نفحات ربِّية في شرح الصلاة البكرية

 

بِسۡمِ ٱللَّهِ الرحمن الرحيم الحمدلِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِين. الحمد لله الذي لا أول لأزليته، ولا آخر لأبديته، الظاهر بتجلياته، الباطن بأحديته، الغير المُدرك من حيث ذاته، العالم بخفيات الضمائر، الخبير بمكنونات السرائر، إتّصف بالإرادة والإختيار، وتنزه عن الحركة والإنتقال. لا شبيه له في ألوهيته، ولاند له في وحدانيته، ولا مثل له في ربوبيته، المذكور بكل لسان، المعبود بكل زمان. خلق الخلق لإظهار سُلطان صفاته وأسمائه، واشهد ان لا إله الا الله وحده لا شريك له، وان سيدنا محمدا عبد الله، عبد نوراني حقاني، وأن ما جاء به حق، وأن لحقه حقيقة ولحقيقته حقائق. وأصلي وأسلم عليه، صاحب الشرائع الأحمدية والشريعة المحمدية، عرشه الاحمدي الامجد، وكرسيه المحمدي الأوحد، الذي بكل زمان لا يغيب ولا يُفقد. العقل الاول الذي ارتقت فيه الأسرار والعلوم، والقلم النوراني الذي سطر به كل قدر ومقدور، وعلى سيدتنا فاطمة الزهراء البتول وصحبه وسلم
قال سيدي محمد ابن أبي الحسن البكري رضي الله عنه: اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى نُورِكَ الأَسْنَى. وَسِرِّكَ الأَبْهَى. وَحَبِيبِكَ الأَعْلَى. وَصَفِيِّكَ الأَزْكَى. وَاسِطَةِ أَهْلِ الْحُبِّ. وَقِبْلَةِ أَهْلِ الْقُرْبِ رُوحِ الْمَشَاهِدِ الْمَلَكُوتِيًةِ. وَلَوْحِ الأَسْرَارِ الْقَيُّومِيَّةِ تَرْجُمَانِ الأَزَلِ وَالأَبَدِ. لِسَانِ الْغَيْبِ الَّذِي لاَ يُحِيطُ بِهِ أَحَدٌ. صُورَةِ الْحَقِيقَةِ الْفَرْدَانِيَّةِ. وَحَقِيقَةِ الصُّورَةِ الْمُزَيَّنَةِ بِالأَنْوَارِ الرَّحْمَانِيَّة إِنْسَانِ الله الْمُخْتَصِّ بِالْعِبَارَةِ عَنْهُ. سِرِّ قَابِلِيَّةِ التَّهَيؤ الإِمْكَانِيِّ الْمُتَلَقِّيَةِ مِنْهُ. أحْمَدِ مَنْ حَمِدَ وَحُمِدَ عَنْدَ رَبِّهِ. مُحَمَّدِ الْبَاطِنِ وَالظَّاهِرِ بِتَفْعِيلِ التَّكْمِيلِ الذَّاتِي فِي مَرَاتِبِ قُرْبِهِ. غَايَةِ طَرَفَي الدَّوْرَةِ النَّبَوِيَّةِ الْمُتَّصِلَةِ بِالأَوَّلِ نَظَراً وَإِمْدَاداً. بِدَايَةِ نُقْطَةِ الاِنْفِعَالِ الْوُجُودِيَّ إِرْشَاداً وَإِسْعَاداً. أمِينِ الله عَلَى سِرِّ الأُلُوهِيَّةِ الْمُطَلْسَمِ. وَحَفِيظِهِ عَلَى غَيْبِ اللاَّهُوتِيَّةِ الْمُكَتَّمِ مَنْ لاَ تُدْرِكُ الْعُقُولُ الْكَامِلَةُ مِنْهُ إِلاَّ مِقْدَارَ مَا تَقُومُ عَلَيْهَا بِهِ حُجَّتُهُ الْبَاهِرَةُ. وَلاَ تَعْرِفُ النُّفُوسُ الْعَرْشِيَّةُ مِنْ حَقِيقَتِهِ إِلاَّ مَا يَتَعَرَّفُ لَهَا بِهِ مِنْ لَوَامِعِ أنْوَارِهِ الزَّاهِرَةِ. مُنْتَهَى هِمَمِ الْقُدُسِيِّينَ وَقَدْ بَدَوْا مِمَّا فَوْقَ عَالَمِ الطَّبَائِعِ. مَرْمَى أبْصَارِ الْمُوَحِّدِينَ وَقَدْ طَمَحَتْ لِمُشَاهَدَةِ السِّرِّ الْجَامِع مَنْ لاَ تُجْلَى أشِعَّةُ الله لِقَلْبٍ إِلاَّ مِنْ مِرْآةِ سِرِّهِ. وَهِيَّ النُّورُ المُطْلَقُ. وَلاَ تُتْلَى مَزَامِيرُه عَلَى لِسَانٍ إِلاَّ بِرَنّات ذِكْرِهِ، وَهُوَ الْوِتْرُ الشَّفْعِيُّ الْمُحَقَّقُ. الْمَحْكُومُ بِالْجَهْلِ عَلَى كُلِّ مَنِ ادَّعَى مَعْرِفَةَ الله مُجَرَّدَةً فِي نَفْسِ الأَمْرِ عَنْ نَفَسِهِ الْمُحَمَّدِيِّ. الْفَرْعِ الْحِدْثَانِيِّ الْمُتَرَعْرِعِ فِي نَمَائِهِ بِمَا يُمِدُّ بِهِ كُلَّ أصْلٍ أبَدِيٍّ. جَنِيِّ شَجَرَةِ الْقِدَمِ. خُلاَصَةِ نُسْخَتَي الْوُجُودِ وَالْعَدَمِ عَبْدِ الله وَنِعْمَ الْعَبْدُ الَّذِي بِهِ كَمَالُ الْكَمَالِ. وَعَابِدِ الله بِالله بِلاَ حُلُولٍ وَلاَ اتِّحَادٍ وَلا اتِّصَالٍ وَلا انْفِصَالٍ. الدَّاعِي إِلَى الله عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ. نَبِيِّ الأَنْبِيَاءِ وَمُمِدِّ الرُّسُلِ عَلَيْهِ بِالذَّاتِ وَعَلَيْهِمْ مِنْهُ أفْضَلُ الصَّلاَةِ وَأشْرَفُ التَّسْلِيمِ. يَا الله يَا رَحْمَنُ يَا رَحِيمُ.
اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ: أي يا ألله صل، حذفت ياء التذلل والإنكسار، وعوضتها الميم، والميم في كلام العرب تشير الى التفخيم، والتعظيم، فنقول: سيادتكم، وحضرتكم، وجلالتكم. وهي كذلك من علامات الجمع، فنقول(أنت) للواحد، و(أنتم) للجمع، ولا يتصل باسم الجلالة إلا المصطحب معه، محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم. فهذه الميم، هي الميم المدغمة من اسم (محممد) والتي تشير الى الحقيقة المحمدية، فجملها محممد=132، وهذا العدد أظهر الاحدية 13 واسم الجلالة (بساط الاصطحاب) 66، والفيضة القرءانية 53 هذه الميم ظهرت في النطق وبطنت في الكتابة، اتصلت باسم الجلالة “الله” وظهرت في آخره إنكسارا وعبودية، لأنها تابعة له، فاصطحبت بجميع الأسماء الإلهية، ولبست تاج الخلافة الكلية. وتحلت بأوصاف الربوبية، وشُرفت بصلاة الله وملائكته عليها باستمرارية، وصلاته تعالى هي مدحه والثناء عليه، والتنويه به، بالنعوت المذكورة في القرءان، وتنزيهه حتى لا يعبد من دون الله، وما دام يمدح الا والمقتضيات القرءانية تظهر، والكون يتطور، والرحمة تتنزل، ولجميع المخلوقات تشمل، وسير الكائنات لا يتعطل.
يا ألله صل، اسم الجلالة” الله”، اسم جامع، فنحن نطلب من الحق تعالى أن يصلي على النبوة بجميع أسمائه وصفاته، لتظهر جميع مقتضياتها، فالأسماء الإلهية هي الماسكة للوجود بأياد خفية، وهي المدبرة لشؤون الدوائر الكونية، والكون غذاؤه التجليات الإلهية.
﴿اللهم﴾ هو طلب منا الله تعالى، أن يصلي على هذا العبد النوراني، والنبي الحقاني، أما نحن فعاجزون على الصلاة على مراتب وحضرات النبوة، لأننا جاهلون بها “ما عرفني حقيقة غير ربي” فالصلاة على النبي كما تظهر المقتضيات القرءانية، هي كذلك تطفيء عدل ما تقتضيه ميازب الذات العلية، فالكون مفتقر الى الصلاة على مولانا رسول الله، فلولاها لاضمحل من حينه من هيبة الله، لإنعدام المجانسة والمناسبة. فصلاة الله عليه، هي صلة وصل بين الله ونبيه، وبالتالي بين الله والكون، لإستمرارية الحياة، حسب ما قدر في بساط الرحمانية. فكل العوالم ملكية وملكوتية لا تفتر عن الصلاة عليه، وما شغل الله تعالى هذه العوالم إلا بأعظم الطاعات، وأفضل القربات. أمر الحق سبحانه وتعالى، بالصلاة على نبينا، كل الدوائر العلوية والسفلية وأوجب الصلاة علينا لسر الخلافة التي كلفنا بها، ففي كل صلاة نَعْتِيَّةٍ نبايعه، ونكون، من الموقنين بحقيقته، ومن المقربين منه، ومن المصدقين بكل ما جاء به.
أما السلام: فمن أسماء الله تعالى السلام، ولم يرد في القرءان ولا في السنة النبوية، أنه تعالى يسلم على النبي صلى الله عليه وسلم. أما نحن فسلامنا على النبوة لازم، إذ هو طلب السلامة، واللطف في هذه التجليات. قال الله تعالى“إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ” فهل الحق تعالى وملائكته يصلون على غائب؟ لا، بل هي حقيقة موجودة، مشهودة، لو كانت من عالم آخر ما انتفعنا قط بصلاتنا عليها. وكذلك صلوات العارفين، هي تغزلات في حقيقة حاضرة وللكون ناظرة، فالنبوة أرسلت رحمة للكون، والرحمة صفة. والصفة ملازمة للموصوف بها، توجد بوجوده، وتفقد بفقده، فلابد أن يكون الموصوف بها موجودا مشهودا، ولابد لها من مقتضى في الكون الإلهي.
عَلَى نُورِكَ الأَسْنَى. قال تعالى“لقد جاءكم من الله نور وكتاب مبين“فالنور المذكور هو نور نبوة سيدنا محمد، والكتاب المعطوف عليه هو القرءان الكريم. فسيدنا محمد نور محتده الصفة الإلهية الأحدية ،برق منها قبل القبل، ومنها ظهر كذلك القرءان كلام الله، ونعته بالأسنى اذ نور النبوة هو الذي اخرج الوجود من ظلمة العدم ولولاه ما ادرك البصر ولا البصيرة شيئا. قال تعالى”يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا“ فهو سراج الكون المنير الدائم الذي لا يأفل ولا يغيب. قال صلى الله عليه اول ما خلق الله نور نبيك يا جابر فهذا النور الأسنى هو الذي ترك جبريل عند سدرة المنتهى ،ووضع له البساط الى حيث لا مكان ولا زمان” فكان قاب قوسين او ادنى“.
وَسِرِّكَ الأَبْهَى:هو صلى الله عليه وسلم سر الله ،اذ كل التجليات تمر عبر وساطته ولا شيء الا وهو به منوط وبالتالي فالمظاهر الكونية لا تخرج من الوجود العلمي الى الوجود العيني إلا بوساطته، ففي كل تجل إلهي توجد مرتبة محمدية، فهو وجه الله في كل شئ “ فأينما تولوا فثم وجه الله ان الله واسع عليم“ ولهذا الوسع فلا تكرار في الوجود وان ظهر في الشهود لَوْ أَنَّكُمْ دَلَّيْتُمْ رَجُلاً بِحَبْلٍ إِلَى الأَرْضِ السُفْلَى لَهَبَطَ عَلَى اللَّهِ.وهذا السر الكوني النوراني البرزخي الجمعي أبهى ،اذ هو متحلٍ بجميع الأسماء والصفات الالهية. ومن يعرف هذا السر؟؟ ومراتب الحقيقة المحمدية لا تحصى؟ “وَتَرَاهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ” استتر عن الابصار بنوره، واحتجب عن البصائر بظهوره، ومن عجب ان الظهور تستر. فهو سر الكون ومبدأه ودليله، وقائده، وشهيده، وشفيعه. هو سرك الابهى، فتلى كلامك، وبلغ أحكامك وقام مقامك“يد الله فوق ايديهم” وليست إلا يدك يا رسول الله، هي الرامية ولها الفوقيةيَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّكُمْ لاَ تَدْعُونَ أَصَمّاً وَلاَ غَائِباً إِنَّ الَّذِي تَدْعُونَهُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ أَعْنَاقِ رِكَابِكُمْ. ولون الماء لون انائه.
وَحَبِيبِكَ الأَعْلَى.سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم سماء جميع المخلوقات، لأنه نور من الاحدية الصرفة ،وهي اعلا مرتبة وجودية ،وهي صفة سحقية محقية لا تقبل السوى، وبالتالي فلا ند له في الكون إلهي ،فوطئ صلى الله عليه وسلم بنعله الشريف سدرة المنتهى “فكان قاب قوسين او ادنى” و“راى من ايات ربه الكبرى“.كما ان صلاة الله عليه دون غيره من الانبياء، هي من بساط المحبوبية الكبرى، وهي صلة وصل بين الحبيب والمحبوب، بين العبد الحقاني وبين ربه الحق الصمداني ،لإظهار المقتضيات، وهي دليل الخلافة والقربات” لِي وَقْتٌ لاَ يَسَعُنِي فِيهِ مَلَكٌ مُقَرَّبٌ، وَلَا نَبٌّي مُرْسَلٌ “فهو صلى الله عليه وسلم الاعلى ،صورة وسورة، بوجهته الحقية وبوجهته الخلقية، بخلافته الكونية، وبوساطته الأزلية الأبدية.
وَصَفِيِّكَ الأَزْكَى.خلقه الحق تعالى من نوره، واصطفاه لنفسه، وزكاه لخلافته. قال تعالى”وانك لعلى خلق عظيم“وقال صلى الله عليه وسلم ” ادبني ربي فأحسن تأديبي ”قال تعالى“اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ” فاصطفاه الله قبل القبل “قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين“فأول العابدين لا يكون الا مصطفى صفى زكي ازكى. قال صلى الله عليه وسلمإنَّ اللَّهَ اصطفى مِن ولدِ إبراهيمَ ،إسماعيلَ، واصطَفى من ولدِ إسماعيلَ بَني كنانةَ، واصطَفى من بَني كنانةَ قُرَيْشًا ،واصطفى من قُرَيْشٍ بَني هاشمٍ ،واصطَفاني من بَني هاشمٍ”. وَاسِطَةِ أَهْلِ الْحُبِّ. وَقِبْلَةِ أَهْلِ الْقُرْبِ: أهل الحب وأهل القرب هم من خاصة الخاصة وهم الذين يروا وساطته مشاهدة، أي عيانيا. قال المرسيلوغاب عني رسول الله صلى الله عليه وسلم طرفة عين ما عددت نفسي من المسلمين*وفي حقيقة الأمر هو صلى الله عليه وسلم، وساطة للكون وأهله، ولا شئ الا وهو به منوط ظاهرا وباطنا، أولا واخرا، حسا ومعنى، ملكا وملكوتا. فمن لا يحب سيدنا محمد فليس بمومن قال تعالى ” قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّىٰ يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ”وقال صلى الله عليه وسلم *لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبَّ إليه من ولده ووالده والناس أجمعين.وقال تعالى”وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ “لوجدوا الله.. وفي الاية التي تليها “فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا“مما قضيت، إذ بيده صلى الله عليه وسلم مفاتح الأسماء، وبالتالي القضاء،” ويسلموا تسليما” فسلم تسلم، ولا تنكر تغنم. رُوحِ الْمَشَاهِدِ الْمَلَكُوتِيًةِ.هذه رقيقة من الرقائق، وصفة محمدية لا يعثر عليها الا فحول العارفين أصحاب وحدة الشهود الذين يروا حقيقته في كل المشاهد الملكوتية، وسماها مشاهد، إعتمادا على ذوقه وعلى مقامه(فهذا مقام الاقطاب)الذين يرون التجليات الالهية ،وبطبيعة الحال التجليات ملكوتية، ومقتضياتها هي التي مُلكية، قال تعالى”سبحان الذي بيده ملكوت كل شيء“فملكوت الاشياء هو التجلي الحاكم عليها حيث الاسم إلهي(أو أسماء إلهية) وحيث حضرة محمدية مدبرة لشؤون ذلك الشئ ،وهو الذي سماه الحق تعالى السيرة ،أي ما تسير عليه”سنعيدها سيرتها الاولى“.

وَلَوْحِ الأَسْرَارِ الْقَيُّومِيَّةِ. هذه من الحقائق التي يصعب البوح بها للعامة، اسرار تمر من فم المربي الى اذن السالك، اذ لو فُصلت وبسطت بالشرح لم تبق اسرارا، ولا بد للحسناء من نقاب وللشمس من حجاب. فشرحها يمر عبر شرح التجليات الالهية وكيف تكون، ودور الملائكة فيها، وكيف تكون قيومية النبوة المحمدية في ذلك. فهو صلى الله عليه سر الاسرار، ونور الانوار، فأسرار القرءان كلها إنشقّت منه، قال تعالى“مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ” ولم يقل (في القرءان)، و(الشيء) أنكر النكرات، فلا يوجد شيء في عالم الملك أو الملكوت، إلا وذَكره اللسان المحمدي، ظاهراً كان أو باطناً، مستوراً وراء الحِكم القرآنية ووَراء الرّسم القرآني. فهذا العبد النوراني الذي سماه الحق تعالى في أزليته” محمد” يحمده أهل السموات والارض، ويعرفه كل شيء، هو المعرِّف والمعَرَّف، أوتي علوم الاولين والاخرين وحدث اصحابه بما يكون الى قيام الساعة، وقال له تعالى“ولا تقولن لشايء اني فاعل ذلك غدا” ويجب الاشارة الى انه عندما لا تستطيع اللغة العربية حمل معاني القرءان، فالقرءان يتركها ولا يلتفت لها، فالأشياء معروفة ومرتوقة في حقيقته، وتخرج من وجود علمي الى وجود عيني لذا خالفت كتابة (لشايء) اللغة العربية، كما كتبت فاعل ثابتة الألف. تَرْجُمَانِ الأَزَلِ وَالأَبَدِ. لِسَانِ الْغَيْبِ الَّذِي لاَ يُحِيطُ بِهِ أَحَدٌ. القرءان كلام الله، وكلام الله قديم، والكلام صفة المتكلم. وكلام الله لا يأخذ من كلام البشر، هو نور حامل لمعان ملتحمة بألفاظها فلم تكن عند الله تعالى معان أولا ثم إقتبس لها من لغة البشر ألفاظا، ضم بعضها لبعض لتعطينا جملا مفيدة، بها أحكام، وحكم، شريعة وحقيقة، انما المعاني والألفاظ سبيكة واحدة نورانية لا انفصام لها، فلغة القرءان شأن، واللغة العربية شئ. القرءان قديم، واللغة العربية محدثة ألهمها الله العرب، فكيف يستمد القديم من المحدث، وكيف تحمل حروف اللغة وجملها معاني كلام الله، وكيف يأخذ السابق الشأني من اللاحق الشيئي؟ فلغته لم تتطور من اللغة العربية والشعر الجاهلي، لوكان الامر كذلك لإنتفى الغنى المطلق عن الله. فحروف العربية ليست قديمة بقدم الالوهية ،وهي ككل المظاهر لم تظهر إلا في بساط الرحمانية. قال تعالى”الرحمن علم القرءان خلق الانسان” فلمن يا ترى علم القرءان قبل خلق الانسان؟؟فاللغة العربية ليست اصلا للقرءان وهذا ما يدل عليه التدبر لكتاب الله، قال تعالى”انَّا جَعَلۡنَٰهُ قُرۡءَٰنًا عَرَبِيّٗا لَّعَلَّكُمۡ تَعۡقِلُونَ“(الزخرف) بالجعل فتأمل اي لم يكن، وجُعل، ويدل عليه كذلك المنطق العرفاني والكشف الاعتصامي الصُّراح، وبالتالي نزل عربيا قال تعالى”إِنَّآ أَنزَلۡنَٰهُ قُرۡءَٰنًا عَرَبِيّٗا لَّعَلَّكُمۡ تَعۡقِلُونَ (يوسف).قال تعالى”لعلكم تعقلون“في الايتين، ولم يقل تعالى لعلكم تومنون، فكم من مومن حويصلته لن تستوعب هذا الكلام .قال تعالى”فَإِنَّمَا يَسَّرْنَٰهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَبِهِ ٱلْمُتَّقِينَ وَتُنذِرَبِهِ قَوْمًا لُّدًّا“ (مريم) ”فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ((الدخان) فباللسان المحمدي يُسِّرَ القرءان. وانتبه الى حذف كلمة (قُرۡءَٰنًا) في الزخرف وفي يوسف وهما الوحيدتين، الباقي كله ثابت الألف، وليس هذا صدفة بل اشارة الى هذه المعاني. قال “لسان الغيب الذي لا يحيط به احد” نعم، الاحاطة ممنوعة ولكن يستمد منه العارفون والى هذا اشارت الاية” فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَىٰ إِلَيْكَ وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ” تارك بعض ما يوحى اليك…كيف يترك ما يوحى اليه.؟ صُورَةِ الْحَقِيقَةِ الْفَرْدَانِيَّةِ. سورة وصورة الحقيقة الفردانية اي الحقيقة المحمدية في بعض مراتبها، تميزت عن الكون وأهله فلا نظير لها، ولا ند لها، ولا مثيل لها فالفردانية تثبت بعد ثبوت الاثنينية، وفي حق رسول الله، الثاني هو الكون، فالسِّوَى هو الذي يعطي للفردانية مرتبتها. وسميت فردانية لإنفرادها بنعوت ليست فيمن انفردت عنه، إذ لو كانت فيه ما صح له أن ينفرد بشيء. ومن صور وسور هذه الفردانية أن أمر الله تعالى العوالم كلها بأن تصلي عليه، ولم يناديه بإسمه إنما نداه بصفاته ليبين لنا أن المرسل للعالمين هي النبوة المطلقة، الغير المقيدة لا بالزمان ولا بالمكان، وليس هناك حوار بين الله وبين سيدنا محمد، لأنه قريب من رب العزة. وشريعته نسخت جميع الشرائع، وهو خاتم النبيئين فلا نبي بعده، إذ لو حصلت النبوة لأحد لكان ناسخا لشرع سيدنا محمد، وهذا محال، لأن الجزء لا يظهر على الكل، ولكان وارثا له، والوارث لا يكون وارثا إلا بعد موت الموروث ومولانا رسول الله حي بحقيقته، حي بروحه الكلية. فهو صلى الله عليه وسلم الْحَقِيقَةِ الْفَرْدَانِيَّةِ صُورَةِ وسورة، حسا ومعنى. وَحَقِيقَةِ الصُّورَةِ الْمُزَيَّنَةِ بِالأَنْوَارِ الرَّحْمَانِيَّةِ الحقيقة المحمدية تزينت بالأسماء الإلهية ”خلق الله ادم على صورته ”وفي رواية” خلق الله آدم على صورة الرحمان” فاتصفت بأوصاف الربوبية من وجهته الحقية“ ان الذين يبايعونك انما يبايعون الله ” كما ان المظاهر الكونية لم تظهر إلا في مرتبة الرحمانية ،ولفهم هذه المسائل وتذوقها عرفانيا، يجب على القارئ ان يكون عنده إلمام ذوقي بمراتب الوجود، ويعرف تسلسلها وتدرج الحقيقة المحمدية بها، غير هذا لا يعرف ما اشار إليه الشيخ البكري ولن يصل الى لب ما نرمز اليه. وأنوار الرحمانية هي أنوار الاسماء والصفات الالهية. قال تعالى“قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِادْعُوا الرَّحْمَٰنَ أَيًّامَّا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ” فاسم الجلالة” الله” رئيس الاسماء، والرحمن نقيبها. وبالرحمانية كان الاستواء على العرش. إِنْسَانِ الله الْمُخْتَصِّ بِالْعِبَارَةِ عَنْهُ سِرِّ قَابِلِيَّةِ التَّهَيؤ الإِمْكَانِيِّ الْمُتَلَقِّيَةِ مِنْهُ. هذه من باب تحصيل الحاصل بما انه تَرْجُمَانِ الأَزَلِ وَالأَبَدِ. لِسَانِ الْغَيْبِ الَّذِي لاَ يُحِيطُ بِهِ أَحَدٌ. وخليفة الله ومتحل بالأسماء الالهية، فهو صلى الله عليه وسلم النائب القولي والفعلي عن الألوهية، فما خاطب الإله إلا محمدا. واذا لم يخاطب الحق الا محمدا، فلم يسمع الكون وأهله، ملائكته وجنه، وإنسه، بما فيهم الانبياء والرسل والاولياء وباقي المخلوقات الكونية كالنحل إلا من مـــحـــمـــدا. ظهرت يا نبي الله بصورتك وبطنت بسورتك، وَسُدْتَ بحقيقتك، تَلَأْلَأَ نورك فِي جَبِينِ آدَمَ وهوبين الماء وَالطينَةِ، واستوت على جُودِكَ السفينة، ومع صالح حين أضْمَرَ أَشْقَى القَوم الضَّغِينَةَ” نبئهم” “اتل عليهم نبأ” فأنت” نَذِير مِّنَ ٱلنُّذُرِ ٱلأُولَىٰ” وحضورك واجب. فسيدنا محمد يستمد من الله ويمد الكون. فقابلية سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وحده، بقوابل سائر الموجودات فهو المستفيض الأول، والمفيض الثاني، لأن الفيض الاقدس الرحموتي متوجه إليه بالتوجه الأول، ومنه يتوجه الى بقية المخلوقات بقدر قوابلهم فهو كل الوجود وبه كل شئ. أحْمَدِ مَنْ حَمِدَ وَحُمِدَ عَنْدَ رَبِّهِ. مُحَمَّدِ الْبَاطِنِ وَالظَّاهِرِ بتَفْعِيلِ التَّكْمِيلِ الذَّاتِي فِي مَرَاتِبِ قُرْبِهِ.جميع اهل الله يعرفون ان سيدنا محمد هو(أحْمَدِ مَنْ حَمِدَ وَحُمِدَ عَنْدَ رَبِّهِ) وأنه كان قبل القبل قال تعالى “قل ان كان للرحمن ولد فأنا اول العابدين” فهو اول مخلوق عبد الله تعالى، قبل ان تعطى الانطلاقة للدوائر الكونية ،وكان موجودا بحقيقته قبل خلق ادمكنت نبيا وادم بين الماء والطين*وفي راوية *وءادم بين الروح والجسد* فكان هذا بطون خلافته ،ثم جاء دور الظهور، فزيد نبيا ،قال تعالى”يا ايها النبي انا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا “ولم يقل تعالى يا محمد بل “يا ايها النبي“خاطبه بالصفة تعظيما وتشريفا له ،إذ هي ذاتية له ،محققة له منذ ولادته صلى الله عليه وسلم. ومنذ ذلك الزمان الغابر، من البطون الى الظهور، والنبوة تترقى في مراتب قربها ومراتب حقيقتها، ترقي ذاتي لها، مراتبها موجودة في باطنيتها، وتم تفعيلها تفعيلا تكميليا، تكميليا لسير الكون لا لها، فهي متصفة بالكمال منذ ان بزغت من الاحدية، لأن الكون يسير نحو الفناء، ولن تقوم الساعة حتى تظهر كل المقتضيات القرءانية، والأشياء كلها مرتوقة في حقيقتها، والفتق يأتي تدريجيا حسب كل زمان. انظر يا ولي الى تعبير هذا العارف من العيار الثقيل لهذه الحقيقة. لو قيل لي ان صاحب هذه الصلاة بلغ مقام الغوثية أكون أول من يصدق ذلك، ودعني ممن ينسب الى نفسه المقامات القعساء، والألقاب العريضة، ومثل هذا الكلام لا يستطيع نسجه، ولا حتى فهمه، فصاحب هذه الصلاة يسبح في مشرب قوي، ومتمكن من اللغة العربية، فهو يجرها حيث شاء رضي الله عنه ونفعنا به.
غَايَةِ طَرَفَي الدَّوْرَةِ النَّبَوِيَّةِ الْمُتَّصِلَةِ بِالأَوَّلِ نَظَراً وَإِمْدَاداً. بِدَايَةِ نُقْطَةِ الاِنْفِعَالِ الْوُجُودِيَّ إِرْشَاداً وَإِسْعَاداً: الوجود يسير بصفة دائرية “كما بدأنا اول خلق نعيده” “كما بدأكم تعودون“عندما حقق العارفون هذا، سموا مراتب الوجود بالدوائر الكونية، وسميت بالدوائر الكونية لتصور دائري للوجود، مركزه اسم الجلالة الله ومن كل نقطة من المحيط تمتد خطوط هي الاسماء الالهية التي لا حصر لها، وكل اسم يشكل دائرة داخل الدائرة. فالنقطة المركزية واحدة ما تعددت ولا تكثرت مع كثرة الخطوط الخارجة منها، وهي تقابل كل نقطة من الدوائر المحيطة بها بذاتها، فظهرت الكثرة عن الواحد بلا حلول، ولا اتحاد، ولا وحدة الوجود، ولكل دائرة من دوائر الوجود اسما من الاسماء إلَهية مدبرا لها. لأنه ما أوجد الله العالم الا ليظهر سلطان اسمائه ،فلا علم بدون معلوم، ولا قدرة بدون مقدور، ولا إرادة بدون مراد، ولا باعث بدون مبعوث، ولا رازق بدون مرزوقين…فليس بممكن أن لا يكون في العالم بلاء وعافية، وليس إزالة مقتضى اسم الله المنتقم من الوجود، بأولى من إزالة اسمه القهار، أو الغفار، ولو بقي من الاسماء من لا حكم له لتعطلت دائرة من الدوائر الكونية، والتعطيل محالوالذي نفسي بيده لولم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم غيركم يذنبون، فيستغفرون الله، فيغفر لهم (الحديث) فمراتب الوجود هي محل ظهور مقتضيات تجليات الاسماء الإلهية بعد الاصطحاب مع النبوة المحمدية لكي يكون اللطف والرحمة في الكون الالهي“وما أرسلناك الا رحمة للعالمين” وهو الذي عبر عنه بقوله بِدَايَةِ نُقْطَةِ الاِنْفِعَالِ الْوُجُودِيَّ إِرْشَاداً وَإِسْعَاداً،فحيثما كانت التجليات الالهية، كانت النقطة النورانية المحمدية، وكان الارشاد والاسعاد، هي شعلة الدوائر الكونية ،الفاعلة والكون منفعل، وهي التي اعطت للوجود صفة الوجود ، وهي التي نسجت مراتب الوجود. فبطونها وسريانها في كل ذرات الوجود اعطى لهذا الوجود وجودا حقيقيا، وهو قول القائل: لولاه لم تخرج الدنيا من عدم

.
أمِينِ الله عَلَى سِرِّ الأُلُوهِيَّةِ الْمُطَلْسَمِ. وَحَفِيظِهِ عَلَى غَيْبِ اللاَّهُوتِيَّةِ الْمُكَتَّمِ. الحقيقة المحمدية فاصلة بين حقائق الالوهية والكون، ومعنى هذا أن لها وجهة حقية وجهة خلقية، وهذا يؤكد برزخيتها، فالدوائر الكونية هي بالأحرى تجليات هذه الحقيقة وظهورها في مراتب متعددة ومختلفة “فأينما تولوا فثم وجه الله“والرابط بين الحقيقة المحمدية ومراتب الوجود، هو علاقة الإمداد من جانب والإستمداد من الاخر، وهذه المراتب كلها جمال لأنها من ابداع الخالق، والاشياء توزن بمرتبتها التي تُرجع بها الى الاسماء الإلهية لا بصورتها “وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا” فسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ،هو معشوق الحضرات الفرداني، فكل الحضرات تطلبه لأنه هو الرحمة المهداة الشاملة وهو برزخ بين الألوهية والكون فلا ينزل شئ ولا يصعد شئ الا عبر واسطته. فالجمال لو ظهر من غير حجاب برزخيته لما استطاع الكون تحمله، فما بالك بالجلال. فلو غابت النبوة عن الوجود لانفطرت سماؤه، وانكدرت نجومه، واتتثرت كواكبه، وزلزلت أرضه وقامت قيامته“فإما نذهبن بك فإنا منهم منتقمون” فسر الألوهية ظهر فيه وبه، اذ الاصطحاب مع اسماء الله ومع الفيضة القرءانية خوَّل له ذلك، وأما (حَفِيظِه على غيب اللاَّهُوتِيَّةِ الْمُكَتَّمِ) فالتجلي هو الذي ألبسه حلل ذلك، ولله الغنى المطلق حتى عن اسمائه وصفاته.
مَنْ لاَ تُدْرِكُ الْعُقُولُ الْكَامِلَةُ مِنْهُ إِلاَّ مِقْدَارَ مَا تَقُومُ عَلَيْهَا بِهِ حُجَّتُهُ الْبَاهِرَةُ. وَلاَ تَعْرِفُ النُّفُوسُ الْعَرْشِيَّةُ مِنْ حَقِيقَتِهِ إِلاَّ مَا يَتَعَرَّفُ لَهَا بِهِ مِنْ لَوَامِعِ أنْوَارِهِ الزَّاهِرَةِ.الحقيقة المحمدية مجهولة عند كل العوالم ملكية أو ملكوتية لأن محتدها الصفة الأحدية، نور إلهي صرف، لا تجل بها بإجماع جميع المحققين، ولا تعلق لها بالكائنات، و تلثمت بمعاني عظمة سرادقات غيب الهوية ،وبأردية الاصطحاب إلتحفت، وعن حقائق الالوهية نابت، فصالت وجالت. قال صلى الله عليه وسلمما عرفني حقيقة غير ربيوقال تعالى”لو أن عندنا ذكرا من الاولين لكنا عباد الله المخلصين“والأولون هم مراتب النبوة المحمدية كالقلم الاعلى والعقل الاول، فلم يكونوا على علم بها ،قال أبو يزيد البسطامي: غصت لجة المعارف طالبا للوقوف على الحقيقة المحمدية فإذا بيني وبينها سبعين ألف حجاب من نور، لو دنوت من أدناها، لاحترقت كما تحترق الشعرة بالنار إهــ. فسيدنا محمد هو الغائب عن الأبصار المسدول دون حقيقته حُجب الأَستارِ، والتي تُنادى من وراءِ حُجرات الظنون، وكشف النظار“إِنَّ ٱلَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَاءِ ٱلحُجُرَٰتِ“فَلا أَحد وصل إِلَى مَحْتِدِّهَا، ولا إِلَى معْرفَة كل صفَاتها، ولا وقَف علَى مراتبها” أَكثَرُهُم لَا يَعقِلُونَ” طَلَبوا الوصول وما وصَلوا، وعلَى كُنْهِها ما حَصَّلُوا. هي العرش لِاسْتِوَاءِ رحمانيته، وَاسطَة تجلياته، وظهور اسمائه وصفاته. هي الروح الكلية الباطنة في كل الشؤون الحقية والخلقية، تتبرقع وِفْقَ الإِرادةِ الأزلية، وتكشف النِّقَاب حسب التجليات الالهية ولاَ تَعْرِفُ النُّفُوسُ الْعَرْشِيَّةُ مِنْ حَقِيقَتِهِ إِلاَّ مَا يَتَعَرَّفُ لَهَا بِهِ مِنْ لَوَامِعِ أنْوَارِهِ” وَلَو أَنَّهُمُ صَبَرُواْ حَتَّىٰ تَخرُجَ إِلَيهِمْ لَكَانَ خَيراً لَّهُم وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ“. فما بطن منها، فهو رحمة بهم، وينتظر إبانه، وما ظهر فهو خير لهم ويعود بالنفع على زمانهم قال العارف بالله البوصيري رحمه الله:
تتباهى بك العصور وتسمو=بك علياء ما بعدها علياء
ففي كل زمان تظهر مراتب محمدية لم تكن في الزمان الذي قبله، لأن الفتق تدريجي فتُظهر علوما دنيوية، وعلوما لدنية، وفتوحات ربانية، ومقتضيات حسية ومعنوية، في كل المجالات.
مُنْتَهَى هِمَمِ الْقُدُسِيِّينَ وَقَدْ بَدَوْا مِمَّا فَوْقَ عَالَمِ الطَّبَائِعِ. القدسيون هم من ورثوا اسرارا لم تكن عند من سبقهم ونقول في حقهمقدس الله سره، فالسر إرث نبوي مقدس، فمن لم يأت بعلوم لدنية وأسرار ربائية، خسارة قولنا في حقه*قدس الله سره *اذ لا سر له مقدس. فهؤلاء القدسيون هممهم لا تعلق لها، الا بصاحب السر: محمد صلى الله عليه وسلم، والبعض من هؤلاء القدسيين يخرج من عالم الطبائع، أي يخرج من عالم التقييد الى عالم الاطلاق. قال الحبيب صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي ما يزال عبدي يتقرب الي بالنوافل حتى احبه فإذا احببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها (الحديث) فيصبح جسمه في الحانوت وقلبه في الملكوت، وتطوى له المسافات، ويصير الزمان في حقه زمانا واحدا، وقد عبر احد العارفين عن هذا المقام بقوله:
تَوَضَّأ بِماءِ الغَيْبِ إنْ كُنْتَ ذا سِرٍّ *** وإلا تَيَمَّم بالصَعيدِ أو الصَخْرِ
وَقَدِّمْ إماماً كُنْتَ أنْتَ إمامَهُ *** وَصَلِّ صَلاة الفَجْرِ في أوَّلِ العَصْرِ
فَهذي صَلاةُ العارِفِيْنَ بِرَبِّهِم *** فَإنْ كُنْتَ مِنْهُمْ فانْضَحِ البَرَّ بالبَحْرِ
ابيات نسبت الى الجنيد والى ابن عربي وهي في حقيقة الامر لزين العابدين بن الحسين بن علي..
مَرْمَى أبْصَارِ الْمُوَحِّدِينَ وَقَدْ طَمَحَتْ لِمُشَاهَدَةِ السِّرِّ الْجَامِع. ما كل الموحدين مسلمين، وما كل الموحدين يَلِجون هذا البساط، بساط مشاهدة السر الجامع، وبما أن أبصار هؤلاء الموحدين طموحة لرؤية السر الجامع، فعارفنا رضي الله عنه، يقصد الاولياء اصحاب المقامات القعساء، ووصفه بالسر الجامع لتحليه صلى الله عليه وسلم بأردية الاسماء الحسنى. فهو صلى الله عليه وسلم مرمى ابصار العارفين الاحاديين، الذين لا يرون الامحمد احمدوهذا توحيد المقربين الذين اكتفوا بالصفة الخالدة بين الناس وطموحهم لا شك محقق، فيرون ببصيرتهم وببصرهم السر الجامع صلى الله عليه وسلم، يقظة ومناما.
مَنْ لاَ تُجْلَى أشِعَّةُ الله لِقَلْبٍ إِلاَّ مِنْ مِرْآةِ سِرِّهِ. لولا النبوة المحمدية ما استطاع الوجود من تلقي فيض الربوبية ولا سؤال اصغر نوال من جلال الالوهية لانعدام المجانسة والمناسبة، لأنه الواسطة في كل شئ ومن رام معرفة الله من غير سيدنا محمد فقد اتى البيوت من غير الابواب ويجب رده الى اسطبل الدواب، فهو النور الفاصل بين حقائق الالوهية ،وحقائق العبودية برزخ بين الرب والمربوب، نائب الحق ولسانه فلا مشاهدة الا له، وصفه الحق بما وصف به نفسه من راني فقد راى الحق ولا يقوم مقام الحق الا الحق، هو الظاهر في المظاهر، فحقيقته باطنة في غيابات جب تجليات الاسماء والصفات فتعددت صورها، واستحالت معرفتها ،وفي دنوها تعالت، وفي علوها تدانت، وعلى عدد الانوار تظهر الظلال، وعلى عدد المرايا تظهر الصور، وهو واحد من حيث ذاته متكثر من حيث تجلياته” فأين تذهبون ان هو الا ذكر للعالمين” فتاه بعض اصحابنا، وزلت الاقدام وأصاب الذهل الاقلام، تشابه عليهم الامر وتشاكل العنب والخمر، فالثلج مغاير للماء في صورته وعين الماء في حقيقته، وكلما اتسعت الرؤيا ضاقت العبارة، فكل من ادعى رؤية الذات الالهية فإنما كوفح بتجل من الروح الكلية وراء الحجابية المحمدية فظنها الذات الالهية ،ولا نتردد بالحكم بِالْجَهْلِ عَلَى كُلِّ مَنِ ادَّعَى مَعْرِفَةَ الله مُجَرَّدَةً فِي نَفْسِ الأَمْرِ عَنْ نَفَسِهِ الْمُحَمَّدِيِّ.[كما قال في صلاته]“وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ ٱللَّهُ إِلَّا وَحيًا أَو مِن وَرَايِٕ حِجَابٍ“وانتبه الى رسم كلمة (ورايء) بخلاف التي في الاحزاب(وراء)قال تعالى “وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيء مِّن عِلمِهِ”ومن لا يحاط بعلمه كيف يحاط بذاته. هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ. فالإحاطة بالعلم ممنوعة، والإحاطة بالذات ممنوعة. والإحاطة بالنِّعم مستحيلة “وان تعدوا نعمت الله لا تحصوها”.
وهي النور المطلق. ولا تُتلى مزاميره على لسان إلا بِرَنّات ذكره. هو صلى الله عليه نور من مقتضى الاحدية الصرفة، مطلق لا تأثير للأسماء الإلهية عليه، بل حقيقته طرف فعال في تشاجر الاسماء وظهور المقتضيات. لقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم لما سمع أبا موسى الأشعري يقرأ القرآن ويتغنى به قال: لقد أوتيت مزمارا من مزامير آل داود(البخاري). وكان فضل الله على داود كبيراً؛ حيث أوتي النبوة، والملك الظاهر، والخلافة المحمدية، وكان حسن الصوت، وعندما كان يصدح بصوته الجميل، ويسبّح لله تعالى ويحمده، كانت الجبال والطير تسبّح معه. والمزامير في حق سيدنا داوود هي تسابيح لله، وضروب دعاء. فكان سيدنا داوود نائبا محمديا خليفة للخليفة الكلي، قبل ظهور الجسم الشريف المولود من أم وأب. قال صلى الله عليه وسلمإن بني إسرائيل كانت تسوسهم الأنبياء كلما هلك نبي، خلفه نبي، وأنه لا نبي بعدي إنه سيكون خلفاء (رواه أحمد).خلفاء الخليفة الكلي كما كان ءادم خليفة وكما كان داوود .ومزامير هؤلاء الخلفاء هي التغزلات الاحمدية المحمدية، والتعريف بالحقيقة المحمدية سواء كانت شعرا أو نثرا أو أذواقا عرفانية سطرت في كتب القوم .فالفتوحات المكية للحاتمي، والانسان الكامل للجيلي مزامير، والطلاسم في الكمالات المحمدية للكتاني مزامير، وقس على هذا البردة والهمزية، وقصيدة نظم السلوك لابن الفارض، والصلاة المشيشية، وجوهرة الكمال، وجوهرة الاسرار…ولا ننس كذلك مدونة المعهد الفاطمي المحمدي. وبطبيعة الحال لا تتلى هذه المزامير على لسانٍ الا برنات ذكره صلى الله عليه وسلم. فلا دخول الا من بابه ولا شهود الا فيه، ولا تجل الا منه. جفت الاقلام ورفعت الصحف.
وَهُوَ الْوِتْرُ الشَّفْعِيُّ الْمُحَقَّقُ: الوتر أي الفرد الذي لا نظير له. انفرد عن الشفعية لأنه مرتبة متميزة في الأعداد، ويختلف عن الأحدية، لأنه لا يكون إلا بعد ثبوت الإثنينية. لأن الأحدية لا تقبل الثاني. الأحدية لله، والفردية مشتركة. الشفعية في حقيقته مرتوقة، لا أنه شفع وجود الخالق، وصار ثان له ..لا..لا..تعالى الله عن ذلك علو كبيرا، فالحق تعالى خلق الخلق للخلق ،لا له، فالذات الالهية لا توصف بالأولية ولا تنعت بالوترية، انما هذه النسب والاضافات راجعة على مرتبة الالوهية “كان الله ولا شئ معه” انما هي الالوهية لا الذات ،وفعل كان في حق الله تعالى كما يقول سيبويه فعل وجودي ،كان الله ومازال ولم يزل، لو كانت النبوة شفعا للذات الالهية، لأفاد هذا ان هناك تغييرا في صفات الحق ،فالشفعية ذاتية للحقيقة المحمدية ،اذ هي المتأحدة في عين الكثرة والمتكثرة في عين الوحدة ”وسماها الصوفية “الوحدة” وفي عين الوحدة بوركت وتكثرت فظهر ما كان مندرجا في حقيقته ،اندراج النخلة في النواة ،ففي حقيقة النواة هناك نخلة بعروشها وأوراقها وثمارها. ففي البسائط الازلية بساط” كنت نبيا وادم منجدل في طينته” كان هو الوتر الأحدي المحقق، اما في بساط الظهور فهو الوتر الشفعي المحقق.
الْفَرْعِ الْحِدْثَانِيِّ الْمُتَرَعْرِعِ فِي نَمَائِهِ بِمَا يُمِدُّ بِهِ كُلَّ أصْلٍ أبَدِيٍّ: ورد في معاجم اللغة، حِدْثان الأَمْر: أَوَّله وابتداؤه…حدثان الشيء، بالكسر: أوله، وهو مصدر حدث يحدث حدوثا وحدثانا.. و(الْفَرْعِ الْحِدْثَانِيِّ) الذي يشير إليه صاحب هذه الصلاة رضي الله عنه هو الوجهة الخلقية لمولانا محمد صلى الله عليه وسلم المولود من أم وأب، أوليته معروفة وإن اختلف في يوم مولده، وهو مثلنا “يأكل الطعام ويمشي في الاسواق” وتحت تأثير مقتضيات الاسماء الالهية، فالقالب البشري الذي ظهر به صلى الله هو فرع عن وِجهته الحقية.. لأن حقيقة العبودية تقتضي طاعة المعبود ومحبته، والخلق لا يصلون الى كمال محبته وطاعته، لضعفهم الذاتي”خلق الانسان ضعيفا“فجاءت الرسالة بشرا من جنسهم واسطة بين حضرتين، يتعذر تواصلهما: حضرة الالوهية وحضرة العبودية، لا نسبة بينهما ولا مجانسة، فبلغت هذا الرسالة الطرف الخلقي انباء الطرف الحقي ، وفي حقيقة الأمر عند أهل الله العارفين، هذه الوجهة وإن كان ظاهرها خلقي فباطنها حقي، لذا نسب العارف لها الامداد بِمَا يُمِدُّ بِهِ كُلَّ أصْلٍ أبَدِيٍّ قال بعضهم في هذا المعنى : ولطف الأواني في الحقيقة تابعللطف المعاني والمعاني بها تسمو. المراد بالأواني، ظاهره الناسوتي، الذي من مقتضى الأسـماء، والذي هو تابع في حقيقة الأمر لباطنه اللاهوتي، المنعوت بالمعاني، والمتصف باللطافة، أي ارتسم نور النبوة في الظاهر من يوم ولادته، أي زيد نبيا، وسـمى ذلك بالمتابعة. فالظاهر كذلك لاهوتي. وإلى ذلك أشار مركز دائرة الأنوار صلى الله عليه وسلم بقولهإني لست كهيئتكم إني أبيت عند ربي يطعمني ويسقين* (الحديث) تنام عيناي ولا ينام قلبي. لم يكن له ظل، يرى من خلف كما يرى من أمام إني أراكم من وراء ظهري ليس له كثافة بشرية، لأنه نور محض، ولكي لا يعبد من دون الله، كان يتظاهر بمقتضيات البشرية. فهو ناسوت الوصال، وليس لأحد عن وساطته انفصال. فافهم أن كنت ممن يفهم، وإلا فسلم تسلم، وعلل الأفهام، أشد من علل الأجسام.
جَنِيِّ شَجَرَةِ الْقِدَمِ. سمى الصوفية الحقيقة المحمدية “الحق المخلوق به” فهو بالتالي شجرة القِدم وجني شجرة القِدم هو بحقيقته اصل وبتجليات حضراتها ظهرت الفروع” فأينما تولوا فثم وجه الله” سواء في عالم الملك أوفي عالم الملكوت. بدا في المظاهر، واختفى في الظاهر، ظهر في المباني، وبطن في المعاني” هو الاول والاخر والظاهر والباطن” فهو ماء الوجود، ونفس الوجود، وروح الوجود، وسر حياة الوجود، الذي لولاه لانهد الوجود” فَإِمَّا نَذهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنهُم مُّنتَقِمُونَ“ولا شئ الا وهو به منوط إناطة الرعية بالراعي، والملك بملكه، والتوحيد بِإسمِهِلاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولٌ اللَّهِ
خُلاَصَةِ نُسْخَتَي الْوُجُودِ وَالْعَدَمِ. الوجود كان مرتوقا في نبوته وفتق بالإصطحاب مع أحمديته وخروجه تدريجي من وجود علمي الى وجود عيني. قال تعالى “انما قولنا لشئ اذا اردناه ان نقول له كن فيكون“وسماه شيئا وهو لم يوجد بعد،وخاطبه وهو غير موجود، وسمع الشئ خطاب الحق، فالحق تعالى لا يخفى عليه شئ ويرى الاشياء في حال عدمها. كما ان العدم يشير عند المحققين الى الأحدية اذ لا وجود للأسماء الالهية في بساطها، ولا تجل بها، فهي بالنسبة لهم عدم. قال شيخي رحمه الله تعالى في بعض تغزلاته:
الحمد لله الذي اوجد من=عدم المحض صفي الانوار
يقصد رضي الله عنه بالعدم، الاحدية، فسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم نسخة الوجود اذ الكون مرتوق في حقيقته، وهو نسخة العدم اذ محتده الصفة الاحدية.
عَبْدِ الله وَنِعْمَ الْعَبْدُ الَّذِي بِهِ كَمَالُ الْكَمَالِ. وَعَابِدِ الله بِالله بِلاَ حُلُولٍ وَلاَ اتِّحَادٍ وَلا اتِّصَالٍ وَلا انْفِصَالٍ. نَعَم، نِعْم العبد انت، يا حبيبنا وسيدنا، ونبينا ورسولنا وشفيعنا، فالرب رب إلى ما لا نهاية، وأنت صلى الله عليك بك، عبد النوراني، حقاني برزخي جمعي، وباتصالك الفرقي، أنت حجاب للذات الالهية، فلا حلول ولا اتحاد ولا وحدة وجود.
الدَّاعِي إِلَى الله عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ. نَبِيِّ الأَنْبِيَاءِ وَمُمِدِّ الرُّسُلِ عَلَيْهِ بِالذَّاتِ وَعَلَيْهِمْ مِنْهُ أفْضَلُ الصَّلاَةِ وَأشْرَفُ التَّسْلِيمِ. يَا الله يَا رَحْمَنُ يَا رَحِيمُ.
كل النبيين والرسل الكرام أتوا=نيابة عنه في تبليغ دعـواه.
فهو الرسول إلى كل الخلائق في=كل العصور ونابت عنه أفواه
شرحت ولله الحمد عدة صلوات من بينهم الصلاة الابراهيمية، ولو لم تكن إلا هاته الصلاة لكَفَتْ ووَفَّتْ، ولهذا لم افكر بتاتا في شرح هذه الصلاة، ولا في غيرها. مع انها كانت من أورادي كل يوم اربعاء لمدة اربعة سنوات (انظر الدليل المسمى سر المحمدية وسحر الاحمدية بالمدونة). انما إحدى الاخوات الذاكرات المنتميات لمشربنا رأت في المنام شيخنا يقول لها: قولي لإبني سي محمد(يقصدني) يشرح الصلاة البكرية، فامتثلت أمره، وعندما بدأت بشرحها وجدتها صلاة غائصة في المعرفة صلاة عرفانية رقيقة لا يحق إظهار كل الخبايا والخفايا التي في باطنها، وعرفت مقصود شيخي من هذا الطلب البرزخي. رحم الله كل شيوخ التصوف المحققين الكبار وقدس اسرارهم وأسكنهم فسيح جناته بجوار سيد الاولين والاخرين
يَا نَبِيَّ اللَّهِ، يَا رَسُولَ اللَّهِ، يَا سَيِّدَ أَهْلِ الكَوْنِ، يَا رَبَّانِيَّ الصِّفَاتِ، يَا سِدْرَةَ مُنْتَهَى المَقَامَاتِ، يَا مَرْكَزَ جَمِيعَ التَّجَلِّيَّاتِ، يَا مَنْبَعَ الرَّحَمَاتِ، يَا بَرْزَخَ العَطَاءَاتِ، يَا كَنْزَ الحَقِيقَةِ، يَا شَمْسَ الشَّرِيعَةِ، يَا بَصَرَ الوُجُودِ، يَا هَيُولَى الفَيْضِ الإِلَهِي، يَامَنْ جَلاَلُهُ مَسْتُورٌ بَيْنَ ﴿نٓۚ وَٱلۡقَلَمِ وَمَا يَسۡطُرُونَ مَآ أَنتَ بِنِعۡمَةِ رَبِّكَ بِمَجۡنُونٖ﴾.يَامَنْ جَمَالُهُ بَاطِنٌ فِي ﴿وَتَرَىٰهُمۡ يَنظُرُونَ إِلَيۡكَ وَهُمۡ لَا يُبۡصِرُونَ﴾.يَا مَنْ كَمَالُهُ مَكْنُونٌ فِي ﴿مَا زَاغَ ٱلۡبَصَرُ وَمَا طَغَى﴾ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ صَلاَةً تُلْبِسُنَا دِثَارَ التَّقْوَى وَشِعَارَ العُبُودِيَّةِ. وَتُتَوِّجُنَا بِحُلَلِ الأَسْرَارِ المُحَمَّدِيَّةِ. وَتَزُقُّنَا المَعَارِفَ اللَّدُنِيَّةِ. وَتَرْفَعُ الحُجُبَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ فِي الدُّنْيَا قَبْلَ الآخِرَةِ، وَصَحْبِهِ وَسَلِّمْ. واستغفر الله لي ولوالدي وللمسلمين والمسلمات المومنين والمومنات الاحياء منهم والاموات. سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.
محمد بن المبارك غفر الله له ما قدم وما أخر، وما أسر وما أعلن، وما أخفى وما أظهر، وما علِم وما لم يعلم، ويسر الله له الرؤية المحمدية يقظة، وبها يُنْعَم. امين يارب العالمين.
كتب في الاسبوع الثاني من رمضان 1442الذي يوافق ابريل 2021..

محمد بن المبارك العارف بالحقيقة المحمدية الأحمدية

حصل المقال على : 1٬361 مشاهدة
هل أعجبك الموضوع؟ يمكنك مشاركته على منصتك المفضلة

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد