ولد مولاي ادريس الأزهر سنة 177 هــ .وذكر الشيخ ابو العباس المُقري في( كنوز الاسرار)انه ولد رضي الله عنه وكان مكتوبا بين كتفيه بقلم القدرة الالهية : لا اله الا الله ،ماشاء الله ،لاقوة الا بالله ،الامر كله بيد الله ،هذا من نسل نبي الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم . وتولى الحكم خلفا لوالده في سن 11 عاما، ويقول المؤرخون إن المولى ادريس الأزهر اتسم بخصال روحية استثنائية حيث أتم منذ عامه الإحدى عشر تكوينه الديني والأدبي.وعلى مدى 25 عاما من حكمه،عُرف كرجل دولة كبير،وأيضا كشاعر واسع الثقافة ،وقف في وجه الضغوطات الأجنبية، وخصوصا تلك التي مارسها العباسيون والخوارج. كما أبان المولى ادريس الأزهر،المعروف بتقواه وزهده،عن شجاعة منفردة في الدفاع عن الدين الاسلامي.. وكان الشرفاء الادارسة بعد موته يحتفلون به كل سنة وبعد مجيئ الأمراء الزناتيين الذين خَلَفوا الأدارسة ألغوا تقاليد الاحتفال بالضريح. وفي سنة 841 هجرية،شرع الوطاسيون في أعمال ترميم المسجد، فاكتشفوا تابوت إدريس الثاني،وقد بني عليه حائط مخافة عليه من السرقة وتعرف العلماء ورجال الدين، شرعيا على رفاته الجليلة،ووجدوه كما هو،لم ينل منه الزمان شيئا وهذا كان له صدى في قلوب الناس الذين عادوا الى إحياء الاحتفال بذكرى مؤسس مدينة فاس مرة اخرى .ويتوج الموسم بالحفل التقليدي لنقل “كسوة” مولاي ادريس الى مقرالضريح وسط المدينة العتيقة في موكب تؤثثه أناشيد روحية لطوائف عيساوة واحمادشة وكناوة .والمعلومة الوحيدة المتوفّرة عن المولى إدريس الازهر داخل الضريح ،مدوّنة على لوحة معلّقة في مكان خفيّ، وتشير إلى أنَّ قبره لم يُعرفْ إلا بعد مُضيّ 608 سنة على وفاته.وحسب ما هو مدوّن على اللوحة، فإنَّ المولى إدريس الأزهر، وُجد جسده كما هو، فَلمْ يلحق به التراب أيَّ أذى أو تغيير. ومن منجزات هذا الرجل العظيم تأسيسه مدينة فاس سنة 192هــ التي أصبحت حاضرة إسلامية مزدهرة ذائعة الصيت. وقد اقتنى المولى إدريس من قبائل زواغة ويازغة البربرية أراض بنى عليها عام 192 مسجد الشيوخ، وتلاه عاما بعد ذلك مسجد الشرفاء،على الضفة اليسرى لواد فاس، والذي أصبح به ضريحه وقد عرف ضريحا مولاي ادريس الاكبر ومولاي ادريس الازهر تعديلات عديدة وترميمات وتوسيعات،وخاصة خلال حكم المرينيين والوطاسيين والسعديين والعلويين. لكن التحولات الأكثر أهمية لضريح مولاي ادريس الازهر لم تحصل قبل حكم السلطان المولى إسماعيل الذي توفي سنة 1140 هجرية فقد جهز البنايةَ بالقبة الكبيرة الهرمية الشكل والخضراء اللون،التي تحتضنُ القبرَ الإدريسي، المغطى بقبة من الخشب المنحوت،والمرصع بترصيعات نحاسية وذهبية،وزَيَّنَ الصحن بنافورة بديعة.كما شُيدتْ مئذنةٌ كبيرةٌ وجميلة متعددة الألوان، تُعدُّ أعلى مئذنة في المدينة العتيقة بأكملها.وقد أولى فيما بعد السلطان،المولى عبد الرحمان، عناية خاصة بالضريح،وبنى به المسجدَ الجديد سنة 1240 هجرية،كما قام بأغلبية الترميمات ،الملك الراحل محمد الخامس، سنة 1956 ميلادية.واخر ترميم للضريح قام به جلالة الملك محمد السادس حفظه الله سنة 2014م .
اما الصومعة الموجودة بمسجد مولاي ادريس الاكبر فهي معلمة تاريخية وهي الوحيدة بافريقيا التي تمتاز بشكلها الاسطواني الفريد والمزركش بايات قرءانية بخط عربي جميل . توفى المولى ادريس الازهر فجأة في 10جمادى الآخر سنة 213 هجرية و ذكر ابن ابي زَرْع في كتابه القُرطاس أن سبب موته هو أنه شَرَق بحبة عنب، أما البكري وابن عُذاري المراكشي فذكرا أنه مات مسموما. بل إن ابن الأبار يؤكد أن والي أفريقية المسمى زيادة الله بن الأغلب احتال عليه فاغتاله .كان سن مولاي إدريس عند وفاته ستة وثلاثين سنة. وترك اثنى عشرة ولدا،تولى منهم محمد ففرق البلاد على إخوته .
ولا يفوتنا الكلام على راشد الأوربي الذي ابلى بلاء حسنا في قيام الدولة الادريسية فساعد المولى ادريس الاكبر في الهروب من جبروت العباسيين واقتفى اثر الشماخ بُغية اخذ ثأر مولاي ادريس ،وقطع يده واستطاع الشماخ الهروب من بطشه ،وقام برعاية وتعليم المولى ادريس الازهر، القرءان والفقه وفنون الحرب.توفى رحمه الله شهيدا سنة 188هـ ودفن قريبا من ضريح عميد اولياء المغرب المولى ادريس الاكبر. فتولى حينئذ مهمة الوصاية أبو خالد يزيد بن إلياس العبدي. فسارع بأخذ البيعة من جميع قبائل الأمازيغ في 1 ربيع الأول سنة 188 لإدريس بن ادريس وهو ابن إحدى عشرة سنة وخمسة أشهر. وقد اعتمدنا أشهر الروايات في ذكر التواريخ الواردة بهذا الموضوع لأن هنالك اختلافات بين المصادر.وصلى الله على سيدنا محمد نبي الله ،وعلى الزهراء بَضعة رسول الله ،وعلى اله وصحبه.