بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الانبياء والمرسلين،وعلى مولاتنا فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين ،وعلى سيدتنا خديجة الكبرى ام المومنين ،وعلى اله وصحبه اجمعين. السلام عليكم ورحمة الله. موضوعنا اسمه ما عرفني حقيقة غير ربي نورد فيه بعض اقوال العارفين التي تدل على ان الاحاطة بمعرفة النبوة المحمدية غير ممكنة
قال سيدي محمد الكتاني قدس الله سره: سمعت سيدنا ومولانا صلى الله عليه وسلم في بعض المشاهد يقول : لا مرمى دون مرماي، ولاكشف لأحد عن طلعة ظاهر باطن مُحَيَّاي” قل الروح من أمر ربي”
يقول الكتاني ليس المراد بالرّوح هاهنا إلا الروح الكليّة، الهيولى القابلة لارتسام جميع الأشكال والصور السارية في جزئيات النواسيت، من أمر ربي: أي العلم المختص بربي، وهو المشارلـه بقوله: صلى الله عليه وسلم “ما عرفني حقيقة غير ربي”، يعني في الحال والماضي والاستقبال، إذ الأزمنة في حقه تعالى سواء..
وقال الامام الكتاني قدس الله سره:
إن ماهية التعين الأول، العقل الفياض لا سبيل لدرك إدراكه في عالم الجنة،فأحرى في البرزخ، فأحرى في عالم التقييد هذا، فافهم وتدبر وإياك والعطب، و قال قدس الله سره : فكما أن الذات الأقدس ذات محسوسة، لا تدرك منفردة بالأضداد، كذلك ظاهرها الذي هو لون هُوِّيَّتها وماهيتها. وذلك لأن لون الماء لون إنائه.
أعيا الورى فهم معناه فليس يرى = في القرب والبعد منه غيرمنفحم
كالشمس تظهر للعينين من بعد = صغيرة وتكل الطرف من أمَمِ
وكيف يدرك في الدنيا حقيقته = قوم نيام تسلواعنه بالحُلم
فمبلغ العلم فيه أنه بشر=وأنه خير خلق الله كلهم
ويقول الشيخ الأكبر قدس الله سره :
المقام المحمدي ممنوع الدخول فيه ، وغاية معرفتنا به النظر إليه كما ينظر في الجنة إلى عليين انتهى.
فما أدرك العارفون من حقيقة احمديته وأ سرار محمديته ،إلى على قدر تجليات زمانهم وفتوحات عصرهم، فما كشف لهم منها فهو نعمة لهم ،ليعظموا قدره ويعرفوا عظمته، ويسمو بها زمانهم . وما ستر عنهم من أمره ،فهو رحمة من الله تعالى بهم، لأن الله تعالى ارسله رحمة للعالمين ،ففي ظهور بعض حقائقه نعمة ،وفي بطونها رحمة وهي من الغيب الذي يجب ان نؤمن به. وقال أبو يزيد البسطامي قدس الله سره: غُصت لُجة المعارف طالبا للوقوف على الحقيقة المحمدية فإذا بيني وبينها سبعين ألف حجاب من نور، لو دنوت من أدناها ،لاحترقت كما تحترق الشعرة بالنار .
وقال أبو المواهب الشاذلي :
رأيته صلى الله عليه وسلم مرة فقلت له : ياسيدي قول البوصيري :فمبلغ العلم فيه أنّه بشر معناه : منتهى العلم فيك أنّك بشر عند من لا علم له بحقيقتك ،وإلّا فأنت من وراء ذلك بالرّوح القدسي ،والقالب النبوي ،فقال صلى الله عليه وسلم : ” صدقت
وقال الشيخ يوسف بن محمد المغربي قدس الله سرّه:
فكانت الحيرة فيه صلى الله عليه وسلم على حسب معرفته ، وكما يليق بمقامه وعلو منزلته ،وحقيقة ذلك لم يدركها أحد بفهمه “ولا يحيطون بشيء من علمه إلّا بما شاء ” بما شاء الله من ظواهر الأمور دون بواطنها ،وجليّها دون خفيّها ، فالفهوم كلّت والعقول وقفت ،وتضاءلت عن إدراك خفي سرّه ،والوقوف على حقيقة أمره وما يعلم ذلك إلّا الذي خصه به سبحانه وتعالى .
وقال الشيخ الآلوسي في (يا أيها المدّثر :
قال بعض السادة : أيا أيها الساتر للحقيقة المحمدية بدثار الصورة الآدمية أو يا أيها الغائب عن أنظار الخليقة فلا يعرفك سوى الله تعالى على الحقيقة، إلى غير ذلك من العبارات ،والكل إشارة إلى ما قالوا في الحقيقة المحمدية من أنها حقيقة الحقائق التي لا يقف على كنهها أحد من الخلائق، وإنها التعين الأول وخازن السر المُقفل وأنها وأنها .. إلى أمور هيهات أن يكون للعقل إليها منتهى.
وقال الامام القسطلاني :
إعلم أنّه لاسبيل لأحد إلى الإحاطة بنقطة من بحار معارفه ، أو قطرة مما أفاضه الله عليه من سحائب عوارفه ..
وقال البيطار قدس الله سره :..فلا يدرى لحقيقته صلى الله عليه وسلم غاية ولا يعلم لها نهاية ،فهو من الغيب الذي يجب أن نؤمن به ..فكما أن حقائق الالوهية يستحيل الاحاطة بها كذلك الحقيقة المحمدية التي مَحْتِدُّها الصفة الاحدية يستجيل معرفتها “ما عرفني حقيقة غير ربي”
وصلى الله على سيدنا محمد نبي الله ،وعلى الزهراء بَضعة رسول الله ،وعلى اله وصحبه.