السؤال الثالث والعشرون من اسئلة الحكيم الترمذي
ما معنى قوله صلى الله عليه وسلم ” كان الله ولا شئ معه”
الجواب من الفتوحات المكية لابن عربي الحاتمي:
لا تصحبُه الشّيئيّة،ولا تنطلق عليه.وكذلك هو ولاشئ معه، فانه وصف ذاتي له سَلَب الشيئية عنه،وسَلَب مَعيّة الشيئية.لكنه مع الأشياء،وليست الأشياء معه.لأن المَعيّة تابعة للعلم: فهو يعلمُنا فهو معنا،ونحن لا نعلمُه فلسنا معه.
فاعلم ان لفظة (كان) تُعطي التّقييد الزماني،وليس المراد هنا به ذلك التقييد،وإنما المراد به الكون الذي هو الوجود.فتحقيق “كان” أنه حرف وجودي،لا فعل يطلُب الزمان.ولهذا لم يَرد ما يقوله علماء الرّسوم،من المتكلّمين،وهو قولهم “وهو الآن على ما عليه كان”،فهذه زيادة مُدرجة في الحديث ممّن لا علم له بعلم (كان)،ولا سيّما في هذا الموضع.ومنه كان الله عفوا غفورا وغير ذلك مما اقترنت به لفظك (كان) ولهذا سماها بعض النحاة هي واخواتها حروفا تعمل عمل الافعال وهي عند سيبويه حرف وجودي وهذا هو الذي تعقله العرب .وإن تصرّفت “كان” تصرّف الأفعال،فليس من أشْبَه شيئاً من وجه ما يُشبهه من جميع الوجوه،بخلاف الزيادة،بقولهم “وهو الآن”،فإن “الآن” تدُلّ على الزمان.وأصل وضعه أنها لفظة تدلّ على الزمان الفاصل بين الزمانين (الماضي والمستقبل)..فلما كان مدلولها “الزمان الوجودي”،لم يُطلقه الشارع في وجود الحق،وأطلق (كان) لأنه “حرف وجودي”،وتخيّل فيه الزمان لوجود التصرّف: من كان ويكون فهو كائن ومُكوّن.كقتل يقتل فهو قاتل ومقتول وكذلك كن بمنزلة اخرج .فلما رأوا في “الكون” هذا التصرف،الذي يلحق الأفعال الزمانية-تخيّلوا أن حكمها حكم الزمان،فأدرجوا “الآن” تتمّة للخبر وليس منه..فالمحقق لا يقول ابدا وهو الان على ما عليه كان فإنه لم يرد ويقول على الله ما لم يطلقه على نفسه لما فيه من الاخلال بالمعنى الذي يطلبه حقيقة وجود الجق خالق الزمان فمعنى ذلك الله موجود،ولا شيء معه.أي ما ثمّ من وجوده واجب لذاته غير الحق.والممكن واجب الوجود به لأنه مظهره،وهو ظاهر به.والعَيْن الممكنة مستورة بهذا الظاهر فيها.فاتصف هذا الظهور والظاهر بالامكان، حكم عليه به عين المظهر الذي هو ممكن
فإنْدَرج الممكن في واجب الوجود لذاته “عَيْناً”،وإندرج الواجب الوجود لذاته في الممكن “حُكماً فتدبر ما قلناه…انتهى.
(كان )حرف وجودي وليس فعلا يطلب الزمان ” كان الله غفورا رحيما ومازال غفورا رحيما
فإدراج “وهو الان على ما عليه كان” غير صائب ذوقيا لأن ” الآن” حرف يفيد الحاضر ويفصل بين الماضي والمستقبل والحق تعالى خالق الزمان ولايسرى عليه مفهوم الزمان فالاضافة لا تفيد شيئا ولم ترد في كلام المشرع صلى الله عليه وسلم
رشيد موعشي