بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العٰالمين
والصلاة والسلام على سيد الانبياء والمرسلين
قاعدة1: كل عمل لابد له من معلم، أو مرشد، أو قائد یوجھه، أو واعظ نصوح یذكر وینذر، فكذلك من أراد الوصول إلى مقامات الولاية، فعلیه أن یتخذ شیخا یتبعه، لیزيل عنه الصفات الرديئة بسر المدد والإذن النبوي، لیصح حضوره وخشوعه في سائر العبادات، ویعبد مولاه على بصیرة ومعرفة
قاعدة2: لابد أن تكونَ نَفْسُ المرید مستعدة للتلقي استعدادا فطریا خاصا، كي یستفید من التربية العرفانية، فھناك فرق واضح بین الصّدّیقین أرباب درجة السابقین، وبین غیرھم، أصحاب درجة الیمین. فھذا الاستعداد لا یغني عنه اجتھاد ولا كسب.
قاعدة3: المدد والبركة تحصلان بالإنتساب إلى سلسلة صحیحة، وھذا شرط أساسي وجوھري، الذي لا یصل السالك بدونه، إلى أي مقام من مقامات التصوف. فلابد من أخذ العھد على شیخ واصل موَّصل مأذون له.
قاعدة4: يقول ابن عربي (ف ح ج 2 باب 181وكذا كتاب” كنه ما لا بد للمريد منه) في معرض كلامه عن التصوف وما يتطلب:” … الإستقامة الشرعية الكاملة عقيدة وعبادة، وعملا ظاهرا وباطنا، مع أخذ الطريق عن شيخ، حي مرب كامل مأذون في التربية والتسليك. يروي اهل الكشف حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:” لا يعرفني الامن عرف من عرفني” فاصحب وارثا محمديا يعرِف الحضرة المحمدية وتعرفُه.
قاعدة5: اعلم انه مھما فسد الزمان، فلابد من وجود شيوخ التربية لضرورة استمرارية الاية” قل هذه سبيلي ادعوا الى الله على بصيرة انا ومن اتبعني”، ولقوله صلى الله علیه وسلم:” الخیر فيَّ وفي أمتي إلى یوم القیامة “وقد أجمع أهل الله على أن الشیخ المربي ینبغي أن یتوافر فیه:
1- ذوق صریح.
2- علم صحیح
3- ھمة عالیة.
4- حال مُرْضِیَة.
5- بصیرة نافذة.
وإن من لم تتوفر، فلا تُرى اثار التربية وثمارها في اتباعه، فلا یكون العیب، عیب التصوف ومنھجه، ولكن العیب عیب الشیخ الدَّعيِّ الذي نَصَّب نفسه، ولم یستحي من ربه وعطل نفسه، وعطل غیره معه. وھذا من أعظم أسباب انحراف التصوف، عن هدفه الأسمى في ھذا العصر.
قاعدة6: بدون صحبة شيخ عارف لا تصل الى المعارف، وبدون مجاهدة لا تصل الى المشاهدة، ولا وصول لمن ليس معه محصول، وكل من ادعى المعرفة ولم يتخرج على يديه عارفون، فما هو بعارف، فالعبرة بالنتائج.
قاعدة7: الذكر الفردي والجماعي، يساعداك في السير وفي الترقي كثيرا، فلا تهجرهما. والمذاكرة ضرورية تفيد السالك، وتقيه المهالك، فيفهم كلام شيوخ التصوف وإشاراتهم. ويسلّم للقوم أحوالهم ما لم يخالفوا الشرع، فإن خالفوا الشرع فليكن مع الشرع
قاعدة8: الذكر بالأسماء المفردة ضروري للسالك، للترقي، وبأعداد رتقية عرفانية، تَدخل أسرار النبوة في خبايها، وبالزجر المناسب والإذن المصاحب.
قاعدة9: كلام العارفين ليس قرءانا ففيه الغث والسمين، والعصمة في كتاب الله، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم. كما يجب التمييز بين العارف وبين من يدعي المعرفة ويجتر كلام السابقين.
قاعدة10: التصوف الحقیقي ھو الجھاد الأكبر، جھاد النفس والشیطٰان، ولكي یتحقق ھذا الجھاد فلابد من: كثرة الذكر، صيام التطوع، كثرة النوافل، قيام الليل، الخلوة القلبية، واتباع السنة ظاهرا وباطنا.
قاعدة11: حقيقة العبودية تقتضي طاعة المعبود ومحبته والخلق لا يصِلون الى كمال محبته وعبادته لضعفهم الذاتي، فأرسل الله إليهم بشرا من جنسهم له وِجهة حقية تنظر الى الألوهية، واخرى بشرية، فكان واسطة بين حضرتين يتعذر تواصلهما فبلغ الطرف الخلقي انباء الطرف الحقي.
قاعدة12: النبوة المحمدية لها ثلاثة وظائف رئيسية:
الأولى: التلطيف من حرارة التجليات الإلهية اذ هي رحمة للعالمين. فلا يصل الى الكون الا ما قُدر له، وما تقبَله ذاته، فكل شخص عنده قابلية للتجلي الذي يصله” خلق كل شئ فقدره تقديرا”.
الثانية: تعريف الخلائق بالخالق وتعليمهم عبادة ربهم
والثالثة: ترتيب المقامات والشفاعة في المحشر.
قاعدة13: جوهر العرفان الصوفي، هو معرفة النبي صلى الله عليه وسلم بالقرءآن، ومعرفة القرءآن بسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
قاعدة14: قابلية سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وحده، بقوابل سائر الموجودات، فهو المستفيض الأول، والمفيض الثاني، لأن الفيض الأقدس الرحموتي متوجه إليه بالتوجه الأول، ومنه يتوجه الى بقية المخلوقات بقدر قوابلهم، فهو كل الوجود وبه كل شئ.
قاعدة15: الأحدية أول مرتبة وجودية تدخل في الترتيب التنازلي للوجود، وهي أصل النور المحمدي، وليس بها تجل إطلاقا. فلا بد من معرفة مراتب الوجود لفهم كلام العارفين، اي الخريطة التي يتبعها كل عارف.
قاعدة16: الحقيقة المحمدية هي العالمة والمعلومة والعلم، فلا تقع العبادات الا على دائرتها ولا يصل الشرك الا الى بساطها، ووحدة الشهود متعلقة بها هي الظاهرة في المظاهر.
قاعدة17: النبوة المحمدية أقامها الحق تعالى مقامه وأنابها مَنَابَهُ “إن الذين يبايعونك انما يبايعون الله”” اطيعوا الله واطيعوا “امنوا بالله ورسوله” فلا تجهل وساطتها.
قاعدة18: لا نسبة بين الخالق والمخلوقات، نسبتهم مع نور النبوة، وللنبوة مراتب وحضرات لا تحصى ولا تعد” ما عرفني حقيقة غير ربي”.
قاعدة19: التجلي الإلهي هو سبب الوجود وهو علة الوجود، والله تعالى غني حتى عن اسمائه وصفاته.
قاعدة20: اعلم أن الالوهية مرتبة للذات لا يستحقها الا الله، والمألوه يطلبها وهي تطلبه، والذات غنية عن كل شئ، وكل وصف لا يصل الا الى المرتبة، لا الى الذات. فنزِّه الذات حتى عن التنزيه.
قاعدة21: الألوهية جمعت بين الأضداد فمن أسمائه تعالى الضار والنافع والمعطي والمانع …. وهذا يقتضي ان يكون في العالم ذو بلاء وذو عافية وذو غنى وذو فقر …لأن كل الاسماء لها حكم، ولها اثر، وتعطيل دائرة اسم محال. فما تم من تقبل حضراتها الأضداد، الا الالوهية. فلا تعترض على شئ، فلا يقع في ملك الله مالا يريده الله.
قاعدة22: اعلم ان الحق تعالى من حيث أحديّته لا إسم له ولا وصف، كما قال الإمام علي رضي الله عنه: كمال الاخلاص نفي الصفات. للألوهية صفات الكمال والتقديس، أما الذات فلا يضاف لها وصف هو للمخلوقات يفيد التنقيص.
قاعدة23: الله تعالى واجب الوجود، مطلق الوجود، غير مقيد لا بقبلية، ولا بعدية زمانية، ولا معية، ولا بغيره، ولا معلول عن شيء، ولا علة لشيء، بل هو خالق المعلولات والعلل” كان الله ولا شيء معه “.
قاعدة24: اعلم ان اطلاق الصورة على الله تعالى عند اهل النظر مجاز لا حقيقة، اذ لا تستعمل الصورة حقيقة الا في المحسوسات دون المعقولات اما عند المحققين فإن الصورة تستعمل في وصف مرتبة الألوهية حقيقة، لأن العالم بأسره، صورة الحضرة الإلهية تفصيلا، والإنسان الكامل صورة الحضرة الالهية اجمالا. ” خلق الله ءادم على صورة الرحمن”.
قاعدة25: الصفات السبعة الرئيسية هي: الحياة والعلم والارادة والقدرة والكلام والسمع والبصر، وهذه الصفات، اجتمعت في الإنسان، فهو المجلى الحقيقي للألوهية،” إن ربهم به”.
قاعدة26: ظهرت المخلوقات الكونية حسب التقديرات الأزلية، وكل على حسب استعداده الذاتي” ما ترى في خلق الرحمن من تفٰاوت” كل ميسر لما خلق له”.
قاعدة27: محمد رسول الله مخلوق أزلي، لأنه نور الله، وابدي لإستمرارية رحمته دنيا وآخرة.
قاعدة28:” قالوا أرنا الله جهرة فأخذتهم الصٰعقة “فلو كان الحق تعالى يجوز ان يكون مرئيا لكان هؤلاء القوم سألوا امرا جائزا ولما استعظم الله سؤالهم و” غضب “عليهم. فالرؤيا مستحيلة.
قاعدة29: كل من ادعى رؤية الذات الالهية فإنما كوفح بتجل من الروح الكلية وراء حجاب البرزخية المحمدية ِ*مَنْ رَآنِي فَقَدَ رَآى الحَقَّ *.
قاعدة30: الآحاديون هم الذين وقفوا مع الوحدة في الوجود، ولم يقفوا مع الكثرة اي مع الأسماء الإلهية، ومن وقف مع الوحدة عرَف ان الحق تعالى غني حتى عن اسمائه وصفاته.
قاعدة31: لا نعرف عن الذات الإلهية من حيث هي، شيئا ولا نستطيع أن نصفها بشئ سوى الوجود، لأنها من حيث الأحدية مطلقة مجردة عن كل اسم ووصف وإضافة.
قاعدة32: سُئل الجنيد عن العارف فقال” لون الماء لون انائه”، أي لا يكون التجلى في مرتبة من مراتب النبوة المحمدية، الا بحسب المتجلى له، لأن الماء لا لون له، ويتلون بلون الأوعية الشفافة، أي يتعين له بحسب استعداده ومقامه، لهذا ربما تجد تناقضا بين كلام بعض العارفين.
قاعدة33: التنزيه بالنسبة للجناب الحقاني، هو تنزيه الحق عن الشريك والمثل والصاحبة والولد، وتنزيهه عن صفات المحدثات وعن الأوصاف البشرية، فالحق تعالى منزه عن كل وصف، ونعت، واسم، ولا يصح في حقه الا صفات النفي أي ليس كذا وكذا، الصفات الثبوتية تشبهه بالمخلوقات فلا يصح ان يحكم عليه بحكم، ولا بوصف، لأن كل ذلك يقتضي التشبيه وينافي التنزيه” ليس كمثله شئ”.
قاعدة34: الحق تعالى مطلق واجب الوجود غير مقيد، ولا مشروط، والكون كله يستمد وجوده وصفاته من وجود الله، وصفاته، فكل حي تعود حياته وكينونته الى اسمه تعالى “الحي” والذي يدل على صفة الحياة فكل الكائنات تستمد استمراريتها وحياتها من هذا البساط.
قاعدة35: اذا كانت بعض الكائنات مبصرة فلأن الله تعالى هو البصير وهو الممد لها من هذا الإسم، وقس على هذا باقي الأسماء والصفات، فلا تجد أحدا من الكائنات مستغنيا عن الله، بل الكل مفتقر اليه. فلا فاعل الا الله.
قاعدة36: بما أن الكون يستمد كينونته من الألوهية، فهو بذلك يُظهر هذه الاسماء، وعلى هذا الأساس، فالكون هو تجليات الأسماء والصفات الإلهية هو الظاهر في المظاهر بأسمائه وصفاته.
قاعدة37: محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم عبدٌ من عباد الله ألبسه الله تعالى رداء اسمائه وصفاته، وتخلق بكلامه، فظهر بصفات حقية واخرى خلقية “قل إنما أنا بشر مثلكم”.
قاعدة38: قال تعالى “لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم” فما بالك بمن يعتقد ان الله عين الأشياء، أصحاب وحدة الوجود؟ فلا أحد من العارفين قال بوحدة الوجود، بل هي وحد الشهود” فأينما تولوا فثم وجه الله”
قاعدة39: علم التصوف لا يعطيك بعضه حتى تعطيه كُلَّك. ولا يُعطى إلا بعد الطلب، ولا ينال إلا بعد التعب، ولا يستقر إلا مع الأدب.
قاعدة40: اذا اردت سلوك طريق القوم، فكن ناظرا بعينين (القرءان والسنة النبوية) شاربا بكأسين (كأس الشريعة وكأس الحقيقة) مستمدا من برزخين (المحمدية والاحمدية) تنال عز الدارين (الدنيا والاخرة) لَهُمُ ٱلْبُشْرَىٰ فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا وَفِى ٱلْاخِرَةِ ۚ “.
ربيع الاول 1442 الموافق لأكتوبر 2020
حصل المقال على : 2٬528 مشاهدة