وقفات مع الجنيد(1)

 وقفات مع  الامام أبوالقاسم الجنيد

في صحيح البخاري ورد عنه صلى الله عليه وسلم فيما يروي عن ربه تبارك وتعالى أنه قال:….. ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها. بي يسمع،و بي يبصر،و بي يبطش ،وبي يمشى.انتهى.

قلت: ” كنت “هذه “الكينونة الإلهية ” تتغير من عارف لعارف للوسع الالهي ولعدم تكرار أي تجل في الوجود.فهذا العارف يسلك على طريق، والاخرعلى طريق،والطرق الى الخالق على عدد أنفاس الخلائق .                 فكل عارف كان الله سمعه وبصره …لا شك انه لا ينطق الا بعلوم ربانية وأسرار وهبية ،وبمقتضى تجليات عصره،وبمقتضى مقامه وقامته بين العارفين.

لهذا عندما  سئل الجنيد عن المعرفة والعارف فقال”لون الماء لون إناءه” .  الماء هو المعاني والحقائق والعلوم اللدنية،والإناء هوالأوعية الناسوتية أي بواطن السالكين،الذين شملتهم الكينونة المذكورة وكان لهم  استعداد لتقبل الحقائق  .                                                                                فشهود العارفين للحقيقة للمحمدية متباين وبالتالي فمعرفتهم تختلف، والعارف لا ينطق الا بما وصل اليه ذوقه وأحاط به كشفه ، لذلك جعل الجنيد الاثر للكأس في الماء،وللظرف في المظروف،فأَيُّ لون للإناء ، ظهر الماء للناظر بحسب لون الاناء، فما حكم العارف على معروفه ( حقائق الالوهية ) إلا به ،لا بما يستحقه الحق تعالى من المعرفة ومن التنزيه، اذ من لا يحاط بعلمه كيف يعرف قال تعالى “ولا يحيطون بعلمه” هيهات هيهات فلا سبيل الى معرفة  الذات الالهية.                                     يقول ابن عربي: (مبدأ معرفة الله):..وأما معرفة الحق من هذا المنزل فاعلم أن الكون لا تعلق له بعلم الذات أصلاً،وإنما متعلقه العلم بالمرتبة وهومسمى الله،فهو الدليل المحفوظ الأركان،السادن على معرفة الله وما يجب أن يكون عليه سبحانه من أسماء الأفعال،ونعوت الجلال وبأية حقيقة يصدر الكون من هذه الذات المنعوتة، بهذه المرتبة المجهولة العين والكيف،وعندنا لا خلاف في أنها لا تعلم بل يطلق عليها نعوت تنزيه صفات الحدث،و إن القدم لها والأزل الذي يطلق لوجودها إنما هي أسماء تدل على سلوب،من نفي الأولية وما يليق بالحدوث اهـ. 

حصل المقال على : 1٬599 مشاهدة
هل أعجبك الموضوع؟ يمكنك مشاركته على منصتك المفضلة

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد