بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الانبياء والمرسلين،وعلى مولاتنا فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين ،وعلى سيدتنا خديجة الكبرى ام المومنين ،وعلى اله وصحبه اجمعين.السلام عليكم ورحمة الله. اسم موضوعنا كلام يقطرعسله لأن الكلام عن الاسم الشريف محمد. لقد اشتهر النبي، صلى الله عليه وسلم، بحسن أخلاقه قبل الإسلام،و بأنّه الصادق الأمين، وكانت هذه الشهرة نتيجة لما لمسته قريش من صِدقه وأمانته،عليه الصلاة والسلام، أمّا اليوم،وبعد مُضِيِ أكثر من ألفٍ وأربعمائةِ سنة، فإننا نجد أنّ الشخصية التي تُمتدح أكثر،وتذكر اكثر،هي شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم،وذلك لما تتصف به من صفات حميدة، فهو أحمد من غيره على مدى التاريخ البشري والى ان تقوم القيامة . فسيدنا عيسى،عليه السلام،بشربرسول يأتي من بعده، صفته احمد أي أنّه أحمدُ من غيره. و محمد في اللغة هو الذي يحمد حمدا بعد حمدٍ لأن هذه الصيغة تقتضي التكرار،فهو اسم مطابق لذاته صلى الله عليه وسلم ،لأن معناه ان ذاته محمودة على ألسنة الخلائق، من حيث اوصافه ،واخلاقه ،واحواله وعلومه، وحكمه واحكامه، فهومحمود في الارض ،ومحمود في السماء، وهو خير من حُمد وأفضل من حَمد، وكيف لا ولواء الحمد بيده ،وهو صاحب المقام المحمود صلى الله عليه وسلم ،فاسمه محمد يقطر عسله لانه يفيد مبالغة في المحمودية ،واسمه احمد يقطر عسله لأنه يفيد مبالغة في الحامدية.
قال الحافظ السخاوي في مطالع المسرات : محمد هو أشهر أسمائه صلى الله عليه و سلم وأخصها واعرفها: به سماه الله تعالى في الدنيا و الاخرة ,وهو المختص بالتوحيد ،و به تشفع آدم عليه السلام ,و به كان يُسمي نفسه فيقول : أنا محمد بن عبد الله, والذي نفس محمد بيده, فاطمة بنت محمد, و يُكتب من محمد رسول الله , وبه تصلي عليه الملائكة, وبه سماه جبريل عليه السلام في المعراج, وبه سماه جده إبراهيم عليه السلام في حديث المعراج, وبه سماه جده عبد المطلب, وبه كان يدعوه قومه, وبه ناداه ملك الجبال, وبه يُسمى نفسه لخازن الجنان حين يستفتح ،فيفتح له، إلى غير ذلك اهــ .
يقول الشيخ محمد الكتاني : يُحتمل معنى أحمد أنه من أحمد الحامدين لربه أي لو جليت لنا في الخارج قوابل الأشياء واستعدادتها وفحصنا عن تلك الحقائق لوجدنا ثناءات هذه الحقيقة الأحمدية وأحمديتها للرب سبحانه ،أكثر من كل حمدٍ يصدر في العالم، لا من الأنبياء ولا من الرسل ولامن الملائكة، ولاممن عداهم، لأن الثناء يكون بحسب الإطلاع على الكمالات والمحامد ،ولا إطلاع أوسع من إطلاع الحقيقة المحمدية ،ولا إنفساح أفسح من أنكشافها انتهى.
فهوصلى الله عليه الذي عرَّف الخلائق بربهم وعلمهم عبادته فاصبح الكون يسبح قال تعالى “وإن من شئ الا يسبح بحمده” فلم يترك سيدنا أحمد موضع ذرة من السموات والارض ولاما بينهما ،إلا وقد ملأها بحمد الله ،وحسن الثناء عليه سبحانه فهو حقا أحمد الحامدين لربه .
ذكر الامام النيسابوري ان في الاسم الشريف “محمد”عشر خصائص : اضافة الله تعالى اسمه الى اسمه، وخلق خَلْقه على صورة اسمه،وقرن اسمه مع اسمه،وكتب اسمه على ساق العرش فسكن هيجانه ،واشتقاق اسمه من اسمه المحمود، ووافق اسم الله تعالى في عدد الحروف،ووافقت كلمة لااله الا الله كلمة محمد رسول الله في عدد الحروف ايضا،وتاب الله على ادم لما رآى اسمه مكتوبا على اركان العرش وابواب الجنان وجباه الملائكة وصدور الحور العين، وقال اللهم بحق محمد تب علي … وهذا يدلك ان الله تعالى رفع ذكره في الاكوان ،وذلك شاهد على رفع ذكره في الاعيان لأهل الايمان.اهـ
يقول الشيخ الأكبر ابن عربي : سُمى محمدا بحروف الاتصال والانفصال ، فوصله به ، وفصله عن العالم ، فجمع له بين الحالين في اسمه.
يقول الشيخ محمد مهدي الرواس: « بويعت في الحضرة على مس اليد على الوجه عند ذكر اسم النبي محمد صلى الله عليه وسلم تعظيماً له واغترافاً من الرحمة التي تنـزل على المجلس الذي يذكر فيه اسمه صلى الله عليه وسلم . انتهى
ويقول الشيخ محمد بهاء الدين البيطار ” الحاء من اسم محمد : إشارة لحياته التي هي الوجود المطلق .
ويقول الشيخ أبو المواهب الشاذلي : ” اسم محمد .الميم الأول منه إذا قلت : ميم كان ثلاثة أحرف ،وكسرها يساوي = 90 والحاء حرفان ،
كسرها يساوي 9 وميم الثانية ب 90 والميم المدغمة ب 90
ودال ب 35 فإذا عددت حروف اسمه كلها ظاهرها وباطنها حصل لك من العدد 314 على عدد الرسل الجامعين للنبوة،فعسل هذا الاسم الشريف يقطر كذلك باطنا و خلق الله تعالى الخلق على صورة محمد ،فالميم بمنزلة رأس الإنسان ،والحاء بمنزلة اليدين ،وباطن الحاء كالبطن و ظاهرها كالظهر، والميم الثانية مجتمع الإليتين، وطرف الدال كالرجلين..واذا جمعت حروف اسمه صلى الله عليه وسلم مبسوطة باحتساب التكرار تعطيك 14 حرف بعدد كسر اسمه تعالى وهاب.
لهذا كان اسمه الشريف مقرونا باسم الجلالة الله في التوحيد .وهو خال من حروف العلة التي هي(وَأْ يٌ) واسماء الانبياء والمرسلين كلها تشتمل علي حروف العلة. وسميت بحروف العلة لأنها حروف ضعيفة ،عليلة يطرأ عليها الحذف .
أما اذا بسطته وكسرته ازدادت قطرات عسله، فاسم محمد يساوي 354 عدد أيام السنة القمرية لهذا كان التشريع الاسلامى بها. فالكل به منوط ظاهرا وباطنا اولا واخرا ملكا وملكوتا .ويتبين للبيب الاريب ان النحل يستمد عسله وكيفية صنع خليته من المرتبة التي تسمى العقل الاول .
أما اذا جمعته جُمل حروفه باعتبار الميم المدغمة صار عندك ثلاثة ميمات ب120 وحاء ب8 ودال بأربعة المجموع 132 محممد= 132 وهذا العدد يُظهر الأحدية ، والاصطحاب ، و الاحمدية أي 13 +66+53= 132 .
فهذه الميم المدغمة تشير الى حقيقته صلى الله عليه وسلم المصطحبة مع اسم الجلالة الله … فأعطت اللهم ،وتعني ان مقام كل مخلوق محجوب به صلى الله عليه. كما أن كلمة (يا محمد) لا توجد في القرءان لأنه قريب من رب العالمين وليس هناك حوار بين الله وبين سيدنا محمد صلى الله عليه في القرءان كله. وكلمة قل في القرءان وردت كلها في حق مولانا رسول الله 334 مرة في 57 سورة( و334 هو بسط وكسر اسمه أحمد) .
وبالجملة فضائل هذا الاسم الكريم لا تحصى،وخصاله لا تُستقصى، وعسله يقطر دنيا واخرى “وما ارسلناك الا رحمة للعالمين”
اما اسمه احمد: فالألف مخرجه مبدأ الحروف و يشير الى كونه صلى الله عليه وسلم أول العابدين ،فأحمد بزغ من أول مرتبة وجودية أي الاحدية ،فأحد اذا اضفت لها الميم أصبحت أحمد،والميم بأربعين إشارة الى الدوائر الكونية
ويرمز هذا الى تدرج الحقيقة المحمدية في مراتب الوجود وهي التي اعطت للوجود حياة حقيقية وهو قول القائل “لولاك لولاك ما خلقت الافلاك “،ولولاه لم تخرج الدنيا من عدم.
فهو النبي الأعظم والبرزخ المطلسم والقهرمان الأفخم ،وهو الكعبة التي تطوف بها قلوب العارفين والمغناطيس الجذاب لأرواح الخلائق اجمعين . عسله يقطر على كل الدوائر الكونية بالرحمة والفيوضات الربانية “وما ارسلناك الا رحمة للعالمين”
وصلى الله على سيدنا محمد نبي الله ،وعلى الزهراء بَضعة رسول الله ،وعلى اله وصحبه.