بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيدنا ومولانا محمد وعلى اله وصحبه
قال الله تعالى:” وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ”
مفردة” ذكرك” وردت مرة واحدة في القرآن الكريم وهي تشير الى عدة معاني:
— ذكرك بمعنى، ذكر اسمك ،ونعتك، وصفاتك : أي احمد ،محمد، النبوة، والرسالة، والأمية.
— ذكرك بمعنى ،الذكر المنزل عليك : أي القرءان الكريم سماء الجميع.
— ذكرك بمعنى أقوالك وأفعالك وأحوالك : أي الاحاديث النبوية الشريفة والسيرة النبوية العطرة، والتي هي أصح سيرة لنبي مرسل رويت بالسند المتصل الى الصحابة رضوان الله عليهم، فطاعة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم هي طاعة الله وامتثال أوامر رسوله صلى الله عليه وسلم هو امتثال لله ”وما ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى”
— ذكرك بمعنى التسبيح والتهليل والتكبير : أي الباقيات الصالحات واسماء الله الحسنى التي جاءت بهم الرسالة.
— ذكرك بمعنى الصلاة عليك : صلاة الله وملائكته والمومنين.
— ذكرك : أي اقتران اسمك بكلمة التوحيد ” لا اله الا الله محمد رسول الله ” فلا إسلام إلا بالنطق والإقرار بها وهي أول ركن في الدين. وهي مفتاح الجنة (من قال لا إله إلا الله محمد رسول الله دخل الجنة)
” ورفعنا لك ذكرك” بفتحك باب الشفاعة يوم القيامة امام الخلائق اجمعين.
فجاءت” ذكرك” شاملة لكل هذه المعاني وغيرها الباطنة اذ معرفة النبوة في كل مراتبها وحضراتها مستحيلة “ما عرفني حقيقة غير ربي”
فقوله تعالى “فرفعنا لك ذكرك” اوسع من ان يحاط به.
فرفع الله ذكره فلا يدركه منا السابق ولا اللاحق ولا المجذوب ولا المحقق.
النبوة سماء الجميع ومن كان لك سماء، فغايته لا تدرك، وغايتك الوصول الى الاجمال ولا احاطة بالتفاصيل.
قال البوصيري رحمه الله:
كالشمسِ تظهَرُ للعينَيْنِ مِن بُعد = صغيرةً وتُكِلُّ الطَّـرْفَ مِن أَمَـمِ
وكيفَ يُـدرِكُ في الدنيا حقيقَتَهُ= قَـوْمٌ نِيَامٌ تَسَلَّوا عنه بالحُلُمِ
فمَبْلَغُ العِلمِ فيه أنه بَشَرٌ= وأَنَّهُ خيرُ خلْقِ الله كُلِّهِمِ
بينما ورد ذكر” الرفع” في حق سيدنا ادريس مقيدا بالمكان” ورفعناه مكانا عليا” وفي حق سيدنا عيسى مقيدا بتكذيب بني اسرائيل الذين ظنوا انهم قتلوه” وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا بل رفعه الله اليه”. وفي حق باقي بني ادم مقيدا بالمقامات الدينية والدنيوية” وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ “” وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا “
ومن هنا يتبين لكل لبيب اريب ان رفع ذكره صلى الله عليه وسلم كان حسا ومعنى، ظاهرا عند ظهور الجسم الشريف المولود من أم و أب وباطنا قبل ظهوره حسا: فكلنا يعلم ان سيدنا محمدا صلى الله عليه وسلم هو أكثر البشر ذِكرا على سطح الكرة الأرضية بل حتى في الملكوت اذ ملائكة الرحمان جميعها تصلي عليه ” ان الله وملائكته يصلون على النبي ” والآذان مستمر على مدار دقائق وثواني الليل والنهار .فما أن ينتهي الأذان في مكان إلا ويبدأ في اخر و” أشهد أن محمدا رسول الله ” تتردد بصوت عالٍ في كل أنحاء العالم اضف الى هذا صلاة المومنين عليه ” يا ايها الذين ءامنوا صلوا” في خلواتهم وفي صلواتهم وفي مجالسهم وقراءتهم للقرآن الكريم، الذي أنزله الله تعالى عليه، وكذلك قراءتهم لأحاديثه وسيرته وحرصهم على إتّبَاع سنته وغير ذلك….
— ورفع ذكره قبل ظهور الجسم الشريف المولود من أم وأب صلى الله عليه وسلم ،فالحق تعالى اخبر الانبياء بخلافته واخذ له الميثاق “وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَىٰ ذَٰلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ’
فكل الأنبياء والرسل صلوات الله وسلامه عليهم بشروا به وءامنوا واقروا به، قبل ظهوره وأُخبروا بوجوب اتباعه ونصرته واسمه مكتوب عندهم في التوراة وفي الإنجيل صلى الله عليه وسلم.
سيدنا ابراهيم عليه السلام قال: رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ
وسيدنا موسى عليه السلام: الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ”
فهو مكتوب عندهم باسمه وصفاته، نبيا رسولا أميا.
سيدنا عيسى عليه السلام كذاك على علم به: وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَٰذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ
ومن مظاهر رفع ذكره صلى الله عليه وسلم أن القرآن الكريم المنزل عليه استمد منه الرسل والأنبياء قبل ظهوره صلى الله عليه وسلم والقرآن الكريم ناسخ لشرائع من سبقه من الكتب جامع لها و كل المقتضيات مسطرة فيه.
“هذا ذكر من معي وذكر من قبلي” …”ورفعنا لك ذكرك” فاقتبس منه السابقون.
— ورُفع ذكره : فمن صلى عليه صلاة صلى الله عليه بها عشرا”.
وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم يرد السلام على المصلي ويذكر عنده بإسمه، واذا ذكر عنده المصلي عليه، رفع ذكر المصلى بصلاة الله عليه
فذكر المصلي عليه كذلك يرفع.
تصلى على نبي الله، يرد عليك السلام، و تُـذكر عنده، ويصلى الحق تعالى عليك بها عشرا، ويرفع مقامك. تجارة رابحة.
والبخيل من ذكر عنده رسول الله ولم يصلي عليه.
فجاء الرفع” ورفعنا” اشارة شاملة لهذه المعاني، وغيرها الباطنة، التي لا نعرفها لمكانة وقدر النبي صلى الله عليه وسلم.
وبين قوسين، عندنا بالمغرب لا يبدأ حفل الزفاف و أي احتفال اخر الا بالصلاة على سيدنا محمد ومدحه، بصيغة: الصلاة والسلام عليك يا سيدي يا رسول، لاجاه الا جاه سيدنا محمد، الله مع الجاه العلي، لا جاه الا جاه سيدنا محمد، الله مع الجاه العلي. ثم الزغاريد
بل جنازة بعض اهل الله تخرج من منزلها بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.
الفقير الى عفو ربه ابو اسامة