الفتوحات:الباب559

الشرح [2]

Colorful wooden doors at famous blue city of Chefchaouen, Morocco.
  1. لله في خلقه نذير * يعلمهم أنه البشير
    وهو السراج الذي سناه * يبهر ألبابنا المنير
    في كل عصر له شخيص * تجري بأنفاسه الدهور
    عيَّنه في الوجود فردا * الواحد العالم البصير
    يا واجدا مجده تعالى * ليس له في الورى نظير
    ليس لأنواره ظهور * إلا بنا أذ لنا الظهور
    فنحن مجلى لكل شي‏ء * يظهر في عينه الأمور

هذه سبعة ابيات،وهذا العدد ليس صدفة بل السبعة أس الكون العددي ،كما أن الحقيقة المحمدية أس الكون المددي.في هذه الابيات لخص الشيخ الاكبرنظام الكون الإلهي،وأشار الى أن سماء الوجود هي الحقيقة المحمدية، ونوابها من الرسل،والأنبياء، والأولياء أصحاب مقام الغوثية،(في كل عصر له شخيص)وبين أن النبوة المحمدية واسطة في التجليات الإلهية،والكون يسير وفق التجليات الأسمائية هي غذاؤه،وسر استمراريته،وأن للأختام دورا في ظهور المقتضيات وتطور العلوم والتكنولوجيات.وأن الألوهية تطلب المألوهين وظهورها بنا،فنحن مجلى لكل شيء في الوجود.

لله في خلقه نذير*يعلمهم أنه البشير

هذه الابيات لمن(كان له قلب اوالقى السمع وهو شهيد)يشير فيها الشيخ الاكبر الى الحقيقة المحمدية،فهو صلى الله عليه وسلم النذير البشير فالأنبياء السابقون،إنما هم خلفاؤه وأوصياؤه،ونبوتهم بالجعل،أما هو صلى الله عليه وسلم فالنبوة له ذاتية،قال تعالى(وَإِذۡ أَخَذَ ٱللَّهُ مِيثَٰقَ ٱلنَّبِيِّ‍ۧنَ لَمَآ ءَاتَيۡتُكُم مِّن كِتَٰبٖ وَحِكۡمَةٖ ثُمَّ جَآءَكُمۡ رَسُولٞ مُّصَدِّقٞ لِّمَا مَعَكُمۡ لَتُؤۡمِنُنَّ بِهِۦ وَلَتَنصُرُنَّهُۥۚ قَالَ ءَأَقۡرَرۡتُمۡ وَأَخَذۡتُمۡ عَلَىٰ ذَٰلِكُمۡ إِصۡرِي قَالُوٓاْ أَقۡرَرۡنَاۚ قَالَ فَٱشۡهَدُواْ وَأَنَا۠ مَعَكُم مِّنَ ٱلشَّٰهِدِينَ)فسماه رسولا في تلك “الأزمنة” الأولى، لنفسه ولمن تقدم من الأنبياء والرسل،الى أن آن وقت ظهوره فزيد نبيا.

فهو صلى الله عليه النذير البشير، قبل القبل بالأصالة،وغيره أنبياء أورسل،أوأولياء،أو دعاة الى الله، إنما هم بالتبعية،وراثة محمدية. فالنبوة ذاتية له صلى الله عليه وسلم قبل القبل أي كان نبيا وءادم منجدل في طينته،أما لغيره من الانبياء فهي بالجعل.قال تعالى(وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ يَاقَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنبِيَاءَ).(وَجَعَلَكُم مُّلُوكًا)وقال تعالى على لسان سيدنا عيسى(قال إني عبد الله ءاتاني الكتاب وجعلني نبيا).

ومن صفات النبوة الإنذار والتبشير،وقدم الإنذار،لأن أي شخص قبل أن تبشره تنذره،فإن قبل الإنذار وأقرَّ به تبشره،وأما لم يجد كلامك صدى عنده،فما الفائدة من التبشير.

وذكرت كلمة”بشير”ثماني مرات أما كلمة “نذير”فذكرت في 41 موضعا، ووردت نكرة في حقه صلى الله عليه وسلم،وفي حق سائر الانبياء ،إلا واحدة لا ثاني لها معرفة في حقه في سورة الحجر (قل إني أنا النذير المبين) لتميّزه عن باقي الرسل الكرام،لأنه صلى الله عليه وسلم(نذير من النذر الأولى)،فهو العارف والمعرِّف والمعرَّف،والمعروف، والشاهد المشهود.

وهو السراج الذي سناه*يبهر أَلْبَابَنا المنير

قال تعالى (يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منير) أرسل صلى الله عليه وسلم ،شاهدا ومبشرا ونذيرا وداعيا الى الله بإذنه وسراجا منيرا،وهذا يقتضي أن الوجود كان في ظلمة ،ظلمة العدم السابقة للوجود ،و الخروج من وجود علمي الى وجود عيني.و ظلمة الجهل والجاهلية وعبادة الاوثان التي كانت سارية، وهذا السراج المنير مازال منيرا،وشاهدا على الكون كله،لأن حضور الشاهد واجب، فالنبوة حاضرة وشاهدة وللكون مراقبة وناظرة.

فكما لا تَصح الحياة بدون شمس ولاقمر،كذلك حقيقته هي سراج الكون ومَدده ،هي المُمدّة للوجود، يستمد منها كل موجود،هي مصباح دائم النور،يَسْتَمد من الحق،ويُنير الخلق،ولا ينقص منه شيئاً،ولذلك قال تعالى(سراجاً مُنيراً)وقال تعالى عند ذكرالشمس والقمر(تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُّنِيرًا)فالشمس سراج، سراج وهاج (وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا)وللقمرالإنارة،وجمع له صلى الله عليه وسلم بين الوصفين(وسراجا منيرا) ووصفه بالإرسال(انا ارسلناك)بينما الشمس والقمر بالجعل (وجعل فيها)   

يتبع بإذن الله..عدد قراء المواضيع العرفانية ضئيل جدا،وبالتالي فسيكون إنزال المواضيع التالية والشروحات الاتية بطيئا،ربما أن هذه الحقائق العرفانية صعبة ومعقدة ،فلا تجد مهتما بها،مع انني احاول التبسيط قدرالامكان ،فكلام ابن عربي كله اسرار وليس بالسهل والله اعلم

 

هل أعجبك الموضوع؟ يمكنك مشاركته على منصتك المفضلة

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

عرض التعليقات (4)

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد