة (فأينما تولوا فثم وجه الله)وظهرت الشخصيات،أي التمييز،فكل شيء في الوجود متميزعن الاخر(حتى في التوأم) ولاتكرار في الوجود وإن ظهر في الشهود.
الوجود الأول فيه الإجمال،والوجود الثاني فيه التفصيل،لأن الاشياء تخرج تدريجيا حسب ما يريد الحق تعالى اظهاره في ملكه،وحسب التوقيت الزماني المقدر لها، والشخصية صفة تميزهذا عن الاخر،ففي الخروج إلى عالم الظهور الأشياء تتميزعن بعضها البعض،ولاتكرار في الوجود وإن ظهر في الشهود( كل يوم هو في شان) فالعدم حق لنفي القدم عن الموجودات، وحتى في عالم الظهور هو حق،إذ من كان وجوده مرتبط بالتجليات الإلهية،ومقيد، ومنتهي،وغير ثابت،فحقيقته عدم..
الله تعالى هو الواجب الوجود،غيره ممكن الوجود.وجوده مرتبط بالأسماء الإلهية فهوعدم ظاهر.
وعلى هذا الاساس ففي حقيقة الأمر، الوجود كله ينتمي لله وحده،وما سواه “عدم” في ذاته،ووجوده،إنما هو بقدر ما يتجلى عليه الحق تعالى بأسمائه،فإذا تجلى عليه بإسمه المميت انتهت حياته، وانتهى وجوده،وبهذا قالوا أن الوجود الحق واحد،والمخلوقات في ذاتها لاتمتلك الوجود،والوجود مستعار لها(العارية الوجودية)فالوجود الحق لله الواحد،وما سواه يستمد منه وجوده،وهو في ذاته عدم،وخروجه الى الوجود تابع لتجلي اسمه تعالى الخالق ثم البارئ…فوجودها محدود،مقيد،مشروط.
يقول في (الباب 514)…فلا يُقال فيك: موجود،فإن ظلّ العدم فيكَ،يَمنع من هذا الإطلاق أن تستحقّه،استحقاق من لايقبل العدم.ولا يُقال فيك:معدوم،لأن ضوءَ الوجود الذي فيك يمنع من هذا الإطلاق أن تستحقّه،استحقاق من لا يقبل الوجود. فأنت جامع الطرفين،ومظهر الصورتين، وحامل الحُكمين…الى اخره.
والوجود حق،لإثبات الربوبية(الحمد لله رب العالمين)فالاية اثبتت رب العالمين والعالمين،والحق تعالى ما خلق العالم إلا للظهور،وسمي العالم عالما لأنه علامة على خالقه.
قلت له :كذلك هو.
في هذه المشاهد تلوين غريب في الكلام ،بحيث ربما يستنتج قارئ هذه المشاهد قبل شرحها أن بها تناقضا مثلا ،كقوله رضي الله عنها:الوجود الأول عين الوجود الثاني،ثم يقول قال لي:ليس الوجود الأول عين الوجود الثاني…
يقول ابن العربي في الباب 199:” سرّ العلم بالله هو جمع الأضداد بالحكم ،في العين الواحدة،من حيث ما هو منسوب إليه،كذا مما له ضد من ذلك بعينه ينسب إليه ضده انتهى.
فدائرة الالوهية جمعت بين الأضداد والأسماء الإلهية متشاجرة فمنها الضار والنافع ،والمعطي والمانع والغفار والمنتقم…كل اسم يجر الى دائرته،والى ظهور مقتضياته،قال صلى الله عليه “لو لم تذنبوا لذهب الله بكم،وجاء بقوم يذنبون فيستغفرون فيغفرلهم”.
سئل أبو سعيد الخواز بما عرفت الله ،قال: بجمعه بين الاضداد
وأكرر أن هذه المشاهد، لها علاقة ب “المشهود الشاهد” صلى الله عليه وسلم ،ولا شئ إلا وهو به منوط
يقول الشيخ الأكبرعن الحقيقة المحمدية :…أنها بحور ليس لها سواحل،يستمد منها المخصب والماحل، وتستصحب القاطن والراحل.انتهى.
وصلى الله على سيدنا ونبينا وحبيبنا محمد وعلى اله وصحبه