من اسرار عيد الأضحى

من اسرار عيد الأضحى

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الانبياء والمرسلين

عيد الأضحى مع عيد الفطر يشكلان العيدين الرئيسيين عند المسلمين ، يوافق عيد الاضحى يوم 10 ذي الحجة من كل سنة والعشرة لها الكمال( تلك عشرة كاملة) وقبله وقفة يوم عرفة،والتي هي أهم مناسك الحج،”الحج عرفات”(الحديث) وينتهي يوم 13 من ذي الحجة. وعيد الاضحى هو تخليد لذكرى  تضحية سيدنا إسماعيل وتلبيته لأمر الله بالذبح لذلك يقوم العديد من المسلمين بالتقرب إلى الله في هذا اليوم بأحد الأنعام ،ومن هنا جاء اسمه عيد الأضحى. يلحق بالأضحى أيام التشريق الثلاثة، فتصبح مدته أربعة أيام،على عكس عيد الفطر الذي مدته يوم واحد.

 روى أبو داود والترمذي في سننه أن النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قَدِمَ المدينةَ ولَهُمْ يومَانِ يلعبُونَ فيهِمَا «فقال رسول الله: “قدْ أبدلَكم اللهُ تعالَى بِهِمَا خيرًا مِنْهُمَا يومَ الفطرِ ويومَ الأَضْحَى”»و روى الترمذي في سننه «أن رسول الله  قال: “يومُ عرفةَ ويومُ النحرِ وأيامُ التشريقِ عيدنا أهلَ الإسلامِ، وهيّ أيامُ أكلٍ وشربٍ”»

ولهذا فإن جمهور العلماء يمنعون صيام هذه الأيام تطوعا أو قضاء أو نذرا،ويرون بطلان الصوم للحاج اذا وقع في هذه الأيام. 

وسيدنا اسماعيل عليه السلام شرف بمسألتين الاولى مشاركته في بناء الكعبة قال تعالى”وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ”

والثانية تشريفه بكونه المرشح للذبح وهذا التشريف هو لوجود سر النبوة في صلبه والقربان أي الكبش العظيم الذي نزل به جبريل من السماء هو لفدية حقيقة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم التي ظهرت في الصورة الاسماعلية(وتقلبك في الساجدين) ،وتكررت المسالة مرة ثانية مع والده صلى الله عليه وسلم عبد الله ابن عبد المطلب وفدي بمائة من الابل

قال صلى الله عليه وسلم” انا ابن الذبيحين” ولا احدهما ذبح

فالفدية الاولى ملكوتية اتى بها جبريل ووصفت بالعظمة ومن عظمه العظيم فهو فعلا عظيم .

فداه اهل الملك وأهل الملكوت لأنه مرسل رحمة لهم والكل يجتاجه

قال تعالى”وتقلبك في الساجدين” سواء من اهل الملك اواهل الملكوت

فهو المتقلب بهم فيهم ، قال تعالى “واذكر في الكتاب اسماعيل” فلولا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ماذكراحد من الانبياء

اما هو صلى الله عليه وسلم فقال تعالى في حقه “ورفعنا لك ذكرك”

فشريعة ،نحن نحيي ذكرى فداء سيدنا ابراهيم ابنه اسماعيل، أما حقيقة فنحن نتقرب الى الله، ونشكره بأن بعث هذه النبي العظيمة بين أظهرنا نحن المسلمين والحمد لله.

قال تعالى “وفديناه بذبح عظيم وتركنا عليه في الاخرين سلام على ابراهيم انا كذلك نجزي المحسنين وباركنا عليه وعلى اسحاق”

السلام على سيدنا ابراهيم وارد بالقرءان وكذلك على عدة انبياء اخرين

اما الصلاة على ابراهيم عليه السلام،فلم ترد انما ظهر مقتضاها ،ومن مقتضاها عيد الاضحى

والذي يتكرر التجلي الخاص به كل سنة وهي من صلاة الله على ابراهيم كما ورد في الصلاة الابراهيمية “كما صليت على ابراهيم” فأداة ‘ كما’ في هذه الحالة تربط التجلي الوارد في زمن سيدنا ابراهيم مع التجلي المتعلق بزمان النبوة،وكل الازمنة النبوة حاضرة بها.

قال تعالى”وباركنا عليه وعلى اسحاق”ولم يرد ذكر اسماعيل عند ذكر البركة لأن البركة بعينها في صلبه ومنه انتقلت.

قال صلى الله عليه وسلم: ألا إن لربكم في أيام دهركم لنفحات ألا فتعرضوا لها “وعيد الاضحى نفحة من النّفحات الربانيّة، التي امتن بها الله تعالى على الأمّة الاسلامية وفيه تترقى مقامات السالكين الى الله .

وعليه فإنّ كل مايظهره المحبون من تعلّق بالجناب المحمدي في المناسبات كيوم مولده،من فرح بالحبيب، فهو من قبيل الإحياء للأعياد،والتّعرض للنّفحات.

وأسمى النّفحات، تكون في مشاهدة الحبيب .

قال تعالى” قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون”

فسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم هو فضل الله ورحمته وهو خيرمما نجمع سواء كان جمعنا للمال او للأغيار او للاسرار.

فهو خيرمن كل ذلك.

فَرَحُنا بالله لأنه هو المنعم الحقيقي،وفرحنا بسيدنا محمد رسول الله لأنه الواسطة في كل انعام “الله المعطي وانما انا قاسم”ومن قسم لك فقد اعطاك.

فاذبحوا وافرحوا واحتفلوا بالعيد وبصاحب العيد الذي جاء الذبح العظيم فداء له(النّبي أولى بالمومنين من أنفسهم)

” لايؤمن أحكم حتّى يكون هواه تبعا لما جئت به  .

لايؤمن أحدكم حتّى أكون أحبّ إليه من ولده ووالده والنّاس أجمعين.

كلُّ قَيسٍ لهُ بِليلاهُ عِيدُ = وكل ايامنا بالحبيب عيدٌ  

ولنعتز اننا من امته ولنفرح برحمته وشفاعته، لا بأعمالنا وأحوالنا، فهوعيدنا الحقيقي .

جاء في السير: “دخل رجل على سيّدنا علي يوم العيد، فوجده يأكل خبزًا جافًّا وزيتًا، فقال: “أمير المؤمنين وخبز جاف يوم العيد؟ “

فردّ سيّدنا علي  قائلًا له: (يا هذا ليس العيد لمن لبس الجديد وأكل الثريد، ولكن العيد لمن قبل منه بالأمس صيامه، وقبل منه قيامه،وغفر له ذنبه،وشكر له سعيه، فهذا هو العيد واليوم لنا عيد وغدًا لنا عيد وكل يوم لا نعصي الله (عز وجل) فيه فهو عيد.” 

يقول ابن عجيبة رحمه الله: أهل القلوب من العارفين، الأوقاتُ كلها عندهم ليلة القدر،والأماكن عندهم كلها عرفات،والأيام كلها جمعات،لأنّ المقصود من تعظيم الزمان والمكان هو باعتبار ما يقع فيه من التقريب والكشف والعيان،والأوقات والأماكن عند العارفين كلها سواء في هذا المعنى، كما قال شاعرهم:

لولا شهود جمالكم في ذاتي=ما كنت أرضى ساعة بحياتي

ما ليلةُ القدر المعظَّم شأنها=إلاَّ إذا عمرَتْ بكم أوقاتي

إنَّ المحب إذا تمكّن في الهوى=والحب لم يحتج إلى ميقات

  وقال آخر:

وكل الليالي ليلةُ القدر إن بدا= كما كلُّ أيام اللقا يومُ جمعةِ

وسعيٌ له حجٌّ، به كلُّ وقفةٍ=على بابه قد عادلت ألف وقفةِ

  ويقول الإمام محمد ابن الصباغ الأندلسي رحمه الله :

فيا جملة العشاق أين ولوعكم= فنشوتكم في حبه ما بها بأس

ألا فاطربوا أنساً بذكر محمد= فقد لاحت الأنوار وارتفع اللبس

 فكلّ له عُرسٌ بذكر حبيبه=ونحن بذكر الهاشمي لنا عرس

  وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا ومولانا محمد وعلى اله وصحبه

حصل المقال على : 1٬345 مشاهدة
هل أعجبك الموضوع؟ يمكنك مشاركته على منصتك المفضلة

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد