كيف تكون صوفيًا حقًا؟!
١- اطلب شيخًا عارفًا بصيرًا مرشدًا مربيًا،تسلك على يديه الطريق؛ فإن التصوف الحق لا يصح بلا شيخ، فإذا ظفرت بشيخ بهذه الصفات؛ فهنيئا لك، فقد أراد الله بك الخير، وأسبغ عليك النعمة، فسلِّمْ إليه نفسك، واتبع إشارته!
٢- إن لم تجد الشيخ المطلوب؛ فعليك بإحياء علوم الدين للغزالي، والعهود المحمدية للشعراني، وما جرى مجراهما من كتب القوم؛ فإنها تقوم مقام الشيخ عند فقده، وكذلك فأكثر من الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فإنها تقوم مقام الشيخ!
٣- زن نفسك بميزان الشريعة، واعرض أحوالك عليها؛ فإنها ميزان التصوف الصحيح!
٤- أكثر من ذكر الله، ومجالسة الصالحين، ومشاهدة أحوالهم، والاستماع لنصائحهم؛ فإن لذلك أثرا عظيمًا في صلاح أحوال المرء الدينية والدنيوية، والظاهرية والباطنية!
٥- اجتهد في تحصيل مقامات الدين والترقي فيها، فابدأ بمقام التوبة، ثم ترقَّ إلى الزهد والصبر والرضا واليقين والمحبة والتوكل والخوف والرجاء والحياء، حتى تنتهي إلى مقام التوحيد، الذي هو حق الله على العبيد، وهو غاية كل مريد!
٦- إياك أن يكون حظك من التصوف طلب الكرامات، ورؤيا المنامات، والدعاوى والدعايات، وتحصيل المنازل الرفيعات عند أهل الدنيا؛ فإن التصوف لا يجتمع مع حظوظ النفس أبدًا؛ لأنه عبارة عن ترك الحظوظ، ولكن عليك بلزوم المجاهدات، وكثرة الرياضات، ومحو الإرادات، والترقي في المقامات، حتى تصل إلى غاية الغايات، وهي توحيد الله تعالى!
٧- اعلم أن التصوف الحق ليس دروشةً ولا بطالةً ولا خمولًا ولا تواكلًا ولا تكاسلًا ولا تسولًا ولا سلبية، بل هو الجد والإتقان في كل شؤونك الدينية والدنيوية؛ لأنه عبارة عن مقام الإحسان من الدين، وهو الإتيان بالشيء على أحسن ما يكون، ولا يحصل هذا إلا مع دوام المراقبة، واستشعار أن الله تعالى يراك، ولا يغفل عنك لحظة، ولا أقل من ذلك!
٨- اجتهد في تحسين أخلاقك، ومقاومة طبعك السيء، وذلك يحصل بكثرة الأذكار، التي تمحق الأغيار، وتصفي النفس من الأكدار، ثم بالرياضات والمجاهدات، التي تبدل الصفات، وتغير العادات، واعلم أن التصوف خُلق، فمن زاد عليك في الخلق زاد عليك في الصفاء!
٩- أكثر من نوافل العبادات، من صلاة وصيام وصدقة؛ فإنها تورث محبة الله عز وجل، كما تورث الربانية في الأقوال والأفعال، والحركات والسكنات، وإياك أن تضيع الفرائض، أو تقصر فيها؛ فإنها أحب القربات إلى الله تعالى، ولا يقبل الله نافلة حتى تؤدَّى الفريضة!
١٠- كن كالغيث، أينما وقع نفع، وحيثما زرعك الله فأثمر، ولا تكن مصدر إزعاج أو قلق أو أذى لخلق الله من ملائكة وإنس وجان وحيوان، وما نعلم من خلق الله وما لا نعلم!
فهذه بعض سمات الصوفية الحقة، فمن أخذها فقد أخذ بحظ وافر، وما عداها رسوم ومظاهر، وما تغني المظاهر عن الجواهر؟!
بقلم:
محمد إبراهيم العشماوي
أستاذ الحديث الشريف وعلومه في جامعة الأزهر الشريف