هو الظاهر في المظاهر
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا ومولانا محمد وعلى ال سيدنا محمد صاحب الشرائع الاحمدية والشريعة المحمدية.
الحق تعالى واجب الوجود ،مطلق غير مقيد،ولا مشروط والكون كله يستمد وجوده وكينونته من وجود الله ،وصفاته فكل حي في السموات والارض تعود حياته ،وبقاءه الى اسمه تعالى “الحي”والذي يدل على صفة الحياة. فكل الكائنات تستمد استمراريتها وحياتها من هذا البساط. واذا كانت بعض الكائنات مبصرة،فلأن الله تعالى هو البصير ،وهو الممد لها من هذا الاسم،وقس على هذا باقي الاسماء والصفات، فلا تجد أحدا من الكائنات مستغنيا عن الله بل الكل يفتقر اليه .وبما ان الكون يستمد كينونته وصفاته من الألوهية ،فهو بذلك يُظهر هذه الاسماء ” ان ربهم بهم لخبير”وعلى هذا الاساس فالكون هو تجليات الاسماء والصفات الالهية ،ونقول كما قال ابن عربي “هوالظاهر في المظاهر”. والصفات الالهية الرئيسية هي السبعة التالية: الحياة ،والعلم، والارادة، والقدرة، والكلام والسمع ،والبصر، وهذه الصفات لا تجتمع الا في الإنسان، فالإنسان هو المجلى الحقيقي للصفات الالهية، وهو قوله صلى الله علي وسلم ” خلق الانسان على صورة الرحمن “.ويستعمل ابن عربي مصطلحا اخر في الفتوحات يقول ” فالوجود الحق هو واحد” ( ف ح 2 ص 517) وقوله ” الواحد الوجود” ( ف ح 1 ص 307)ولم يستعمل قط مصطلح وحدة الوجود،وأول من نسبه إليه ،الحراني ابن تيمية.
والوحدة مشتقة من التوحيد و “لا اله الا الله ” تسمى كلمة التوحيد وهو الاقرار بوحدانية الله ،وبأن كل ماسواه مخلوق له مفتقر اليه .ولم يختلف احد من المسلمين في ان جوهر الدين الاسلامي هو التوحيد
قال الله تعالى لنبيه “فاعلم انه لااله الا الله ” ولم يقل له قل “لا اله الا الله. العلم بها وبمدلولها ، فلها معنى ومبنى. وكل الصفات لا تقع الا على بساط الالوهية ،أما الذات الالهية ،فلاتدرك بمفهوم عبارة،ولاتفهم بمعلوم إشارة.(انظر موضوع وقفات مع الامير العراقي ابن مكرون) . يقول ابن عربي: فالذات الالهية في أحديتها لا وصف لها،ولا رسم فهي في عماء، حيث كان الله قبل أن يخلق الخلق كما ورد في الحديث اهــ . بمعنى أنه في الكلام عن الصفات يجب الإشارة إلى أن الذات الإلهية لم تكن موصوفة ولامسماة ،فهي في أزل لا أول له ،بينما وصف الذات بأسماء وصفات، ولو أنها قديمة وأزلية إلا أن ثنائية الصفة والموصوف من جهة يوجب لها بداية ،وتعلق الصفة وتحققها في الوجود من جهة أخرى يوجب لها بداية كذلك.هذا التعلق هو الذي عبر عنه ابن عربي بالاثنينية ،عندما قال “….إذ لا تعقل النسبة إلا باعتبار الاثنينية”. فإبن عربي رضي الله عنه يميز الذات الالهية في أحديتها،عن الألوهية في تجلياتها. ففي مرتبة الألوهية خرجت الأسماء والصفات الإلهية من أزليتها،وطلبت أن تعرف و أن تظهر في الموجودات علما ،وقدرة، ورزقا ،وجلالا وجمالا ،وهذا ما يقتضي وجود أعيان ثابتة (الاعيان الثابتة في الوجود حسب تعبير ابن عربي) تسمع الأمر الإلهي “كن” وتمتثل له، لهذا ميز ابن عربي بين الذات الأحدية ،وبين حضرة الألوهية التي الأسماء تابعة لها .وهذا التحقيق ينفي عن رفيقنا ابن عربي القول بوحدة الوجود، ولكن كما يقول صاحب تلبيس ابليس: الفهم عزيز. وبما ان الوجودكله ينتمي لله وحده فإن ماسواه “عدم” في ذاته ووجوده انما هو بقدرما يتجلى عليه الحق تعالى بأسمائه فإذا تجلى عليه بإسمه المميت انتهت حياته وانتهى وجوده ،ومن هذه الحيثية قالوا ان الوجود الحق واحد والمخلوقات في ذاتها “اعيان ثابتة” لا تمتلك الوجود ، والوجود مستعار لها ” العارية الوجودية” كما سماها شيخنا الجيلي ، خرجت من وجود علمي الى وجود عيني محدود،مقيد، مشروط،وعندما يمنحها الحق الوجود الواقعي الظهوري تدخل بساط الواحدية وهو بساط التعدد والكثرة، فالواحدية منشأ الأعداد وبداية الكثرة، وفي بساط الواحدية مقتضيات الاسماء الالهية متساوية(انظر الانسان الكامل للجيلي) فالوجود الحق للواحد وما سواه يستمد منه وجوده ،وهو في ذاته “عدم” وخروجها الى الوجود تابع لتجلي اسمه تعالى الخالق ثم البارئ ….. فلا وحدة وجود،ولا اتحاد ولا حلول،الرب رب الى ما لانهاية والعبد عبد الى مالا نهاية .والكثير من الشيوخ ومن أهل التصوف يحتاجون لمن يبين لهم هذه الحقائق. أُعْرِف احد الاشخاص منتسب الى طريقة صوفية مند اكثر من اربعين سنة ويعتقد ان ابن عربي يقول بوحدة الوجود وان كلامه فلسفة محضة ؟ ابن المبارك
كتب هذا الموضوع يوم 26 فبراير 2020 والمنة وصلى الله عليه وسلم.