قراءة في كتاب

قراءة في كتاب الفتوحات الالهية

== (مفهوم الفقير) ==

في الإصطلاح هو (التوجّه إلى الحق على بساط الصّدق).وقال سهل التستري: (الفقير لا يَمْلِك ولا يُمْلَك،ولا يرى غير الوقت الذي هو فيه).وقال السهروردي: (الفقر أساس التصوف،وبه قوامه).وقال غيره: (الفقر صفة مهجورة تَنْفر منه الطباع وتَفِرّ منه النفوس،وهو من الأسباب التي تُجْلس العبد بين يدي الله على بساط الرضا).

وأختلف أيّهم أبْلَغ: (الفقير أم الصوفي)؟..والتحقيق أن: [الفقير] هو (المُتَوجّه إلى الله بأنوار التوجّه)،و[الصوفي] له (أنوار المُواجهة).

ف(الصوفي أبْلَغ من الفقير)،لأن (الصوفي واصل،والفقير راحل).

الصوفي صَفَت له الغزول،والفقير بين الطلوع والنّزول.

الصوفي لا يرى في الدارين غير الله،ولا يشهد مع الحق سواه.قد سُخّر له كل شيء،ولم يُسَخّر هو لشيء.. بخلاف الفقير فهو في طريق المجاهدة،ف(نهاية الفقير بداية الصوفي)..

وقيل هما شيء واحد،والله أعلم.

أما (شروط الفقير) فثمانية: (قصد صحيح،وصدق صريح،وآداب مرضية،وأحوال زَكيّة،وحفظ الحُرمة،وحُسن الخدمة،ورَفْع الهِمّة،ونُفوذ العزيمة).

و(آدابه) خمسة: (خَلْع العذار،والذّلّ والإنكسار،والبَذْل والإيثار،وصحبة العارفين الأبرار،وبَذْل المجهود في الطاعة والأذكار)..

__ (القصد الصحيح): هو أن يكون قصد (المريد) بالدخول في صحبة الشيخ هو: (تحقيق العبودية،والقيام بوظائف الربوبية): دون كرامات،ولا تحصيل مقامات،ولا إدراج درجات،ولا طلب حظوظ نفسانية.

و(الصدق) هنا المراد به (التّصديق بسرّ الخصوصية) عند من يصحبه،وهو أساس الطريق. فمن لا صدق له لا سَيْر له،ولو بَقي في حوز الشيخ ألف عام. ف(الصدق) هو (معرفة السرّ)،فكل واحد يعرف من سرّ الشيخ على قدر صدقه فيه..

__ وأما (الآداب) فهي مفتاح الباب،ف(من لا آداب له لا دخول له). ومن أساء الآداب مع الأحباب طرد إلى الباب،ثمّ إلى سياسة الدّواب..

__ وأما (الأحوال الزكية) فهي أن تكون موافقة للشريعة،بحيث لا يُؤذي أحداً من الناس.فالفقير الذي ليس له أحوال،لا يبلغ مقامات الرجال.والسّير إلى حضرة القدّوس لا يكون إلا بمخالفة النفوس،فلولا ميادين النفوس (أي محاربتها) ما تحقّق سير السائرين. فالمراد ب(الأحوال) هنا هي (خرق عوائد النفس)..

__ وأما (حفظ الحرمة) فتصدُق بحرمة (الشيخ) حاضراً أو غائباً،حياً أو ميتاً..ويصدق بحرمة (الإخوان)،فيتحمل أذاهم،ويصبر على جفاهم..ويصدق بحرمة (جميع المسلمين)،وخصوصاً [العلماء والصالحين]..وقد قالوا: (أركان التصوف أربعة أشياء: كفّ الأذى،وحمل الجفا،وشهود الصفا،ورمي الدنيا بالقفا)..

__ وكذلك (حسن الخدمة)..و(رفع الهمّة)..و(نفوذ العزيمة)..و(خلع العذار) أي: خلع الأوصاف المذمومة وإبدالها بالأوصاف المحمودة..

__ وكذلك (البذل والإيثار)،وهو شرط في الفقير..و(صحبة العارفين) فهي من الأمور المؤكدة..و(بذل المجهود) في تعمير الأوقات في الطاعات والأذكار،فهذا هو المقصود من الطريق،والأهم عند أهل التحقيق. فأوقات الفقير دائرة بين (ذكر أو مُذاكرة أو فكرة أو نظرة)..

تقديم رشيد موعشي

حصل المقال على : 1٬176 مشاهدة
هل أعجبك الموضوع؟ يمكنك مشاركته على منصتك المفضلة

    يمكنكم الاشتراك في نشرتنا البريدية للتوصل بملخصات يومية

    الاشتراك في النشرة البريدية

    احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

    اترك تعليقا

    يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد