مصطلح “الإنسان الكامل” نظرة تحليلية

مصطلح “الإنسان الكامل” نظرة تحليلية

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الانبياء والمرسلين،وعلى مولاتنا فاطمةَ الزهراء سيدة نساء العالمين،وعلى سيدتنا خديجةَ الكبرى امِّ المومنين،وعلى اله وصحبه اجمعين.هذه الدراسة هي نظرة تحليلية الى مصطلح “الانسان الكامل” والى أي حد تتماشى نسبته ومعناه مع النبوة المحمدية،أول المخلوقين،وأول العابدين،المرسل رحمة للعالمين.

ٱلْإِنسَٰنُ

الوقوف على لفظ الإنس والناس وما بينهما من فرق يعيننا فيه الاشتقاق إذ الإنس مأخوذ من الإيناس،وهوضد التوحش،وسموا بذلك لإيناسهم.والمتتبع للسياق القرآني يجد أن كلمة الإنس تأتي لمعنى الأُنس،حتى أنها اقترنت بما يقابلها وهو الجن،الذي يدلُّ على الإجتنان والتوحش،ولاتجد ذلك في الناس،فالقرآن الكريم إذا أراد مخاطبة عالمي الإنس والجن ذَكَر لفظ (الإنس)،ولم يذكر(الناس)،لأنه هو الذي يقابل الجن من حيث المعنى (وَمَاخَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّالِيَعْبُدُونِ).              وكلمة إنس كذلك مأخوذة من النظر والإبصار.يقال: أنَسْته، وأنِسْته؛أي أبصرته وقيل للإنس، إنس.لأنهم يؤنسون؛أي يُبْصَرُون.   قال تعالى(فَإِنْ ءَانَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا)أي رأيتم،وقال جل شأنه(فَلَمَّا قَضَىٰ مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِن جَانِبِ الطُّورِنَارًا قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا)، أي أبصر.فالاستئناس في كلام العرب بمعنى النظر.والإيناس هو الإبصار والسماع .تقول آنست الشئ أي أبصرته وآنست الصوت أي سمعته،وإنسان العين هوما ينظربه،وهوالسواد الذي في العين. فهي تعني الظهوروالمعاينة لذا اقترنت بما يضادها :الجن لاجتنانهم،وعدم ظهورهم،ولايؤنس بهم. ولكل امرئ من اسمه نصيب.    وذُكرللإنسان معنى آخرهو:النسيان.فقد أورد ابن منظورعن ابن عباس قوله: إنما سمي الإنسان إنسانا؛لأنه عهد إليه فنسي(وَلَقَدْ عَهِدْنَآ إِلَىٰٓ ءَادَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِىَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ).وبهذا قال الكوفيون:إنه مشتق من النسيان،والنسيان علامة وجود العقل، فهوالذي يتذكر،وهوالذي ينسى،لأن النسيان لايكون إلاَّ بعد العلم،فسمي الإنسان إنسانا لأنه ينسى ما علمه؛في مقابلة الله الذي لاينسى(لَّايَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنسَى) والعلم مرتبط بوجود العقل لذا نجد القرآن الكريم يخاطبه بالقراءة والعلم (‏اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ‏‏)وهذه القابلية لاكتساب العلم والتعلّم تدعوه إلى التكليف،وأنه لم يكن ليخلق عبثاً،لذا خوطب بذلك(يُنَبَّأُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَاقَدَّمَ وَأَخَّرَبَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ)(وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّامَا سَعَى) وقد يحمله عقله على الغرور،فيدعى الربوبية،ويطلق لسانه بالجدل والمحاجة (خلَق الأْنسْان مِن نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ).وبالتالي فإن معنى الإنسان، يرجع إلى الظهور،والنسيان،والحركة،والتكليف.

                  لا تنْسَيَنْ تلك العهود فإنما●سميت إنسانا لأنك ناس                                  

وقال آخر:

لئن نسيت عهودا كنت موثقها●فاغفر فأول ناسٍ أول الناس

النَّاسُ

 أما كلمة الناس جاءت من النَّـوْس،فيقال ناس ينوس اذ تحرك.فكلمة الإنس لم تأت إلاَّمقترنة بالجن لخصوصها،أما الناس فتأتي مفردةً،غيرمقترنة بالجن،في مواضع ذكرالأحكام التعبدية والمعاملات والحدود،وغيرها لعموم لفظها؛إذ أمور العبادات والمعاملات تتطلب الحركة والتقلُّب في الحياة الدنيا.أما الناس،فهي جمع إنسان،لأن إنسان يجمع على أناسي وعلى ناس،أما الأُناس فهم مجموعة من الناس ليسوا كالجن(يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ).والناس أعم،والناس هو أحد جموع إنسان،ومعانيه تتعدد في القرآن الكريم،فأحيانا يرد بمعنى جميع الناس كقوله تعالى(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)فهذا شامل لكل الخلق.وأحيانا يكون معناه مراد به الأمم السابقة كلها،كقول(وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ) وأحيانا يكون معناه متوجها لطائفة معينة من الناس كالمنافقين(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآَخِرِوَمَاهُمْ بِمُؤْمِنِينَ) (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَىٰ حَرْفٍ).وأحيانا يكون المعنى متوجها لشخص واحد كصهيب، حين نزل فيه قول الله(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ). أوكنعيم بن مسعود الأشجعي الذي نزل فيه قوله تعالى(الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ).    وفي مثل هذه المواضيع العبرة بعموم اللفظ ،لا بخصوص السبب.

الــبشــر

كلمة البشر يقتضي حسن الهيئة،وذلك أنه مشتق من البشارة،وهي حسن الهيئة؛ يقال:رجل بشير،وامرأة بشيرة،إذا كانا حسنا الهيئة؛فسمي الناس بشرا لأنهم أحسن الحيوان هيئة،والقالب المحمدي هو أجمل،وأبهى وأكمل القوالب.وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم هو أجمل الخلائق على الإطلاق.

وَأَحسَنُ مِنكَ لَم تَرَ قَطُّ عَيني●وَأَجمَلُ مِنكَ لَم تَلِدِ النِّساءُ

خُلِقتَ مُبَرَّءً مِن كُلِّ عَيبٍ●كَأَنَّكَ قَد خُلِقتَ كَما تَشاءُ

قال تعالى(فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ)فالسجود بعد التسوية،لهذا سماه بشرا(إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ). وكلمة بشرمأخوذة كذالك من البَشَرة،وهي ظاهرالجلد،بخلاف كثيرمن المخلوقات التي يغطيها وبر،أو شعر،أو صوف فسمي بشراً باعتبارظهوربشرته،وهذا المعنى هوالغالب في أصل الاشتقاق تقول أبشرت الأرض أي أخرجت نباتها، وبشرت الأديم إذا قشرت وجهه،وتباشير الصبح أوائله.وقوله تعالى(لَوَّاحَةٌ لِّلْبَشَرِ)معناه مُغَيِّرَةٌ للبَشَرَاتِ ومُحَرِّقَةٌ للجلود مُسَوِّدَة لها.والبشريقع على الأنثى والذكر،والواحد والاثنين،والجمع،ويثنى . 

وقولنا بشريقتضي الظهور،وسموا بشرا لظهورشأنهم؛لأن آدم ظهرعلى الملائكة بسجودهم له.ويمكن أن يسموا بشرا على جهة التشريف الإلهي، قال تعالى(قَالَ يَٰٓإِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَىَّ) فباشرتعالى خلقه بيديه(كما يليق بتنزيه الحق تعالى)فسماه بشرا.وفي القرءان آيات كثيرة تشيرالى هذه المباشرة، وأصل الخلقة(وَهُوَ ٱلَّذِى خَلَقَ مِنَ ٱلْمَآءِ بَشَرًا)(إِنِّى خَٰلِقٌۢ بَشَرًا مِّن طِينٍۢ). وقد كان من جملة ما نَقَم الكفاربه على الرسل بَشَريتهم،لأنهم لم يكونوا يتصورون اتفاق الخلقة بينهم وبين الرسل،بل أرادواغيرجنس البشر،لكي يؤمنوا،لهذا كان إنكارهم مقروناً بتعجبهم من بشرية الرسل،قال تعالى(فَقَالُوا أَبَشَراً مِّنَّا وَاحِداً نَّتَّبِعُهُ إِنَّا إِذاً لَّفِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ)( قَالُواْ مَآ أَنتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُنَا)(فَقَالُوٓاْ أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا)(فَقَالُوٓاْ أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا)( وَلَئِنْ أَطَعْتُم بَشَرًا مِّثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذًا لَّخَٰسِرُونَ).

واقترن مع كلام المنكرين لفظ (مثلنا)أو(مثلكم)،مما يدلُّ على أنهم إنما أنكروا على الرسل المشابهة في الخلقة،لاغير.وكأن المنكرين رسالة البشر يتطلعون إلى إرسال الملائكة ،لأنهم لا يتصورون في الرسول المماثلة(وَقَالُواْ لَوْلَآ أُنزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنزَلْنَا مَلَكًا لَّقُضِىَ ٱلْأَمْرُثُمَّ لَايُنظَرُونَ)(وَقَالُواْمَالِ هَٰذَا ٱلرَّسُولِ يَأْكُلُ ٱلطَّعَامَ وَيَمْشِى فِى ٱلْأَسْوَاقِ لَوْلَآ أُنزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا)(مَاهَذَا إِلَّابَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ)بل إنَّ الرسل نفوا عن أنفسهم الصفة الملائكية حتى لا يبقى لمعترض حجة(وَلَا أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ).  

 فلفظ الإنسان موضوع له باعتبارالنسيان،أوباعتبارأنه يؤنس،والنوس الحركة ،أما لفظ البشر،فباعتبارأنه ظاهر البشرة،وباشره الله بيده.وسمي ملك من ملوك حُمير ذو نواس لضفيرتين كانتا تنوسان على عاتقه.          ومما تقدم نخلص إلى أن لفظ (البشر)مقصود منه أصل المادة،وحسن الهيأة وتناسق الأعضاء،كما صرحت بذلك آيات أصل الخلق،أو أن البشرسموا بذلك لظهورهم كما كشفت آيات الرسل،ويندرج تحتها من الآيات ما يراد منها الصورة كقوله تعالى(فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا)،وكذلك لبيان الجنس كما في قوله تعالى(أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ)

    وجاءت للتنقيص والتحقيرمن طرف ابليس اللعين(قَالَ لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُون)وعند من لاعلم لهم(وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ) (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَر) (فَقَالُوا أَبَشَرًا مِنَّا وَاحِدًا نَتَّبِعُهُ إِنَّا إِذًا لَفِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ)(فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّاسِحْرٌ يُؤْثَرُ إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ).وكلمة بشرتشمل كل الخلائق:(وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ).(قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى قَالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا).  (قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ). (وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّاوَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاىءِ حِجَابٍ).(قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ).(وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ).

       قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :”اللَّهُمَّ إِنَّمَا مُحَمَّدٌ بَشَرٌ يَغْضَبُ كَمَا يَغْضَبُ الْبَشَرُ(رواه مسلم) وقَال رسول الله صلى الله عليه وسلم:إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ أَنْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ{رواه احمد). قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:قَالَ إِنَّهُ خُلِقَ كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْ بَنِي آدَمَ عَلَى سِتِّينَ وَثَلَاثِ مِائَةِ مَفْصِلٍ فَمَنْ كَبَّرَاللَّهَ وَحَمِدَ اللَّهَ وَهَلَّلَ اللَّهَ وَسَبَّحَ اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ اللَّهَ …(مسلم) .

فكل انسان بشر،من أبناء آدم أبي البشر.وسمي بشرا لأنه خلق من بشرة الارض وهوإنسان لأنه يدب ،ويسعى في طلب الرزق ،ويتناسل،وينسى ،وحمل الامانة التي عرضت على السماوات والارض(إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولاَ)ووقع عليه الامر والنهي،فأطاع،وعصى وأصابه الضر واليأس (وَكَانَ ٱلْإِنسَٰنُ كَفُورًا)،( وَكَانَ الْإِنسَانُ قَتُورًا)،(إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا)(وَكَانَ الْإِنسَانُ عَجُولًا)،(ولَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ)إلى غير ذلك من تأثيرات الاسماء الالهية التي تعلقت بهذا الانسان.فهذه الصفة الانسانية،كانت محل تجل الاسماء الالهية ،كما اتصف ببعض أوصاف الربوبية كالمتكبر والجبار،بل ادعى الربوبية(فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَىٰ) وجادل في الخلق والبعث(وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا)(وَيَقُولُ الْإِنْسَانُ أَئِذَا مَامِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا)فآدم الذي باشرالله خلقه بيده،تبعته صفة البشر،التي تعني الصورة الظاهرة ،أما كلمة (الانسان)فجمعت فيها كل الصفات التي تشيرإلى اختلاف أديانه، ومعتقداته،وأخلاقه،وعاداته،وغرائزه،بيئته و…ولهذا كتبت بالألف المحذوفة.فالبشر والإنسان،وجهان لعملة واحدة، يدلان على صفات. والبرزخ الشقي اسمه ابليس،وصفته الشيطان(كتبت بالحذف، ٱلشَّيْطَٰنَ). وتبعت الإبليسية البشرية في الذكر من حيث عدم السجود في 9 مواضيع،وصاحبت الشيطانية الإنسانية طيلة حياته،وذكر خلق الإنسان وخلق الجان في تسلسل واحد وفصل بينهما،وبين خلق البشر. 

  قال تعالى(وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلْإِنسَٰنَ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإ مَّسْنُونٍ وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ مِن نَّارِالسَّمُومِ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ).فاجتمعت الصفتان(ٱلْإِنسَٰنَ)(بَشَرًا)في النشأة من صلصال من حمإ مسنون.

وكذا في الخلق من طين.قال تعالى(واذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ) (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ).  وورد مع ذكرالبشر اسم الفاعل(خَالِقٌ)الذي يعود على الحق تعالى،واخبرت الملائكة به،ومع الانسان ورد الفعل (خَلَقْنَا)الذي تعود على الاسماء الالهية وتشاجرها،فما نُعت به خلق البشر،نُعت به خلق الانسان: الخلق من صلصال   من حما مسنون،والخلق من طين.

ففي أول النشأة الإنسان هوالبشر،والبشرهو الإنسان.وتمييزا في الخلق: (خالق) و(خلقنا)اللتان اعطتا اختلافا في الصفات التي ظهربها كل واحد.وتدل على أن الانسان اذا جاهد نفسه يرجع الى الفطرة ،والى الخالق،ويخرج من تشاجر الاسماء الالهية،وينسلخ من إنسانيته التي ذمت في أكثر من اية ويرجع الى حقيقته البشرية.    

فلفظ الانسان أوالبشر يطلقُ في القرآن ويرادُ به جنسُ البشر،فلا يوجد فرق ، وأحياناً يرادُ بها الجملةُ من هذا الجنس،يعني أكثرهم،ويكونُ بعضهم وهو القلةُ، غيرداخلين في هذا الإجمال،كقوله الله تعالى(وَإِذَا مَسَّ ٱلْإِنسَٰنَ ٱلضُّرُّ دَعَانَا لِجَنۢبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَآئِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَن لَّمْ يَدْعُنَآ إِلَىٰ ضُرٍّۢ مَّسَّهُ كَذَٰلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ)                                                               ولفظ الإنسانُ لايتناولُ أفراد بني البشركلهم،لأنَّ الله تعالى ذمَّ هذه الصفة وأهلها وهذا لايُتَصورُفي حق عباده المتقين خصوصا الانبياء والرسل والكمل من الاولياء،فقد استثناهم كما في الآية(وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَآءَ بَعْدَ ضَرَّآءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَات عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ إِلاَّ الذين صَبَرُواْ وَعَمِلُواْ الصَالِحَاتِ أُولَئِكَ  لَهُمْ مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌكَبِير).وصفات الذم هي الغالبة في الصفة الإنسانية،وهذه الفروقُ تظهرُدائماً بتأمل سياق ورودها وتناسبها مع السابق واللاحق من الآيات. 

 وكقوله تعالى(خَلَقَ ٱلْإِنسَٰنَ مِن نُّطْفَةٍۢ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ)فهذا الإنسانُ المذمومُ هنا لايرادُ به أعيانُ الناس وأفرادهم،وإنما هو جنسٌ منهم،الذين قال الله عنهم في غيرهذه الآية (بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ). 

وعلى العموم القرءان الكريم لم يذكرالإنسان إلامقرونا بالنقص والعيب في 65 موضعا.بينما موارد البشر،موارد ثناء ومدح من غير استثناء .فيغلب بنا اليقين إلى القول أن البشر،هم الأنبياء والاولياء والمومنين الصالحين الذين جاهدوا أنفسهم وحسنوا أخلاقهم،وأصلحوا ظاهرهم.والإنسان هم باقي بني ادم،فمن حسنت أخلاقه،وصفا قلبه،وتعلق بنبيه ظاهرا وباطنا…فهوعلى الفطرة ومن البشر،ومن مال إلى ملذات الدنيا،ولم ينه النفس عن الهوى،حق عليه قوله تعالى(إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ) (إِنَّ ٱلْإِنسَٰنَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ)(وَيَدْعُ ٱلْإِنسَٰنُ بِٱلشَّرِّ دُعَآءَهُ بِٱلْخَيْرِوَكَانَ ٱلْإِنسَٰنُ عَجُولًا) (وَكَانَ ٱلْإِنسَٰنُ كَفُورًا)،(إِنَّ ٱلْإِنسَٰنَ لَكَفُورٌ) (كَمَثَلِ ٱلشَّيْطَٰنِ إِذْ قَالَ لِلْإِنسَٰنِ ٱكْفُرْ)،(قُتِلَ ٱلْإِنسَٰنُ مَا أَكْفَرَهُ)(إِنَّ ٱلْإِنسَٰنَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ)(كَلَّآإِنَّ ٱلْإِنسَٰنَ لَيَطْغَىٰٓ)(إِنَّ ٱلْإِنسَٰنَ لَفِى خُسْرٍ) (بَلْ يُرِيدُ ٱلْإِنسَٰنُ لِيَفْجُرَأَمَامَهُ)الى غيرذلك من الآيات،وحق عليه اسم الانسان.قال تعالى(فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا)قال(مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا) أي ولو واحد،وهذه إشارة إلى زكريا عليه السلام ،أما قوله تعالى(فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا )فهي عامة أي،أي شخص وجدته في طريقها.فهذه الاية نسبت زكريا إلى البشر،ونعتت الباقي ب“ٱلْإِنسَٰنُ”والله اعلم.                                                                                      وأطلقت كلمة بشرعلى الانبياء والرسل والاولياء(فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا)(قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إِلَّا بَشَرًا رَّسُولًا)( قُلْ إِنَّمَآ أَنَا۠ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰٓ إِلَىَّ)(وَمَا كَانَ لِبَشَرٍأَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّاوَحْيًا أَوْ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ) وفي حق مريم عليها السلام(قَالَتْ أَنَّىٰ يَكُونُ لِى غُلَٰمٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِى بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا) لأن مقامها هو مقام الصديقية.

فالخطاب القرءاني المتوجه للإنسان،لا يشمل الانبياء والرسل. 

 قال تعالى(ياأَيُّهَا ٱلْإِنسَٰنُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ)فلا يمكن ان يشمل هذا الخطاب سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ،ولا نوابه من الرسل والانبياء.

قال تعالى(هَلْ أَتَى عَلَى ٱلْإِنسَٰنِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا)وهوصلى الله عليه وسلم مذكورقبل خلق ادم،قال صلى الله عليه وسلم” كنت نبيا وآدم منجدل في طينته “.يقول الحلاج: “…همته سبقت الهمم،ووجوده سبق العدم،واسمه سبق القلم،لأنه كان قبل الأمم.”(الطواسين).

فالخطاب الموجه للإنسان لايشمل سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام،ولاموسى الكليم،ولا ابراهيم الخليل،ولا عيسى روح الله ولغيرهم من الانبياء. 

الخطاب يقع على الصفة الإنسانية ،وبني ادم متفاوتون في أخلاقهم، ومختلفون في ألسنتهم،وألوانهم،وعقائدهم،ومساكنهم،لهذا وردت كلمة إنسان في القرءان كله محذوفة الالف.  

   وجاء النداء ب(يا بني آ دم)يذكرهم بما وقع لأبيهم آدم حتى يكونوا على حذر من الشيطان(يَا بَنِي آدَمَ لاَيَفْتِنَنَّكُمُ ٱلشَّيْطَٰنُ)(يَابَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي) (ألَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لَّاتَعْبُدُوا ٱلشَّيْطَٰنَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ) (وَكَانَ ٱلشَّيْطَٰنُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا).أوفي مقام التكريم (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ)لأن الله كرمه بسجود الملائكة،وبالخلافة على الكون الالهي،فهو يتصرف في البروالبحر.                                                                         قال تعالى(لَقَدْ خَلَقْنَا ٱلْإِنسَٰنَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ)وهذا هوالانسان الكامل الذي خلق على صورة الرحمن “خلق الله ادم على صورته”(ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ) والضمير في رددناه يعود على الله ،إذا هي ليست صفة ذم.فردُّه أسفل سافلين بقضاء الله وقدره بدليل قوله تعالى(وَخُلِقَ ٱلْإِنسَٰنُ ضَعِيفًا)،(إِنَّ ٱلْإِنسَٰنَ خُلِقَ هَلُوعًا)فالانسان لا يولد كاملا إنما يمر بحالات نقص ومراحل جهل .. 

أما في الانسان الحيواني قال تعالى(إِنْ هُمْ إِلَّا كَٱلْأَنْعَٰمِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا)وقال (وَالَّذِينَ كَفَرُوايَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُمَثْوًى لَهُمْ)فالانسان أكمل الموجودات خلقا،وكل نوع من الموجودات ليس له ذلك الكمال في الوجود، فالانسان أتم المظاهر باشره الله بيده ،فاستحق أسم البشر دون غيره من الأعيان. ولابد لكل زمان من إنسان كامل،أي من واحد يتقدم أهل زمانه وهو المسمى الغوث،يكون على قدم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم،البشر النوراني على الدوام”أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولافخر(وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ).  وهو صلى الله عليه وسلم زيد نبيا،كاملا خَلقا وخُلقا،قال تعالى(وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍۢ)وقال له قل،فقال(إِنَّمَآ أَنَا۠ بَشَرٌ)وقال صلى الله عليه وسلم “إنما أنا بشر أنسى(الحديث).وكم من مرة نسي ؟ مرة واحدة (حديث ذو اليدين )”إنما أنا بشر أغضب”(وكم من مرة غضب ؟وغضبه  لله لا لنفسه). وما فى الأنبياء،نبى إلا وقد ظهرت بشريته ،إلا سيدنامحمد صلى لله عليه وسلم . فبشريته معدومة العين مفقودة لا أثرلها.إنما كان يتظاهربالصفات البشرية للتشريع ليس إلا .قال عمر رضي الله عنه والله ما أكلت ولا شربت إلا لنا . وعن هذه الطهارة من اخلاق الانسانية شق صدره صلى الله عليه وسلم ثلاثة مرات،إحداها فى طفولته،والثانية مع نزول الوحى،والثالثة عند واقعة الإسراء والمعراج.ومن هذا الباب آمن شيطانه.لأن قلبه ليس فيه إلا الله . 

قال ابوالمواهب الشاذلي:رأيته مرة في المنام فقلت يارسول الله قول البوصيري فمبلغ العلم فيه أنه بشرمعناه منتهى العلم فيك أنك بشرعند من لا علم له بحقيقتك وإلا فأنت من وراء ذلك بالروح القدسي والقالب النبوي فقال :صدقت وفهمت مرادك.انتهى.                                                                      فحكم البشرية منتف عنه لا يثبت،وعينها قائمة “مَا عَرَفَنِي حَقِيقَةً غَيْرُ رَبِّي”.”إني لست كهيئتكم””لم يكن له ظل كان يرى من خلف كما من أمام ،يرى في الضوء كما في الظلام.وقال صلى الله عليه وسلم “من رأني فقد رأى الحق “وقد قال الله تعالى في حقه(وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى)فصفة النبوة والرسالة ذاتية للحقيقة المحمديةوليست بالجعل ،وكمالاتها كذلك ذاتية لها، بدون مجاهدة أورياضة،غيرمكتسبة، ولا تأسيا بأحد.                                                                             فأرى ان الوصف الذي يليق بحقيقته العظمى هو”البشرالحقاني الاكمل”فهو صلى الله عليه وسلم عبد نوراني اتصف بأوصاف الربوبية،أما مصطلح الانسان الكامل فأرى فيه عدم المطابقة التامة للحضرة النبوية،ولهذا الوسيط البرزخي الجامع. فمتى اتصف بالنقصان وتدرج في المقامات حتى وصل الكمال؟(وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍۢ) ألا ترى أن الحق سبحانه لم يخاطبه في القرءان الا بصفاته الذاتية فقال﴿يَا أَيُّهَا النَبِيء﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ﴿يَا أَيُّهَا الْمُزَمِّلُ﴾﴿يَا أَيُّهَا الْمُدَثِّرُ)،وأضاف عبديته إليه تشريفا منه إليه(سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ).وقال مؤدبا لنا(لَّا تَجْعَلُواْ دُعَآءَ ٱلرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَآءِ بَعْضِكُم بَعْضًا)وإذا نعتناه بالإنسان الكامل،ونعتنا القطب الغوث بالإنسان الكامل،فقد جعلنا دعاءه كدعاء بعضناالبعض،وإذا وصفنا حقيقته بالإنسان فهذا يعني أنها داخلة تحت تأثيرالاسماء الالهية ومن مقتضياتها،فأين الرحمة؟ إن كان يؤثر فيها اسمه تعالى الضار،والمانع،والمنتقم ،والله يقول في حقه(وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ)فهو من حيث وجهته الحقية طرف في تفاعلات الاسماء الالهية وقال تعالى(وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ)حتى الاسماء الالهية وسعتها هذه الرحمة.فتسمية الحقيقة النبوية،بالإنسان الكامل أوالقطب الغوث،ليس وصفا صائبا،وهوعلى الأقل كدعاء بعضنا البعض،وقد نهينا عنه. فالأنبياء والأولياء يستمدون من نوره استمداد الكامل من الأكمل وينتسبون اليه انتساب الفاضل الى الأفضل،فهم موجة في بحره،وشعرة في جسمه الكريم . ونظرية الإنسان الكامل في الفكر الصوفي،هي فكرة ذات اصول فلسفية كانت رائجة قبل الاسلام،وفي رأي نيكلسون،أن الشيخ الاكبرهوأول من استعمل عبارة الإنسان الكامل(1) وهذا المصطلح استعمله رفاقنا وتداولوه في كتبهم ولم ينكره أحد.ومن ينظر الى الحقيقة المحمدية كمن ينظر الى الدنيا بأسرها من سم الخياط، فما عساه أن يرى ؟وسموا حقيقته بعدة اسماء وأوصاف،وكثرة الاسماء تدل على شرف المسمى،والحقيقة المحمدية،هي النبوة المحمدية،هي حقيقة واحدة تعددت مراتبها وحضراتها،فكل عارف اطلع على مرتبة أوحضرة، وصفها بما وصل إليه ذوقه

قال تعالى(فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ)فلكل وجه صفة تميّزه،عن الوجه الآخر، وبالتالي اسما آخرا.تعددت تجلياتها فتعددت صورها وتعددت اسماؤها،واستحالت معرفتها”ماعرفني حقيقة غير ربي”. وقد أشارابن عربي الى هذه المصطلحات الكثيرة في كتابه التدبيرات الالهية: يقول: …وعبّرأهل الحقائق عن هذا الخليفة بعبارات مختلفة،لكل عبارة منها معنى،فمنهم من عبّرعنه بالإمام المبين،ومنهم من عبرعنه بالعرش،ومنهم من عبرعنه بمرآة الحق…فأما ما أطلق عليه بعض المحققين من أهل المعاني:المادة الأولى،فكان الأولى أن يطلقوا عليه الممد الأول…وعبرعنه بعضهم بالعرش… وعبرعنه بعضهم بالمعلم الأول (2) وعبّرعنه بعضهم بمرآة الحق والحقيقة …. وعبرعنه الشيخ أبو الحكم بن برجان بالإمام المبين،وعبرعنه بعضهم :بالمفيض وبه كان يقول شيخنا وعمادنا أبومدين… وعبرعنه بعضهم بمركزالدائرة.اهـ.                                                                                       وصلى الله على سيدنا محمد نبي الله ،وعلى الزهراء بَضعة رسول الله ،وعلى اله وصحبه .                                                                           المصادر : القرءان الكريم.الحديث النبوي.الفروق اللغوية لابي هلال العسكري . الفروق اللغوية في البيان القرءاني لمحمد الدوري.الذوق

الصوفي. محمد بن المبارك سنة2013

1اما بخصوص الأصول التاريخية لفكرة الانسان الكامل ،فيقول ماسينيون انها “ قد بدت في تاريخ مذاهب الانسانية من عهد موغل في القدم . وكتب المتون في الدين المقارن ،وقد جعلت نقطة ابتدائها من آساس سكونية (استاتيكية ) آرية انما ترى فيه خصوصا انه “ الانسان الكامل “ و“ الكيومرث “ عند المزدكية . و“ آدم قدمون “ في كتب القبالة اليهودية ، و“ الانسان القديم “ عند المانوية المستعربة “( الانسان الكامل في الاسلام) .عبد الرحمان بدوي ,طبعة 1976 . 

2المعلم الأول إشارة إلى تعليم  آدم الملائكة اسماءهم ،والمصطلح لاعلاقة له بارسطو.الذي يسميه الفلاسفة المعلم الاول

من اراده على شكل ب د ف فليراسل احد هواتف المدونة

حصل المقال على : 847 مشاهدة
هل أعجبك الموضوع؟ يمكنك مشاركته على منصتك المفضلة

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد