وتحبون المال حبا جما
بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى”وتحبون المال حبا جما “.فنحن مجبولون على حب المال، وسمي المال مالا، لأنه يميل بصاحبه إلى فعل الخير،أو إلى غير ذلك .فنحن نحب المال ومن أحب شيئا أمسكه ،فلا يفارق المال إلا من صغرت الدنيا في عينيه،وتحقق بأن ما عند الله خير وأبقى،وهو معنى الزهد.
وخصلتان لاتجتمعان في مومن سوء الخلق والبخل. والنفس جبلت على الشح ،والإنسان ما دام حيا إلا وفقره بين عينيه قال تعالى”الشيطان يعدكم الفقر“.
قال صلى الله عليه وسلم لا حسدَ إلا في اثنتين : رجلٌ آتاه اللهُ مالًا؛ فسلَّطَه على هَلَكَتِه في الحقِّ ،ورجلٌ آتاه اللهُ الحكمةَ؛ فهو يَقضي بها ويُعلمُها .
قال صلى الله عليه وسلم : نعم المال الصالح ،للرجل الصالح.
قال تعالى ” انفقوا ممارزقناكم” بمعنى اسعوا في طلب المال، وانفقوا منه .فالعاقل من يحب المال ،ينفق على أهله،يصل به رحمه،ويؤدي به أمانته، ويتصدق به على مستحقيه،ويستغني به عن الناس .وأعظم الحسرات يوم القيامة ،أن ترى مالك في ميزان غيرك،وربما في غير ورثتك.
واعلم أن الناس قبلك قد جمعوا المال الكثير لهم، ولأولادهم، فلم يبق ما جمعوا، ولا لمن جمعوا،الكل ذهب الى التراب . قال تعالى : لقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم “فأنت توضع في قبرك عاريا حافيا فاستصغر الدنيا بالتقلل منها.واعلم أن الغنيمة في الصدقة،والربح في البذل، والحظ في الإيثار،والزيادة في النقص،أعني بالزيادة. الخلف المنتظر من الله ” وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ” .
أنت للمال إذا أمسكته ♣ فإذا أنفقته فالمال لك
قال صلى الله عليه وسلم : إن لك إلا ما أكلت فأفنيت، ولبست فأبليت، أوأعطيت فأبقيت ،وما سوى ذلك للوارث.(الحديث). ففي الآخرة ستجد ما قدمت وتربح ما أنفقت،وتخسر ماخلفت.
قال طرفة بن العبد:
أرى الموت غدا أعداد النفوس ولاأرى ♣ بعيدا ما أقرب اليوم من غد
فعجلة الزمان تدور بسرعة وستلقي بالجميع في القبر.
قال أهل الله : إذا زاد جاه الولي زاد تواضعه، وإذا زاد ماله، زاد سخاؤه ،وإذا طال عمره زاد إجتهاده . ويعرف أهل الله في الخلق، بلطف لسانهم ،وحسن أخلاقهم، وبشاشة وجوههم، وسخاء أنفسهم ،وقلة اعتراضهم،وقبول عذر من اعتذرإليهم،وتمام الشفقة على جميع الخلائق، برهم وفاجرهم.
فاسعى لطلب المال الحلال لتستعين به على دينك ودنياك ،تحج وتعتمر، وتتصدق وتنفق على الفقيروالمسكين،ولاتترك ورثتك عالة على الناس.
فعن أبي هُريرة قَالَ: قالَ رَسُول اللَّه ﷺ: مَا مِنْ يَوْمٍ يُصبِحُ العِبادُ فِيهِ إِلَّا مَلَكَانِ يَنْزِلانِ، فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا، وَيَقُولُ الآخَرُ: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا (متفقٌ عَلَيْهِ).
ولله در القائل:
نزول كما زال أجدادنا ♣ ويبقى الزمن كما تَرى
شمس تضئ وليل يجيء ♣ فمتى الرحيل يا تُرى
فلا بد من الرحيل،فاستعد للرحيل،وتزود للرحيل،رحيل لارجعة منه. رحيل ابدي،موعدك مع احبابك واولادك واقاربك يوم القيامة.
وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد