ياء التذلل

بسم الله الرحمن الرحيم  الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الانبياء والمرسلين،وعلى مولاتنا فاطمةَ الزهراء سيدة نساء العالمين ،وعلى سيدتنا خديجةَ الكبرى امِّ المومنين ،وعلى اله وصحبه اجمعين.السلام عليكم ورحمة الله. موضوعنا حول ياء التذلل و العبودية                                     قولنا (يا الله) او(يالطيف)أو يارب .(يا)هنا ليست للنداء .النداء للبعيد.والحق تعالى اقرب إلينا من حبل الوريد،هي ياء العبودية والافتقار،وياء التذلل والانكسار، وللنفس استصغار….                                                                       وقد ورد الخطاب ب”يا” في عدة مواضع من القرءان الكريم                         ورد بين الحق وعباده ،فنادى كل الأنبياء ب * يا*  “يا آدم اسكن انت وزوجك الجنة” يا نوح اهبط بسلام منا وبركات   “يا ابراهيم قد صدقت الرؤيا”… ” يا موسى أقبل ولا تخف… “يا عيسى.اني متوفيك                                         (يا) من الله خطاب لعباده ،وهي دائما محذوفة ألفها، وسبب الحذف أن المنادِي والمنادَى عليه حضرتين مختلفتين،لا مجانسة بينهما ولامناسبة ،حضرة الالوهية وحضرة العبودية،آمر ومأمور،حق وخلق.رب وعبد.                              ”وَنَادَيْنَاهُ أَن يَا إِبْرَاهِيمُ. قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا ۚ إِنَّا كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ” “هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَىٰ إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى”                                         خطاب اخباري و نداء يعنون عن انعدام المجانسة بينه وبين خلقه.فليس كمثله شئ لا في سمعه ولا في بصره ولا في كلامه،وهو تعالى قريب منهم كما يليق بجلاله سبحانه وتعالى.                                                                                   والأنبياء عليهم السلام لم يستعملوا في مناجاتهم الحق تعالى * يا  *.قال سيدنا ابراهيم :“رب ارني كيف تحيي الموتي،ولم يقل يارب. وقال سيدنا موسى :  “رب ارني انظر اليك”. “وايوب اذ نادى ربه رب اني مسني الضر”                  نادى ربه نداء بلا ياء النداء ” وزكرياء اذ نادى ربه رب”.                                اما في حق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فحاطبه الحق بصفاته “يا أيها النبي” ياأيها الرسول” ” يا أيها المزمل “يا أيها المدثر”  تعظيماً له، وتبجيلاً،وتخصيصاً له دون سواه. فتكررت (يا أيها النبي) في 13 موضعاً، وتكررت(يا أيها الرسول) في موضعين،وهذا خطاب للنبوة وليس نداء لها،فالند اء للبعيد والنبوة حاضرة في الكون الالهي،وشاهدة عليه،قال تعالى” ياأيها النبي إنا أرسلناك شاهذا ومبشرا ونذيرا”،وقال تعالى” ياأيها النبي اذا طلقتم النساء”فالخطاب له صلى الله عليه وسلم،والمقصود أمته .                                                               فلا يوجد في القرءان حوارا بين الله وسيدنا محمد صلى الله عليه.اي لا تجد”يا محمد” ولاتجد قول  سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم: رب(كباقي الأنبياء).فهو قريب من رب العزة  اذ هو نورمن الله، وخليفة الله والشاهد على الكون.

قال تعالى”وإذا سألك عبادي عني فإني قريب “ولا شك أنه قريب من المسؤال، لا من السائل ،أما قرب الحق تعالى من السائل فعلى قدر قربه من المسؤول.فإذا أردت أن تسأل عن الله ،فسأل عنه الخبيربه القريب منه: نبينا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ،

ففي الياء(يا الله) (يا لطيف)اثبات لوساطة سيدنا محمد فقولنا “اللهم”معناه “يا الله”حذفت ياء التدلل ،وحلت مكانها الميم،والميم في كلام العرب تشيرالى التفخيم،والتعظيم، فنقول:سيادتكم،وحضرتكم،وجلالتكم،وهي كذلك من علامات الجمع،فنقول(عليه) للواحد و(عليهم) للجمع.فهوجمع ظهر في حرف، فهذه الميم جُمعت فيها جميع الأسماء والصفات الإلهية،فهي الميم المدغمة الباطنة )مـحمـمـد (.التي تخلقت وتحققت وتجلت بالاسماء الالهية

وجاءت الربوبية مقترنة ب٠يا “يا التذلل”،في آيتين وهما الوحيدتين في القرءان.وتخصان عالم البطون:

الأولى: “وَقَالَ ٱلرَّسُولُ یَـٰرَبِّ إِنَّ قَوۡمِی ٱتَّخَذُوا۟ هَـٰذَا ٱلۡقُرۡءَانَ مَهۡجُورا  [الفرقان. هذا في عالم البطون وهونبي ،والنبي من النبأ ،فتنبأ بأن قومه سيتخذون “هذا القرءان مهجورا ” باسم الاشارة الذي يقتضي الحضور،وهذا يعني ان القرءان كان حاصلا عند نبوته معروفا عندها،وهجرانهم له  بعدم قراءته ،وعدم تحكيمه في معاملاتهم، لم يعد دستورهم (وهذا حال أهل زماننا).

الثانية: “وَقِیلِهِۦ یَـٰرَبِّ إِنَّ هَـٰۤؤُلَاۤءِ قَوۡم لَّا یُؤۡمِنُونَ”[الزخرف]هذه كذلك في عالم الحكم  بساط النزول الإجمالي ،قبل القبل لذا بنيت للمجهول “قيل”وهو مجهول بالنسبة لنا اما بالنسبة للحضرة الإلهية فهو معروف.

وهذه الحوار بين الصفة والموصوف بها  ، لم ترد إلا في عالم البطون، اما في عالم الظهور،فوساطة جبريل لازمة للتشريع اولا ،و ثانيا لتبقى عبودية سيدنا محمد وبشريته ظاهرة للعموم ،لكي لايعبد من دون الله ،

وجاءت الشريعة  تواسيه  “فذرهم وما يفترون”… “فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا” ….”وَاصْبِرْ وَمَاصَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ “.

وجاءت (يا) في  موضع التنكير، في قوله تعالى” يا حسرة على العباد” والحسرة ليست شخصا فينادى،والمخاطب هم مكذبي الرسل ،وفي موضع التأسف “يا أسفى على يوسف” والبشرى:  يا بشرى هذا غلام” 

حتى في محادتتنا نستعملها كصيغة احترام وتقدير وليس مناداة  فإذا كنا أمام رئيسنا نخاطبه:يا حضرة الرئيس..وبينك وبينه مترا…او اقل. وعزيز مصر كان يعرف هذه (الياء) ففي خطابه ليوسف حذفها لأنه يعتبر يوسف عبدا له “يوسف أعرض عن هذا” وتقديره: يا يوسف أعرض عن هذا                                       قال عبدالله بن مسعود ـ رضي الله عنه:(إِذَا سَمِعْتَ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) فَأَصْغِ إِلَيْهَا سَمْعَكَ، فَإِنَّهُ خَيْرٌ تُؤتَى بِهِ أَوْ سوء تُصْرَفُ عَنْهُ) (رواه البيهقي في شعب الإيمان). هو خطاب يسترعي اسماع المخاطبين وهو اسلوب الغرض منه  التنبيه  والإهتمام لأن كلمة يا ايها تثير الانتباه، فيهتم المستمع بما يستمع لذا اعتبرها اهل اللغة نداء. واول من استعملها قس بن ساعدة قال : أَيُّهَا النَّاسُ، اسْمَعُوا وَعُوا، مَنْ عَاشَ مَات، وَمَنْ مَاتَ فَات، وَكُلُّ مَا هُوَ آتٍ آت. ورجوعا الى نقطة الانطلاق (يا الله) او(يالطيف) او( ياشافي)هي(يا) خضوع ،وخشوع ،وخنوع. ياء التذلل وإثبات  للوساطة النبوية ،وصلى الله على سيدنا محمد نبي الله ،وعلى الزهراء بَضعة رسول الله ،وعلى اله وصحبه.

حصل المقال على : 736 مشاهدة
هل أعجبك الموضوع؟ يمكنك مشاركته على منصتك المفضلة

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد