عندما يصل العارف الى هذا المقام لا يرى غير وجه الله المشهود في ذرات الوجود (فأينما تولوا فثم وجه الله)ووجه الله على التفصيل هو الاسم الالهي المتجلى به والحضرة المحمدية المرافقة له ،وفي حقيقة الامر بالاصطحاب أصبح كل اسم الهي صورة وحقيقة، هو محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأن الاصطحاب يجعل ما في الذات (أ) في الذات (ب) ،وما في ذات (ب) في الذات (أ) . فباصطحاب محمد مع أحمد،أصبح محمد هو احمد ،وأحمد هو محمد ؟. فعلى الإجمال وجه الله حقيقة هوالحقيقة المحمدية..لأنها ظاهرة بنفسها،ظاهرة بالفيضة القرءانية،و ظاهرة بالأسماء الالهية. فعندما تصل الى هذا المقام وتنظر ببصيرتك ،ترى الوجود كله منطبع
في مراة الحقيقة المحمدية”فأينما تولوا فثم وجه الله”.واذا نظر الإنسان في مرآة ،ولم يكن سبق له وأن رآى مرآة ،قط في حياته،يستغرب ويتعجب،وتخونه العبارة للتعبير عن ما رآى ويظن،أن صورته المتجلية في المرآة متحدة بها،وهذا هو ماحصل للحلاج رحمه الله تعالى ،نظر في مراة الحقيقة المحمدية، فرآها بها ،فظنها هو،وأنه هوالمنطبع فيها، الظاهربها ،فأصابه سكر وفناء ،بمشاهدة هذه الخمرة الازلية،الموجودة قبل خلق الكرم فقال شهيد التصوف :
أنا من أهوى ومن أهوى أنا = نحن روحان حللنا جسدا
حلا جسد مراة المظاهر الكونية، والتي هي الحقيقة المحمدية. والمشاهدة للعارف لا تدوم ،الا كلمح البصر،ويردَُه سلطان الشريعة،إلى حسه وإحساسه ،وفاق من سكره فقال :
عجبتُ منك و منـّي=يا مُنْيَة المُتـَمَنّـِي
أدنيتـَني منك حتى= ظننتُ أنـّك أنـّي
وغبتُ في الوجد حتّى=أفنيتنـَي بك عنِّي
أفنيتني بك عني حتى ظننت أنك أني… مجرد ظن،وبعض الظن إثم،ولكن ليس في حق الحلاج الذي يقول عنه ابن عربي: الحلاج لا يصح للاحتجاج.
ورد في اخبار الحلاج ص 28 قوله : من ظن أن الألوهية تمتزج بالبشرية والبشرية بالألوهية فقد كفر فإن الله تعالى تفرد بذاته وصفاته عن ذوات الخلق وصفاتهم لا يشبههم بوجه من الوجوه ولا يشبهونه. وهذا هو حال الشطاحين، يخرج الكلام على لسانهم دون شعور أو وعي، لغلبة الحال وكلام العشاق يطوى ولايروى
وكان الحلاج وأبو يزيد البسطامي من أكبر الشطاحين وربما تجاوز البسطامي الحلاج في شطحاته