لمن يُبذل علم التصوف؟
قال صلى الله عليه وسلم : “من سُئل عن علم نافع فكتمه ألْجَمه الله بلجام من النار”،وهذا لمن كتمه مع توفّر الشروط،وهو إستحقاق ذلك وأهليته،فإن لم تتوفر الشروط فلا يجب إظهاره،لا سيما (علم السرّ)..
وقد إختلف المشايخ: هل لا يُبذل علمه إلا لأهله،وهو مذهب “أبي الحسن النوري”.أو يُبذل لأهله ولغير أهله،والعلم أحْمى جانباً من أن يَصل إلى غير أهله،وهذا مذهب إمام الطائفة “أبي القاسم الجنيد”،إذ قيل له: “كم تُنادي على الله بين يدي العامة؟ فقال له: لكنني أنادي على العامة بين يدي الله تعالى”،وفي كلامه إلغاز وتستّر،ومعناه: “لكنني أنادي على العامة من حضرني من مظاهر الحق بين يدي الله”.
وممن سَلَك مذهب الجنيد: شيخ أشياخنا “سيدي علي العمراني”،حتى كان يُسمى في زمانه (المُبذّر)،ولذلك تجد أهل فاس -كثيراً منهم- يخوض في علم الحقيقة من غير عمل ولا ذوق..وأخذ الجمهور بمذهب أبي الحسن النوري،فكانوا لا يتكلمون في الحقيقة وعلم السرّ إلا مع أهله،في موضع خال،وربما سدّوا الأبواب: غَيْرة منهم على سر الربوبية أن يُبتذل ويُنادى عليه بلسان الإشتهار.. وفي (الحكم): “عبارتهم إما لفيضان وجد،أو قصد هداية مريد.فالأول معذور لغلبة وجده،والثاني مأمور لهدايته من هو أهله”..