وجود سيد الوجود في الوجود،ينفي وحدة الوجود

الوسيط البرزخي في الوجود،ينفي وحدة الوجود

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيد الانبياء والمرسلين

وحدة الوجود هو مذهب الذين يوحدون الله والعالم ويزعمون أن الله هو العالم، أو القول بأن العالم هو الموجود الحق،وليس الله سوى مجموع الأشياء الموجودة في العالم.وهكذا تغلب فكرة المادة على هذه الفلسفات إذ ترد كل شئ إلى المادة ،التي هي لديهم حية بذاتها، أوبمعنى أخرأن الله هو المرئي بالعين في الحقائق الكونية، أي أن كل المخلوقات جزء من الله .

وفد أعتبر المستشرق نيكلسون ،القول بوحدة الوجود من خصائص التصوف الإسلامى،إذ يقول في كتابه فلسفة التصوف الإسلامي ص84 في شأن الغزالي : “ويمكن القول بأن نسبة الغزالي إلى الإسلام أقوى من نسبته إلى التصوف”، بمعنى أنه ليس صوفيا لأنه لم يقل  بوحدة الوجود.

فهي نظرة مادية،وكفر صريح.وأول من نسب”وحدة الوجود”حسب فهمه لرفاقنا، لا ما قصدوه ،ابن تيمية الحراني(ومن سن سنة سيئة فله وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة وقد سن عدة سنن سيئة ).وأود أن أشير إلى أن كلمة وحدة الوجود، ،لم ترد في كلام ابن عربي،ولا الجيلي إطلاقا.  

المعرفة الصوفية ،حقيقة قلبية تسلك طريق الذوق﴿مَا لَمْ تِحِطْ بِهِ خُبْراً﴾(بضم الخاء) والصوفية لا يرون في الكون إلا تجليات الأسماء الإلهية.

قالوا وحدة الوجود بمزعمهم ** أخطأت برأيك يا راميا

بل الأسماء،الكون أضاء بهم ** فواعل،وإلتف بهم واقيا

وبعض الصوفية أطلقواعلى ذلك الحال نظرا لإرتباطه بالمشاهدة “وحدة الشهود” ولماذا نعتوه بوحدة الشهود؟ وكل الحقائق الصوفية شهود وكشف ؟﴿ فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ ﴾” أن تعبد الله كأنك تراه” والتصوف أوله مجاهدة،وأخره مشاهدة،و أعلا درجات الإحسان المشاهدة ،والصوفية الواصلون إلى المشاهدة  ليسوا على قدم سواء فيها،فهم متفاوتون في شهودهم ،فمنهم من رآى الذات الحقية المحمدية،وظن أنها الذات الإلهية.ومنهم من لم يشم رائحة الأحمدية،ومنهم من جزأ الصفة الأحدية، ومنهم من اجتر فتوحات من سبقه،ومنهم أطنب في الحديث ولم يقل شيئا … فهي وحدة شهود التجليات الإلهية،كل عارف على قدر قامته ومقامه، ولكل عصر تجلياته تُظْهر ما أراده الله تعالى،سواء في الحس أو في المعنى،وهذا هم ماعبر عنه ابن عربي بقوله:

لقدصارقلبي قابلا كل صورة●فمرعى لغزلان،ودير لرهبان
وبيت لأوثان،وكعبة طائف●وألواح توراة،ومصحف قـرآن
أدين بدين الحب أنّى توجّهت●ركائبه فالد ين ديني وإيماني

ومن سمع هذا الكلام  يظن أن الشيخ الأكبر يقول بوحدة الأديان،وليس الأمر كذلك ،إنما هي وحدة التجليات،الراجعة الى عين واحدة (اسم الجلالة الله) فحيثما ظهرت صور مقتضياتها،تقلب معها.ويقول في أبيات آخرى توضح لنا أن المسألة بالنسبة  له وحدة شهود : شهود  التجليات الالهية :

عقد الخلائق في اله عقائدا **وأنا شهدت  جميع ما اعتقدوه

لهذا سيكون التجلي الإلهي يوم القيامة في صورالمعتقدات،وتكون وحدة التجليات الإلهية مشهودة لأهل الشهود. فنسبة وحدة الوجود إلى رفاقنا باطل ،وقول من لا معرفة له بأذواق القوم،ومصطلحاتهم،وتسميتها وحدة الشهود غير دقيقة فالله تعالى﴿ كَلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَانٍ﴾وسيدنا محمد يقول”ما عرفني حقيقة غير ربي” فأين الوحدة، فالحقيقة المحمدية مجهولة لأهل الكشف والشهود، فأين الشهود؟ فلا الـمَلَك عرفها،ولا الخليفة الجزئي وصل الى كنهها .قال تعالى ﴿لَقَدْجَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌعَلَيْهِ مَاعَنِتُّمْ حَرِيصٌ َلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ﴾يقول الشيخ محمد الكتاني رحمه الله في كتابه السانحات الاحمدية :فإن تولوا عن معرفتك وماهيتك،فقل حسبي الله عرفني،وأحاط بجملي وتفاصيلي. اهـ. ومارأوا منها إلا حسب تجليات عصرهم رحمة بهم،فكل صوفي مقيد بتجليات عصره ناطق بها؟والتصوف تجربة شخصية،كل صوفي يخوض غماراها،ويسلك طريقا لم يسلكه غيره ،للوسع الالهي ولانعدام التكرار في الوجود  يقول ابن عربي: أن الإنسان الكامل نائب عن الحق في الظهور للخلق،ولا يعرف الله إلا الانسان الكامل فهو مجلاه وأن لله الغنى المطلق.

والنتيجة المهمة في هذا التحقيق عن الوساطة المحمدية أنها تنفي وحدة الوجود عن رفاقنا كما فهمها غلطا الكثيرون من دراسي ابن عربي والجيلي وغيرهما .لأنها تُبقي على اثنينة الحق والخلق مع الحديث عن الوساطة بينهما،وهو هذا الرسول الوسيط البرزخي.الذي لو خلا الكون من أسرارنبوته لفتح المجال للجلال المحض ﴿فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُم مُّنتَقِمُونَ﴾إذ لا نسبة بين الخالق والخلائق، نسبتهم مع هذا العبد النوراني،الذي له وجهة حقية موالية إلى الألوهية، ووجهة حقية موالية للعبودية .وحقيقة العبودية تقتضي طاعة المعبود ومحبته والخلق لا يصلون إلى كمال طاعته ومحبته لضعفهم الذاتي﴿خُلِقَ الإِنْسَانُ ضَعِيفًا﴾ فَجاءَت النبوة  بشرا مثلهم،واسطة بين حضرتين يتعذرتواصلهما فبلغت الطرف الخلقي، أنباء الطرف الحقي،فأقام طاعته مقام طاعته ﴿مَّن يُـطِعِ ٱلـرَّسُولَ فَقَد أَطَـاعَ ٱللَّهَ﴾ وأقام مبايعته،مقام مبايَعَتِهِ، وَمَحَبته مقام محبته﴿قُل إِنْ كُـنتُم تُحِبُّـونَ ٱللَّهَ فَٱتَّبـعُونِي يُحبِبكُمُ ٱللَّهُ﴾وقد أحسنت الدكتورة سعاد الحكيم صاحبة كتاب مصطلحات الصوفية حين قالت”أن الإنسان الكامل هو الحد الجامع الفاصل بين الحق والعالم “(المعجم الصوفي).وفي كتاب عنقاء مُغرب ، فصل عنوانه “امتداد الرقائق من الحقيقة المحمدية إلى جميع الخلائق “يؤكد هذها المدد المحمدي والبرزخية الأحمدية.وعند الجيلي أن الإنسان الكامل مقابل للحق والخلق.فأين وحدة الوجود؟.هي ليست وحدة الوجود إنما الوحدة في الوجود لأهل الشهود بسريا ن الحقيقة المحمدية في كل جزئيات الوجود.فما من ذرّة في الوجود إلاوهي تحمل نواة من نوره صلى الله عليه وسلم، بحكم الفرعيّة والتبعية،ولهذا ربما تقرأ أن بعض العارفين يقولون أنّهم يرون نوره في كلّ شيء، يمد باستمرار الكون بالإيجاد والإمداد .ولولا هذا النّورالسّاري في الوجود، لما قبلت الأكوان أبديّة الوجود﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾ فهورحمة للوجود في الإيجاد والجود .                                                              فافهم ولا تترك غنمك تنفش في حرث القوم ليلا،وتهمل فيه نهارا ،وأنت في غفلة من أمرك وسلم تسلم ،وإلا فإلزم  الصمت تغنم.وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا ومولانا محمد وعلى ءاله وصحبه.

حصل المقال على : 1٬185 مشاهدة
هل أعجبك الموضوع؟ يمكنك مشاركته على منصتك المفضلة

    يمكنكم الاشتراك في نشرتنا البريدية للتوصل بملخصات يومية

    الاشتراك في النشرة البريدية

    احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

    اترك تعليقا

    يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد