يا علة العلل ويا قديماً لم تزل؟
جاء في تجلي العلة رقم 57
يقول الشيخ الاكبر ابن عربي :رأيت الحلاج في هذا التجلي فقلت له: يا حلاج، هل تصح عندك علته له؟ (أي أن يكون الله علة لشيء) وأشرت، فتبسم وقال لي: تريد قول القائل: يا علة العلل ويا قديماً لم تزل؟ قلت له: نعم، قال لي:هذه قولة جاهل . . . لو كان علة لارتبط، ولو ارتبط لم يصح له الكمال (تعالى الله عما يقول الظالمون علواً كبيراً) قلت له: هكذا أعرفه، قال لي: هكذا فينبغي أن يعرف فاثبت. اهـ
جاء في الجزء الأول من الفتوحات ص42 في “مسألة” من وجب له الكمال الذاتي والغنى الذاتي، لا يكون علة لشيء، لأنه يؤدي كونه علة توقفه على المعلول، والذات منزهة عن التوقف على شيء، فكونها علة محال، لكن الألوهة قد تقبل الإضافات، فإن قيل: إنما يطلق الإله على من هو كامل الذات، وغني الذات لا يريد الإضافة ولا النسب، قلنا: لا مشاحة في اللفظ، بخلاف العلة فإنها في أصل وضعها ومن معناها تستدعي معلولاً، فإن أريد بالعلة ما أراد هذا بالإله فمسلم، ولا يبقى نزاع في هذا اللفظ إلا من جهة الشرع، هل يمنع أو يبيح أو يسكت. اهـ-
ويقول الشيخ في ف.ج4ص54:
عندي أن العالم هو عين العلة والمعلول، ما أقول إن الحق علة له، كما يقوله بعض النظار، فإن ذلك غاية الجهل بالأمر، فإن القائل بذلك ما عرف الوجود، ولا من هو الموجود، فأنت يا هذا معلول بعلتك والله خالقك فافهم. اهـ
من ذلك (باب 213)، ليس من الملة من قال بالعلة،الحق عند أهل الملة، لا يصح أن يكون لنا علة، لأنه قد كان ولا أنا، من كان علة لم يفارق معلوله، كما لا يفارق الدليل مدلوله، لو فارقه ما كان دليلاً، ولا كان الآخرعليلاً، الشفا من أحكام العلل، في الأزل، ماقال بالعلة إلا من جهل ما تعطيه الأدلة . . . في هذا الطريق القول بالعلة معلول، بواضح الدليل أحكام الحق في عباده لا تعلل.
ويقول في كتابه عقلة المستوفز ص69:
إنه سبحانه ليس بعلة لشيء، بل هو الواحد، أوجد ما أوجده إيجاداً من لم يكن إلى فكان.اهـ
من هذا يفهم أن الشيخ ينفي أن تكون الذات علة لشيء لكونها غنية عن العالمين، ويثبت أن المرتبة(أي دائرة الالوهية) تكون علة وهو ما جاء في الجزء الأول ص42، ص261 والمرتبة هي الألوهية وما يلزمها من إضافات ونسب.
قلت وخلاصة القول: ان كان صاحب المقولة يقصد الذات الالهية تعالت عن ذلك علو كبيرا فلا تعلق لها بالمخلوقات والمخلوقات لا تتعلق بها
اما ان كان يقصد مرتبة الالوهية فكلامه صواب فالرزاق يطلب المرزوقين والخالق علة للمخلوقين والمصور هو الذي اعطى لكل واحد الصورة اللائقة به وهكذا فالالوهية تطلب المخلوقات ويطلبونها