الاهداء
الى شيخي العارف بالله وبنبيه مولاي عبد السلام الوهراني المشيشي رحمه الله تعالى وأسكنه فسيح جناته.
الــــمقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا ومولانا محمد سيد الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحابته أجمعين.
ألا وإن من السعادة أن نعيش مع كتاب الله الكريم، نتلوه ، ونرتله، ونتدبره، ونتأمل بلاغته وفصاحته، ونتمعن في عجيب رسمه، وبديع نظمه.
بعض الناس لم يفقهوا ما في الرسم القرءاني من معاني و أسرار عجيبة ، بل بلغ الجهل ببعضهم أن طعن فيه، وظن أن الصحابة رضوان الله عليهم اصطلحوا على ذلك، في كتابتهم للمصحف،وهذا الاعتقاد فاسد، ومرفوض. الرسم القرءاني توقيفي:أولا بإقرار رسول الله بهذا الرسم والوحي ينزل، ولو وقع فيه ما ذكروا لنزل الوحي مبينا الكلمة كما نزلت قال تعالى(إنا نحن نزلنا الذكروإنا له لحافظون) فالحق تعالى تكلف بحفظه،وحفظه دليل على أن الرسم القرءاني توقيفي . ثانيا : الصحابة نقلوا لنا القرءان والأحاديث النبوية فكيف نقتدي بهم فى كل ذلك ولا نشك في مصداقيتهم،وفي الرسم القرءاني ،نقول أنهم اصطلحوا عليه، ونحن نعلم أنه يستحيل أن يتجرأ أحد من الصحابة الكرام ،ويضيف في كتاب الله العظيم حرفا أويحذف حرفا لم يسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال الفرماوي:ومن دلائل التوقيفية،أن الكلمة من القرءان قد تكتب في مواضع برسم،وفي موضع اخر برسم ،مع أنها هي هي، فلوكان الرسم بالاصطلاح لما وقع هذا التخالف،وباتباع ارشادات الوحي كانت هذه الاختلافات، انتهى.
يقول صاحب مناهل العرفان في علوم القرآن (1/ 383):وأما قول من قال إن الصحابة اصطلحوا على أمرالرسم المذكور فلا يخفى ما في كلامه من البطلان؛ لأن القرآن كتب في زمان النبي وبين يديه،وحينئذ فلا يخلوا ما اصطلح عليه الصحابة، إما أن يكون هو عين الهيئة أوغيرها، فإن كان عينها بطل الاصطلاح؛ لأن سبقية النبي تنافي في ذلك وتوجب الاتباع،وإن كان غيرذلك فكيف يكون النبي كتب على هيئة، كهيئة الرسم القياسي مثلا،والصحابة خالفوا وكتبوا على هيئة أخرى فلا يصح ذلك لوجهين:أحدهما:نسبة الصحابة إلى المخالفة،وذلك محال ثانيهما أن سائر الأمة من الصحابة وغيرهم،أجمعوا على أنه لا يجوز زيادة حرف في القرآن ولا نقصان حرف منه،وما بين الدفتين كلام الله عزوجل؛فإذا كان النبي أثبت ألف الرحمن والعالمين مثلا،ولم يزد الألف في (مِائَةَ) ولاالياء في(بأييد)ونحو ذلك،والصحابة عاكسوه في ذلك وخالفوه لزم أنهم (وحاشاهم من ذلك) تصرفوا في القرآن بالزيادة والنقصان،ووقعوا فيما أجمعوا،هم وغيرهم على ما لا يحل لأحد فعله،ولزم تطرق الشك إلى جميع ما بين الدفتين،لأنا مهما جوزنا أن تكون فيه حروف ناقصة،أو زائدة،على ما في علم النبي ،وعلى ما عنده،وأنها ليست بوحي،ولامن عند الله،ولا نعلمها بعينها، شككنا في الجميع،ولئن جوزنا للصحابي أن يزيد في كتابته حرفا ليس بوحي،لزمنا أن نجوز لصحابي آخرنقصان حرف من الوحي إذ لا فرق بينهما،وحينئذ تنحل عروة الإسلام بالكلية. القرءان كلام الله،و كلام الله غير مقيد لابالزمان ولا بالمكان،فكل آية قرءانية،وكل كلمة قرءانية،بل كل حرف،إلا ووراءه أسرار بالغة يجب البحث والتنقيب عنها. فإن كان ظاهرالقرءان حُكم ،فالرسم القرءاني كله حِكمة وأسرار،لا تنكشف إلا بالفتح الرباني ،ويرمز إلى معاني لاتستطيع اللغة العربية حملها فخالفها كتابة. إن الحروف التي يحدث فيها الحذف والزيادة،هي حروف العلة (و-ا- ي) أي السبب إشارة إلى علة في هذه الكلمات التي حذف أوزيد فيها حرف من هذه الحروف. كما أن الرسم القرءاني يفتح الباب للقرءات، فكتابة(مالك يوم الدين) بألف ثابتة يسقط القراءة ب( ملك يوم الدين)وهي متواثرة .
أمثلة عن الرسم القرءاني :
1- كل امرأة أضيفت الى زوجها تكتب بتاء مفتوحة ، وإلا تكتب بتاء مربوطة فتأمل هذا السر ولم يحك لنا أحد أن هذا وقع اتفاقا بين الصحابة .
2-في سورة النبأ (وَكَذَّبُواْ بَِٔايَٰتِنَا كِذَّابٗا )بعدها وفي نفس السورة(لَّا يَسۡمَعُونَ فِيهَا لَغۡوٗا وَلَا كِذَّٰبٗا)فكلمة كذابا رسمت في الأولى بإثبات الالف ،وفي الثانية بحذف الألف فلو كان الصحابة يكتبون من عند أنفسهم لكتبوا الجميع بالألف لكن هناك سر.
3- لماذا جاءت (بسم) بدون ألف حينما نسبت إلى لفظ الجلالة (الله) وجاءت برسمها المعتاد (باسم) حين نسبت إلى الربوبية. 4-لماذا جاءت (رءى) في القرآن الكريم كلّه، ماعدا موضعين اثنين فقط جاءت برسم (رأى).
5-لماذا جاءت (تشاء) برسمها المعتاد في جميع القرآن الكريم، ماعدا واحدة فقط جاءت برسم مختلف (نشؤا). 6- لماذا جاءت كلمة (تسطع) مرة واحدة ناقصة حرف التاء،وفي أماكن أخرى جاءت بشكل مختلف،وكلمة “لشائ” في سورة الكهف بزيادة ألف.
7- وكيف نهتدي إلى سر زيادة الالف في (آمنوا)وإسقاطها من( باءو)(وفاءو) بالبقرة و(جاءو) في سورتي يوسف والنمل،و(تبوءو)في سورة الحشر،وإلى سر زيادتها في(أَوْيَعْفُوَا الَّذِي)ونقصانها من أن(يعفوعنهم) في النساء، أم كيف تبلغ العقول إلى وجه حذف بعض أحرف من كلمات متشابهة دون بعض، كحذف الألف من(قرءنا)في يوسف(إِنَّآ أَنزَلۡنَٰهُ قُرۡءَٰنًا عَرَبِيّٗا)والزخرف(إِنَّا جَعَلۡنَٰهُ قُرۡءَٰنًا عَرَبِيّٗا) وإثباتها في سائر المواضع؛وإثبات الألف بعد واو(سماوات) في فصلت وحذفها من غيرها،وإثبات الألف في(الميعاد)مطلقا وحذفها من الموضع الذي في الأنفال، وكيف نتوصل إلى فتح بعض التاءات وربطها في بعض الايات.وزيادة ألف بعد الجيم في(جايء يومئذ بجهنم)،وزيادة الياء قبل النون في (أفاين مات) ،وكتابة (واخشوني) بالياء في البقرة وحذفها في المائدة.
ولعل ما يستحسن ذكره في هذا المقام ما ذكره العارف بالله الشيخ عبد العزيز الدباغ(ت 1131هـ)والذي يعتبرأول من صرح بإعجازالرسم القرءاني.يقول فيما نقله عنه تلميذه احمد بن المبارك ما نصه:ما للصحابة ولالغيرهم في رسم القرءآن ولا شعرة واحدة،وإنما هو توقيف من النبي،وهوالذي أمرهم أن يكتبوه على الهيئة المعروفة بزيادة الألف ونقصانها؛لأسرارلا تهتدي إليها العقول وما كانت العرب في جاهليتها ولا أهل الايمان من سائرالأمم في أديانهم يعرفون ذلك،ولا يهتدون بعقولهم الى شئ منه،وهو سر من الأسرار خص الله به كتابه العزيز دون سائر الكتب السماوية.فلا يوجد شبه ذلك الرسم لا في التوراة ولا في الإنجيل،وكما أن نظم القرءآن معجز،فرسمه أيضا معجز.وكيف تهتدي العقول إلى سر زيادة الألف في (مائة)دون(فئة)وإلى سرزيادة الياء في(والسماء بنيناها بأييد)أم كيف تتوصل إلى سر زيادة الألف في سورة الحج(والذين سعوا في ءايتنا معاجزين اولئك اصحاب الجحيم)ونقصانها في سبإ(والذين سعو في ءايتنا معاجزين اولئك لهم عذاب من رجزأليم)وإلى سر زيادتهافي(عتوا)حيث كان،ونقصانها من(وعتو عتوا كبيرا) في الفرقان…الى غيرذلك،فكل ذلك لأسرارإلهية،وأغراض نبوية، وإنما خفيت عن الناس لأنها أسرارباطنية،لاتدرك إلا بالفتح الرباني،فهي بمنزلة الألفاظ والحروف المقطعة التي في أوائل السوو،فلها أسراراعظيمة،ومعاني كثيرة،وأكثر الناس لا يهتدون إلى أسرارها،ولايدركون شيئامن المعاني التي أشيرإليها،حتى ظن جماعة من الناس أنها أسماء للسور،وظنت جماعة آخرى أنها اشيربها الى أعداد معلومة،وظنت جماعة اخرى،أنها من الحروف المهملة التي ليس وراءها معان،وكلهم حجبوا الاطلاع على المعاني الباهرة العجيبة ،التي فيها فكذلك أمر الرسم الذي في القرآن حرفا حرفا.انتهى.
ووقع مثل هذا الخلاف في شأن الترادف،فهناك من قال به ،واخرون وهم على حق نفوا وجود الترادف في القرءان ،فالفروق الدقيقة ،والتشابه في الدلالات والتقارب في المعاني كان واضحا عند العرب القدامى،ومع مرور الزمن أصبح الناس يستعملونها بمعنى واحد،غير مكترثين بما بينها من فروق ،تُغَيِّر المعنى
فالقرءان الكريم يختار الكلمة التي لا تقوم مقامها كلمة اخرى،ولايمكن ان تُستبدل بكلمة اخرى،ولعل خيردليل على ذلك،انقلاب عصا موسى مرة حية،ومرة ثعبانا، واخرى جاناً.وانظر الى لفظتي(اللهو واللعب)كيف يتواردان في سياق فني إعجازي مقصود،مرة تتقدم هاته ومرة الاخرى.فمعاني ألفاظ القرءان معان
حية،لأنها كلام الحي الذي لايموت،لايعتريها الجمود،ولايحده الحصر،ولا تخلق على كثرة الرد.فظاهرة الترادف تستبعد من التعبير القرءاني،كما يستبعد القائل باصطلاحية الرسم القرءاني.
وفي دقة المفردة القرءانية ،يقول د فاضل السامرائي:إن التعبير القرءاني تعبير فني مقصود،كل لفظة بل كل حرف فيه،وُضع وضعا فنيا مقصودا، ولم تراع في هذا الوضع الآية وحدها،ولا السورة وحدها، بل رُوعي في هذا الوضع التعبير القرءاني كله،ومما يدل على ذلك الإحصاءات التي أظهرتها الدراسات الحديثة، والتي بينت بوضوح أن القرءان الكريم، إنما حسب لكل حرف فيه حسابه،وأنه لايمكن أن يزاد فيه،أويحذف منه حرف انتهى(كتاب التعبير القرءاني).
هناك اللغة العربية،وهناك لغة القرءان.القرءان ظاهرة لغوية معجزة خاصة
يتنزه عن امكانية تبديل كلماته،أوإضافة حرف أوحذفه دون أن يقع خلل بالمعنى فلكل كلمة وظيفتها الظاهرة والباطنة،وكل حرف كذلك. قال تعالى (أنزله بعلمه) وقال(سبحان الذي بيده ملكوت كل شيء)والحرف شيء،له ملكه وملكوته وبالتالي فلايمكن أن يضاف للقرءان حرف،أوأن يحذف منه حرف يغير ملكه وملكوته،وملكه هو الحُكم الظاهر،وملكوته هو الحِكمة الباطنة،والتجلي الالهي القائم عليه،فافهم،ولا تكن من الجاهلين.فأسلوب القرءان لاتجاريه فيه اللغة،ولم تستطيع قريش أن تاتي بمثله وقد نزل بلغتها واللغة بالنسبة لهم فطرية يرضعونها مع ألبان أمهاتهم،فما بالنا نحن،واللغة العربية بالنسبة لنا تعليمية.
فالحق تعالى مطلق،لا يوصف بحد يُنتهى إليه في جماله،وجلاله،وكماله، فكذلك كلامه سبحانه وتعالى لانهاية لمعانيه،إنما يفهم كلٌ واحد بمقدار ما يفتح الله عليه. فالرسم القرءاني توقيفي بأمر من رسول الله صلى الله عليه وسلم والأدلة على ذلك كثيرة والحمد لله فما يزال طلاب المدارس القرءانية بالمغرب يكتبون القرءان في الالواح بالرسم العثماني،وقد امتدح ابن خلدون وأثنى على المغاربة في مقدمته فقال : فأما أهل المغرب فمذهبهم في الولدان الاقتصارعلى تعليم القرءان فقط وأخذهم أثناء المدارسة بالرسم ومسائله….فهم لذلك أقوم على رسم القرءان وحفظه ممن سواهم .انتهى .وهذا نابع من اعتقادهم أن الحافظ لكتاب الله لا يسمى حافظا حتى يتقن الرسم القرءاني وضبطه.أماغيرهم فأهملوا الرسم العثماني لأنهم يحفظون القرءان من المصحف،فصار الرسم عندهم مقصوراعلى لجان تصحيح المصاحف،وعلى أصحاب المطابع . قال تعالى(انه لقرءان كريم)فوصف القرءان بالكريم،والكريم لا يرد سائله،ومن يقف سائلا ببابه، فكذلك القرءان من أكثر من تلاوته،ومن تدبره ،ومن ذكر الله والصلاة على حبيبه،وبحث عمن يشد بيده أخذ من كنوزه بقدر صدق توجهه .قال سيدنا علي كرم الله وجهه : اَمَا اِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: سَتَكُونُ فِتَنٌ قُلْتُ وَمَا الْمَخْرَجُ مِنْهَا قَالَ كِتَابُ اللَّهِ كِتَابُ اللَّهِ فِيهِ نَبَاُ مَا قَبْلَكُمْ وَخَبَرُمَا بَعْدَكُمْ وَحُكْمُ مَا بَيْنَكُمْ هُوَ الْفَصْلُ لَيْسَ بِالْهَزْلِ هُوَالَّذِي مَنْ تَرَكَهُ مِنْ جَبَّارٍ قَصَمَهُ اللَّهُ وَمَنْ ابْتَغَى الْهُدَى فِي غَيْرِهِ اَضَلَّهُ اللَّهُ فَهُوَ حَبْلُ اللَّهِ الْمَتِينُ وَهُوَالذِّكْرُ الْحَكِيمُ وَهُوَ الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ وَهُوَ الَّذِي لَاتَزِيغُ بِهِ الْاَهْوَاءُ وَلَا تَلْتَبِسُ بِهِ الْاَلْسِنَةُ وَلَا يَشْبَعُ مِنْهُ الْعُلَمَاءُ وَلَايَخْلَقُ عَنْ كَثْرَةِ الرَّدِّ وَلَا تَنْقَضِي عَجَائِبُهُ وَهُوَ الَّذِي لَمْ يَنْتَهِ الْجِنُّ اِذْ سَمِعَتْهُ اَنْ قَالُوا اِنَّا سَمِعْنَا قُرْانًاعَجَبًا هُوَالَّذِي مَنْ قَالَ بِهِ صَدَقَ وَمَنْ حَكَمَ بِهِ عَدَلَ وَمَنْ عَمِلَ بِهِ اُجِرَ وَمَنْ دَعَا اِلَيْهِ هُدِيَ اِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ .اهـ.
اطلاقية القرءان
روى أبو داود في الزهد:قال حدثنا موسى بن إسماعيل، قال:حدثنا وهيب، قال: حدثنا أيوب عن أبي قلابة،عن أبي الدرداء، قال:” إنك لن تفقه كل الفقه حتى ترى للقرءآن وجوها كثيرة. وفي شرح السنة للإمام البغوي:”باب من قال في القرءآن بغيرعلم” قوله “قال حماد: قلت لأيوب: ما معنى قول أبي الدرداء:لا تفقه كل الفقه حتى ترى للقرآن وجوها كثيرة ؟ فجعل يفكر.فقلت: هو أن ترى له وجوها، فتهاب الإقدام عليه؟ فقال:هو ذاك،هو ذاك”. وفي النهاية للعلامة ابن الأثير: “لا تفقه حتى ترى للقرءآن وجوها” أي: ترى له معاني يحتملها؛فتهاب الإقدام عليه.فمقولة أبي الدرداء معناها واضح،وتدعو لاعتباروجوه كثيرة للآية الواحدة،أي لابد أن يرى فى المعنى وجوها عدة،يجب تمحيصها والتفاضل بينها لاختيارأقربها للصواب. ولكن ما مقياس الترجيح بين الوجوه ؟هل هى اللغة،هل السياق القرءاني،أم سبب النزول،هل قول أحد المفسرين به،هل الفتح…؟بعض الاخوان ان قلت له تفسير اية من كتاب الله يقول لك من قال هذا.إن لم تقل له ابن عطية أو القرطبي أوغيرهما يرده ولا يعيره أي اهتمام ،تقليد أعمى،وإتباع ضال. فهل أغلقت الأبواب أمام استنباطات جديدة غير التى ذكرها المفسرين القدامى ؟
عن ابن مسعود قال قال رسول الله أنزل القرآن على سبعة أحرف لكل آية منها ظهر وبطن ولكل حد مطلع)رواه بن حبان والطبراني وغيرهما) أما شرحه فقد نقل الشيخ شعيب الأرنؤوط في تحقيقه لكتاب صحيح ابن حبان بترتيب ابن لبان ما نصه:وقد فسر الطبري رحمه الله الجملة الأخيرة فقال: فظهره: الظاهر في التلاوة، وبطنه:ما بطن من تأويله.وعلق عليه الشيخ محمود شاكر،فقال: الظاهرهو ماتعرفه العرب من كلامها،وما لايعذرأحد بجهالته من حلال وحرام. والباطن هو التفسير الذي يعلمه العلماء بالاستنباط والفقه، انتهى.
وحكى ابن النقيب قولا آخرهو إن ظهرها ما ظهرمن معانيها لأهل العلم بالظاهر، وبطنها ما تضمنته من الأسرار التي أطلع الله عليها أرباب الحقائق. وما يؤيد هذا، ما أخرجه ابن أبي حاتم من طريق الضحاك عن ابن عباس قال:إن القرءآن ذو شجون وفنون وظهوروبطون ،لا تنقضي عجائبه ولا تبلغ غايته فمن أوغل فيه برفق نجا،ومن أوغل فيه بعنف هوى.أخباروأمثال،حلال وحرام،ناسخ ومنسوخ محكم ومتشابه،وظهر وبطن ،فظهره التلاوة ،وبطنه التأويل ،فجالسوا به العلماء وجانبوا به السفهاء.
فالقرءان كلام الله وليس مِلْكاً لأحد،والكلام صفة المتكلم،والحق مطلق،غيرمقيد،لا بالزمان ولا بالمكان فكلامه مطلق( قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل ان تنفد كلمات ربي ولوجئنا بمثله مدادا)نزل به الروح الامين والروح مطلق على سيدنا محمد (قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين)(هوالنورالمذكوروالكتاب هوالقرءان)والنور مطلق فأين التقييد؟ نزل بدون نقط وهذا اطلاق،رسمه اطلاق، الحروف المقطعة في أوائل بعض السورهي اطلاق،فإن لم يكن لها باطن فظاهرها لايفيد شيئا،عدم مشابهته لغيره من الكتب ،أي ليس له مقدمة ولا أبواب ولا يتقيد بتسلسل ما،ولم يقدرأحد ان يجد فيه اختلافا ،كل هذا دال على اطلاقيته.عجائبه لا تنقضي فبعض الايات القرءانية تبدو،وكأن لا رابط بينها،ولكن هناك رابط باطني، رابط التجليات الإلهية،تربطها فيما بينها، كقوله تعالى(حَٰفِظُواعَلَى ٱلصَّلَوَٰتِ وَٱلصَّلَوٰةِ ٱلۡوُسۡطَىٰ وَقُومُواْلِلَّهِ قَٰنِتِينَ)قبلها وبعدها ورد الكلام على أحكام الطلاق . فترتيب الايات في القرءان الكريم توقيفي.أما الانسان فمقيد بطبعه لأنه تحت سيطرة تجليات الاسماء الإلهية ومقتضياتها،مقيد بقالبه (لايستطيع الطيران مثلا، ولايرى ماخلفه) مقيد بالجهات الستة،مقيد بحواسه، بعقله،(والعقل من العقال أي التقييد)وبهذا فلا يستطع إدراك اطلاقية القرءان،فلا يدرك المطلق الا المطلق، وسيدنا محمد من حيث وجهته الحقية النبوية مطلق،لأنها نور”كنت نبيا وادم بين الماء والطين”يعني انه في تلك “الكينونة الأزلية” لم يكن لامن ماء ولا من طين،قال “إني لست كهيئتكم”فلاهيئة له تقييده،إنماظهرالخليفة،على صورة الخليقة،لكي يُبلغ رسالات ربه،ولكي لايعبد من دون الله،ليس له ظل،يرى من خلف كما من أمام،إذا مشى مع القوم كان أطولهم….والقرءان صفته (كان خلقه القرءان كما قالت الصديقة عائشة رضي الله عنها) والصفة ملازمة للموصوف. فنبوته ورسالته تتصفان بالإطلاقية،لأنهما من بساط الالوهية (قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين)عند”نزولهما”إلى عالم الظهوراختلفت الأمور. فكلام الله الأزلي وحروف اللغة ليست أزلية،ولايمكنها أن تساير حقائق الألوهية، فاللغة العربية محدثة ويُسِّرَالقرءان بها(إِنَّآ أَنزَلۡنَٰهُ قُرۡءَٰنًا عَرَبِيّٗا لَّعَلَّكُمۡ تَعۡقِلُونَ)(إِنَّا جَعَلۡنَٰهُ قُرۡءَٰنًا عَرَبِيّٗا لَّعَلَّكُمۡ تَعۡقِلُونَ)بالجعل،فتأمل،فلم يكن عربيا إنما جعل عربيا،وأنزل عربيا(لعلكم تعقلون)ولم يقل تعالى لعلكم تومنون، فكم من مومن حويصلته لن تستوعب هذا الكلام (وكيف تصبرعلى مالم تحط به خُبرا) بضم الخاء أما الخَبرفهو في متناول الجميع.قال تعالى(فإنما يسرناه بلسانك)(كتاب احكمت اياته ثم فصلت):فباللغة العربية يُسِّرَ. لم يكن مُنقطا،والتنقيط قيده (ولو بقي بغير تنقيط لما استطعنا قراءته)ولكي يخرج من اغلال هذا التقييد جاء بشئ فريد: الرسم القرءاني، القراءات (انظر الى العظام كيف ننشرها)(انظر الى العظام كيف ننشزها…) الإمالة،اختلاف الضمائر(حتى اذا كــنتم في الفلك وجرين بهم)،التكرار(في الظاهر)،والنزول على سبعة أحرف، مخالفة اللغة بشكل خاص…والحروف المقطعة في أوائل السور،الإنتقال من الماضي الى المضارع،ومن المضارع للأمر،ومن الجمع الى المفرد…فالرسالة مقيدة بالأحكام مطلقة بالحِكَم.والحذف يعني أن هناك قراءة اخرى للكلمة(ان الله يُدافع عن الذين ءامنوا)(ان الله يَدفع عن الذين ءامنوا)وإن لم تكن قراءة اخرى مأثورة ،فهناك معنى وراء ذلك فابحث عنه. فمثلا كلمة تراب ذكرت 17 مرة منها ماهو ثابت ومنها ما هو محذوف الألف.ولا كلام لنا عن الذات الإلهية،هي غنية عن العالمين لا تطلب أحد ولايطلبها أحد،لأن كل من طلبها تعلق بها وقيدها،فهي مطلقة اطلاقية لا نعرفها ولاندركها.هي مطلقة حتى عن اطلاقنا،والألوهية قيدت نفسها حين أشارت إلى الهرولة،والضحك،والنزول(انظرالحديث)والمكر(ويمكرون ويمكرالله والله خير الماكرين)والاستهزاء( الله يستهزئ بهم)والكيد…و..وأُطلقت عند قوله تعالى (لا تدركه الابصار)(وليس كمثله شئ)فمن اللازم الأدب مع كلام الله،ولا نَغُوص دون نفس طويل،فنًؤَوِّل كلام الله تأويلات على حسب هوانا،ولهذا السبب احتيج أهل الحقائق إلى من يأخذ بيدهم(هل اتبعك على ان تعلمني مما علمت رشدا). قوله تعالى(ليس كمثله شئ)هذا تنزيه قوله(وهو السميع العليم)هذا تشبيه .قوله تعالى (وما أرسلناك الارحمة للعالمين)إطلاق.ان لله 99 اسما،هذا تقييد بعدد،وفي حديث آخر: اللهم إني أسألك بكل اسم هو لك،سميت به نفسك ،أوأنزلته في كتابك أو علمته أحدا من خلقك،أوإستأثرت به في علم الغيب عندك…(الحديث)هذااطلاق ابليس كلمة مقيدة بالشخص الذي عصى الله،وأبى واستكبر،إن صرفتها الى غيرهذا الوجه، تكون قلت في كلام الله مالايحق،ولكن الحق سبحانه وتعالى عندما أراد اطلاقها،أعطى للإسم صفة : ٱلشَّيۡطَٰنُ (وبالحذف)وقال(فأزلهما ٱلشَّيۡطَٰنُ ) (لأتبعتم ٱلشَّيۡطَٰنُ)اتباع الصفات المذ مومة التي تبعدعن الله. صفات مشتركة (شَّيۡطَٰينَ الانس والجن)كما أن هناك آيات في القرءان تقيد بعضها البعض.قال الله عز وجل(رحمتي وسعت كل شئ)قيدت بما بعدها(فسأكتبها للذين يتقون) وأخرجت إبليس من الرحمة. قال تعالى(لَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّافَرِيقاً مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ وَمَاكَانَ لَهُ عَلَيْهِم مِّن سُلْطَانٍ إِلَّالِنَعْلَمَ مَن يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَمِنْهَا فِي شَكٍّ وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍحَفِيظٌ (سبأ) وإبليس مقربربوبية الله قال(إني أخاف الله رب العالمين).(وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ) فعمم ولا يخفى عليك أن لفظة(كل شئ)تقتضي الإحاطة والعموم،والشئ أنكرالنكرات،وابليس شئ فَدخل تحت حفظ الربوبية،فقد وسع هذا الحفظ ابليس في الدنيا دون الاخرة،لو لم يشمله هذا الحفظ ،لأفنته التجليات الإلهية الجلالية،ولم تتركه شيئا يذكر،ولو لم تشمله هذه الرحمة لما خرج من نسله مسلم موحد لله(وانا منا المسلمون ومنا دون ذلك) . اما الصِفَة “المَلائكيَّة” يُمكِن أن تأتي اسما لِجنس،ويُمكن أن تأتي صِفَة وتَعني الخُلوصيَّة،والطَّهارَة،والنَّقاء وعَدم المَعصيَة،فإبليس هُو مِن الجنِّ جنسا؛وكانَ مِن المَلائِكَة صِفَة؛ فلمَّا أمِربالسُّجود وفسَقَ عَن أمرربِّه نُزعَت مِنه الصِفة وأُبْعد مِن رحمَة الله؛فأصبَح شَيطانا؛والشَّيطان مَأخوذ مِن الشَّطَط وهُوالبُعد من رحمة الله تَعالى؛ولِذا يشترك الإنس مَع الجِن في هذه الصِّفَة،وكذا يُمكِن أن يُشبَّه الإنسان بالمَلائِكة مَجازا إذا خلُصَ ونَقى وتطهَّر مِن الفحشاء . اسماء الانبياء المحذوفة كماهوالشأن في اسم”ابراهيم”حذفت لوجود قراءة اخرى ب (ابراهام) والحذف يقول لك مقام ابراهيم يورث الى أمة سيدنا محمد ودليلك قول النبي : “مثلك يا ابا بكر كمثل ابراهيم،ومثلك ياعمر كمثل نوح،ومثلك ياعثمان كمثل عيسى،ومثلك يا علي كمثل موسى…(الحديث)وفي اسم سيدنا موسى واسم سيدنا عيسى ليس هناك حذف ولكن هناك قراءة بالإمالة ،وقراءة ثالثة بالترقيق،وكل قراءة لها معنانها الباطني.وإذا قلت وإسم سيدنا هود وسيدنا يونس،ويوسف … ليس بهم لا الحذف ولا الإمالة، قلت الإستمرارية في هذه الحالة للقصة القرءانية التي تخصهم،هي التي تحمل المعاني والعبر والله اعلم. في قصة سيدنا موسى عليه السلام الحق سبحانه مع عِلمه أنها عصا سأله(وما تلك بيمينك يا موسى)ليبين له أن الصورة الظاهرة في حقيقة الأمرتابعة للباطن (لهذا كتبت كلمة الظاهر محذوفة والباطن ثابتة في القرءان كله )والباطن هو التجلي الإلهي الحاكم على الشيء.حسيا كان أو معنويا،(السيرة الأولى كما سماها الحق تعالى(سنعيدها سيرتها الأولى)تغيرعليها التجلي فانقلبت ثعبان وخاف موسى.خاف من عصاه. فتأمل،وعندما تغيرعليه التجلي (فلما تجلى ربه للجبل). خر صعقا،كل هذه التجارب التي مرت به(مع فرعون ومع الخضر) جعلته يقول (ان هي الا فتنتك ) والفتنة اختلاف في الرأي ومعارك(وان لم تكن معارك فهي فقط مشاداة كلامية)عرف سيدنا موسى أن الأمور كلها راجعة الى سلطان التجلي هوالذي له الحكم.فتنة تنتجها مشاجرات الأسماء الإلهية. الهادي يجر لمقتضياته ولدائرته والمضل كذلك،والمعطي كذلك المانع، كذلك المنتقم…وهلم جرا… (ولوشاء ربك لجعل الناس امة واحدة ولايزالون مختلفين إلامن رحم ربك ولذلك خلقهم)خُلقنا للاختلاف(ما من دابة الاهوآخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم)الرب على صراط مستقيم ،وناصية الدابة بيده، فلا محالة الدابة على صراط مستقيم،واعوجاج القوس استقامته .فسلطان التجلي حاكم وعلى كل صغيرة وكبيرة قائم ،ولهذا ما كانت كلمة”عصاي” إلا أن تكتب ثابتة الألف (لا محذوف بين الصاد والياء)لأن الحكم لسلطان التجلي،فكل ما تعتمد عليه،هو عصاك سواء كان أمراحسيا،أومعنويا،مالا أوأولادا،أوزوجة أوأفكارا أوايديلوجية فالدساتير عصا الحكومات والشعب غنمها،والافكار الشيوعية عصا الملحدين. وقس على هذا ماشئت(ولي فيها مآرب أخرى)لكل واحد منا عصاه ،عرف ذلك أم جهله.عندما ذهب الشاذلي للتربية قال له ابن مشيش،ثلاثة مرات اذهب وتوضأ ولم يفهم الا بعد حين أن ابن مشيش يطلب منه أن يلقي جانباعصا العلم،والفقه، والنفس،وكلام القوم و…في الأسفل ،قبل الصعود الى قمة جبل العَلَم ،وتسليم نفسه للتربية.فألق عصاك جانبا إن أردت أن تسلك طريق القوم،وأن تسترجع عصاك سيرتها الأولى،فينفلق لك البحر،وينبجس لك الماء،وهش بها على غنمك بعد ذلك متى وكيف تشاء.وإلا فستبقى نفسك ثعبانا مبينا،وحية تسعى وتلدغ ،وجان يهتز.
الــــســامــري
وردت كلمة السامري بالألف الصريحة مرتين في القرءان الكريم كله،وذلك في الايتين﴿وأضلهم السامري﴾ (طه85)﴿فكذلك ألقى السامري﴾ (طه87) ووردت بدون ألف في الآية﴿ قَالَ فَمَا خَطۡبُكَ يَٰسَٰمِرِيُّ﴾ (طه95).
كلمة “السامري“التي جاءت مرتين ثابتة الألف ومُعرفة (والتعريف تقييد) تشير إلى الشخص الذي كان في زمن سيدنا موسى عليه السلام.أما المحذوفة،فوردت نكرة،(والنكرة مطلقة) فهي صفة،والصفة تورث فكل من قام بما جاء به السامري مثلا من جاء بإيديلوجية إلحادية،أوديانة وضعية أوأفكار تمس بالشريعة الإسلامية . .. فهو سامري زمانه.فالمسألة ليست خاصة بقوم موسى بل مطلقة عبرة لكل الأزمنة.فداروين مثلا كان سامري زمانه ،وكل من جاء بما يضل به عباد الله، ويضرهم كان حقا علينا مخاطبته ب:ياسمري .فالقرءان استمراري غير مقيد بالزمان.والله اعلم.
طـغـا- طـغـى
وردت كلمة ﴿طغا﴾ بالألف الممدودة في آخرالكلمة مرة واحدة في القرءان الكريم وذلك في حق قوم نوح عليه السلام.قال تعالى﴿إنا لما طغا الماء حملناكم في الجارية) (الحاقة 11). ووردت ﴿طَغَى﴾ بألف مقصورة في آخر الكلمة ستة مرات :
1= إشارة إلى طغيان فرعون وذلك في الآيات :
﴿اذْهَبْ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ﴾(طه 24 والنازعات 17).﴿اذْهَبَا إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ﴾(43 طه). ﴿قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَىٰ﴾(طه44). 2= عن الانسان في الاية﴿فأما من طغى وآثر الحياة الدنيا﴾(النازعات 37) وقوله تعالى﴿ كلا إن الانسان ليطغى﴾(العلق 6). اختلاف بيِّنٌ بين رسم”طغا” و”طغى” يبين أن طغيان الطوفان مخالف لطغيان فرعون. طغيان الطوفان : قتل الكفار،خرب الديار اقتلع الأشجار…أمور كلها ظاهرة حسية لاتمس العقيدة بشئ.أما طغيان فرعون :قتل بني اسرائيل،أخرجهم من أرضهم وديارهم،هذا في الحس أي في الظاهر.أما في الباطن فطغيانه أكبر بكثير قال(أنا ربكم الأعلى)وقال(ما علمت لكم من إله غيري﴾.فخالف الرسم القرءاني بين طغيان الطوفان وطغيان فرعون في الرسم. طغا : في الحس .طغى :في الحس والمعنى. والله اعلم. قال تعالى﴿مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى ﴾(النجم 17) هذه من خاصة بمولانا رسول هذا مدح له.وصف الله تعالى بصره،أنه لم يزغ ولم يطغى، فكل ما رآى في معراجه هي أمور عادية بالنسبة له.فلم يصدر منه خوف،ولا تعجب ،ولاحيرة. ولا شك،كيف لا،وقد رجع الى عش وكره. قال تعالى(إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ القُرْءَانَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ﴾المعاد هو البلد الذي يعيش فيه الإنسان,لأنه أينما حل وارتحل يعود إليه فهو معاده.إلى مكة،حسب علماء الرسوم.أما المعاد بالنسبة لأصحاب الحقائق، هو الرجوع الى أصل نور نبوته ﴿قَدْ جَاءَكُمْ مِّنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ﴾ فالنورالمذكور في الاية هو نور سيدنا محمد وقد رُدَّ صلى الله عليه وسلم إلى مَعَاده في المعراج حيث جذبت النبوة الموصوف بها،وعُرجت به إلى بساطها(حيث لا مكان ولا زمان).
ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلۡأَرۡضَ فِرَٰشٗا وَٱلسَّمَآءَ بِنَآءٗ
قال تعالى﴿ ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلۡأَرۡضَ فِرَٰشٗا وَٱلسَّمَآءَ بِنَآء ﴾(البقرة 22) وردت(فِرَٰشٗا) محذوفة الألف لتشيرالى التنوع الظاهرعلى وجه الأرض،ففراش الأرض يختلف كثيرامن منطقة الى اخرى :فهنا صحاري ،وفي جهة اخرى بحار،وهناك جبال وأنهار شاسعة،وغابات واسعة…هضاب، سهول،جبال صخرية،جبال رملية، جبال ثلجية .براكين …فراش الأرض يختلف فجاء حذف الألف ليشمل كل ذلك . أما بناء السماء فهو تراه متشابه،في أي قارة كنت ،هو هو ،لا اختلاف في بناء السماء فكانت ثابتة الألف. أما قوله تعالى﴿كالفراش المبثوث﴾ثابتة فهو الفَراش المعروف.
أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا
قرار :كلمة قرارذكرت كلها بألف ثابتة. قرار4 مرات+ القرار 3 مرات+ قرارا 2 مرات .فيكون العدد كاملا هو 9. قال تعالى(أمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًاوَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًاوَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا) (النمل61).وفي سورة غافر ﴿اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَارًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً﴾ .
كلمة (قرارا)إشارة الى كل الثوابت الفزيائية.فمثلا حجم الكرة الأرضية لوكان أكبر مماهو،أوأصغر،وسرعتها كانت مختلفة عما هي عليه،أوكانت أبعد أو أقرب من الشمس مماهي، لكانت هذه الحالة ذات اثرهائل على حياة الأحياء، بما فيها حياة الإنسان.والكرة الأرضية تدورحول محورها مرة في كل 24 ساعة، وبمعدل نحو ألف ميل في الساعة،ولوافترضنا أنها تدور بمعدل مائة ميل فقط في الساعة، لكان نهارنا وليلنا أطول،مما هو الآن عشر مرات. وفي هذه الحالة قد تحرق شمس الصيف الحارة النبات في كل نهار،وفي الليل قد يتجمد كل نبت في الأرض ثم أن الكرة الأرضية مائلة بزاوية قدرها 23 درجة.ولهذا دواع دعت إليه:فلو أن الكرة الأرضية لم تكن مائلة لكان القطبان في حالة غسق دائم، ولصار بخار الماء المنبعث من المحيطات،يتحرك شمالا وجنوبا،مكدسا في طريقه قارات من الجليد. والأرض تدور بسرعة فائقة حول الشمس،وحول نفسها،ولولا الجاذبية لرمت بنا إلى الفضاء فجعلها الله قرارا لتصح الحياة عليها. والأوكسجين في جو الارض يوجد نسبة ب 21 % ولنا أن نتساءل:كيف ان هذا العُنصر ذا النشاط البالغ من الوجهة الكيماوية،قد أفلت من الإتحاد مع غيره ،ووُجِد في الجو بالنسبة اللازمة لجميع الكائنات الحية؟ لو كان الأوكسجين بنسبة 50 % مثلا أو أكثر ،فإن جميع المواد القابلة للإحتراق في العالم تصبح عرضة للإشتعال لدرجة أن أول شرارة من البرق تصيب شجرة ،لابد أن تلهب الغابة كلها.ولوأن نسبة الأوكسجين في الهواء قد هبطت إلى 10 % أو أقل،فإن الحياة ربما انتهت خلال دهور. فالأوكسجين،والهيدروجين،وثاني اوكسيد الكربون،والكربون هم العناصر البيولوجية الرئيسية والأساسية،التي تقوم عليها الحياة.غير أنه لا توجد مصادفة من بين عدة ملايين، تقضي بأن تكون كلها في وقت واحد وفي كوكب سيار واحد بتلك النسب الصحيحة اللازمة للحياة ! وليس لدى العلم ايضاح لهذه الحقائق. أما القول بأن ذلك نتيجة المصادفة فهو قول يتحدى العلوم الرياضية(عن كتاب :الله يتجلى في عصر العلم).وهذا هو القرارالذي جعله الله للأرض رحمة بسكانها . قال تعالى﴿ثُمَّ جعلنَٰهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ ﴾وردت كلمة قرار كذلك ثابتة ،والقرار المكين إشارة إلى رحم الأم ،هو يحفظ الجنين من الصدمات الخارجية ويحافظ على سلامته ويغذية من أول مراحل تكوينه.والله أعلم.
مَّا تَرَىٰ فِي خَلۡقِ ٱلرَّحۡمَٰنِ مِن تَفَٰوُتٖ
وردت كلمة (تَفَٰوُتٖ) محذوفة الألف في سورة الملك،وسبب الحذف وجود قراءة اخرى،فهناك من قرأ(مِنْ تَــــفَـــوُّت﴾وجود قراءتان : تفاوت، تَــــفَـــوُّت.ولكل قراءة معنى (ماترى في خلق الرحمن من تَفَٰوُتٖ﴾تعني أن كل مافي ملك الله محكم ويسير حسب نظام متقن(الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ).(صنع الله الذي أتقن كل شئ).والاية جاءت بصيغة المخطابة “ماترى“أنت، ولم يقل تعالى ماترون لأننا غير متساوون في علمنا بالأشياء،فما وصل إليه علمك تجد الإتقان،وحسن الصنعة،ومالم يصل إليها علمك،جهلك به،يخيل لك أن هناك “تَــفَــوُّت ” فمثلا كان الإعتقاد سائدا بأن الأرض غيركروية الشكل،وأنها لاتدور،أوأن الشمس ثابتة لا تتحرك،هؤلاء حقت عليهم كلمة”تفوت“وعندما حققوا الأمور وعرفوا ما كانوا يجهلون حقت عليهم “من تفاوت“.قال تعالى﴿وما أوتيتم من العلم إلا قليلا﴾ فالكل يعيش تحت مقتضى “تفوُّت” تفاوت” المهندس يجهل أمور الطب،والطبيب لاعلم له بعلوم الفلك وهكذا…وجاء الخطاب بالجملة الفعلية المقرونة بالزمان،والتي تقتضي التغيير والتجدد.وتشمل كل الأزمنة.
خَلَٰٓئِفَ – خلفاء
وردت كلمة (خَلَٰٓئِفَ) في القرءان الكريم4 مرات كلها بدون ألف وسطية وذلك في الآيات:(الانعام 165)( يونس14)( يونس7)و(فاطر39). يجب التمييز بين قوله تعالى﴿خَلَٰٓئِفَ ٱلۡأَرۡضِ ﴾و﴿خَلَٰٓئِفَ فـــــــــــــــِي ٱلۡأَرۡضِ).
1=﴿وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَٰٓئِفَ الْأَرْضِ﴾(الانعام) تشير من حيث المعنى الباطني إلى أولياء الله ومقاماتهم لذا أتبعها قوله تعالى﴿وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ درجـــٰت ﴾ وحذفت ألف خَلَٰٓئِفَ لأن الفتوحات والعلوم اللدنية تختلف حسب التجليات الإلهية، وتختلف من عارف لعارف،ومن زمان لآخر،وحذفت ألف درجـــٰت كذلك.
2=﴿ ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلَٰٓئِفَ فِـــي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ﴾(يونس 14)﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَٰٓئِفَ فِـــي الْأَرْضِ فَمَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ﴾(فاطر 39).هذه إشارة إلى الخلافة العامة لكل البشر،أي عمران الأرض،والتناسل،ووردت محذوفة الألف لاختلاف دياناتهم،ولإختلاف ألوانهم،وألسنتهم ،ومساكنهم، وحِرفهم.فيهم القوي والضعيف،الغني والفقير… أما قوله تعالى﴿فنجينَٰهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وجعلنَٰهم خَلَٰٓئِفَ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا﴾خاصة بنوح ومن ركب الفلك معه﴿وجعلنا ذريته هم الباقين﴾. أما قوله تعالى﴿خُلَفَاءَ الْأَرْضِ﴾فهي تشمل المومن،والكافر وهي خاصة بكل من برزفي علم من العلوم الدنيوية،وبأصحاب الإكتشافات… والبحوثات، والعباقرة، والملوك والرؤساء…والقادة فهي تشير إلى الخلافة الدنيوية الظاهرة المتميزة لأشخاص أو لقوم.فقد نعث بها الحق تعالى قوم عاد ﴿أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ ﴿وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً﴾ قوم عاد تميزوا بطول قاماتهم وقوة أجسادهم.قال تعالى﴿فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ﴾﴿فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً﴾وقوم ثمود﴿وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِهَا قُصُورًا وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتًا فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ﴾وأي قوة أكبر من نحت الجبال.ف(خلفاء)هي بِجعلٍ من الله، وهي من آلآء الله،وسياق الآية جاء في عَدِّ نعم الله تعالى على الخلائق ﴿أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ (60)أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (61)أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (62) أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (63 )(النمل) ﴾.فمن نعمه تعالى على الإنسان أن جعل بعضهم خلفاء الأرض﴿ويجعلكم خلفاء الأرض﴾ بالمضارع الذي يفيد التجدد والاستمرار فتقدمت الصناعات وتطورت التكنولوجية وظهرت الطائرات والباخرات والهواتف الذكية…كل هذا مِنْ فضل الله أن جعل منا خلفاء ﴿خُلَفَاءَ الأَرْضِ﴾ …﴿أإله مع الله قليلا ماتذكرون﴾.
اتبع الحق سبحانه وتعالى في سورة الانعام ﴿ خَلَٰٓئِفَ الْأَرْضِ﴾قوله﴿وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ﴾ولم تذكرمع قوله تعالى﴿خُلَفَاءَ الأَرْضِ﴾والله أعلم.
الـقَـوَاعد- ٱلۡقَوَٰعِدُ
قال تعالى﴿وَإِذۡ يَرۡفَعُ إِبۡرَٰهِۧمُ ٱلۡقَوَاعِدَ مِنَ ٱلۡبَيۡتِ وَإِسۡمَٰعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلۡ مِنَّآۖ إِنَّكَ أَنتَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيمُ ﴾(البقرة 127)وردت كلمة قواعد في الآية ثابتة الألف لأن قواعد البيت أربعة معروفة،وثابتة قال تعالى”من البيت“لأن البيت كان موجودا،إنما أظهر قواعده سيدنا ابراهيم﴿وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت﴾.
أما في الآية60 من سورة النور وردت محذوفة﴿وَٱلۡقَوَٰعِدُ مِنَ ٱلنِّسَآءِ ٱلَّٰتِي لَا يَرۡجُونَ نِكَاحٗا فَلَيۡسَ عَلَيۡهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعۡنَ ثِيَابَهُنَّ غَيۡرَ مُتَبَرِّجَٰتِۢ بِزِينَةٖۖ وَأَن يَسۡتَعۡفِفۡنَ خَيۡرٞ لَّهُنَّۗ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٞ ﴾.
القَاعِدُ :المرأة التي انقطعت عن الولد ،أوعن الحيض،أَوعن الزَّوَاج،وإنعدمت رغبتها بالرجال،والجمع :قواعد. كلمة قواعد وردت بدون ألف وسطية لثلاثة أسباب والله أعلم.
1 =السن: سن اليأس يختلف من قاعد لأخرى:
سن اليأس المبكر: (ménopause précoce)قبل 40 سنة .
وسن اليأس المتأخر: (ménopause tardive)حتى 55 سنة وأكثر.
2= الرغبة في النكاح: تختلف من قاعد لأخرى،هناك من تنقطع عنها دم الحيض والرغبة فيها باقية،ومنهن من لاتبقى بها رغبة.فهذا التباين في شريحة القواعد أدى الى كتابة (قَوَٰعِدُ) بدون ألف. قال الله تعالى﴿ وَٱلۡقَوَٰعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللاتِي لاَ يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ﴾ القواعد اللاتي لايرجون نكاحا أما اللواتي يرجون نكاحا،قال تعالى في حقهن ﴿وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ .
3 =الأنوثة:منهن من طعنت في السن وبقي بها اثارجمال وبقية شباب. (الضِّـرْزم هي المرأة التي طعنت في السن وفيها بقية شباب (لسان العرب).قال تعالى﴿غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ﴾،والتبرج هوأن تُظهر المرأة زينتها ومحاسنها مما يجب عليها ستره، فالقاعد من النساء،التي لامطمع لها في الرجل،ولم يبق ما تتبرج به جازلها التخفف من الجلباب الشرعي﴿أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ﴾.أما القاعد من النساء(في سن 45 مثلا)والتي ما زالت تتمتع بحيوية وجمال،وأناقة﴿وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيم﴾.وقدعلل الإمام القرطبي جواز التخفف من الجلباب للقواعد من النساء بقوله:إنما خص القواعد بذلك لانصراف الأنفس عنهن إذ لا مذهب للرجال فيهن فأبيح لهن مالم يبح لغيرهن،وأزيل عنهن كلفة التحفظ المتعب لهن (تفسير القرطبي 12/309)،ومع جواز تخففهن من الثياب إلا أن الاستعفاف خير لهن بنص الآية الكريمة﴿وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ﴾.
خلاصة : كتبت قواعد بدون ألف وسطية لتشير إلى اختلاف أعمار القواعد، إلى زوال الرغبة أوبقاءها عند البعض منهن،إلى المظهر الخارجي للقاعد التي جاوزت الخمسين وبقي بها آثار الشباب والأنوثة والجمال،واخرى في نفس السن غزت التجاعيد وجهها،والدهر ايبس جلدها،عجوز لاتثير انتباه أحد. اما القواعد الثابتة الألف فهي قواعد البناء أي أسُسُه﴿وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ)(البقرة)(قد مكر الذين من قبلهم فاتى الله بنيانهم من القواعد فخر عليهم السقف من فوقهم )(النحل) يجب أن تكون ثابتة لأنها متعلقة بالبناء. والله أعلم.
ٱلۡأَبۡــــــــوَٰبَ
ٱلۡأَبۡوَٰبَ : وردت محذوفة الألف لأن الأبواب تختلف في شكلها،وحجمها ،ولونها والمادة التي صنعت منه.منها ما هو مفتوح،ومنها ما هو مغلق.وكلمة أبواب كما تشير إلى الحس تشير الى المعنى: ففي قوله تعالى(وغَلَّقَتِ ٱلۡأَبۡوَٰبَ وَقَالَتۡ هَيۡتَ لَكَۚ قَالَ مَعَاذَ ٱللَّهِ)غلقت بالتشديد أي الحسية والمعنوية.والمعنوية مثلا قالت للخدم اذهبوا إلى منازلكم،وللحراس لا تأتوا اليوم،وتحققت من أن العزيزذهب في مهمة ما …وكذا قوله تعالى﴿فلما نسوا ما ذكروا به فتحناعليهم أَبۡوَٰبَ كل شئ﴾.أبواب معنويةبدون بركة،وهذا حال زمننا. قال تعالى﴿ففتحنا أَبۡوَٰبَ السماء بماء منهمر﴾ فتحتابوابالسماءالدنياكلها،وأمطرت السماء ليتحقق الطوفان. قال تعالى﴿وقال يابني لاتدخلوا من باب واحد وادخلوا من أَبۡوَٰبَ متفرقة﴾ أي من جهات متعددة أما الباب المفرد فورد ثابتا الألف لأن لكل باب خاصيته :شكله لونه،حجمه كذلك حاله مفتوح أو مغلق… والله اعلم.
تُرَٰب – تراب
وردت كلمة (تراب) في القرءان الكريم بإثبات الألف 14 مرة،وهذا عندما يتعلق الأمر بالعنصر الذي يُكَوِّن أديـم الأرض والذي منه خلق ادم﴿أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ﴾(الكهف) .﴿والله خلقكم من تراب﴾(فاطر) .( قالوا أإذا متنا وكنا ترابا) (المومنون). ووردت محذوفة الألف 3 مرات في القرءان،كقوله تعالى ﴿ويقول الكافر ياليتني كنت تُرَٰبا﴾ (النبأ) وفي هذه الحالة هو مثل مضروب وكفى. كما تقول العرب:بسعر التُّراب: أي رخيص جدًّا. تراب الأجداد : أرض الوطن. سفَّ الترابَ :ندِم وتحسّر.لا يملأ عينه إلا الترابُ : طمَّاع جَشِع.
استطراد (منقول): التراب والصعيد والثرى :التراب هو الأرض نفسها،والصعيد وجه الأرض،والثرى ،التراب الندي الذي تحت التراب الظاهر أوالذي تحت الأرض والذي يكون ندياً بحيث إذا بلَّ لم يصرطيناً لازباً،وهو مأخوذ من ثرِيت الأرض ثرى إذا ندِيت ولانت بعد الجدوبة،والْيُبس.قال تعالى﴿لَه مافِي السماواتِ ومافِي الأْرضِ ومابينهما وماتَحت الثَّرى﴾واقترن لفظ الثرى في القرآن الكريم بلفظ (تحت)ليدلَّ أن الله سبحانه وتعالى ،له ما هو أعمق من الثرى،من تراب باطن الأرض (والمراد الأرضون السبع).انتهى.
ٱلظَّٰهِرُ وَٱلۡبَاطِنُۖ
لماذاوردت كلمة (ٱلظَّٰهِرُ) محذوفة الألف، بينما كلمة (الباطن) وردت ثابتة الألف في القرءان كله ؟ الظاهر والباطن من أسماء الله الحسنى،والحق سبحانه وتعالى ظاهر لنفسه، باطن عن خلقه ،ولايحتاج في ظهوره لغيره .متجل بأسمائه وصفاته في مظاهر الوجود،فصور الممكنات هي مقتضيات الأسماء الإلهية.وهذا من أحد الأسباب التي جعلت(ظاهر)محذوفة،لتجمع بين الحالتين: ظهوره في عين بطونه، وبطونه في عين ظهوره. قبل ظهورنا كنا لاشك موجدين في العلم الإلهي،ثم أخرجنا الحق تعالى من وجود علمي إلى وجود عيني.فوجودنا العلمي بطون، ووجودنا العيني ظهور،وبالتالي قبل ظهورالخلائق كانت حقائق الأسماء الإلهية باطنة،لأن الرزاق يطلب المرزوق،والغفار يطلب المذنب…”،والرب يحتاج لمربوبين. فبطون الحقائق الإلهية منوط وتابع لبطوننا،وبظهورنا ظهرت هذه الحقائق،فنحن من آثار تجليات الأسماء الإلهية،ومقتضياتها،وبالتالي فالإنسان أظهر حقائق الألوهية وأخرجها من بطونها،وهذه ثاني المسائل التي أشار اليه الرسم القرءاني بحذف ألف الظاهر وإثبات الباطن فكانت(الباطن) ثابتة في حق الله ،وأثارها ثابتة في حقنا بالكيفية التي تليق بالممكن الوجود.وظهورالواجب الوجود من حيث أسمائه منوط بالممكن الوجود﴿إن ربهم بهم لخبير﴾﴿إن ربه كان به بصيرا﴾ … فالألوهية تطلب المألوه ،فبطون الخلق بالحق،وظهور الحق بالخلق فأظهرنا،وظهربنا (وبطبيعة الحال بأسمائه وصفاته لابذاته وكما يليق بجلاله) (جِعْت ولم تطعمني ،مرضت ولم تعدني ،استسقيتك ولم تسقني (الحديث) …. كنت سمعه وبصره الذي يبصر به … (الحديث) فعـبرعنها الرسم القرءاني بالحذف. والظاهرلغة يعني الغلبة،والقهر.يقال ظهر فلان على فلان أي غلبه،وتعني المحيط :ظهرت على سر فلان أي اطلعت عليه وأحطت به.وفي الواقع المعيش الباطن أثبت من الظاهر مثال :أمامك شخص في منتهى الصحة والعافية غدا تجده يستعين بعكازة،أوحتى لا يقدرعلى المشي،راحت الصحة الظاهرة، والتي رأها الجميع.شخص آخر كان ذا ثراء،أفلس وأصبح لايملك شيئـا،وهناك أناس ظاهرهم يوحي باتباع الشريعة :لحية ،لباس،ملازمة المسجد …ولوأقرضته مالا ما أرجعه إليك إلا مادمت عليه قائما.ظاهره صواب وباطنه خراب. لهذا كلمة الظاهرغير ثابتة فظاهرالأشياء لايثبت.والنعم الظاهرة قابلة للزوال. أما النعم الباطنة فهي ثابتة وهي صفاتية والصفة ملازمة للموصوف أنت عارف بالله في الدنيا في الاخرة تبعث عارفا بالله ،أنت من حفطة القرءان،في الآخرة كذلك. الظاهر يدرك بالحواس والباطن لا.الظاهر شريعة.والباطن حقيقة. يقول الغزالي رحمه الله :اعلم أن الحق تعالى إنما خفي مع ظهوره لشدة ظهوره، فظهوره سبب بطونه ،ونوره حجاب نوره ولعلك تتعجب من هذا الكلام وتستبعده، ولا تفهمه إلا بمثال فأقول :لو وجدت كلمة مكتوبة،لحصل لك يقين قاطع بوجود كاتب لها قادرسميع بصير.ولم يدل عليه إلا صورة كلمة واحدة وكما شهدت هذه الكلمة شهادة قاطعة بصفات الكاتب،فما من ذرة في السموات والارض من فلك، وكوكب،وشمس،وقمر،وحيوان،ونبات،وصفة،وموصوف إلاوهي شاهدة على نفسها بالحاجة إلى مُدبر،دَبرها،وخالقٍ خَلقها،وخصصها بخصوص صفاتها .بل لاينظر الإنسان الى عضو من أعضائه وجزء من أجزائه ظاهرا وباطنا إلا ويراها ناطقة بالشهادة بخالقها،وقاهرها،ومدبرها.وكذلك كل ما يدركه بجميع حواسه في ذاته ،وخارجا من ذاته ،ولكن لما كثرت الشهادات ،وأشفقت خفيت وغمضن بشدة الظهور.انتهى . يقول أحد العارفين :البواطن أوعية الظواهر،وليست الظواهر أوعية البواطن . فمن نظرإلى الظواهرنظرإلى المظروفات،ومن نظرإلى البواطن نظرإلى الظروف،وأنت إنما جئت من باطنك إلى هذا العالم لا من ظاهرك إليه، انتهى. يقول ابن عربي:الباطن أتم في النعت من الظاهر فإنه تعالى ظاهر لنفسه ولايكون باطنا لنفسه فإنه محال.انتهى. والله أعلم.
ٱلۡحَسَنَٰتِ – ٱلسَّئَِّاتِۚ
قال تعالى(وَأَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ طَرَفَيِ ٱلنَّهَارِ وَزُلَفٗا مِّنَ ٱلَّيۡلِۚ إِنَّ ٱلۡحَسَنَٰتِ يُذۡهِبۡنَ ٱلسَّئَِّاتِۚ ذَٰلِكَ ذِكۡرَىٰ لِلذَّٰكِرِينَ)في القران الكريم وردت كلمة الحسنات كلها محذوفة الألف. بينما السيئات ثابتة الألف.فما السر؟ السيئات واضحة ومعروفة لأن المشرع بيَّنها في القرءان وفي السنة النبوية،فلا أحد يشك أن قتل النفس حرام،وأن الزنى حرام، وأن الربا حرام…فهي ثابتة.أما الحسنات فهناك،أعمال تحسبها حسنة وهي سيئة، أولم يُقصد بها وجه الله.قال تعالى﴿وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا﴾.فليس هناك مساواة بين الحسنات والسيئات حتى في الرسم القرءاني﴿ولَاتَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَاالَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌكَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ﴾(فصلت 34) والسيئة من ساء، يسوء،فهي تسوء صاحبها،سواء كانت كبيرة أم صغيرة، فأُثبت ألفها في الرسم القرءاني،والحسنة تتطلب النية والإخلاص،فلا تدري أقبلت أم لا ؟ حُذف الألف من كلمة (حَسَنَٰتِ) لمعاني كثيرة:
1=﴿مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَاء بِالسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ ﴾(الأنعام160) فهناك تضعيف في الحسنات إلى عشرة،إلى سبعمائة ضعف قال تعالى﴿مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِئَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾ إلى ما شاء الله﴿والله يضاعف لمن يشاء﴾والحسنة تضاعف حسب الزمن و المكان: فصيام يوم عاشوراء، يكفر ذنوب السنة التى أمامه،والتي خلفه،والركعة في المسجد الحرام لست كغيره من المساجد.أما السيئة ﴿وجزاء سيئة سيئة مثلها﴾.
2= الحسنة تُـذهب السيئة ﴿وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ ٱلۡحَسَنَٰتِ يُذْهِبْنَ السَّـيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ﴾(هود 114). الحسنة أقوى من السيئة،إذ تمحوها﴿اتبع الحسنة السيئة تمحوها﴾.
3=السيئات تبدل حسنات﴿إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَٰتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً ﴾ (الفرقان70).
4= الحسنة تدفع السيئة﴿الَّذِينَ صَبَرُواْ ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ﴾ (الرعد22) . يدرؤون أي يدفعون .
5=﴿ما أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً وَكَفَى بِاللّهِ شَهِيداً﴾(النساء 79).الحسنة من الله،والسيئة من النفس. لدا ورد بالقرءان سيئاتهم بالجمع ولم ترد كلمة حسناتهم بالجمع.فينبغي أن يكون ما من نفسك ثابت ،لأنه منسوب إليك ،وما من الله محذوف لاختلاف الأسماء الالهية وتنوع عطاء الله ،ولأن الحسنة من عارف ليست كالحسنة من جاهل وحسنة واحدة يمكن أن تدخلك الجنة وسيئة واحدة يمكن أن تدخلك النار” دخلت امرأة النارفي هرة حبستها فلم تطعمها ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض” الحديث.
مثال : شخص لايملك إلا 50 درهما تصدق بها…شخص اخر عنده 1000درهم تصدق منها ب 50 درهما،فشتان ما بين حسنة الأول وحسنة الثاني ،والقيمة المتصدق بها.هي هي.مثال اخر صدقتك على رجل محتاج من حملة القرءان، ومن أهل البيت (فأولئك هم المضعفون) ليست كصدقتك على رجل محتاج ولكن لايصلي.
معاني كثيرة تبين أن (ٱلۡحَسَنَٰتِ) يجب أن تكون محذوفة الألف لتحمل جميع هذه الأسرار. وذكرت كلمة حَسَنَٰتِ 3 مرات، وسيئات 36،وذكرت سيئاتهم 7مرات. والسبب في ذكر السيئات أكثر من الحسنات،أن الإنسان يسئ أكثر مما يحسن،وأن حسنة واحدة تدخلك الجنة فشخص شرب الخمر وزنى ولم يصلي ووو …وآخر أيامه تاب، وكان آخر كلامه لا إله إلا الله محمد رسول الله ،غفر له وأدركته الشفاعة بإذن الله وإن شاء الله﴿إنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً﴾.والله اعلم.
حذف وإثبات ألف “واقع”
ورد اسم الفاعل “واقع” بالتذكير ست مرات،ثبتت ألفه في ثلاث منها،في قوله تعالى﴿وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ خُذُوامَا ءاتَيْنَـاـكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾الأعراف).وفي قوله تعالى﴿تَرَى الظَّـالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا وَهُوَوَاقِعٌ بِهِمْ وَالَّذِينَ ءامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّـالِحَـاـتِ فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الكَبِيرُ﴾الشورى). وفي قوله تعالى﴿سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ لِلْكَـافِرينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ﴾ المعارج).ولايشك أحد في وقوع الجبل(وظنوا انه واقع بهم)أي تيقنوا،أوعند ذكرالعذاب (وهو واقع بهم)؛( بعذاب واقع)؛ فكان إثبات الألف يوافق ذلك. كقوله تعالى﴿وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ ﴾الحج، وقوله تعالى﴿ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَنْ قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّـادِقِينَ ﴾العنكبوت،فالعذاب قادم لا محالة، وهو يسأل الإستعجال به.
وحذفت ألف “واقع”في ثلاثة مواضع : في قوله تعالى﴿وَإِنَّ ٱلدِّينَ لَوَٰقِعٞ﴾ الذاريات. وفي قوله تعالى:﴿إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَٰقِعٞ﴾الطور.وفي قوله تعالى﴿إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَٰقِعٞ﴾ (المرسلات).ووردت بلام التوكيد،والكلام الذي يحتاج إلى توكيد هو ما كان مشكوكًا فيه.فيوم الحساب،وعذاب الاخرة وما توعدنا الله ،كلها أمور مستقبلية،غيب، من الناس من يشكك فيها.فعذابهم وحسابهم مختلف باختلاف تشكيكهم ،وعلى ذلك كان حذف الألف. وحذفت الألف في قوله تعالى﴿فَلا أُقْسِمُ بِمَوَٰقِعٞ النُّجُومِ ﴾(الواقعة). ولأن هناك قراءة ثانية﴿فَلا أُقْسِمُ بِمَوْقِعٍ النجوم﴾لأن مواقع النجوم مختلفة،وثبتت الألف مع التأنيث “الواقعة“،في قوله تعالى﴿إِذَا وَقَعَتْ الْوَاقِعَةُ﴾(الواقعة).وفي قوله تعالى﴿فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتْ الْوَاقِعَةُ﴾(الحاقة). لأنها القيامةنو يوم القيامة، متحقق ولا مفر منه. والله أعلم.
ٱلۡكَٰظِمِينَ – ٱلۡعَافِينَ
قال سبحانه وتعالى﴿ٱلَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي ٱلسَّرَّآءِ وَٱلضَّرَّآءِ
وَٱلۡكَٰظِمِينَ ٱلۡغَيۡظَ وَٱلۡعَافِينَ
عَنِ ٱلنَّاسِۗ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلۡمُحۡسِنِينَ﴾ كلمة “ ٱلۡكَٰظِمِينَ “وردت بألف محذوفة أما “العافين” فوردت بألف
صريحة.
كَظْمُ الغيظ،صفة
يختلف الناس فيها،فهذا يكظم الغيظ أكثر من هذا،وآخرلا يكظم غيظه حتى يأخذ ثأره
،والثالث يكظم غيظه بعد فدية أوهدية ،ومنهم من لايكظم غيظه إلا بعد تدخل أحد وجهاء
القبيلة ….فهذا التفاوت في كظم الغيظ هو من أسباب حذف الألف.
اما”العافين“فوردت بألف ثابتة، لأنك إما أن تعفو عن الناس
وعمن ظلمك وإما لا. ليس هناك مرتبة وسطية (تعفو عنه قليلا). لهذا كانت ثابتة.العافي من أسماء الله،وإن لم يذكر مع 99.قال تعالى﴿عَفَا اللَّهُ عَمَّا
سَلَفَ﴾والعافين عن الناس هم من تخلقوا بهذا الاسم ،وأجرالعافي على الله﴿وَجَزَاءُ
سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا
وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ﴾ والله اعلم.
حذف وإثبات ألف كافر
كافر – كافرة – كوافر.كُفار. ثابتة ألفهم ،لأن كفرهم ظاهر في الدنيا،عبدوا غير الله وماتوا على ذلك ،وسيبعثون في الاخرة على كفرهم .
جاءت “كافرة“بالتأنيث مرة واحدة،في قوله تعالى﴿قَدْ كَانَ لَكُمْ ءايَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقاتِلُ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ﴾(ال عمران13) ثابتة الألف،لأنها تقاتل الفئة المومنة،وصيغة المبالغة (في خمسة مواضع)،لدلالة على كثرة الكفر، والإستمرارفيه، والموت عليه، فثبتت الألف لهذا.
“كفَّارة“وردت 3 مرات محذوفة :اشارة إلى الإختيارات الواردة في حقها :
﴿إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَـاـكِينَ﴾﴿أَوْ كِسْوَتُهُمْ﴾﴿أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ﴾﴿فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ﴾ وثبتت الألف في واحدة منها عندما لم يكن إلا اختيارا واحدا للكفارة ﴿وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ﴾(المائدة 45).
اما” ٱلۡكَٰفِرُون“(36 موضعا)،ٱلۡكَٰفِرِينَ(93 موضعا) “ ٱلۡكَٰفِرِ “﴿وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعًا يَعْلَمُ مَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ وَسَيَعْلَمُ ٱلۡكَٰفِرِلِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ﴾ (الرعد4 2).فورودهم بدون ألف وسطية،إشارة إلى أنهم (ٱلۡكَٰفِرِينَ – ٱلۡكَٰفِرُون– ٱلۡكَٰفِرِ )متفاوتون في كفرهم،ومنهم من سيتوب ويحسن إسلامه.أما قوله تعالى ﴿كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ﴾ (الحديد20) في هذه الاية، الكفار،هم الزراع،لأنهم إذا ألقوا البذر في الأرض كَفَروه، أي غَطَّوه وستروه لهذا وردت بالألف الثابتة. و”فاجرًا” مثل كفار في إثبات ألفه؛ فهو باق على فجوره، ومستمر عليه وسيلقى الله فاجرا.
خــالديــن
وردت كلمات: خَٰلِداً ، خَٰلِدِينَ، خَٰلِدُونَ ومشتقاتها في القرءان الكريم 72 مرة كلها محذوفة ألف.والخلود ورد في القرءان في حق أصحاب الجنة وفي حق أصحاب النار. وورد بألف محذوفة إشارة إلى تباين مقاماتهم واختلاف أحوالهم سواء في نعيم الجنة أو في عذا النار.
1= أصحاب الجنة :حذف الألف يشير إلى التغيير الحاصل لهم،فهم يترقون في درجات الجنان ويتمتعون بأصناف النعيم.فالمومنون كلهم يدخلون في أول الأمر إلى جنة المأوى،ومنهم من يبقى فيها،ومنهم من يترقى إلى جنة عدن،ثم إلى الفردوس﴿الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَاخَٰلِدُونَ﴾محذوفة لأن منهم من يترقى بعد ذلك إلى جنة عدن ،أو الفردوس وأعلا الجنات ،جـنة النعيم،أصحابها في أعلا الدرجات،قال سيدنا ابراهيم ﴿واجعلني من ورثة جنة النعيم ﴾فالتنوع في نعم الله،والترقي في روضات الجنات،من أسباب حذف مشتقات بالخلود،والجنة جنات قال تعالى﴿أُولَٰئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ﴾(الكهف31)﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواوعَمِلُواالصَّالِحَات كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا﴾(الكهف108)قال تعالى﴿ لَكَفَّرْنَاعَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ﴾(المائدة 65).﴿أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا﴾(التوبة89)﴿وَأَعَدَّلَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَٰلِدِينَ فِيهَا أَبَدًا﴾ (التوبة 100)كما أن تجلي الربوبية لهم يختلف من جنة الى أخرى(وجوه يَوْمَئِذٍ ناضرة الى ربها ناظرة)، فرؤية الربوبية لأصحاب جنة المأوى غيرالرؤية التي يتنعم به أصحاب جنة النعيم.وزيارة سيدنا محمد لهم،تختلف من جنة لجنة ،فالبعض يراه(مثلا مرة في اليوم) وآخرون يجالسهم لساعات والبعض مرة في الاسبوع (مثلا).فخلود هؤلاء لا يشبه خلود اؤلئك.والدخول للجنات يكون على حسب المقامات،فلا يدخل نفس الجنة مومن كان يكتفي بالفرائض،مع أخر يصوم النهار ويقوم الليل.الأول في جنة المأوى والثاني ربما الفردوس الأعلى أوجنة النعيم﴿وللاخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلا﴾ومع كونهم خالدين في الجنة اختلفوا في درجاتها وفي نعيمها﴿وَٱلسَّٰبِقُونَ ٱلسَّٰبِقُونَ أُوْلَٰٓئِكَ ٱلۡمُقَرَّبُونَ فِي جَنَّٰتِ ٱلنَّعِيمِ) ومن ليس من السابقين فهو في غير جنة النعيم.لذا وردت مساكن أهل الجنة كذلك بدون ألف قال تعالى﴿وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِ جَنَّٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَا وَمَسَٰكِنَ طَيِّبَةٗ فِي جَنَّٰتِ عَدۡنٖۚ وَرِضۡوَٰنٞ مِّنَ ٱللَّهِ أَكۡبَرُۚ ذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِيمُ﴾(التوبة)،وهناك حقائق أخرى لانعلمها تجعل الخلود بين أهل الجنات مختلف(فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوايَعْمَلُونَ) (السجدة 17)”فيها مالاعين رأت ولا أذن سمعت ولاخطر على قلب بشر”(الحديث).
2= أصحاب النار: أولاهناك استثناء مقيد بالمشيئة الإلهية يجعل”خَٰلِدِينَ” بالنسبة لأهل النار محذوفة الألف،هو قوله تعالى﴿خَٰلِدِينَ فيها إلا ما شاء ربك﴾ فهناك من يخرج من النار بشفاعة، أوبعدما يؤدي ماعليه من الذنوب.وحذفها يشير كذلك إلى تنوع عذاب أهل النار ،فمنهم من في ضَحضاحٍ من النارِ يَبلُغُ كعبَيه،ومنهم من يخفف عنه العذاب يوم الإثنين،ومنهم من هو في الدرك الأسفل من النار،وجلود أهل النار تتغير،وبالتالي فخلود هذا لا يماثل خلود الآخر،فهم خالدون وغير متساوون في كيفية خلودهم.والخلود يقاس بالزمان،وفي الآخرة الزمان نسبي، فلا شمس ولاأرض ولا يوم ولاشهر.قال تعالى﴿ولهم رزقهم بكرة وعشيا ﴾عبر بالبكرة وبالعشي لتقريب المعنى لعقولنا،وإلا فلا يمكن أن يكون زمننا في الاخرة زمنا مطلقا لا يدخل تحت أي قياس؟ فلابد من التغيير.ووردت(خَٰلِدُونَ)مرة واحدة تخص أهل الدنيا وهي كذلك محذوفة الألف﴿وَمَاجَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِينْ مِتَّ فَهُمُ الخَٰلِدُونَ ﴾ إذ لم يكتب الخلود لأحد.
فكل هذه الإشارات تقربنا من معاني حذف ألف(خالدا،خالدين،خالدون) وفي حقيقة الأمر هوخلود غيبي لا يعلم حقيقته إلا الله ،فالحذف على العموم يأتي إما لقراءة آخرى أو لمعاني كثيرة لا تستطيع اللغة العربية حملها.والله أعلم.
إِنَّ فِي خَلۡقِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَٱخۡتِلَٰفِ ٱلَّيۡلِ وَٱلنَّهَارِ
وردت كلمة ٱخۡتِلَٰفِ 5 مرات محذوفة الألف لأن هناك اختلافا ظاهرا بين الليل والنهار،فالليل مظلم،والنهار مضئ،بالليل يكون القمر،وبالنهار الشمس.الليل للسكون والراحة،والنهار للعمل والسعي في طلب الرزق.النهارللصيام والليل للقيام﴿ومن اليل فتهجد به نافلة لك﴾﴿ثم أتموا الصيام إلى الليل﴾ كما أن ساعات الليل والنهار،تختلف حسب الفصول فتارة يكون الليل طويلا،وتارة تكون ساعات النهارأطول.يطول النهارفي نصف الكرة الشمالي صيفاً ويقصرلليلا.في بعض المدن الاسكندنافية في الصيف تستطيع قراءة كتاب في الخلاء حتى الساعة العاشرة مساءً،إذ الشمس مازالت في السماء،وفي بعض البلدان بالقطب الشمالي لايرون الشمس بالنهار،أضواء الشوارع مضيئة نهارا.أما على خط الاستواء، فيتساوي الليل والنهاردائماً،بصرف النظرعن الفصل السنوي،ولهذا يسمى: خط الاستواء،عندما يكون عندنا ليل عند آخرين نهار،وعندما يكون عندنا شروق ،عند آخرين غروب.وكذا اختلاف في درجات الحرارة بين الليل والنهار. كما أن كلمة النهار تتبع ثلاثة قراءات : النهار… النهار(بالترقيق)…والنهير(بالأمالة). وحساب الأعاجم تابع للشمس،أما السنة الهجرية فقمرية. فاليوم والشهر في السنة الشمسية يبدأن بالنهار،وبالقمرية يبدأ اليوم والشهربالليل أي بعد عروب الشمس.والليل أصل والنهارفرع عنه﴿وَآيَةٌ لَهُمُ الَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ﴾ (يس37) ولم يبين أي نهارسلخ من أيةَ ليلة.وكما هومعلوم عندعلماء السيمياء:ليلة السبت يسلخ منها يوم الثلاثاء،وليلة الأحد يسلخ منها يوم الأربعاء،وليلة الإثنين يسلخ منها يوم الخميس،وليلة الثلاثاءيسلخ منها يوم الجمع،وليلة الأربعاء يسلخ منها يوم السبت،وليلة الخميس يسلخ منها يوم الأحد.وليلة الجمعة يسلخ منها يوم الإثنين. هذه الفروقات هي التي جعلت كلمة﴿ ٱخۡتِلَٰفِ ﴾تكتب محذوفة الألف لتشمل جميع المعاني .والله أعلم .
الطَّآئِفِينَ – ٱلۡعَٰكِفِينَ
الطواف بالبيت سبعة أشواط يقوم به المحرم،وغير المحرم بوضوء وبنية ويبدأ بالركن الذي به الحجرالأسعد،وكل الطائفين يطوفون بنفس الكيفية ،ومن خالفها بطل طوافه،فهم متساوون في الطواف لذا وردت بألف ثابتة وهو ركن ضروري في الحج والعمرة . الاعتكاف:هوالإقامة في المسجد بقصد التعبد مع الصيام،والمومنون غيرمتساوين فيه،فمنهم من يعتكف في العشرالآواخرمن رمضان،ومنهم من يعتكف في غير رمضان،وشتان بين ذا وذاك.هذا اعتكف نَذرا والاخر تَطوعا.هناك من يعتكف 3 أيام ،وهناك من يعتكف أكثر.ومن المعتكفين من يصوم صيام القضاء،ومنهم من يصوم صيام الكفارة،ومنهم من هو متطوع.كما يمكن أن يكون بينهم تفاوت في الإقامة في المسجد ،فمنهم من لايخرج،ومنهم من يخرج للضرورة كالإغتسال من جنابة(احتلام) أو لمرض.نوافلهم تختلف هذا يقرأ يوميا سلكة من القرءان والآخر يكتفى ب 3 أجزاء أو أقل…هذا يصلى مائة ركعة نافلة والاخر رُكَيعات قلائل… هذا ورده 10000 تسبيحة يوميا،والاخر 33 تسبيحة دبر كل صلاة…فالطائفون متساوون في طوافهم والمعتكفون متفاوتون في اعتكافهم .
في أي مسجد على وجه الأرض يمكن أن تعتكف.أما الطواف فهو خاص ببيت الله الحرام .والطائفون أكثر بكثير من المعتكفين.والطواف تشاركنا فيه الملائكة والإعتكاف لا . معاني لاتحملها اللغة العربية فجاء الرسم القرءاني يومئ إليها. وربما هناك معان أخرى وراء هذا الحذف والإثبات فكلام الله لا حد له.
والسؤال الذي يطرح نفسه هل فعلا الطائفون متساوون في طوافهم حول الكعبة ؟ من ناحية الظاهر هم متساوون أما من ناحية الباطن فلا.من عرف حقيقة الحجر الأسعد،وحقيقة الكعبة، تكون هذه خصوصية له تجعله ينفردعن باقي الطائفين ، لأنه يعرف حول من يطوف.فما هي حقيقة الكعبة ؟وماهي حقيقة الحجرالاسعد؟ هل هما جمادا ؟وسمي الجماد جمادا،لجمود التجلي عليه،الحجرلايتغير.فالكعبة لَـبِنات من حجر،والحجر الأسعد حجركما يدل على ذلك اسمه.أما من حيث الباطن فليس هناك جمود التجلي الإلهي عليهما.بل لهما دخل وتفاعل في التجليات الإلهية.ويبقى السؤال ما حقيقتهما ؟. قال تعالى﴿وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ﴾ (125البقرة).وفي سورة الحج﴿وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ﴾ (26). لما قال تعالى (العاكفين)في سورة البقرة،(والقائمين)في سورة الحج؟ في سورة البقرة الكلام على البلد الحرام: مكة ﴿وإذجعلنا البيت مثابة وآمنا﴾﴿وإذ قال ابراهيم رب اجعل هذا البلد آمنا﴾والإعتكاف هو الإقامة وملازمة المكان وهو يناسب أهل البلد .أما في سورة الحج فالكلام عن موسم الحج ومن الصعب الإعتكاف وقته.وقد قال تعالى في الاية التي قبلها ﴿والمسجد الحرام الذي جعلناه للناس سواء العاكف فيه والباد﴾أي المسجد الحرام،الذي جعلناه لجميع المؤمنين،سواء المقيم فيه والقادم إليه،هم سواسية، فليس من المناسب ان يفرد العاكفين بالذكر.وهؤلاء الحجاج سيعودون إلى أهاليهم بعد قضاء الحج فلا يناسب ذلك العكوف والإقامة. وقوله تعالى﴿وإذ بوأنا﴾أي أرشدناه ودليناه على مكان البيت: فالبيت لم يكن موجودا .أما قوله تعالى﴿وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً﴾البيت مكتمل البناء ويليق للإعتكاف.والله اعلم.
ٱلۡخَٰلِقُ- ٱلۡبَارِئُ
وردت كلمة (ٱلۡخَٰلِقُ)محذوفة الألف عدة مرات،و(البارئ) وردت مرة واحدة قال تعالى﴿هُوَ ٱللَّهُ ٱلۡخَٰلِقُ ٱلۡبَارِئُ ٱلۡمُصَوِّرُۖ لَهُ ٱلۡأَسۡمَآءُ ٱلۡحُسۡنَىٰۚ ﴾(الحشر23) قال تعالى﴿ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ ٱلۡخَٰلِقين ﴾(المؤمنون14)﴿أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ ٱلۡخَٰلِقين ﴾(الصافات125)﴿وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي﴾(المائدة ) (إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا﴾(العنكبوت17).فالخلق في القرءان منسوب كذلك لغيرالله، لهذاوردت (خالق)محذوفة الألف على عكس البارئ،من برأ،وبرأ الله الشيء أي خلقه،صالحا ومناسبا للمهمة،والغاية التي ابتغاها من خلقه له. فالبارئ اسم خاص بالله،غير مشترك لهذا وردت ألفه ثابتة البارئ لا يخلق الشيء إلا مناسبا للغاية التي أرادها من خلقه.قال موسى عليه السلام لقومه ﴿يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا إلى بارئكم﴾ولم يقل لخالقكم لأن السامري أخرج لهم﴿عجلا جسدا له خوار﴾وكأنه خلقه فـفـتنوا به،ولكن لاروح فيه فأرجعهم الى البارئ الخالق جعل لكل الحيوانات عينين،وأذنين،وأنف، وأرجل، والبارئ جعل هذا أسرع من هذا،وهذا شمه أقوى من شم هذا،والاخر يسمع مالايسمعه غيره،وبصرهذا ضعيف والآخر له بصر حاد،وكل وصوته المتميز به،.فالخالق أعم ﴿ خَٰلِقُ كل شئ﴾والبارئ أخص﴿ربنا الذي أعطى كل شئ خلقه ثم هدى)(هُوَاللَّهُ ٱلۡخَٰلِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ ) فأرجعت الاية هندسة “الشئ” إلى هذه الأسماء الثلاثة:الخالق البارئ المصور، خلق، وبرأ، وصور:فما من شئ ،شئ،إلا ويرجع إلى هذه الأسماء في صورته واختصاصاته. النحل يستمد من البارئ :أنظر إلى هندسة خليته وإلى صنعه للعسل. العنكبوت كذلك في هندسة بيته.تأمل الكيفية العجيبة التي تصنع بها بعض الطيورأعشاشها. هجرة الطيور والأسماك تستمد من اسمه تعالى البارئ. يقول ابن عربي:أن المهندسين والصناع يستمدون من اسمه تعالى البارئ.
تأمل كيف جعل الله ماء الأذن،مُرا لكي يقتل الحشرات،وجعل ماء العينين مالحاً ليحفظها فكانت ملوحتها صيانة له ،وجعل ماء الفـم عذبا ليدرك طعم الأشياء، وليساعد على الهظم. وإذا تأملنا سائر الكائنات التي سخرها الله لنا سنجد أن الله قد برأ كل كائن(أي خلقه مناسبا لمهمته)انظر الى الجمل سفينة الصحراء، قال تعالى ﴿أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ﴾.أذناه : صغيرتان ،والشعر يغطيهما من كل جانب ليقيهما من الرمال .منخراه : يتخذان شكل شقين ضيقين محاطين بالشعر، وحافتهما لحمية،مما يسمح للجمل أن يغلقهما أمام ما تحمله الرياح إلى رئتيه من دقائق الرمال. خفه :عريض ليمشي به في الصحراء ،يغلفه جلد قوي غليظ يضم وسادة عريضة لينة ،تتسع عندما يدوس الجمل بها فوق الأرض،ومن ثم يستطيع السير فوق أكثر الرمل نعومة،وهوما يصعب على أية دابة اخرى . سنامه : يخزن فيه الدهون ليحتمل الجوع أيام .والكرش :يخزن فيه الماء ليحتمل العطش. عظامه : قوية طويلة لحمل الأثقال والأحمال. قوائمه : طويلة تساعده على اتساع الخطو وخفة الحركة.
وأصل البرء مأخوذ من تبرئة الشيء من الشيء وخلوصه منه ، كبرء المريض من المرض،والمديون من دينه ،وسمي البارئ كذلك ؛ لأنه ميز الأشكال بعضها من بعض بعد التقدير،قال تعالى﴿ما أَصاب مِن مصِيبةٍ فِي الأْرضِ ولا فِي أَنفُسِكُم إِلاَّفِي كِتَابٍ مِن قَبلِ أَن نَبرأَها﴾(الحديد)،وقال تعالى في بني إسرائيل الذين اتخذوا العجل ﴿إِنكَّم ظَلَمتُم أَنفُسكُم بِاتخِّاذِكُم العْجلَ فَتُوبواإِلَى بارِئكِم فَاقْتُلُوا أَنفُسكُم ذَلكِم خير لَكُم عِندبارِئكِم﴾(البقرة)وذكر البارئ هنا دون الخالق،إشارة إلى التمييز والإيجاد،إذ فيه إشعاربأنهم بلغوا غاية الجهالة والغباوة حتى تركوا عبادة خالقهم إلى عبادة البقر ،لم يعرفوا حق الخالق البارئ المنعم ،ولذلك أُمِروا بقتل أنفسهم .
فكان من اللازم أن تكون ألف(البارئ) ثابتة و(الخالق)محذوفة، ليخلق سيدنا عيسى من الطين كهيئة الطير،وليخلق الأفاكون إفكهم.وقال تعالى في آخر الآية ﴿له الاسماء الحسنى﴾الكل تحت مقتضياتها.فَبَعْد الخلق،والبرء،والتصوير يأتي حكم باقي الأسماء وتنتهي “حياة “المخلوق”مع مقتضى اسمه تعالى الـمــمـيـت. فالخالق مشتركة والبارئ خاصة بالله. والله اعلم.
وراء – وراىء
وردت كلمة (وراء)بالهمزة في اخر الكلمة في قوله تعالى( واذاسألتموهن متاعا فسألوهن من وراءحجاب﴾﴿فنبذوه وراء ظهورهم)..﴿فمن ابتغي وراء ذلك﴾. (وأحل لكم ما وراء ذلك) هذه الايات اشارة الى مسائل حسية مادية:كالباب ، أو حائط، أو جدار،أو ستار كتبت وراء ظرف مكان بهمزة في اخرها
مرة واحدة في القرءان الكريم ،ووردت كلمة (وراىء) مرة واحدة كذلك
أماعندما يكون الحجاب معنويا كتبت (وراىء)بزيادة الياء كما في قوله تعالى﴿وما كان لبشر أن يكلمه الله إلاوحيا أومن وراىء حجاب﴾
فالحق تعالى لايمكن أن يحجبه شئ، هوخالق الأشياء.
فبطبيعة الحال الحجاب هنا ليس ماديا فخالف القرءان العربية،لنفي الجهة والمكان عن الله تعالى. قال ابن عطاء الله :كيف يتصورأن يحجبه شيء،وهو الذي أظهر كل شيء؟ كيف يتصور أن يحجبه شيء،وهو الذي ظهر بكل شئ؟ كيف يتصور أن يحجبه شيء، وهو الذي ظهر في كل شيء؟ كيف يتصور أن يحجبه شيء،وهوالذي ظهر لكل شيء؟ كيف يتصور أن يحجبه شيء،وهو الظاهر قبل وجود كل شيء؟ كيف يتصور أن يحجبه شيء، وهو أَظْهَرْ من كل شيء؟ كيف يتصور أن يحجبه شيء وهو الواحد الذي ليس معه شيء؟ كيف يصور أن يحجبه شيء، وهو أقرب إليك من كل شيء؟ كيف يتصور أن يحجبه شيء، ولولاه ما كان وجود كل شيء؟ يا عجبا! كيف يظهر الوجود في العدم؟ ! أم كيف يثبت الحادث مع من له وصف القدم؟ !.
شــــاهــــد
ما الفرق بين شاهد بالإثبات وشاهد بالحذف. الثابتة وردة 3 مرات : قال تعالى ﴿أَفَمَنْ كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ﴾(هود17) .﴿وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ﴾(يوسف26)﴿وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَىٰ مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ﴾ (الأحقاف10).﴿وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ﴾(البروج3).شاهد ذات الألف الثابتة تقتضي الحضور: “وشهد شاهد من أهلها “: هذا الشاهد عاين المشهد وإلا رُفِضت شهادته ولم تقبل،وكذا قوله تعالى”وشهد شاهد من بني اسرائيل“اقتضت الحضور أما قوله تعالى”وشاهد ومشهود“هو محمد رسول الله .شاهد على الأمم السابقة،وعلى أمته،ومشهود للجميع بمقام الشفاعة، الذي ينفرد به عن سائر الخلائق يوم القيامة .
أما حذف الألف فورد في(يَٰٓأَيُّهَاٱلنَّبِيُّ إِنَّآ أَرۡسَلۡنَٰكَ شَٰهِدٗا وَمُبَشِّرٗا وَنَذِيرٗا (الأحزاب45 ﴿إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَٰهِدٗا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا﴾(الفتح 8)﴿إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شَٰهِدٗا عَلَيْكُمْ ﴾ المزمل15 ) كلها في حق مولانا رسول الله وحذفها إشارة إلى بطون رسالته في الأمم السابقة فهو رسول الى الناس كافة﴿وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا﴾كما أنه مرسل إلى الأنبياء خصوصا﴿وإذ أخذ الله ميثاق النبيئين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتومنن به ولتنصرنه﴾ ولاشك أنه جاءهم.قال تعالى﴿قد يعلم ما أنتم عليه﴾ وأداة “قد” تفيد التحقيق أي هو يعلم ما نحن عليه.قال : أوتيت علوم الآولين والآخرين،وقال:تعرض علي أعمالكم …الحديث.فهو شاهد وعلى علم بجميع أمورنا أولها وآخرها،فاقتضى ذلك حذف الألف ليشمل جميع المعاني التي لاتحملها اللغة العربية وناب عنها الرسم القرءاني،وهذا الشاهد الحاضر المفقود هو الذي لمحت إليه “قيل” في القرءان الكريم، كقوله تعالى﴿قيل لها ادخلي الصرح فلمارأته حسبته لجة وكشفت عن ساقيها قال إنه صرح ممرد من قوارير﴾(قيل) راجعة على الشاهد الحاضر المجهول.لوكان سليمان عليه السلام هو الذي قال )ادخلي الصرح) لمَا بُنِيَّ للمجهول.
ثانيا:حذفت ألفها لتنتقل الشهادة منه إلينا ﴿وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداءعلى الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا﴾فلو كانت ألف شهادته ثابتة لكان هو الوحيد الشاهد ولاغيره معه.ومن هذا الباب حذفت ألف” الشَٰهِدين ” (فاشهدوا وأنا معكم من الشَٰهِدين ). ثالثا :الشاهد لكي يكون شاهدا على مسألة ما ،اقتضى الأمر حضوره.وهل الكل يعرف حضور النبوة المحمدية في كل التجليات الالهية ؟ بل هناك من إذا سمع منك هذا الكلام اتهمك بالبدعة إن لم نسبك الى الكفر.؟فهو الشاهد،الحاضر، الغائب،فاختفت ألفها ولا تظهر إلا لأصحاب وحدة الشهود. قال تعالى﴿نبئهم أن الماء قسمة بينهم﴾هذا في حق قوم صالح نبئهم أنت يامحمد أن الماء قسمة بينهم وأقسم تعالى بعمره .قال القاضي عياض :لعمرك أي وحياتك يامحمد ،وبقاؤك.قال الله تعالى على لسان سيدنا محمد ﴿وأنا اول المسلمين﴾﴿وأنا أول العابدين﴾إشارة إلى تقدم حقيقته نبوته على جميع العالمين : ملائكة ،جنا وإنسا (كنت نبيا وادم بين الروح والجسد) (خلق الله ادم على صورة الرحمن).قال تعالى ﴿ولقد خلقناكم ثم صورناكم﴾”خلقناكم” خلق الله تعالى نبوة سيدنا محمد”ثم صورناكم“التصوير راجع على آدم عليه السلام ،وانتبه إلى أداة ” ثم” التي تفيد التماطل،فهناك زمن طويل بين الخلق والتصوير. قال “كنت نبيا وادم بين الروح والجسد” ويسمى الجسد جسدا عندما لاتكون فيه روح .”جسدا له خوار“.قال تعالى﴿فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ﴾فهو من حيث حقيقته ،وجه الله المشهود في الأشياء،والسراج الذي اتقدت منه جميع السرج الكونية.فهو أصلا ،من حيث حقيقته،لا من حيث صورته البشرية.ظهر بمعناه في الأشياء،إذ لولا معناه لم يوجد لها عين، ولوظهر بصورته لم يوجد لهم عين.ومن أجل تلك النسبة،عمت الرحمة جميع الموجودات فهي الوجود المفاض على الكون الإلهي﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّارَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ﴾ ﴿وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ﴾ فهوالرحمة التي وسعت كل شئ،فأينما توليت تجدها “ماعرفني حقيقة غيرربي”.فهو الظاهر الذي لايعرف والباطن الذي لا يجهل. فَصِلْ قطرة إيمانك ببحر نبوته المحمدية تفلح وإلا فسلم تسلم وتربح .
معصيت الرسول
وردت كلمة “معصيت“مرتين في سورة المجادلة بتاء مطلوقة ،مخالفة للغة العربية التي تكتب بتاء بمربوطة “معصية“.لأن معصيته ليست كمعصية غيره،ولأن معصيته هي معصية الله، فالأمروالنهي جاءت بهما الرسالة على لسان سيدنا محمد .وللَّه أمر يعصى فيه إذا لم تقم به،وللرسول أمر يعصى فيه اذا لم تمتثل امره ،لذا قال تعالى﴿ومن يعص الله ورسوله﴾وقال﴿ومعصيت الرسول﴾ فأفرده .قال تعالى﴿يا أيها الذين أمنوا اطيعوا الله ورسوله﴾أطيعوا الله في فرائضه ،وأطيعوا الرسول في سننه،أي كل ما أمر به ،فهو لاينطق عن الهوى﴿وما أتاكم الرسول فخذوه ومانهاكم عنه فانتهوا﴾فأضاف النهي إليه ، وعرفه بالأف واللام”الرسول“أي الرسول الذي استخلفناه عنا،وجعلنا بيده الأمروالنهي، زيادة عن تبليغ أمرنا.فظهر نائبا عن حضرتنا ،ناطقا باسمها ﴿إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله﴾فهو خليفة الله .يقول ابن عربي: من اتبع الخليفة أَمِن من كل خيفة وصارت الأسرار به مطيفة وحصل بالرتبة المنيفة. قال ابوهريرة ،قال رسول الله : كلُّ أُمّتي يدخلون الجنَّةَ إلا من أبى،من أطاعني دخل الجنَّةَ،ومن عصاني فقد أبى”.فمعصيت الرسول أمر خطيريجب تجنبه ،فهي تدخل صاحبها النار ،لذا جاءت برسم مخالف.قال تعالى﴿فَلَا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ) فالإثم بينك وبين ربك، والعدوان أعظم منه،إذ هو بينك وبين العبد،ومعصيت الرسول بينك وبين سيد الخلق. وقد بسطت تاءها كذلك لأن معصية الرسول في الميزان تحبط الأعمال،فإذا كان الإثم يثقل الميزان، والعدوان يأكل الحسنات (لأن المعتدى عليه يقتص من حسناتك) فمعصية الرسول تحبط الأعمال أي أنها تضرب في الصفر عملك كله فلا يبقى لك شيء وهو قوله تعالى﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوالَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ﴾ والله اعلم.
مع الساجدين – من الساجدين
قال تعالى﴿إلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى أَن يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ﴾(الحجر31)أمر الله تعالى الملائكة بالسجود ففعلوا،وإبليس كان معهم ولم يقتدي بهم.قال تعالى﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلآئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ ِلاَّ إِبْلِيسَ لَمْ يَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ﴾ (الأعراف 11)قال تعالى”ثم قلنا “وهذا الأمر لم يخضع له إبليس ولم يكن من الساجدين.فلاهواقتدى بالملائكة(مَعَ السَّاجِدِينَ)ولاهو إمتثل الأمر(مِّنَ السَّاجِدِينَ).
عاد – ثمود
قدمت عاد على ثمود في أربعة أيات ويرجع هذا الى الترتيب الزمني،فعاد كانت قبل ثمود﴿أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَقَوْمِ إِبْرَاهِيمَ وِأَصْحَابِ مَدْيَنَ وَالْمُؤْتَفِكَاتِ﴾(التوبة70).﴿ أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِن بَعْدِهِمْ ﴾(إبراهيم9).﴿ مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِن بَعْدِهِمْ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِّلْعِبَادِ﴾(غافر31) فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ ﴾ (فصلت13). أما في الاية﴿كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ﴾(الحاقة 4)قدمت ثمود على عاد ،هذه الآية تتكلم على التكذيب،وكفرثمود وتكذيبها للرسل كان أكبر من عاد فقدمت في الذكر. وفي القرءان الكريم ذكر تكذيب ثمود اربعة مرات﴿كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ ﴾ (الشعراء141)﴿كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ﴾(ق12)﴿كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ﴾(القمر23)﴿كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا﴾(الشمس 11) في حين ذكر تكذيب عاد ثلاثة مرات﴿كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ ﴾(الشعراء123)﴿ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ ذُو الْأَوْتَادِ﴾(ص12) ﴿كَذَّبَتْ عَادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ ﴾(القمر18)والله أعلم.
عُتيا – عِتيا
في سورة مريم قال تعالى﴿قال رب أنى يكون لي غلام وكانت إمرأتي عاقرا وقد بلغت من الكبرعتيا﴾ فيها قرءاتان:قراءة بالرفع(عُتيا)،وقراءة بالكسر(عِتيا). من المعلوم أن للضمة قوة أكثر من الفتحة ،والفتحة لها من القوة أكثر من الكسرة. فمثلا رجل بلغ من الكبر أكثر من 80 سنة،وما زال يتمتع بصحته وبصره وذاكرته فهذا رجل بلغ من الكبر عُـــتيا بالضم .ورجل بلغ من الكبر 70 سنة وفقد بصره،وضعفت قواه ،فلا يقدر على السير دون مساعدة ،ولايتذكر إلا القليل من ماضيه وربما لايتذكر شيئا إطلاقا ،فهذا الرجل بلغ من الكبر عِــتيا بالكسر. قراءتان ومعنيان.والله اعلم.
من ما رزقناكم – مما رزقناكم
قوله تعالى﴿يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مـمـا رَزَقْنَاكُم﴾(البقرة) الاية تقول لك إن كان معك 1000 درهم ووجدت من يحتاجها أعطها له كلها:مقام “ا نفق بلالا ولا تخش من ذي العرش اقلالا”،ومقام سيدنا ابوبكر الصديق،عندما أتى بماله كله لرسول الله وقال له ماتركت لأهلك قال الله ورسوله. أما قوله تعالى ﴿وَأَنفِقُوا مِـــن مَّــارَزَقْنَاكُم ﴾(المنافقون)هنا(من) التبعيضية عندك 1000درهم انفقت منها درهما هو كذلك ،انفقت منها 100 هوكذلك الأمرعلى اليُسر،مقام الوسطية.والرزق منه ما هو حسي: المال ،وما هو معنوي : العلم. والله اعلم.
مما تشركون
قال تعالى﴿فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَـذَا رَبِّي هَـذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ﴾(الأنعام 78) “مما تشركون” تعني أن سيدنا ابراهيم عليه السلام بريء من كل ما يشركون به،صغيره وكبيره،ظاهره وباطنه ،ولو قال(من ما تشركون)لأفادت أن براءة سيدنا ابراهيم عليه السلام من بعض الشرك ،وليس من الشرك كله لأن “من” تفيد التبعيض ،والله اعلم.
حذف وإثبات ألف قاسية
وردت قاسية ثلاثة مرات،حذفت ألفها في موضعين:هو قوله تعالى﴿ فَبِمَا
نَقۡضِهِم
مِّيثَٰقَهُمۡ
لَعَنَّٰهُمۡ وَجَعَلۡنَا قُلُوبَهُمۡ قَٰسِيَةٗ ﴾(المائدة 13).وقوله تعالى﴿ أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ فَهُوَ
عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ للقَٰسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِاللَّهِ أُوْلَئِكَ فِي ضـلٍال مُبِينٍ﴾(الزمر 22).حسب تدبري حذفت في الآتين لأن هذه القساوة يمكن أن تتغير وتستبدل
بالرأفة واللين،لذا قال تعالى لنبيه “فاعف عنهم واصفح “(المائدة13) كما أن حذفها
يشير الى اختلاف قساوة قلوبهم (قلب هذا اقسى من قلب الاخر).وتبثت في قوله تعالى﴿لِيَجْعَلَ
مَا يُلْقِي الشَّيْطَـاـنُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ
وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّـاـلِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ﴾
(الحج 53).فهؤلاء ستبقى قلوبهم على قساوتها، ففي قلوبهم مرض، وسيلقون الله على
ذلك .فالحذف
يتبعه التغيير في القساوة والإثبات لا تغيير معه.
والله أعلم.
أيـــهــــــا – أيـــــه
وردت كلمة (أيها)موافقة للعربية في القرآن الكريم 150 مرة ووردت(أيه) بنقص الألف التي في آخرها في ثلاثة ايات:﴿وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّه الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾(النور 31).في القرءان الكريم وفي كثير من الآيات كان الخطاب ب “ياأيها الذين امنوا“وهذه الآية الوحيدة ب“أيه المؤمنون“جاءت بحذف الألف لأن المؤمنين ليسوا سواسية في الايمان.هذا إيمانه أقوى من هذا،وتوبة هذا قبل هذا،وختمت ب”لعلكم تفلحون” والمومنون غير متساوون كذلك في فلاحهم.
أما الثانية فقوله تعالى﴿وَقَالُوايـأَيُّه السَّاحِرُ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ﴾(الزخرف49).حذفت الألف أي صلة الوصل بين الصفة (الساحر)،والمتهم بها(موسى) لأن فرعون وقومه ادعاؤهم باطل وزعمهم كاذب فنقَّص من مبناها للتنقيص من معناها، أي موسى ليس بساحر .كقوله تعالى في طه﴿ إن هذان لساحران﴾وبما أنهما ليسا بساحرين خالف القرءان اللغة العربية .الثالثة قوله تعال﴿سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّه الثَّقَلَانِ﴾(الرحمن31) حذفت الألف لأن المخاطبين ليسوا من جنس واحد فالجن من مارج من نار ، والإنس من تراب.والله أعلم.
سعوا – سعو
وردت (سعوا) بزيادة الألف آخر الكلمة مرة واحدة، ووردت(سعو) بدون ألف في آخرها،مرة واحدة أيضاً في القرآن الكريم كله. قال تعالى﴿وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آَيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ﴾(الحج 51) يقول اللغويون زيادة المبنى، تفيد زيادة المعنى،وهي إشارة أن مجادلة هاته الفئة في الآيات القرءانية كان أشد، وأقوى وأنهم استعملوا جميع الوسائل(مادية ومعنوية)للطعن في القرءان،وتكذيبه فهم بلاشك أصحاب الجحيم كما ختمت بذلك الاية. قال تعالى﴿وَالَّذِينَ سَعَوْ فِي آَيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ﴾(سبأ5) سَعْيُ هؤلاء في الطعن في آيات الله كان أقل من الفرقة السابقة لذا وردت بلا ألف زائدة ،ولم يقل تعالى في حقهم(اولئك أصحاب الجحيم)بل وعدهم بعذاب من رجز أليم .باستعمال من التبعيضية “عذاب من رجز أليم” لأنهم متفاوتين في التكذيب في آيات الله. ووردت في (سورة سبأ 38)﴿والذين يسعون في ءاياتنا معاجزين اولئك في العذاب محضرون﴾المضارع (يسعون) في هذه الآية يفيد الإستمرارية فكل من سعى معاجزا في آيات الله،مصيره إلى الجحيم إلى آخر الدهر.
قال تعالى﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ (الجمعة 9).رسمت (فاسعوا) في حق المؤمنين بالألف بعد الواو اشارة إلى أن السعي يوم الجمعة،إلى الصلاة و إلى ذكر الله ،يجب أن يكون قلبا وقالبا،حسا ومعنى، ظاهرا بالإغتسال والتزين، وباطنا بمراقبة الخواطر وصفاء السريرة.وأن لا يشغلك شاغل كتجارة أو أهل عن ذكر الله﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ﴾ (المنافقون9) والله اعلم.
ٱلۡــــقِيَٰــــمَة
حذفت ألفها في القرءان كله.القيامة هي قيام العباد لرب العباد يوم الحساب،وهي شاملة لكل المكلفين.فيقوم الأنبياء،والأولياء،وعامة المؤمنين،والمسلمين،وكذلك الكفار فلما اشتركوا كلهم في القيام،وجب التفريق بينهم،لإختلاف مراتبهم.ورد في الحديث :” من مات قامت قيامته” فكل وقيامته ، كل ووقوفه بين يدي ربه،كل وحسابه،وكل واحد كيف يكون مروره على الصراط.﴿لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ﴾والله أعلم.
لدا- لدى
وردت كلمة (لدا) بهذا الرسم مرة واحدة قال تعالى في سورة يوسف﴿وقدت قميصه من دبر وألفيا سيدها لدا الباب﴾.ووردت كلمة (لدى)بألف مقصورة مرة واحدة في سورة غافر﴿وأنذرهم يوم الأزفة إذ القلوب لدى الحناجركاظمين﴾. القرءان الكريم استعمل (لدا)بالألف الممدودة في الماديات: الباب، واستعمل(لدى) بالألف المقصورة في المعنويات : (القلوب لدى الحناجر).
سابق
“السابق“في القرآن الكريم كتبت تارة بالحذف وتارة بالإثبات. فعندما يكون السبق زمانيا أومكانيا تثبت ألفها ،كقوله تعالى﴿لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ﴾.أما عندما يتعلق الأمر باالمقامات،والخير،والفضل فهنا يحصل التفاوت وبذلك تحذف ألفه كقوله تعالى( وَٱلسَّٰبِقُونَ ٱلسَّٰبِقُونَ) والله أعلم.
الأصوات
كلمة (الأصوات) وردت مرة واحدة ثابتة الألف.قال تعالى﴿وخشعت الأصوات للرحمن فلا تسمع إلاهمسا﴾هذه خاصة بيوم القيامة،حيث تتساوى الأصوات الحميدة.فلا تفاوت بينها الكل خاشع،خائف، يترقب ما سيؤول إليه مصيره.فلما كان المساواة، أثبتت ألفها.وأما المحذوفة الألف فلإختلاف الأصوات في قوتها، ومداها،ونوعها،وتأثيره… الخ.
وَصف الحق سبحانه وتعالى الأصوات بالخشوع،ولو كانت الأصوات محذوفة لأفادت تفاوتهم في الخشوع .ولأفادت كذلك أن هناك اختلاف في نبرة أصواتهم هذا صوته عال،الاخر منخفض،والحق تعالى قال﴿فلا تسمع إلاهمسا﴾ما يفيد أنهم على ايقاع واحد.فالخشوع والهمس أثبتا ألف”الأصوات” والله اعلم.
والد – والدة – اباء- امهات
والد ثابتة. والدة محذوفة الألف. اباء ثابتة. أمهات محذوفة. الوالد هوذلك الرجل الذي خرجت من صلبه سواء بطريقة شرعية أوغير شرعية. أي هو الأب البيولوجي،فنسبك يرجع إليه، لهذا كتبت كلمة والد ثابتة الألف وكذا اباء.فلو كان مثلا اسم ابيك عبد الله البخاري واسمك محمدا،فأنت محمد البخاري. افترض أنك مغربي،وتزوجت مصرية،فإبنك سيحمل الإسم العائلي البخاري،ولو تزوج ابنه أي حفيذك تونسية ،فابنه مثلا عبد الرحمان البخاري،ولوتزوج عبد الرحمان فرنسية أسلمت لبقي اسم ابنه أوابنته البخاري، فنسب الأب ثابت، والأمهات،وإن تعددت من مغربية إلى مصرية إلى تونسية إلى فرنسية …لا تُغيير النسب. لذا كتبت أمهات محذوفة ،ووالدة كذلك،والله أعلم.
الرَّحْمَٰنِ
قال تعالى﴿إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَٰنِ عَبْدًا لقد أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا﴾ بساطالرحمانية هو بساط ظهور كل المقتضيات الكونية، هو بساط عام فيه الأنبياء ،والرسل ،وكافة المومنين،والكفار،كذا ابليس وأتباعه .الكل داخل تحت حكم اسمه تعالى الرحمن. فهو يلي في المرتبة اسم الجلالة.قال تعالى﴿قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِادْعُوا الرَّحْمَٰنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ ﴾لذا وردت كلمة الرحمن محذوفة الألف.وكل من حسن إسلامه، تنتخبه الرحيمية.
حلال – حرام
وردت لفظة “حلال”كلها محذوفة الألف في القران الكريم ،في حين وردت كلمة “حرام” كلها ثابتة إلا في موضع واحد.اعلم أن تغير الأحوال يغيرالأحكام ، فالشخص الواحد الذي لم يكن حاله الإضطرار،أَكْل الميتة في حقه حرام ،فإذا أضطر فأكلها حلال،فاختلف الحكم لاختلاف الحالة ،والعين واحدة.ومن هنا كانت حلال محذوفة الألف.لتستوعب جميع الأحوال.قال تعالى﴿وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلاما اضطررتم إليه﴾ فالمضطر لاتحجير عليه.والشيء الواحد قد يحتمل فيه الحلال والحرام.مثلا “لقمة خبز”حلال ،ولكن إن كانت مسروقة فهي حرام، وكذلك النكاح إذا كان من غيرعقد زواج فهو زنى…الخ.إلى غير ذلك من الإعتبارات التي وجب معها حذف ألف (الحلال).
حرام ثابتة كلها في القرآن الكريم،لبيان حدود الله فالحرام حد محدود لا يحب تجاوزه.ومعرفته واجبة.وأما الوحيدة المحذوفة الألف فلوجود قراءة ثانية﴿وحَرَام )وَحِرْمٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ﴾(الأنبياء 95) ومضمونها لا يشير إلى
حكم شرعي يتعبد به.
المــــــيـــــعاد
وردت كلمة (الميعاد)بألف ثابتة 5 مرات﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ﴾(آل عمران9) ﴿إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ﴾(آل عمران194)﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ﴾ (الرعد31)﴿قُلْ لَكُمْ مِيعَادُ﴾(سبأ30)﴿لَا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ﴾(الزمر20)، فمواعيد الله كلها ثابتة لأن كل شئ عنده مُقدرأَزلا بلا تقديم ولا تأخير،ومواعيد البشر يشوبها النسيان،والنفاق، والكذب.قال تعالى﴿وَلَوْ تَوَاعَدْتُمْ لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَدِ﴾(الأنفال42).
استطراد :ماالفرق بين كلمتى معاد و ميعاد؟(د.فاضل السامرائى):المعاد غير الميعاد.المعاد هو بلد الرجل من العَوْد،معاد إسم مكان بلد الرجل معاده لأنه يسافر ثم يعود.هناك فرق بين المعاد والميعاد: المعاد من عاد والميعاد من وعد (مفعال – موعاد) أصلها موعاد سكن حرف العلة وقبلها كسرة فيصير ميعاد. إذن المعاد من عاد من العوْد إسم مكان،المعاد هو البلد،بلد الإنسان هو معاده،البلد الذي يعيش فيه لأنه مهما ذهب يعود إليه فهو معاده ،والميعاد من عاد، الميعاد هو الموعد ﴿إِنَّ اللّهَ لاَ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ﴾(الرعد31) يعني لا يخلف الموعد ولا يصح أن يقال لا يخلف المعاد.﴿إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ ﴾(هود81) هذا موعد من ميعاد،﴿حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ﴾ (الرعد31) ﴿وَلَن يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ﴾(الحج 47).قسم قال المعاد هو الحشر والجنة باعتبار الناس يعودون، أو الجنة لأنه تعود إليهم حياتهم.نقول نعود إلى المعاد في الميعاد.
قال تعالى﴿فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾(البقرة22)﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ﴾(البقرة165)﴿وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ ﴾(ابراهيم 30)﴿إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْدَادًا﴾ (سبإ33) ﴿وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ﴾(الزمر8).
الند :المثل والنظيروالشريك.وردت ثابتة الألف في القرءان كله بمعنى أن من يعبدهم يساوي بينهم وبين الله في ربوبيته،ويحبوهم كحب الله.ولو كانت محذوفة الألف لأفادت أن هذا ندا لله 100 في 100 وهذا 50 في المائة والأخرأكثر أوأقل. الثابت يفيد التساوي بين هذا الوثن الذي جعله هؤلاء القوم ندا لله،والآخر الذي اتخذه اخرون ندا لله. والله اعلم.
الملأ – الملؤا
وردت كلمة “الملأ “بالألف في كثير من الآيات القرآنية الكريمة،كقوله تعالى ﴿وقال فرعون ياأيها الملأ ماعلمت لكم من إله غيري﴾(القصص 38).الملأ تشير إلى عامة الناس ،سواء كانوا فقراء أم أغنياء.وكذا قوله تعالى ﴿قال الملأ الذين استكبروا من قومه للذين استضعفوا لمن آمن منهم أتعلمون أن صالحاً مرسلاً من ربه﴾(الأعراف 75).هم سواسية سواء من اتصف بالاستكبار أم من اتصف بالضعف. وكذلك الاية﴿ياأيها الملأ أفتوني في رؤياي إن كنتم للرؤيا تعبرون﴾ (يوسف 43)الملأ هم عامة الناس. قال تعالى في سورة هود﴿فقال الملأ الذين كفروا من قومه مانراك إلابشراً مثلنا ومانراك اتبعك إلاالذين هم أراذلنا بادي الرأي ومانرى لكم علينامن فضل بل نظنكم كاذبين﴾كذلكتشيرلعامة الناس.
أما الآية الكريمة ﴿لايسمعون الى الملأ الأعلى ويقذفون من كل جانب﴾(الصافات8) كتبت﴿الملأ ﴾بالرسم المعتاد لأن كل الملائكة هم من الملأ الأعلى.
ووردت أربعة مرات بالواو” الملؤا “في قوله تعالى﴿قالت ياأيها الملؤا إني ألقي إلي كتاب كريم﴾ (النمل 29).الملؤا(زيادة المبنى زيادة المعنى)تشير الى أصحاب العلم،والجاه،والسلطة،فملكة سبأ تستشير أصحاب القرار،المقربين منها من وزراء وقادة عسكريين﴿قالت ياأيها الملؤا أفتوني في أمري ما كنت قاطعة أمراً حتى تشهدون﴾(النمل 32)،وكذلك التي وردت في سورة المومنون في الآيتين 24 و25 قصة نوح مع قومه﴿فقال الملؤا الذين كفروا من قومه ما هذا إلا بشرمثلكم يريد أن يتفضل عليكم ولو شاء الله لأنزل ملائكة ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين﴾هم عِلْيَةُ القوم. أماقوله تعالى﴿قال ياأيها الملؤا أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين﴾(النمل 38).سيدنا سليمان على نبينا وعليه السلام يخاطب المقربين منه،من جن وإنس أصحاب القوة والعلم ﴿قال عفريت من الجن﴾﴿قال الذي عنده علم من الكتاب والله اعلم.
رسم (لكيلا) و (لكي لا)و(كي لا)
وردت”لكيلا “4 مرات.و”لكي لا“مرتين و”كي لا“مرة واحدة.
قال تعالى﴿مَا أَفَاءَاللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ وَمَاآَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُوَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ (الحشر7) كي حرف مصدري يفيد التعليل فهي تعلل الكلام الذي قبلها،و”لا” النافية تبين فائدة التعليل أي حتى لايؤدي ذلك إلى تَكَوُّن فئة تستبد بالمال ولم تدخل اللام (التوكيدية)على كي لأن مسالة الفئ خاصة بالله ورسوله.
(كي لا) مثلها مثل (لكي لا) الفرق أن الأولى خاصة بالله ورسوله فحذفت لام التوكيد فهي نافية و كي لا تعليلية.
قال تعالى﴿وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَااللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا﴾(الأحزاب 37) فصل(لكي)على (لا) لإظهارلا النافية ﴿لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ﴾ فلا حرج في ذلك على المومنين .
قال تعالى﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آَتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾(الأحزاب50) (لكيلا) متصلة الرسم للتعليل،وهذه من خصوصيته صلى الله عليه وسلم أما الآية ﴿إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾آل عمران 153 .للتعليل ونفي الحزن عن المؤمنين.فقد جاء الرسم متصلا (لكيلا).ومثله في الآية ﴿مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (22) لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آَتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ(23﴾ (الحديد) للتعليل فكل ما يصيبنا هو مقدرأزلا عند الله ﴿يأَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِمُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا ﴾ (6) للتعليل فمن يرد إلى أرذل العمرلامحالة تضعف ذاكرته ويعتريه النسيان لذا وردت معها من التبعيضية “من بعد علم“ولوالقليل من العلم. ووردت في آية اخرى منفصلة (لكي لا) في قوله تعالى﴿وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لَا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ﴾(النحل70).لم يرد هنا التبعيض فلا يعلم بعدعلم وأن كان كثيرا شيئا،فينسى كل شئ وربما نسي أكله ومشربه وقرابته،فآية سورة الحج نفت قليل العلم وربما ينسى الفلاح كفية الحرث والغرس وربما ينسى الاكل والشرب بينما آية النحل نفت من رد إلى أرذل العمروكان يعلم علوما كثيرة ومتنوعة وذا اطلاع بالكثير ،وأرذل العمر آخره الذي تفسد فيه الحواس ،ويختل فيه النطق والفكر،ونعت بالأرذل ،لأنه حال لا رجاء بعدها لإصلاح ما فسد.كان صلى الله عليه يستعيذ بالله من ارذل العمر(البخاري).والناس يتفاوتون في مقدار ذلك الجهل قال تعالى(وَمِنْكُمْ)بمعنى أنه ليس كل من كبروشاخ ،يُردّ إلى أرذل العمر،بل ومنهم من يكبرويحفظ الله عليه عقله وسمعه وبصره مثلها (ومن نعمرنَـنْكُسه في الخلق)بالتخفيف تعني مع كبر سنه بقي يسمع ويمشي.(نــنَكِّسُه) بالتشديد تعني قل سمعه ،ضعف بصره ،اصبح يتحرك ببطء والله اعلم.
امرأة – إمرأت
الايات التي جاءت فيها مبسوطة هي:﴿امرأت عمران﴾(آل عمران).﴿امرأت العزيز﴾ (يوسف في موضعين)﴿امرأت فرعون﴾(القصص)﴿امرأت لوط ﴾(التحريم)﴿ امرأت نوح﴾ (التحريم) ﴿امرأت فرعون﴾(التحريم).
بتاء مبسوطة وردت في حق المرأة المعروف زوجها والمنسوبة إليه.
وبتاء مربوطة وردت اربعة مرات حينما يكون الزوج غير معروف﴿وامراة مومنة﴾﴿وإن امراة خافت من بعلها﴾.والله اعلم.
معدودة – معدودات
قال تعالى﴿وقالُواْ لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَّعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِندَ اللّهِ عَهْداً فَلَن يُخْلِفَ اللّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللّهِ مَالاَتَعْلَمُونَ﴾(البقرة 80).معدودة جمع كثرة، وورد قولهم هذا تباعا لتحريفهم للتوراة.قال تعالى قبلها﴿فوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَـذَامِنْ عِندِ اللّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَ﴾البقرة79).أما الاية﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَّعْدُودَاتٍ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ﴾(آل عمران24) ورد ذكر معدودات وهو جمع جمع قلة،وهذا الفريق التوراة التي بين أيديهم صحيحة ولم يَحكموا بها ويفترون على الله الكذب.فالصنف الأول حرف كتابة﴿إنَ الَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ﴾(النساء46)والصنف الثاني حرف قولا﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُواْ آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هِادُواْ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِن بَعْدِ مَوَاضِعِهِ﴾(المائدة 41) فالقائلين معدودة كتبوها في كتبهم جاء معها قوله تعالى”يكتبون” فبالغوا لأن لا أحد يسمعهم ويراقبهم.والقائلين معدودات قالوها بأفواههم، فقللوا من عدد الأيام أخذا بالاعتبار السامع لهم ،والله اعلم.
يـــــدرؤا
خالف القرءان الكريم اللغة العربية في كتابة هذه الكلمة(يدرؤا عوض يدرأ)اشارة الى قوله تعالى(وَيَدۡرَؤُاْعَنۡهَا ٱلۡعَذَابَ أَن تَشۡهَدَ أَرۡبَعَ شَهَٰدَٰتِۢ بِٱللَّهِ إِنَّهُۥ لَمِنَ ٱلۡكَٰذِبِينَ وَٱلۡخَٰمِسَةَأَنَّ غَضَبَ ٱللَّهِ عَلَيۡهَآ إِن كَانَ مِنَ ٱلصَّٰدِقِينَ)فإن كات كاذبة فالعذاب لاحق بها لامحالة ،وإن كانت صادقة فلا يدرأعنها العذاب كليا ،اذ ليس من يشهد لها بصدقها،لقد تلطخت سمعتها،وتكلم الناس عنها،واشارت الأصابع إليها،ونال العار أهلها. فهذا العذاب سيلاحقها طيلة حياتها وربما سيمنعها من الزواج ثانية،والله اعلم.
اتــــوكؤا
قال تعالى﴿هي عصاي اتوكاؤا عليها وأهش بها على غنمي ولي فيها مآرب اخرى﴾ لم تكتب موافقة للغة (أتوكأ)لأنها ترى في ظاهرها عصا يتوكأعليها،طلبا للراحة ويهش بها على غنمه،ويدفع بها الآذى عن نفسه. وفي الحقيقة هي عصا معجرة نفعت في الكثير من المواقف: إنقلبت حية امام سحرة فرعون فأسلموا، وضرب بها البحر فانفلق،وضرب بها الصخر فانبسجت منه اثنى عشرعينا.فهي عصا لا كباقي العصي.وهذا سر قول الحق تعالى ﴿ماتلك بيمينك يا موسى﴾.
نَشَٰٓؤُاْ
قال تعالى( قَالُواْ يَٰشُعَيۡبُ أَصَلَوٰتُكَ تَأۡمُرُكَ أَن نَّتۡرُكَ مَا يَعۡبُدُ ءَابَآؤُنَآ أَوۡ أَن نَّفۡعَلَ فِيٓ أَمۡوَٰلِنَا مَا نَشَٰٓؤُاْۖ إِنَّكَ لَأَنتَ ٱلۡحَلِيمُ ٱلرَّشِيدُ ﴾.أولالامشيئة الا مشيئة الله الكل ناصيته بين يد خالقه﴿وما تشاءون إلا أن يشاء الله﴾فمشيئة الله سابقة، ومشيئة المخلوق لاحقة. ثانيا سيدنا شعيب عليه السلام لم يأمرهم أن يفعلوا في أموالهم ما يشاءون لا،لا. أمرهم أن يتركوا ما كان عليه ءاباؤهم من عبادة الأوثان هذا نعم،ربما قالوا هذا على سبيل السخرية كقولهم (إنك لأنت الحليم الرشيد) فقوم شعيب كانوا يبخسون الناس أشياءهم،والبخس النقص،فيغشون في الميزان،وفي تقدير مجهود العامل عندهم،ولايعطون صاحب الحق حقه،ونَسبوا المشيئة إليهم ،ولايعملون بما يُرضي الله ،ولا مشيئة الا مشيئة الله.لذا ورد معها الحذف( نَشَٰٓؤُاْ ).
ٱلضُّعَفَٰٓؤُاْ
قالتعالى﴿ وَبَرَزُواْ لِلَّهِ جَمِيعٗا فَقَالَ ٱلضُّعَفَٰٓؤُاْ لِلَّذِينَ ٱسۡتَكۡبَرُوٓاْ إِنَّا كُنَّا لَكُمۡ تَبَعٗا فَهَلۡ أَنتُم مُّغۡنُونَ عَنَّا مِنۡ عَذَابِ ٱللَّهِ مِن شَيۡءٖۚ ﴾(ابراهيم21) اذا افترضنا وجود ضعفاء في النار،وجب علينا افتراض بأن هناك أقوياء .وفي نار جهنم الكلسواسية أمام العذاب، فلا وجود لضعيف ولا لقوي.القرءان يحكي لنا عن حالهم ونظرتهم الدنيوية لأنفسهم التي لازمتهم حتى في جهنم،وبحثهم عن المعاذير بغية التخفيف فخالف القرءان اللغة ليشيرأن ليس في الاخرة قوي وضعيف ولاوجود لظروف التخفيف،وحذفها(ٱلضُّعَفَٰٓؤُاْ) يشير كذلكالى بطلان قولهم ،ووافقت كلمة ضعفاء اللغة في قوله تعالى ﴿ليس على الضعفاء﴾.
شُفَعَٰٓؤُاْ
قال تعالى﴿ وَيَوۡمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ يُبۡلِسُ ٱلۡمُجۡرِمُونَ وَلَمۡ يَكُن لَّهُم مِّن شُرَكَآئِهِمۡ شُفَعَٰٓؤُاْ﴾الروم كيف يمكن أن يكون للمجرمين شركاء،شفعاء لهم،ومن صنفهم .مجرمون على شاكلتهم فهؤلاء ليسوا بشفعاء، لذا خالف الرسم اللغة،والحذف للتنقيص فشفاعتهم غير مقبولة،وغير ثابتة . وكتبت موافقة للغة في سورة الزمر(أَمِ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ شُفَعَآءَۚ قُلۡ أَوَلَوۡ كَانُواْ لَا يَمۡلِكُونَ شَيۡٔٗا وَلَا يَعۡقِلُونَ)لأن أي شفاعة هي بإذن الله(قُل لِّلَّهِ ٱلشَّفَٰعَةُ جَمِيعٗا) وفي الاعراف(قَدۡ جَآءَتۡ رُسُلُ رَبِّنَا بِٱلۡحَقِّ فَهَل لَّنَا مِن شُفَعَآءَ فَيَشۡفَعُواْ لَنَآ أَوۡ نُرَدُّ فَنَعۡمَلَ غَيۡرَ ٱلَّذِي كُنَّا نَعۡمَلُۚ)أقروا بأن رسل الله جاؤا بالحق، ويبحثون عن شفعاء حقيقين. والله أعلم
دُعَٰٓؤُاْ
قال تعالى﴿ قَالُوٓاْ أَوَ لَمۡ تَكُ تَأۡتِيكُمۡ رُسُلُكُم بِٱلۡبَيِّنَٰتِۖ قَالُواْ بَلَىٰۚ قَالُواْ فَٱدۡعُواْۗ وَمَا دُعَٰٓؤُاْ ٱلۡكَٰفِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَٰلٍ﴾لافائدة من الدعاء وهم في سعير جهنم ، انقطعت الوسائط. والاسباب ودعاؤهم في ضلال لا ياتي بنتيجة،لأن المكان والزمان لم يعودا يسمحا باستجابة الدعاء،فالحكم سابق(فريق في الجنة وفريق في السعير) .والحذف(دُعَٰٓؤُاْ ) للتنقص والتنكير.ووردت كلمة دعاء موافقة للغة في أيات اخرى .
ٱلۡعُلَمَٰٓؤُاْۗ
قال تعالى ( إِنَّمَا يَخۡشَى ٱللَّهَ مِنۡ عِبَادِهِ ٱلۡعُلَمَٰٓؤُاْۗ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ(فاطر) وقال تعالى فيسورة الشعراء : (أَوَ لَمۡ يَكُن لَّهُمۡ ءَايَةً أَن يَعۡلَمَهُۥ عُلَمَٰٓؤُاْ بَنِيٓ إِسۡرَٰٓءِيلَ ).
العلمؤا :بالتعريفوالهمزة فوق الواو والزائد(الألف الذي يظهر في الرسم ولا ينطق)هم العلماء بالله العارفون بأسمائه وصفاته،والمعرفة تؤدي الى خشية الله فما فرت الحمرالمستنفرة من قسورة إلابمعرفتها ببطشه،هو العلم الذي ظهر به ءادم على الملائكة،ونال شرف السجود له.قال تعالى(وَعَلَّمَ ءَادَمَ ٱلۡأَسۡمَآءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمۡ عَلَى ٱلۡمَلَٰٓئِكَةِ فَقَالَ أَنۢبُِٔونِي بِأَسۡمَآءِ هَٰٓؤُلَآءِ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ قَالُواْ سُبۡحَٰنَكَ لَا عِلۡمَ لَنَآ إِلَّا مَا عَلَّمۡتَنَآۖ إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡعَلِيمُ ٱلۡحَكِيمُ قَالَ يَٰٓـَٔادَمُ أَنۢبِئۡهُم بِأَسۡمَآئِهِمۡۖ فَلَمَّآ أَنۢبَأَهُم بِأَسۡمَآئِهِمۡ قَالَ أَلَمۡ أَقُل لَّكُمۡ إِنِّيٓ أَعۡلَمُ غَيۡبَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَأَعۡلَمُ مَا تُبۡدُونَ وَمَا كُنتُمۡ تَكۡتُمُونَ ).
قال تعالى(وَمَا يَعۡلَمُ تَأۡوِيلَهُۥٓ إِلَّا ٱللَّهُۗ وَٱلرَّٰسِخُونَ فِي
ٱلۡعِلۡمِ يَقُولُونَ ءَامَنَّا بِهِۦ كُلّٞ مِّنۡ عِندِ
رَبِّنَاۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّآ أُوْلُواْ ٱلۡأَلۡبَٰبِ)(ال عمران) هذا محل خلاف القراء في موضع الوقوف هل هوعلى لفظ العلم(وَمَا يَعۡلَمُ تَأۡوِيلَهُۥٓ إِلَّا ٱللَّهُۗ وَٱلرَّٰسِخُونَ فِي ٱلۡعِلۡمِ)وهذا يفيد أن الراسخين في العلم كذلك يعرفون تاويله.وإذا كان الوقوف على لفظ
الجلالة ثم نقرأ(وَٱلرَّٰسِخُونَ فِي ٱلۡعِلۡمِ يَقُولُونَ ءَامَنَّا
بِهِ)فرسوخهم في العلم هومعرفتهم
ان الامور كلها راجعة الى الله ومافي الوجود الاصفاته واسمائه وتجلياتها،ونحن
نسميها أفراح وأتراح،ووقائع و أحداث،ونسخط على أحوال الطقس،وقساوة الطبيعة. فما ثم الا شؤونه تعالى، كيفما تكونت وتشكلت وتعددت.فالمعصية
تأثير اسمه المضل والطاعة ظهرت من مقتضى الاسم الهادي،والكل راجع الى عين واحدة
الى اسم الجلالة ” الله”.قال سيدنا موسى عليه السلام ( إن هي إلا فتنتك).قال تعالى في سورة النساء (لَّٰكِنِ
ٱلرَّٰسِخُونَ فِي ٱلۡعِلۡمِ مِنۡهُمۡ وَٱلۡمُؤۡمِنُونَ يُؤۡمِنُونَ بِمَآ
أُنزِلَ إِلَيۡكَ وَمَآ أُنزِلَ مِن قَبۡلِكَۚة أَجۡرًا عَظِيمًا)وعطف المومنين على الراسخين في العلم وقدمهم في الذكر، وحذفت كلمة(ٱلرَّٰسِخُونَ
)لأنهم ليسوا سواسية في العلم .وفي اية اخرى بين الحق تعالى هاته الفئة المتصفة
بالعلم،ومعرفة الله،وعطفها على الملائكة ،وعلى شهادة الحق تعالى(شَهِدَ ٱللَّهُ أَنَّهُۥ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ وَٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ
وَأُوْلُواْ ٱلۡعِلۡمِ قَائِمًا بِالقِسْطِ لاَ إِلَهَ الاَّ هُو العَزيِزُ الحَكِيمُ
).(ال عمران). قال تعالى(والذين أتوا العلم والايمان) وقدم العلم على الايمان،هوالعلم بالله وبأسمائه وصفاته ومعرفة نبيه
،فهذ العلم كُلٌ والايمان جزءً،
ومن هنا صح عطف الجزء على الكل. أما قوله تعالى (أَوَ لَمۡ يَكُن لَّهُمۡ ءَايَةً أَن يَعۡلَمَهُۥ عُلَمَٰٓؤُاْ
بَنِيٓ إِسۡرَٰٓءِيلَ )( الشعراء) وردت (عُلَمَٰٓؤُا) نكرة ،والنكرة مطلقة،وميزتهم
الاية رسما للرفع من قدرهم،هم الذين كانوا على علم ببعثة سيدنا محمد
،قال تعالى( ٱلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ٱلرَّسُولَ ٱلنَّبِيَّ ٱلۡأُمِّيَّ ٱلَّذِي
يَجِدُونَهُۥ مَكۡتُوبًا عِندَهُمۡ فِي ٱلتَّوۡرَىٰةِ وَٱلۡإِنجِيلِ يَأۡمُرُهُم
بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَيَنۡهَىٰهُمۡ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ ٱلطَّيِّبَٰتِ وَيُحَرِّمُ
عَلَيۡهِمُ ٱلۡخَبَٰٓئِثَ وَيَضَعُ عَنۡهُمۡ إِصۡرَهُمۡ وَٱلۡأَغۡلَٰلَ ٱلَّتِي
كَانَتۡ عَلَيۡهِمۡۚ فَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِهِوَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ
وَٱتَّبَعُواْ ٱلنُّورَ ٱلَّذِيٓ أُنزِلَ مَعَهُۥٓ أُوْلَٰٓئِكَ هُمُ
ٱلۡمُفۡلِحُونَ) كعبد الله بن سلامة الصحابي الجليل .وفي
زمن سيدنا موسى كان الخضر كذلك من علماء بني اسرائيل.قال تعالى(فوجداعبدا من عبادنا ءاتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من
لدنا علما)وفي زمن سيدنا سليمان كان وزيره آصف بن برخيا (وقال الذي عنده علم من الكتاب)فمعرفة اسماء الله وصفاته،ومعرفة نبيه”ما عرفني
حقيقة غير ربي” (البخاري) يرفعان الذاكر الى مقام (ٱلۡعُلَمَٰٓؤُاْۗ) ،ووردت محذوفة الألف(الألف بعد الميم) لتفاوتهم في درجات العلم. ورد
في الحديث:إن العلماء ورثة الأنبياء وإن الأنبياء لم يورِّثوا دينارًا ولا درهمًا،إنَّما ورَّثوا
العلم (رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه وابن حبان)هؤلاء هم العلماء الذين وصفهم الله بالخشية ليس كل من حصل على شهادة دراسية يعتبر من ورثة
الأنبياء بل العلماء الذين اخذوا العلم عن الله عن طريق الهبة (علمناه من لدنا
علما)(واتقوا الله ويعلمكم الله) لاعن طريق الكسب والتعلم ،أي أصحاب العلوم الدنيوية، فكم من عالم بالذرة،أو بالفلك،أوعلوم
الفضاء هو من الملحدين. وعلم الله شامل ،وحيثما
تصل الرحمة يصل العلم (ربنا
وسعت كل شئ رحمة وعلما) ولا
أحد بمقدرته الإحاطة بعلم الله (ولا
يحيطون بعلمه الا بما شاء)ومن لايحاط بعلمهكيف يحاط بذاته؟ هيهات
هيهات،فالعلم جزء والخالق كل،والجزء لايحاط بالكل. فمن أوصله “علمه” الى
أن هناك حلول أو وحدة أو إتحاد،فهو في ضلال بعيد، مبين(سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد
لله رب العالمين) والله اعلم.
يُنَبَّؤُاْ
قال تعالى﴿يُنَبَّؤُاْ ٱلۡإِنسَٰنُ يَوۡمَئِذِۢ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ﴾كتبت بالهمزة فوق الواو والزائد ،فهو نبأ عظيم ،يخبر الإنسان بما عمل في حياته الدنيوية ،بعدما قضى في قبره قرونا عديدة(مال هذا الكتاب لايغادر صغيرة ولاكبيرة إلا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضرا﴾.
تفتؤا
قال تعالى﴿قالوا تالله تفتؤا تذكر يوسف حتى تكون حرضا أوتكون من الهاكين﴾ كتبت(تفتؤا)مخالفة للعربية (تفتأ)أقسموا بالله (تالله)أن إصرار أبيهم على الحزن على يوسف،سيؤدي به الى اصابته بمرض عضال ،أويموت، كأنهم يعلمون الغيب، ؟؟ فلا هو أصيب بمرض عضال،ولاهو مات، فكتبت (تفتؤا) حتى اللغة العربية أنكرت كلامهم،وقسمهم ،ولم تسايره.فلا يعلم الغيب الا الله.والله أعلم.
يعبؤا
قال تعالى﴿قل ما يعبؤا بكم ربي لولا دعاؤكم﴾(الفرقان). يعبأ :من العبءوهو الثقل. فالعبء :الحمل الثقيل،والجمع أعباء.و”ما “نافية.ما يعبؤا،تعني ما يبالي ولا يكترث بكم إذا لم تعبدوه ، والذي يبالي هو من يخشى فوت منفعة ،أوحصول ضرر،وهو تعالى غني عن العالمين لا تنفعه طاعة طائع ،ولا تضره معصية عاص﴿هو الرزاق ذو القوة المتين﴾.
قال تعالى﴿كتب ربكم على نفسه الرحمة﴾ فقيد نفسه رحمة بنا،ومن هذا الباب هو يعبأ بنا،ويستجيب لدعائنا.و(لولا) حرف شرط وامتناع ،والله اعلم.
يبدؤا
قال تعالى﴿هوالذي يبدؤا الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه﴾ رسمت(يبدؤا) مخالفة اللغة (يبدأ)لأن البداية عين النهاية﴿كما بدأنا أول خلق نعيده﴾﴿وماخلقكم ولا بعثكم كنفس واحدة﴾.قال تعالى ﴿هو الاول والاخر﴾فهو تعالى أول في عين آخريته ،وآخر في عين أوليته،لأنه واحد من جميع الوجوه.وبدأه للخلق وإعادته من صفات ربوبيته لايشاركها فيها أحد،والله اعلم.
طـــــائـــف
قال تعالى﴿فَطَافَ عَلَيۡهَا طَآئِفٞ مِّن رَّبِّكَ وَهُمۡ نَآئِمُونَ ﴾(القلم) وردت طائف بالألف الثابتة،لأنه طائف قوي تابع للربوبية،لايمكن رده أو مقاومته وإبعاده .
أمافي الاعراف ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوۡاْ إِذَامَسَّهُمۡ طَٰٓئِفٞ مِّنَ
ٱلشَّيۡطَٰنِ تَذَكَّرُواْفَإِذَا هُم مُّبۡصِرُونَ)
فكتبت محذوفة الألف﴿ طَٰٓئِفٞ ﴾لأن طائف الشيطان ضعيف يمكن صرفه
بالاستـعاذة بالله،وبالتحصن بالأذكارالتي تبعده،ولوكانت ثابتة الألف لكان أذى
الشيطان ثابت والآية نفت ذلك،وعبرت بالمس﴿إذا مسهم﴾أي أن الأمر
لايعدوعن كونه طارئا سرعان مايزول﴿تذكروا
فإذا هم مبصرون﴾ووردت محذوفة كذلك لوجود قراءة ثانية
ب﴿طَيْفٌ﴾ولوجود التفاوت بين إصابة شخص بالمس وإصابة آخر.فالطائف أخف من
الطيف،وسمي طائفا لكونه عابرا لا يدوم.وأما الطيف فهو في كلام العرب ضرب من
الجنون. أما كلمة طائفة فهي ثابتة في القرءان كله. والله أعلم.
الـــقهار
ورد اسمه تعالى(القهار)وهو اسم جلالي في القرآن الكريم في موضع واحد بالحذف،وهو قوله﴿قُلِ ٱللَّهُ خَٰلِقُ كُلِّ شَيۡءٖ وَهُوَ ٱلۡوَٰحِدُ ٱلۡقَهَّٰرُ أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ فَسَالَتۡ أَوۡدِيَةُۢ بِقَدَرِهَا فَٱحۡتَمَلَ ٱلسَّيۡلُ زَبَدٗا رَّابِيٗاۖ (الرعد) وورد في خمسة مواضع كلها بالإثبات لاتحتمل الحذف:﴿يَاصَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ﴾ (يوسف).هنا ورد ذكرالأرباب والله واحد،لارب غيره ،فاقتضى أن يكون قهره لكل من سواه بَيِّناً ثابتا.
قال تعالى﴿يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ﴾ (إبراهيم)، وفي غافر﴿يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ﴾الايتان تشيران الى تجلي القهاريوم القيامة فلا يحق معهما إلا الإثبات.
قال تعالى في سورة ص﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا مُنْذِرٌ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ﴾هذا توحيد يجب معه اثبات ألف القهار.
قال تعالى﴿لَوْأَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا لَاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ سُبْحَانَهُ هُوَاللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ﴾ (الزمر) هذه الاية تنزيه لله،أن يكون له ولد ،تنزيه صريح أوجب اثبات القهر.والايات السابقة الذكر التي ورد بها ذكر اسم الجلالة “الله”رئيس الأسماء الإلهية،وكل مقتضى إسم من الأسماء الإلهية،إلا وهوراجع إليه في ظهوره، فعندما نقول يا الله اشفني،فنحن تطلب مقتضى اسمه تعالى الشافي، لهذاعندما ورد القهارمع الجلالة ورد ثابت الألف لأن جَلاَلَه وقهره تحت حكم الإسم الرئيس.أما اية سورة الرعد ﴿وَهُوَ ٱلۡوَٰحِدُ ٱلۡقَهَّٰرُ أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ فَسَالَتۡ أَوۡدِيَةُۢ بِقَدَرِهَا فَٱحۡتَمَلَ ٱلسَّيۡلُ زَبَدٗا رَّابِيٗاۖ وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيۡهِ فِي ٱلنَّارِ ٱبۡتِغَآءَ حِلۡيَةٍ أَوۡمَتَٰعٖ زَبَدٞ مِّثۡلُهُ) نزول الماء تابع لإسمه تعالى القهار(ٱلۡقَهَّٰرُ أَنزَلَ)،اسم جلالي حذفت ألفه لكي ينزل الماء بقدر، فلو كانت قهار ثابتة الألف لكان جلال هذا الاسم ثابتا ،ومقتضاه مضرا،ولنزل المطر بدون انقطاع ،وأهلك الزرع والضرع ،فحذف الالف يجعل جلال القهار يسري فيه اللطف،ويتغيرقهره من مكان الى مكان(والبلدان التي تتضرر بالمطر قليلة)،ولم يذكر معه اسم الجلالة “الله”،والهوية (وَهُوَ ٱلۡوَٰحِدُ ٱلۡقَهَّٰرُ) تشير الى ان الذات الإلهية لاتدركها العبارة ولا تبلغها الاشارة. اما اسمه تعالى القاهر فورد مرتين في سورة الانعام 18﴿وهو القاهر فوق عباده وهو الحكيم الخبير﴾والاية 61﴿وهو القاهر فوق عباده ويرسل عليكم حفظة﴾ والفوقية اقتضت إثبات ألف قاهر.والله اعلم .
تم بفضل الله وعونه هذا الجزء من هذه المحاولة البسيطة في الكشف عن بعض اسرار الرسم القرءاني ،وحسبي أن هذا جهدي، (فَإِن لَّمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ)
فإن تجد عيبا فسد الخللا**فجل من لاعيب فيه وعلا
واستغفر الله لي ولكم ولسائر المومنين والمومنات ،المسلمين والمسلمات الاحياء منهم والاموات سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.
الفقير الى عفو ربه محمد بن المبارك لحمـيتي رمضان سنة 1437 هـ الموافق 2016 ميلادية .