السؤال السابع عشر: ما تقولون في قول العالم منّا أو منكم في مقام الاستدلال أو غيره،قال الله تعالى كذا وكذا،ثمّ يقرأ قوله بصوت وحرف ولسان ولهاة،فيجعل نفس قراءته هي كلام الله بعينه..؟.
القرءان كلام الله نور،كالنبوة المحمدية، أصلهما من الاحدية. اصطحب النور المحمدي(المحمدية)مع الفيضة القرءانية (الاحمدية)في بساط الالوهية ،واصطحب النور المحمدي كذالك مع الأسماء الالهية 98.
بروز النور المحمدي من الأحدية، واصطحابه مع الأسماء الالهية ،ومع الفيضة القرءانية ،خول له ترجمة كلام الله،فصار حروفا تتلى.فكلام الله ،كلام نوراني ازلي لامعرفة لنابه،لا نكييفه،منزه عن البعوضة والضفادع والخيل والحمير. …بعدما صار كتابا ذكرهم اللسان المحمدي (مخلوق مثلهم)الترجمان الازلي الابدي،بل حتى الانبياء لم يذكروا حتى “الترجمة”(نسميها ترجمة والله أعلم كيف كانت)،
وبأمرِمن الله ذكر كذلك باقي الأنبياء (واذكر في الكتاب ابراهيم).(واذكر في الكتاب اسماعيل).(واذكر في الكتاب ادريس).(واذكر في الكتاب مريم)(واذكر في الكتاب موسى)…فلولاه صلى الله عليه وسلم ماذكروا.
قال تعالى(إِنَّا جَعَلۡنَٰهُ قُرۡءَٰنًا عَرَبِيّٗا لَّعَلَّكُمۡ تَعۡقِلُونَ)(الزخرف)بالجعل بمعنى انه لم يكن،إنما جعل،وقال تعالى(إِنَّآ أَنزَلۡنَٰهُ قُرۡءَٰنًا عَرَبِيّٗا لَّعَلَّكُمۡ تَعۡقِلُونَ) (يوسف)جُعل عربيا، ونزل عربيا ..” قُرۡءَٰنًا”.الوحيدتان المحذوفتان في القرءان كله ،الباقي كلها ألفها ثابتة(ولن ادخل في تفاصيل حذفهما ولافي حذف “جَعَلۡنَٰهُ“،”أَنزَلۡنَٰهُ“)وفي الايتين قال تعالى(لَّعَلَّكُمۡ تَعۡقِلُونَ)ولم يقل لعلكم” تومنون” أو”تتدبرون” أو “توقنون”.
وحروف اللغة محدثة،والقرءان قديم أزلي،فلا يمكن أن تسايرهذه الحروف القرءان الكريم في أزليته.فانتقال كلام الله من حقيقة نورانية الى كلام بشري،هي أول مهمة قامت بها النبوة المحمدية في البسائط الأولية.
قال تعالى(فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنذِرَ بِهِ قَوْمًا لُّدًّا) (مريم)،وفي سورة الدخان(فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ فَارْتَقِبْ إِنَّهُم مُّرْتَقِبُونَ)الاية الاولى تشير الى عالم الظهور،الى بساط الرحمانية ففي سورة مريم ذكر اسم الرحمن 16 مرة،والاية الثانية تشير الى عالم البطون لذا وردت في سورة من الحواميم.
فبالنبوة المحمدية يسرالقرءان للتلاوة ،وللذكر،والحفظ،وقال تعالى(فاذكروني اذكركم) فنذكره تعالى بأسمائه الحسنى وبكتابه،وبحديثنا عن أوامره ونواهيه، فنقول قال الله تعالى هذا حرام…وهذا حلال.وورد في الحديث القدس،عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:قال النبي صلي الله عليه وسلم يقول الله تعالى:“أنا عند ظن عبدي بي،وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه؛ذكرته في نفسي :وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم، وإن تقرب إلى شبراً،تقربت إليه ذراعاً،وإن تقرب إلى ذراعاً ؛تقربت إليه باعاً،وإن أتاني يمشي؛أتيته هرولة“.(رواه البخاري وأخرجه مسلم).
وكل مافي الحديث صفات بشرية( النفس،والملأ،والشبر،والذراع..)وحتى نحن نتقرب اليه ببشريتنا،وننادي ربوبيته،ونقول قال الله.. وقال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم (فأجره حتى يسمع كلام الله) فالكلام كلام الله،والناطق سيدنا محمد، ونحن لنا اسوة حسنة،برسول الله صلى الله عليه وسلم،فوراء نبوته نسير،وبه نقتدي،فنقول قال الله تعالى،
وكذلك بمقتضى الاستخلاف نعمل(إني جاعل في الارض خليفة)وكل البشر لهم حظ من هذه الخلافة،وبمقتضى هذا الاستخلاف،(خلائف الارض .خلائف في الارض،خلفاء الارض وجعلناهم خلائف) واليُسر النبوي نُقط القرءان على يد البشر،وشُكل،وجُزئ،ووضعت لتجويده قواعد ،وهو كلام الله،بقي محفوظا عن التحريف(إِنَّا نَحۡنُ نَزَّلۡنَا ٱلذِّكۡرَ وَإِنَّا لَهُۥ لَحَٰفِظُونَ)..(وَإِنَّا لَهُ لَحَٰفِظُونَ) بالجملة الإسمية للدلالة على دوام الحِفْظ له واستمراريته،وكتبت “لَحَٰفِظُونَ“محذوفة الألف لتشمل جميع أنواع الحفظ فتنقيطه، وتشكيله،وقراءته ،كلها كانت تحت هذا الحفظ الالهي،وتحت أعين الوساطة النبوية المراقبة للكون(فَارْتَقِبْ إِنَّهُم مُّرْتَقِبُونَ)كتبت “لَحَٰفِظُونَ” بالحذف و أدخلت كذلك سينا محمد تحت هذا الحفظ(وقد ذهب فريق من العلماء الى هذا المعنى،دون ربطه بالحذف).
كما أن البساط التي ظهرت جعل فيه القرءان عربيا،ظهر بصفات خلقية بشرية: كالمكر والكيد،والضحك، والهرولة، وأقام الحق تعالى هذه الوجهة مقامنا: “مرضت ولم تعودني، وجُعتُ فلم تُطعمْني”،وقال تعالى على لسان عبده “سمع الله لمن حمده “.والعبد إذا ازدادت نوافله أحبه الله تعالى،ورد في الحديث “مايزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت لسانه الذي ينطق به …
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:”من قرأ القرآن فقد استدرج النبوة بين جنبيه،غير أنه لايوحى إليه”( حديث حسن).
فهذه النبوة التي استدرجت بين جنبيه “وكيلة على قوله :”قال الله.
قال تعالى (إِنَّا نَحۡنُ نَزَّلۡنَا ٱلذِّكۡرَ وَإِنَّا لَهُۥ لَحَٰفِظُونَ)والذكر هو القرءان كما بينت هذا اية سورة الحجر(وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ)فبكونه “ذكرا” لاحرج علينا أن نقول قال الله تعالى… للتذَكُّر والاعتبار،وفيه أخبار الأوّلِين.(وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ)…
و عن علي رضي الله عنه.قالَ:رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم: “أَلاَ إِنّهَا سَتَكُونُ فِتْنَةٌ،فَقلت: مَا المَخْرَجُ مِنْهَا يَا رَسُولَ الله؟قالَ: كِتَابُ الله،فِيهِ نَبَأُ مَا كان قَبْلَكُمْ،وَخَبَرُ مَا بَعْدَكُمْ، وَحُكْمُ مَا بَيْنَكُمْ،وَهُوَ الفَصْلُ لَيْسَ بِالْهَزْلِ،مَنْ تَرَكَهُ مِنْ جَبّارٍ قَصَمَهُ الله،وَمَنْ ابَتَغَى الهُدَى فِي غَيْرِهِ أَضَلّهُ الله،وَهُوَ حَبْلُ الله المَتِينُ،وَهُوَ الذّكْرُ الْحَكِيمُ،وَهُوَ الصّرَاطُ المُسْتَقِيمُ،هُوَ الّذِي لاَ تَزِيعُ بِهِ الأَهْوَاءُ،وَلاَ تَلْتَبِسُ بِهِ الالْسِنَةُ،وَلاَ يَشْبَعُ مِنْهُ الْعُلَمَاءُ وَلاَيَخْلُقُ عَلى كَثْرَةِ الرّدّ، وَلاَ تَنْقَضَي عَجَائِبُهُ ،هُوَ الّذِي لَمْ تَنْتَهِ الْجِنّ إِذْ سَمِعَتْهُ حَتّى قالُوا (إِنّا سَمِعْنَا قُرْآنَا عَجَبًا يَهْدِي إِلَى الرّشْدِ فَآمَنّا بِهِ)..
فكما ترون اجدادكم كيف كان تعقيبهم حين سمعوا كلام الله تعالى،وقال لهم سول الله:”قال الله”(وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِّنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُّسْتَقِيمٍ(الأحقاف)،
وقوله تعالى(قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا (الجن).
و اذا أردنا ان نستدل باية من القرءان، وننصح شخصا يقترف المحرمات إن لم نقل “قال الله تعالى” فماذا سنقول له ؟لنبين له مثلا أن الربا حرام ، والزنا حرام ،وأكل مال اليتيم حرام ،يجب ان نقول له قال الله ليصدقنا وليتعظ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ).(وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا).(إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا).
قال تعالى (والله خلقكم وما تعملون)الكل خلق الله،بما في ذلك صوتنا ،وحَرْفنا، ولساننا،ولهاتنا،الكل ملك لله،ففي حقيقة الامر ذكرناله ونطقنا به. إذ لا فاعل غيره
فلننتبه فلربما يوم القيامة نسمع نطق جلودنا وشهادتها علينا(وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ)
وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا وحبيبنا ،وشفيعنا محمد نبي الله وعلى الزهراء سيدة نساء العالمين بضعة رسول الله.