وقفات مع الإمام الخروبي

قال الإمام الخروبي:

        حقيقة المصطفى صلى الله عليه وسلم سر لطيف من أسرار الحق تعالى لا يطلع عليه في الدارين سوى الرب جل جلاله ولا يكشفه أحد غيره لا نبي مرسل ولا ملك مقرب أو حقيقة أحمديته من السر المكنون والأمر المصون الذي انفرد به الحق تعالى وما أدرك الموقنون منه إلا ظاهر صورته المحمدية وهو الذي عبر عنه أو يس القريني صلى الله عليه وسلم بالظل، وقال لأصحاب المصطفى صلى الله عليه وسلم ورضي عنهم: ما رأيتم منه إلا ظله .إهــ.

قلت :  النبوة المحمدية خلقت من نور الله |،ونور الله لا يعرف|، وبالتالي فالنبوة المحمدية لا تعرف ” ماعرقني حقيقة غير ربي”  فخالقه هو العالم به، المحيط بحقيقته، إذ هي من إبداعه.

قال خير التابعين أويس القرني: ما أدركتم من محمد إلا كالسيف في غمده.

        قال الشيخ الخروبي:

فما أدرك الناس من حقيقة أمره، وخَفِيِّ سره إلى على قدر عقولهم البشرية فما ظهر من ذلك هو نعمة عليهم ليعظموا قدره ويعرفوا حقه وما خفي عليهم من أمره هو رحمة من الله تعالى بهم إلا ظهر لهم مع عدم قيامهم بالحقوق, لكان فتنة والله تعالى أرسله رحمة للعالمين، فكانت النعمة فيما ظهر والرحمة فيما استتر, فلولا أن الله تعالى ستر جمال صورته كما قيل بالهيبة والوقار وأعمى عنه آخرين لما استطاع أحد النظر إليه بهذه الأبصار الدنيوية الضعيفة انتهى.

قلت : ما أدرك أهل كل زمان من المعرفة بحقيقته صلى الله عليه وسلم إلا على حسب مراد الله ،وعلى قدر تجليات زمانهم. فهو صلى الله عليه وسلم الرحمة العظمى، فما أدركوا منها فهو خير لهم في دينهم ودنياهم،وما خفي عنهم فهو رحمة بهم .

ترجمة الشيخ

هو محمد بن علي الخروبي من علماء المالكية والصوفية وفق منهج أهل السنة والجماعة، ولد بالعاصمة الليبية طرابلس، نشأ و تعلم فيها، وهو من تلاميذ يحي العيدلي وأحمد زروق، من مؤلفاته: مزيل اللبس عن أدب وأسرار القواعد الخمس،وله أيضًا كفاية المريد وشرح صلاة القطب ابن مشيش، ورسالة ذي الإلاس إلى خواص أهل مدينة فاس وغير ذلك.

كان الشيخ سيدي أبو محمد الهبطي إذا ذكره يثني عليه بالخير. وممن أخذ عنه أبو الحسن الأغصاوي. وقد التقي مشايخ وأخذ عنهم. ورد على أهل فاس مرتين، الأولى في أيام السلطان أبي عبد الله محمد الشريف سنة تسع وخمسين في معرض الرسالة عن السلطان التركماني أبي الربيع سليمان شاه صاحب القسطنطينية، وقد ورد أنه كان فصيح العبارة غزير المعرفة كبير الشأن. توفي سنة 963هـ بالجزائر.

ابن المبارك

حصل المقال على : 1٬917 مشاهدة
هل أعجبك الموضوع؟ يمكنك مشاركته على منصتك المفضلة

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد