مشكاة الانوار

قال صلى الله عليه وسلم “أول ما خَلَق الله نور نَبيّك يا جابر”وحكم أصحاب الحديث عليه، أنه لا أصل له،وهذا سنده من القرءان:

قال تعالى﴿قَدۡ جَآءَكُم مِّنَ ٱللَّهِ نُورٞ وَكِتَٰبٞ مُّبِينٞ﴾(المائدة)والواو تقتضي المغايرة،وبهذا فالنور المذكور لايعني القرءان،لأن هذا يؤدي إلى تكرار لافائدة منه،فهو”نور النبوة”.صفتان لحقيقة واحدة،ولهذا قال تعالى(يَهْدِي بِهِ اللَّهُ)ولم يقل (يَهْدِي بهما).وذُكر النور قبل ذكر الكتاب،فظهور نورالنبوة كان قبل نزول القرآن قال تعالى(نحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَـذَا الْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ)(يوسف)فانتبه إلى هذه القَبْلية،وإن كنت أنت يا محمد من قبله،وليس في القرآن وقف واجب،فحيثما وقفت،هناك معنى يجب التنقيب عنه.

قال صلى الله عليه وسلم “كنت نبياً وآدم منجدل في طينته”والنبي مأخوذ من النّبأ،وهو الإخبار،فالمعنى أنه كان مُخبراً عن الله تعالى بدون وسائط.فحقيقة النبوة كانت موجودة قبل القبل،والقرآن ظهر ببعثته صلى الله عليه وسلم .

قال تعالى(قُلْ إِن كَانَ لِلرَّحْمَٰنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ)(الزخرف) “كنت نبيا” أي كُنت ولم يكن معي غيري،إذ لو كان لله ولد لكنت أعرفه ؟.فهو أول العابدين،وأول المخلوقين،وهو صلى الله عليه وسلم أول المسلمين ،قال تعالى (قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِیكَ لَهُ وَبِذَ ٰلِكَ أُمِرۡتُ وَأَنَا۠ أَوَّلُ ٱلۡمُسۡلِمِینَ)(الأنعام). وهو صلى الله عليه وسلم أول المُخاطَبين،قال تعالى (اتْلُ عليهم نَبأ)(وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاء قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ) نَبّئهم أنت يامحمد،وهذا في حق قوم صالح،ولا يُقال للغائب(نَبِّئْهُمْ)،ولا يُقسَم بحياة المتوفى(لَعُمْرُكَ)، إذن فهو صلى الله على وسلم ،أول مخلوق نوراني،وهو صلى الله عليه وسلم في الكون حاضر،وله مراقب وناظر.

قال تعالى(وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّارَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ)هذا يقتضي أنه صلى الله عليه وسلم ،وُجِدَ قبل العالمين،وإلافما فائدة إرساله رحمة للعالمين ،وهولم يَظْهر إلامُتأخّراً عنهم،فهو صلى الله عليه وسلم،أول العالمين،وأفضل العالمين،وأقرب العالمين من رب العالمين. فالنبوة كانت موجودة،قبل القبل،والقرءان نزل على الموصوف بالنبوة سيدنا محمد .

فمن أرْسَل رحمة للعالمين،يَجب أن يكون قبل العالمين،حاضراً بكل زمان ومكان،لا أن يتأخّر ظهوره عنهم،فنحن نُسَلّم عليه في صلاتنا بصيغة الحاضر:(السلام عليك أيها النبي) والصلاة كما نعلم هي من أشْرَف العبادات،وقد فُرِضَت في السماوات .

قال تعالى﴿قَدۡ جَآءَكُم مِّنَ ٱللَّهِ نُورٞ وَكِتَٰبٞ مُّبِينٞ﴾نورالنبوة،والنور سبب الكَشْف والظهور،إذ لولا النورما أدْرَك البَصرشيئاً. فبالنور المحمدي الأحمدي ظهرالوجود للوجود،وعَرفت الخلائق المعبود فأصبح الوجود كله يسبح ويسجد لله المعبود(وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلا يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ)(الاسراء).

فهذا النورالمحمدي،الذي سمّاه الصوفية الحقيقة المحمدية،واسطة بين الحق والخلق،لأن الله تعالى غني عن العالمين وعن عبادتهم،فخَلق أوّلاً النّسْبة،ثم خلق باقي الموجودات.فكل الأنوار من نوره:أنوارالملائكة،أنوار الكتب السماوية،أنوار الأنبياء،أنوار الرسل،أنوار الاولياء،أنوار كافة المومنين،كلها من نوره ظهرت.منه انشقت الأسرار،وانفلقت الأنوار،   فالقمر خليفة الشمس يستمد نوره منها، كذلك الأنبياء والرسل.أما الاقطاب فشعرة في جسده الشريف ،وقطرة من بحرحقيقته المحمدية المنيق.

يقول الحلاج (طس السراج):”أضاء سراجه من معدن الكرامة “.ومعدن الكرامة هو القرءان .والقرءان صفته،والصفة ملازمة للموصوف،فكرمه عمَّ الوجود ظاهرا وباطنا، أولا ولآخرا،غيبا وشهادة.وليس في الأنوار نور،أنور وأظهر،وأقدم من القدم سوى نور صاحب الكرم اهـ”.

فالكل يستمد من نور صاحب الكرم ،ومع كل تجل حضرة محمدية(فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ)فاعرف نبيك نور الله قلبي وقلبك،وزاد في هذا النبي الكريم والرسول العظيم حبي وحبك .

هل أعجبك الموضوع؟ يمكنك مشاركته على منصتك المفضلة

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد