كل وجود لايصح إلا بالتقييد،فهو لك

الشرح العاشر

ثم قال لي : كل وجود لايصح إلا بالتقييد،فهو لك. وكل وجود مطلق فهو لي . ثم قال لي :وجود التقييد لي ،لا لك . ثم قال لي : الوجود المفروق لي بك،والوجود المجموع لك بي . ثم قال لي : وبالعكس.

الشرح

ثم قال لي : كل وجود لا يصح إلا بالتقييد،فهو لك.وكل وجود مطلق فهو لي.

لقد قلت مرارا أن هذه الشاهد هي لصفته،والعارف الختم متصف بأوصاف الربوبية(كنت سمعه الذي يسمع به …الحديث)خصوصا في حالة فنائه ،لأنه لا يرى الكثرة ،ففي هذه الحالة فهو مطلق قال بعضهم  مشيرا الى هذه الاطلاقية “وصل صلاة الفجر في أول العصر“.

أما في حالة بشريته فمقيد.والمخلوقات كلها مقيدة بأسماء الله،وبالجهات الستة،وبالزمان (طلوع الشمس وغروبها)وبالحواس،…. الإطلاق هو لله تعالى،لأنه خارج الزمان والمكان(ليس كمثله شئ)والتقييد يفيد أن للكون خالق يقوم على شؤونه،ولا يسير من تلقاء نفسه.فالحق تعالى مطلق والمخلوق مقيد.

يقول ابن عربي في ج1: (مسألة: معرفة المُقيّد والمُطلق):أنّى للمقيّد بمعرفة المطلق،وذاتُه لا تقتضيه؟ وكيف يُمكن أن يصل الممكن إلى معرفة الواجب بالذات،وما من وجه للممكن إلا ويَجوز عليه العَدم والدّثور والإفتقار؟ فلَو جَمع،بين الواجب بذاته وبين الممكن،وَجه لجازَ على الواجب ما جازَ على الممكن من ذلك الوجه: من الدّثور والإفتقار،وهذا في حقّ الواجب مُحال.. وأيضاً،لو جَمَع بين الواجب لذاته وبين الممكن وَجه،لثَبت للممكن ما ثَبت للواجب بالذات،من ذلك الوجه الجامع،وما ثَمّ شيء ثَبت للممكن من حيث ما هو ثابت للواجب بالذات.فوجود وجه جامع،بين الممكن والواجب بالذات،مُحال.انتهى.

ويقول(الصفحة 90 – من الجزء 1):… أن الحق موجود بذاته لذاته،مطلق الوجود غير مقيد بغيره،ولامعلول عن شي‏ء،ولا علة لشي‏ء،بل هو خالق المعلولات،والعلل،والملك القدوس الذي لم يزل،وأن العالم موجود بالله تعالى لا بنفسه،ولا لنفسه،مقيد الوجود بوجود الحق،فلا يصح وجود العالم البتة إلا بوجود الحق …انتهى”.

والوجود حق وليس غيره لأن الموجودات تعقله بأمكنته وازمنته، وليله ونهاره .

ثم قال لي : وجود التقييد لي،لا لك. لأن الوجود مظهر أسماء الله وصفاته ،فالتقييد هو لتتميز حقائق الألوهية عن المألوهين،وحقائق الربوبية عن المربوبين،ويتصف الحق بالغنى المطلق ويتصف العبد بالفقر المحقق والحق تعالى هو الذي يقيد ويطلق .

أما قوله كل وجود (بالجمع)فلكل اسم الهي دائرته ومقتضياته ووجوده،وهو رب على المخلوقات المتجلي عليهم .فتدرج الحقيقة المحمدية في مراتبها المختلفة ،هي التي جعلت من الوجود وجودا حقا يذكر.فهناك تفاعل بين الأسماء الإلهية ،ومراتب الوجود ،وهي علاقة الفعل من جانب الأسماء الإلهية والانفعال من جانب الموجودات.فما هو الا وجود واحد والتعدد للوسع الإلهي و للأسماء الالهية ولتجلياتها وتنوعها.

ثم قال لي :الوجود المفروق لي بك:

الفرق هو نتيجة الأسماء الإلهية المتشاجرة “بك” لأنها ظهرت في أعيان الموجودات. فافترق الملك عن الملكوت،وتميز الرب من المربوب،وتميز عالم الشهادة عن عالم الغيب، وتميز كل شخص عن الاخر(ربنا الذي اعطى كل شئ خلقه ثم هدى).(ولايزالون مختلفين الا من حم ربك ولذلك خلقهم )وتميز العابد من المعبود .

والوجود المجموع لك بي.

 لأن الإنسان كَوْنٌ مصغر،وخُلق على صورة الرحمان أي صورة الأسماء الإلهية فالوجود هو وجود بالكائنات التي تعيش فيه،واستمراريته بخالقه،فهو تعالى إله متكفل بالمألوهين ، ورب يعيل عباده المربوبين،وقائم على شؤونهم .

قال ابن عربي رضي الله عنه : “فلولاه ولولانا لما كنا ولا كان” انتهى. وبطبيعة الحال كينونة الافعال والرحمة والمغفرة والعطاء …أي كينونة مقتضيات الأسماء الإلهية.(وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون) أي ليعرفوني…لا كينونة الذات الإلهية.

ثم قال لي :وبالعكس:  أي الوجود المجموع لك بي ،ولي بك.لأنه لا فاعل الا الله (والله خلقكم وما تعملون) (فأينما تولوا فثم وجه الله) .كما أن بساط الألوهية جمع بين الاضداد. فالحق تعالى مالك كل شيء، وخالق كل شئ، ،له ملك السموات والارض، يعلم غيب السماوات والارض ،بديع السموات والارض.(إليه يرجع الامر كله)و حقائق الألوهية فاعلة ومنفعلة.

وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد نبي الله وعلى الزهراء بنت رسول الله

عيد مبارك سعيد تقبل الله صيامكم وقيامكم

هل أعجبك الموضوع؟ يمكنك مشاركته على منصتك المفضلة

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

عرض التعليقات (2)

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد