” كنت كنزا مخفيا.فأحببت أن أعرف فخلقت الخلق فبي عرفوني” . ذكر العجلوني هذا الحديث في كشف الخفاء برقم 2016 ” وفي لفظ فتعرفت إليهم فبي عرفوني .
قال ابن تيمية: ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم،ولا يعرف له سند صحيح ولا ضعيف،وتبعه الزركشي،والحافظ ابن حجر في اللآليء،والسيوطي وغيرهم .انتهى.
هذا حديث صحيح عند أهل الكشف، ذكره الشيخ ابن عربي، والشيخ محمد الكتاني وغيرهما.ومعناه كذلك صحيح،ومقبول عند أهل الذوق.هي كنزية الأسماء الإلهية وكنزية الفيضة القرءانية، ومراتب وحضرات النبوة المحمدية قبل أن يخلق الله تعالى الخلق.
كان كنزا مخفيا حتى عن الملائكة،فلم تكن عندهم معرفة به قال تعالى (لوان عندنا ذكرا من الاولين لكنا عباد الله المخلصين) و’الاولين” هم مراتب النبوة المحمدية. فالانطلاقة للدوائر الكونية ،وللتجليات لم تعطى حتى بعد خلق ءادم، وأكله من الشجرة،فعصى وتاب،وتاب الله عليه،ظهر تجلي اسمه تعالى التواب وظهر مقتضاه لأن الإسم الإلهي لايظهر مقتضاه إلا بعد التجلي؛والتجلي يتطلب حضور النبوة المحمدية،والكل مسطر في القرءان(ما فرطنا في الكتاب من شيء) وبطبيعة الحال الكون كله يسير وفق الارادة الالهية. ولا كلام لنا عن الذات الإلهية،أما الأحدية فلا توصف بالكنزية لأنها حضرة سحق ومحق،ولا تجل بها ولا مقتضى لها ،فهي بطون محض،لهدا قال العارفون بأن النبوة خرجت من بطنان الازل.
“الكنز المخفي” الكنزية لايمكن أن تعود على الذات الإلهية، لأن قولنا الكنز،يتطلب مخفي ،ومُخفى عليه(برفع الميم وسكون الخاء)اي وجود إثنين”وكان الله ولا شيء معه”.
قال صلى الله عليه وسلم “تفكروا في ءلاء الله ولا تتفكروا في ذات الله“. فالحق تعالى من حيث ذاته،غني أن يكون كنزا أو مكنوزا،وغني عن حتى عن أسمائه وصفاته،وغني عن معرفة من يعرفه.فالكنز يحتاج الى من يكنزه،وعن من هو مكنوز.و”كان الله ولاشئ معه” فافهم.
فبي عرفوني. فبي= 92=محمد. فبمحمد صلى الله عليه عرف الخلائق وحدانية الخالق،فالكل يسبح ويسجد ويصلي(وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ)،(كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُۥ وَتَسْبِيحَهُ) (وَلِلّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ)،(أَلَمْ تَرَأَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُوَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُوَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ)فما في الوجود حقيقة، إلاساجد،ولله عابد. فالأسماء الإلهية والقرءان،ومراتب وحضرات النبوة المحمدية،كانت في حالة بطون متقدم في البسائط الأولية،فهو صلى الله عليه وسلم المكنوز في خزائن الأسماء،والأسماء مكنوزة في حقيقته،بقوة الاصطحاب.
فإن قلت الكنزالمخفي هوية الحق من حيث اسمائه وصفاته الدالة عليه،أصبت،وإن قلت هو حقيقة سيدنا محمد،أصبت.وهما الاثنين اذ حيثما كان تجلي اسمائي،وجدت معه حضرة محمدية،فهو الذي اخرج الأسماء الإلهية من البطون الى حلبة التشاجر.ولاسبيل لظهور الكنزية إلا بأكل آدم من الشجرة،فأكل وأعطى الإنطلاقة الى الظهور اذ معصيته،وتوبته أظهرتا تجلي التواب والعفو، وابليس(ابى واستكبر) فلازمه تجلي المنتقم والمضل،وغيرهما من الأسماء الجلالية.