قاب قوسين ومُلتقى النّاموسين

قاب قوسين ومُلتقى النّاموسين في معرفة سيّد الكونين

ملخص

المؤلف: الإمام عبد الكريم الجيلي (ت 832هـ).

__ سبب التأليف: أما بعد: فهذه رسالة منّي إلى عُشّاق حَضرة الكَمال،ومُحبّي بهجة الجمال،ومريدي نُسخة الجلال. أعني: قوماً عَقدوا مع الله حُبّ الجبيب المختار،ولازموا شريعته متعلّقين بأذيال عزّه آناء الليل وأطراف النهار،قد تشرّبت جُسومهم ممّا أفاضت عليها القلوب من خمرة حُبّه المنزّه عن الخمار.

قال الله تعالى على لسان حبيبه: (وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرّق بكم).وذلك السبيل القويم والطريق المستقيم والمحجّة البيضاء والحنيفية السمحاء،شريعة خير الأنام،وطريقة المبعوث إلى الخواص والعوام عليه أفضل الصلاة والسلام. وقد انسدّ في الظاهر كل طريق غير طريقه،وانغلق في الباطن كل باب غير باب تحقيقه.فلا سبيل إلى نيْل السعادة الكبرى إلا بوسيلته ولا وصول إلى الزلفى العليا إلا بواسطة فضيلته. فكل وليّ إنما يستمطر سحابها ويسهل عُبابها،وكل من ظنّ أنه يُعرج بغير وساطته فإنما صعوده هبوط في سجنه وحثالته.فعليكم بالتعلّق بجنابه الرفيع والتمسّك بالعروة الوثقى من جاهه المنيع،مع دوام استحضار تلك الصورة الكاملة التي لمعاني الوجود ــ وصوره جامعة شاملة ــ حتى تُفيض لكم الأسرار على الأرواح والأرواح على القلوب والقلوب على النفوس،والنفوس على الجسوم،من حُبّه شراباً معنوياً تنتعش به الأرواح والأشباح،مُعدماً أطلالكم والرّسوم، فتذهبون ويكون صلى الله عليه وسلم فيكم عِوضاً منكم عنكم،لتنالوا حينئذ بقابلية حقيقته المشرّفة بوجودكم ما لم ينله كون من الأكوان في معرفة معبودكم،لأن الله سبحانه خصّ سيدنا محمداً بالتجليّات الكاملة الكبرى التي لم يقبلها أحد غيره دنيا ولا آخرة. فإذا أشرقت أرض وجودكم بنور شمسه الظاهرة،واستنشقت مشام أرواحكم من خزامى تلك الرياض الناضرة،استوت ذواتكم بنصيبها من قابليته على بعض تلك المجالي،فأصبحت إلى ربّها ناظرة.

وها أنذا أبيّن لكم في هذه الورقات وأكشف لكم،إن شاء الله،نِقاب الجهل عن وجوه أسباب هذه المعاني المخدرات، لتعرفوا مقداره صلى الله عليه وسلم فتأخذوا بحقائقكم من قابلية النصيب الأعظم،وعند ذلك تغنموا من السعادات الكبرى كل مغنَم. وجعلت هذا الكتاب مُبوّباً على سبعة أبواب..وهذه الرسالة الكريمة المشرّفة بهذه المسائل العظيمة سمّيتها:”قاب قوسين وملتقى الناموسين”،وهو الجزء العاشر من تجزئة أربعين من كتاب: “الناموس الأعظم والقاموس الأقدم في معرفة قدر النبي صلى الله عليه وسلم”..

الباب الأول: في تنزّل روحه القُدسيّة وتَعاليها في الحضرات الإلهية على المناظر العليّة.

أخبرنا تُرجمان الأزل في مَشهده المنزّه عن العلَل: إن صفات الله الأسنى وأسمائه الحسنى،تقابَلت في معاني الكمالات لإظهار حقائق الذات،وأظهرت كل صفة ما يخصّها من الجمال والجلال،وأبرز كل اسم ما يقتضي معناه من الكمال،وبقيت الذات الإلهية على ما هي عليه من البطون على حقيقة الكنزية في الكمون. فاجتمعت حقائق تلك الأسماء والصفات،حيث لا أيْن،في مشهد معنوي للذات،يقول كل منهما: إنّا وإن أظهرنا هذا الكمال،وأبرزنا هذا الجمال والجلال،فإنما أخبرنا عن قطرة من بحر وحدّثنا عن ذرّة في قَفْر.فحينئذ برزت إشارة كُنْهيّة بعبارة منهيّة: إنّي قد اختلست من ذاتي نُسخة جامعة لأسمائي وصفاتي بمزيد حقائق الكُنْه الذي لا يعبّر عنه. وأظهر فيه ظهوراً هو عين البطون،مُصوّراً بصورة بديعة مُتنزّلاً في مشاهدي الرفيعة. تكون تلك الصورة مَجلى لشأوكم الرفيع، ومظهراً لشأنكم البديع،وتستأثر في نفسها بما لها في قُدسها من كُنْه لايُعرف وحقيقة لاتُدرك ولاتوصَف.فشققت من الحمد اسمها، إذ كان ذلك رسمُها،فسمّيته “محمّداً وأحمداًومحموداً”،وجعلته عابداً ومعبوداً.ومن ثَمّ جعلت لواء الحمد لواءه،والوسيلة العظمى مُستواه. فالأنبياء والأولياء مظاهر الأسماء والصفات،ومحمد مظهر الذات.
الباب الثاني: في عِظَم شأن سيدنا محمد،وتنزّله في مَجالي أشمائه الحسنى وصفاته العُليا إلى العالَم الكوني وإيجاد الوجود بوجوده.

النبي صلى الله عليه وسلم هو واسطة الله بينه وبين عباده،وإلى ذلك أشار بقوله: “أنا من الله،والمؤمنون منّي”.قد شَهدته الأنبياء والمرسلون،قبل ظهوره،بأنه صاحب كمالاتهم في ترقياتهم.فهو إمام الأنبياء وقدوة الأولياء،صورة ومعنى. لمّا تنزّل صلى الله عليه وسلم من الحضرة الأحدية على الحضرة الواحدية،ظهرفيها بحقائق الأسماء الحسنى والصفات العليا،فتعشّقت به الحضرة الكمالية تعشّق الاسم بالمسمّى والصفة بالموصوف.فكل معنى من معاني تلك الكمالات لا تُشير بحقيقتها إلا إليه،ولا تدلّ بهويّتها إلا عليه. فلو تحقّق أحد بكمال من تلك الكمالات المشار إليها،كان عَطفاً عليه لديها.ثمّ أنه صلى الله عليه وسلم لما تنزّل من حضرة الواحدية إلى حضرة الألوهية،تلقّته منها الحضرة العلمية فتشكّل بصورة تلك الحضرة العلمية.ولهذا لما تنزّل إلى الوجود الكوني كان هو صورة القلم المسمّى ب”العقل الأول”،ولهذا ورد: “أول ما خلق الله العقل”،وورد: “أول ما خلق الله القلم”،وورد: “أول ما خلق الله روح نبيك يا جابر”.فعُلم بذلك اتحاد هذه المعاني الثلاثة،وأن اختلافها إنما هو من جهة التعبير. فكان صلى الله عليه وسلم أول موجود خلقه الله تعالى بلا واسطة،وهذه الروح المحمدية المُسمّاة بالعقل هي مظهر الذات في الوجود.ثمّ خلق تعالى بواسطة الروح المحمدية،المسماة بالعقل الأول،عقلاً كُليّاً هو مظهر الصفات،سَمّاه بالعرش،وهو الذي تُسمّيه الحكماء ب”العقل الثاني”. وهذا العقل الكلّي هو حقيقة روح كل نبي ووليّ كامل،لأن الظهور الكمالي بالمعنى الأسمائي والنعت الصفاتي،إذ عرشه العظيم عبارة عن الحقيقة الرحمانية التي هي المستوية على العرش المحيط بالعالم المخلوق في نهاية العالم الكوني. ولهذا كان العرش منتهى مقام كل نبي مرسل أو ملَك مقرّب،ولم يصل فوق العرش أحد غير سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. وسرّ هذا الأمر إنما هو لعلوّ محتدّه صلى الله عليه وسلم،إذ هو حقيقة النور الذاتي،والأنبياء من حقيقة النور الصفاتي. ثمّ إن الله خلق بواسطة هذا العقل الثاني،المسمّى بالعقل الكلّي،عقلاً ثالثاً هو مظهر الأفعال،وسمّاه بالكرسيّ. ومن ثَمّ ورد: “إن قدَمي الحقّ مُتدليتان على الكرسي”،وإنما ذلك عبارة عن أمره ونهيه. ومرتبة الجمع المسمّاة بالكرسي،إنما هو محتدّ الإنسان وحده.. [ ذكر الجيلي خلق العقول بالتدرّج إلى العقل التاسع.. ]وخلق بواسطة التاسع عقلاً عاشراً هو: روح السماء الأولى،سماء الدنيا،ويسمّى هذا العقل ب”العقل الفعّال”. جعل الله تعالى تدبير العالم الأرضي معروفاً بقدرته تعالى إلى هذا العقل،كما جعل تدبير الجسم الحيواني معروفاً على الروح.. ثمّ أوجد بواسطة هذا العقل الفعّال الأركان الأربعة: النار،ثمّ الهوى،ثم الماء،ثم التراب.

__ النفس سرّ العقل:

واعلم أن الله أوجد من كل عقل نَفساً تقوم بإظهار ما حواه ذلك العقل،فيظهر سرّه بها،بل هي على الحقيقة سرّ ذلك العقل.فالنفس الأولى الموجودة في باطن العقل الأول هي المسماة ب”روح الأرواح”،لإطلاقها الكلّي وحيطتها بنسخة الكمالات الإلهية.وهي بعينها تُسمّى بالروح الإضافية المنفوخة في آدم وفي ذريته حال جزئيتها،فافهم. والنفس الثانية الموجودة من العقل الكلّي هي المسمّاة ب”الروح الكليّة” المعبّر عنها ب”اللوح المحفوظّ”،وهي محتدّ للنوع الإنساني. ولكل سماء من هذه العقول الباقية السبعة نفس هي حقيقة الكوكب الموجود في سماء ذلك العقل.
__ الواحد ليس بعدد / العقل الأول: فلا يوجد عدد إلا بعد وجود ما قبله في المرتبة،والكل موجودون من الواحد. وليس الواحد من العدد،لأن كل عدد تضربه في عدد يخرج منه عدداً أكثر من مثل أحدهما،ولو ضربت جميع الأعداد في الواحد لا يخرج منها شيء،لأن الواحد ليس هو بعدد.. ولهذا كان العقل الأول،الذي هو عبارة عن حقيقة الروح المحمدية،أصلاً لوجود العالم كلّه،عالم الأمر وعالم الخَلق. فهوعلى الحقيقة عند المحققين علّة العلل،والله منزّه أن يكون علّة لوجود شيء سبحانه وتعالى.

__ الكمال المحمدي: وقد علمت بما ذكرناه تفصيل خَلقيّة الوجود من سيدنا محمد،فإن سائر الأرواح الجزئية مخلوقة من تلك الأرواح الكليّة المخلوقة منها،والأجسام مخلوقة من الأركان المخلوقة منها،فه أوّل الوجود وآخره. وعن ذلك أفصح صلى الله عليه وسلم بقوله: “استدار الوجود في زمانه كهيئته يوم خلق الله السماوات” أي: كمُلت الدائرة الوجوديّة بظهوره فيها صورة ومعنى.. وسمّى الله تلك الدرجة التي وعده بها ب”الوسيلة”،وما الوسيلة في المعنى إلا السّبب. فهو في الابتداء سبب وجود الخلق،ودرجته من الانتهاء الوسيلة،لأنه سبب قُرب الخلق من الحق. فحصُل له القُرب الصوري والمعنوي،وكمُل له علو المكان وعلو المكانة. ولهذا كان صلى الله عليه وسلم أكمل العالَم وَصفاً وأعظمهم خَلقاً،وأتمّهم في الاعتدال صورة ومعنى،خَلقاً وخُلقاً.

الباب الثالث: في كمال خِلقته واعتدالها،وظهور جمالها وجلالها ظاهراً وباطناً،صورة ومعنى. __

علوّ المكان والمكانة لسيدنا محمد: اعلم أن الوجود المطلق،بالنظر إلى مراتبه ومفرداته الموجودة،ينقسم إلى قسمين: قسم لطيف،كالمعاني والأخلاق والأرواح وأمثالها.وقسم كثيف،كالصور والأشكال والأجسام. وكل من هذين القسمين يتفرّع إلى طرفين: طرف أعلى من الوجود،وطرفأدنى.

الطرف الأعلى المعنوي: كالتحقيق والتخلّق بالصفات الإلهية،وكالأخلاق المحمدية المحمودة في الإنسان،وجميع مراتب الكمالات معنوية. فهذا العلوّ يُسمّى “علوّ المكانة”،ونهايتها لا تكون في الوجود الكوني،بل نهايتها عند الله لمن أراد الله تعظيمه عنده. والطرف الأدنى الصوري:هو الأفعال الحسيّة الصالحة المشهودة والصور الحسيّة الموجودة والأشكال الموجودة،والأشكال اللطيفة والأماكن العالية المُنيفة.وهذا العلوّ يُسمّى “علوّ المكان”،وأعلى المكانات الجنة،وهي متفاوتة في العُلو،وأعلى درجاتها “الوسيلة” وهي مخصوصة بسيدنا محمد صلى اله عليه وسلم بصدى المكان الوجودي الصوري،كما أنه مخصوص بعلو المكانة،إذ لا أحد أعظم قدراً عند الله تعالى منه. والأحاديث في أكمليته وإحاطته بجميع الكمالات،صورةومعنى،كثيرة لا تُحصى،إذلا مُنازع في أكمليّته ولا مُدافع. فله عُلو المكان المعبّر عنه بحقائق الأسماء والصفات،وله علو المكان المعبّر عنه بالوسيلة والمقام المحمود. فهو صلى الله عليه وسلم أعلى الموجودات مكانة ومكاناً،فاختصّ بغاية العلوّ الوجودي،صورة ومعنى..

__ الكمال المعنوي الشاهد على علوّ المكانة:

الكمال المعنوي ينقسم إلى قسمين: قسم كمال إلهي يتحقّق به الكمّل،كما قال صلى الله عليه وسلم: “تخلّقوا بأخلاق الله”. وقسم كمالي كوني يتخلّق به الإنسان،وهي الصفات المحمودة التي مجموعها مكارم الأخلاق. ولا شك ولا خفاء أنه لا يجمع أحد من خَلق الله ما كان عليه سيدنا محمد من مكارم الأخلاق،فمنه ابتدأت وبهِ اختُتمت وتَمّت. ولهذا قال الله تعالى له في حقّه: (وإنك لعلى خُلق عظيم).. وكتب السِيَر المروية عنه صلى الله عليه وسلم مشحونة بمكارم الأخلاق الفائضة من طيبات أعراقه،وهي لا تُحصى كَثرة،بل كل ما ورد عنه من مكارم الأخلاق التي له هي كالقطرة من البحر بالنسبة إلى ما لم يَرد ولم يُحكَ عنه.. على أن ما ورد لا يجمعه هيكل سواه ولم يحظ له أحد غيره.. وأما كماله الحَقّي،الذي حَباه الله تعالى به،فأعظم من أن يُدرك له غور أو يُعرف له غاية،إذ كان متحقّقاً بجميع الأخلاق الإلهية. وقد أوردت ذلك،صفة صفة واسماً اسماً،في كتابنا الموسوم ب”الكمالات الإلهية في الصفات المحمدية”.. اعلم أن القرآن كلام الله غير مخلوق،وكلامه سبحانه صفته لأن الكلام صفة المتكلم. وقالت عائشة: “كان خُلقه القرآن”،فما أعرفها به،انظر كيف جعلت صفة الله تعالى خُلقاً لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لاطّلاعها منه على حقيقة ذلك. وقال الله تعالى في القرآن: (إنه لقول رسول كريم) وهو على الحقيقة قول الله تعالى. فانظر إلى هذا التحقّق العظيم بصفات الله،حيث أقامه مقامه في صفاته وأسمائه،ومقام الخليفة مقام المُستخلِف.

__ الكمال الصوري الشاهد بتحقّق عُلو المكانة:

هذا الكمال ينقسم إلى ثلاثة أقسام:

الأول: ذاتي. والثاني: فِعْلي،كالصلاة والصيام والصدقة وأمثالها. والثالث: قَولي،كالكلمة الطيبة والاهداء إلى غير ذلك.

القسم الأول: في ذاته الشريفة صلى الله عليه وسلم،فإنها كانت أجمل الذوات وأكملها وأفضلها وأطهرها وأنْورها،وصورته أجمل الصور وأحلاها وأزكاها. وفي الحديث: “إنه كان صلى الله عليه وسلم أمْلَح من يوسف”.. وذكر حديث هند بن أبي هالة الذي رواه الطبراني وابن حبان والبيهقي،وهو حديث جامع في صفة حِليته واعتدالها،وكمال نشأته الظاهرة الكاملة التي أجمع الحكماء من أهل الفراسة أن كل حلية من هذه المذكورات دالّة على معنى الكمال. فهو أكمل خَلق الله صورة وأعدلهم نَشأة،لأنه الموجود الأول الذي هو في غاية الاعتدال كمالاً وجمالاً وبَهاء وسناءً. ولهذا كان كل من قارَب هذه الخلقة الشريفة في الاعتدال أكمل من غيره بقدر ما أوجد الله فيه من هذه الصفات المعتدلة الكاملة الخِلقة،الدالّة على شرف الذات صورة ومعنى.

القسم الثاني:أما أفعاله صلى الله عليه وسلم الذكية وأحواله الرضيّة،فقد امتلأت الصحف بها،شهدت الأكوان بحُسنها وكمالها. وناهيك من رجل كل العالَم في ميزانه،فإنه الذي أسّس طُرق الهداية وأخرج الخلق من الغواية،وسَنّ الحلال والحرام وكل خير يوجد بين الأنام..

القسم الثالث: في أقواله المُفصحة عن مَليح أحواله صلى الله عليه وسلم،وهذا القسم أيضاً لا يحتاج إلى تطويل،إذ جميع كتب الإسلام مشحونة من تلك الأقوال الشريفة،وناهيك بعِظَم مكان قوله حيث قال الله تعالى في القرآن عن القرآن الذي هو كلام الله تعالى: (إنه لقول رسول كريم)،وقال الله عنه: (وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى). فانظر إلى أيّ كلمة شئت من حديثه تجد فيها مجامع المحاسن من كل جهة وبكل حقيقة،إذهداية الخلق مقرونة بأقواله،فلم يدع خيراً إلا وقد هدى الأنام إليه ولا ترك فضيلة إلا وقد نبّه عليها..
الباب الرابع: في تمييز قابليته من قابلية كل موجود سواه.

اعلم أن الفيض الإلهي إنما يكون على قدر القوابل،أما ترى الشمس تَظهر في المرآة بشعاعها حتى لا يكاد الشخص أن يستطيع النظر إلى المرآة،وتظهر في بقية الجمادات بغير هذا المظهر.. فظهور الحق تعالى في المخلوقات على قدر قوابلهم،بلظهوره في أسمائه وصفاته على حسب ما تقتضيه قوابلها،إذ ليس ظهوره في اسمه المُنعم كظهوره في اسمه المنتقم: فالظاهر واحد،والظهور مختلف لاختلاف المظاهر.. كل شيء في العالَم إنما هو أثر أسمائه وصفاته،فكل فرد من أفراد العالم له مَحتدّ من أسماء الحق تعالى وصفاته.ولما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم محتدّه الذات،كان ظهور الحق تعالى عليه بالذات،ألا تراه انفرد دون غيره بجميع الكمالات.فنسبة القابلية المحمدية كنسبة البحر،ونسبة قوابل الأنبياء والأولياء كالجداول والأنهار،ونسبة بقية العالَم كالقطرات من ذلك البحر. وسبب ذلك أن سيدنا محمداً مجموع العالَم،لأنروحه العقل الأول،فالعالَم كلّه مخلوق منه صلى الله عليه وسلم،فقابليته وحده بقوابل سائر الموجودات فهو المُستفيض الأول والمُفيض الثاني،لأن الفيض الأقدس الذاتي مُتوجّه إليه بالتوجّه الأول،ومنه يتوجّه إلى بقية المخلوقات بقدر قوابلهم،فهو كلّ الوجود وله كل شيء.ولما عَلمت ذلك الأنبياء والأولياء،وضعت الرؤوس خضوعاً على باب عِزّه العالي،وحطّت رِقابها على أرض المذلّة لمجده الشامخ السامي. وذلك معنى أخذ الله تعالى على الأنبياء العهد لتُؤمننّ به ولتنصُرنّه،قال الله تعالى: (وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لَما آتيتُكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدّق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين).ثمّ إن جميع الأولياء والمقرّبين،مع عُلوّ شأنهم،إنما يترقّون ويعرجون بالاستمساك بحبل عُروته الوُثقى. فقوّة سيدنا محمد بقوة العالم كلّه،العرش والكرسي واللوح والقلم والأملاك والأفلاك والسماوات والنجوم والكواكب السيّارة والشمس والقمر والريح والماء والتراب والشجر والحجر والمعدن والحيوان،وجميع الإنس والجان،ومجموع ما خلق الله تعالى وما هو خالق. ويزيد على ذلك كلّه بالمعيّة الكبرى التي خُصّ بها والمُعبّر عنه ب“قاب قوسين”،وليس لسواه من ذلك كلّه إلا ما وسعته قابليته. فافهَم،وألحِق نفسك بهِ لحوق القطرة بالبحر،لتفوز بالسعادة الكبرى والمكانة الزلفى. وإلى هذا اللّحوق بالبحر المحمّدي أشار سيدي أبو الغيث بن جميل بقوله: “خُضنا بحراً وقفت الأنبياء على ساحله“،لأن اللحوق الحقيقي بالشخص لا يكون إلا لمن بعده صورة ومعنى. فالأولياء الكمّل من أمّة سيدنا محمد لاحقون به صورة ومعنى،فهُم خائضون بحر اللحوق المحمدي. بخلاف الأنبياء،لأنهم إنما لحقوا بسيدنا محمد حُكماً،فهم لاحقون من حيث المعنى،لا متبوعين لا تابعين لغيرهم،على أنهم في الحكم تابعون له صلى الله عليه وسلم. والأولياء تابعون له،لامتبوعون،فالأولياء تابعون له صورة ومعنى،عيناً وحُكماً. فمن وُفّق له أن يلحق قطرته ببحر الحقيقة المحمدية فاز بالسعادة الأبدية الكبرى.

الباب الخامس: في تَسميّته بالحبيب،وبيان الحركة الحُبيّة التي هي مَحتدّ اسمه.

ورد في الحديث عن ابن عباس أنه قال: جلس ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينتظرونه،فخرج حتى إذا دنا منهم سَمعهم يتذاكرون،فسمع حديثهم.فخرج عليهم فسَلّم وقال: “سمعت كلامكم وعَجَبكُم أن الله اتّخذ إبراهيم خليلاً وهو كذلك،وموسى كلّم الله تكليماً وهو كذلك،وعيسى روح الله وهو كذلك،وآدم اصطفاه الله وهو كذلك. وأنا حبيب الله ولا فخر،وأنا حامل لواء الحمد يوم القيامة ولا فخر،وأنا أوّل شافع وأول مُشفِّع ولا فخر،وأنا أول من يُحرّك حَلق الجنة فينفتح لي فندخُلها ومعي فقراء المؤمنين من أمّتي،وأنا أكرم الأولين والآخرين ولا فخر”.

اعلم أن هذا حديث جامع مُصرّح بكماله وأفضليته على كل الكُملاء والفضلاء. وسأنبئك عن سِرّ تخصيصه صلى الله عليه وسلم باسم “الحبيب”،لتعلم أن المقام الحُبّي أعلى المقامات الكمالية.

ورد في الحديث عن النبي أنه قال حاكياً عن الله تعالى:”كنت كنزاً مخفياً فأحببت أن أعرف فخلقت الخلق فتعرّفت إليهم،فبي عرفوني” فكان التوجّه الحُبّي الأول صادر من الجناب الإلهي في إيجاد المخلوقات،فالحُبّ لبقيّة مقامات الكمال أصل وهي له كالفروع.ولأجل أن المقام الأول الأصلي كان مخصوصاً بالموجود الأول الأصلي،فجميع الحقائق الإلهية إنما ظهرت بواسطة الحُبّ، إذ لولا ذلك لما وُجد الخلق،ولولا الخلق لما عُرفت الأسماء والصفات . والخلق إنما ظهروا بواسطة الروح المحمدي،فلولا الحقيقة المحمدية لم يكن خَلق،ولولا الخلق لم تظهر صفات الحق لأحد،فلولا الحقيقة المحمدية لما عرف الله مخلوق ولا ظهرت صفاته لأحد،إذ لا أحد. فالحُبّ هو الواسطة الأولى لوجود الموجودات،وسيدنا محمد هو الواسطة الأولى لظهور الموجودات.فعُلم بذلك أن سيدنا محمداً هو الذي كان المقصود بالتوجّه الحُبّي للمعرفة بالكنز المَخفي،وأن جميع ما سواه كانوا عَطفاً عليه. فهو الأصل في مقصود الحُبّ الإلهي،وغيره كالفرع له،ولأجل ذلك خصّه الله تعالى باسم “الحبيب” دون غيره. وإنما أحبّ الله تعالى أمّته الذين اتّبعوه بقوله: (قل إن كنتم تُحبّون الله فاتّبعوني يُحببكم الله)،لأنهم مخلوقون منه كما قال: “أنا من الله،والمؤمنون منّي”.

الباب السادس: في كيفيّة التعلّق بجنابه والعكوف على بابه.

اعلم أن الله تعالى لما أحبّه صلى الله عليه وسلم جعله شفيعاً لخلقه إليه يوم القيامة،وليس لأحد من الخلق عموم الشفاعة سواه.. فهو مقدّمهم وراعيهم،وكل راعٍ مسئول عن رعيته. فأوجب الله عليه الشفاعة لهم والقيام بمصالحهم،دنيا وآخرة. وما أوجب عليه إلا ما وفّقه للقيامبه،فمن أجل ذلك وعده بالوسيلة التي هي المقام المحمود يوم القيامة،وليستالوسيلة في المعنى إلا الواسطة للوصول إلى المطلوب وهي الشفاعة.. فلما كان صلى الله عليه وسلم واسطة الجميع في البداية للأجل الظهور،كان واسطتهم في النهاية لأجل النعيم المُقيم. فليس في الأزل والأبد،وسيلة ولا واسطة ولا علّة لوجودك ووجود كل خير لك ولكل موجود،أحد سواه صلى الله عليه وسلم. فمن الأولى أن تتعلّق بجنابه وتعكف على بابه،ليحصل الميْل من الجهتين،فيُسرع الوصول إلى المقصود.. ولهذا كان دأب الأولياء الكمّل أن يتعلّقوا بجنابه ويحُطّوا جِباههُم على بابه صلى الله عليه وسلم. ولم يزل ذلك دأبهم ودأب كل من أراد الله تكميله، حتى أنهم إذا حضروا في بعض الحضرات الإلهية التي يمكنهم ألا ينظروا فيها إلى سيدنا محمد،أسرعوا إلى توجيه المشاهدة إلى الأنوار الإلهية نحو الجناب المحمدي،وصرفوا إليه كلمة الحضرة الإلهية، وذهلوا عن كل ما تقتضيه حقائقهم من الكمالات الإلهية تأدّباً معه صلى الله عليه وسلم،فيحصُل لهم ببركة هذه الحالة من الزيادة ما لا يمكن شرحه،وذلك أنهم يسمعوم ويشهدون حينئذ بالسمع والبصر المحمدي ما هو مناسب للقابلية المحمدية التي ليس في ذات أحد قوّتها،فيخلع عليهم إذ ذاك من الخلع المحمدية ما لا يمكن حصولها إلا بهذه الطريقة. ولهذا من تحقّق بالسنّة المحمدية،ظاهراًوباطناً،خاض بحر الحقيقة المحمدية التي خاضها هو وأمثاله بكمال الإتّباع المحمدي صورة ومعنى..

__ كيفية التعلّق بسيدنا محمد :

والتعلّق بسيدنا محمد على نوعين:

النوع الأول: هو التعلّق الصوري بالجناب النبوي،وهو على قسمين:

القسم الأول: هو الاستقامة على كمال الاتّباع له،بمواظبة ما أمر به الكتاب والسنة،قولاً وفعلاً واعتقاداً،على ما هو عليه أحد الأئمة الأربعة.. ومن كمال هذا القسم من الاتّباع الصوري أن تعتمد فعل عزائم الأمور،ولا تركن إلى الرّخَص،قال الله تعالى: (فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل).. فينبغي للتابع،الكامل الاتباع،أن يأتي بعزائم الأمور،ولا يركن إلى التسهيل ولا يقف مع الرخص،ولا مع ما أمر به ونُهي عنه،فإن ذلك مقام الإسلام ونحن نطلب لك ما لأنفسنا من مقامات القربة والصدّيقية،ومن شرطها اتّباع النبي في ارتكاب عزائم الأمور. ولن تقدر على ذلك كما ينبغي إلا بعد معرفة النفس ودسائسها وعلَلها،ولا يعرف ذلك إلا بواسطة شيخ من أهل الله تعالى يدُلّك على ذلك جميعه..

وجملة الطريق إلى الله تعالى أربعة أشياء: أحدها: فراغ القلب من الميل إلى ما سوى الله تعالى،في الدنيا والآخرة.

الثاني: الإقبال على الله بالكلية بالقصد والمحبة المنزّهة عن العدل،من غير فتور ولا التفات ولا مَلل ولا طلب عِوَض.

الثالث: دوام المخالفة للنفس في كل ما تطلبه من الأمور التي تتعلّق بمصالحها دنيا وآخرة،وأعظم المخالفات للنفس ترك ما سوى الله تعالى نظراً واعتقاداً وعلماً.

الرابع: دوام الذكر لله تعالى بالنظر إلى جلال الله وجماله،سواء كان ذكر اللسان أو ذكر القلب أو ذكر الروح أو ذكر السر أو ذكر الجملة،وقد شرحناها في كتاب “غنية أرباب السماع في كشف القناع عن وجوهات الأسماع”.. القسم الثاني: أن تتّبعه صلى الله عليه وسلم بشدّة المحبّة له حتى أن تجد ذوق محبّتك له في جميع وجودك،فإنّي والله لأجد محبّتي له في قلبي وروحي وجسمي وشعري وبشري كما أجد سريان الماء البارد في وجودي إذا شربته بعد الظمأ الشديد في الحر الشديد. هذا وأن حُبّه صلى الله عليه وسلم فرض واجب على كل أحد،قال الله تعالى: (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم)،وقال رسول الله: “لن يؤمن أحدكم حتى أكون أحبّ إليه من نفسه وماله وولده“..

وقد علمت أن النوع الأول،الذي هو في التعلّق الصوري بالجناب النبوي،إنما هو:القيام على ظاهر الشريعة وسلوك عزائم الطريقة والاسترسال في محبّته بالكلية وبالتعظيم لشأنه صلى الله عليه وسلم،في السرّ والعلانية. ومن جملة التعظيم لشأنه صلى الله عليه وسلم أن تتأدّب مع أصحابه وأهل بيته بالمحبة والتعظيم والإيثار لهم عليك،وأن تتأدّب مع كافة أهل الله فإنهم أقرب الناس إلى النبي،فإن سوء الأدب مع أهل الله موجِب للبُعد عن الله تعالى..

النوع الثاني: هو التعلّق المعنوي بالجناب المحمّدي،وهو أيضاً على قسمين: القسم الأول: هو دوام استحضار صورته صلى الله عليه وسلم،والتأدّب لها حالة الاستحضار بالإجلال والتعظيم والهيْبة..

والقسم الثاني: هو استحضار حقيقته الكاملة الموصوفة بأوصاف الكمال الجامعة بين الجمال والجلال،المُتجليّة بأوصاف الله الكبير المتعال،المُشرّفة بنور الذات الإلهية في الأباد والأزال،المحيطة بكل كمال حَقّي وخلقي، المستوعبة لكل فضيلة في الوجود صورة ومعنى،حُكماًوعيناً،غيباًوشهادة،ظاهراً وباطناً. ولن تستطيع أن تستحضر كل ذلك له حتى تعلم أنه صلى الله عليه وسلم هو البرزخ الكُلّي القائم بطرفي حقائق الوجود القديم والحديث.. وإنما كان صلى الله عليه وسلم برزخاً بين الحقائق الحقيّة والحقائق الخلقية،لأنه حقيقة الحقائق جميعها،ولهذا كان مقامه ليلة المعراج فوق العرش،والعرش غاية المخلوقات إذ ليس فوق العرش مخلوق. فعند استوائه صلى الله عليه وسلم كانت المخلوقات بأسرها تحته،وربّه فوقه،فصار برزخاً بين الحق والخلق بالصورة المحسوسة كما كان برزخاً بالمعنى..

__ اختلاف ظهور الحقيقة المحمدية:

اعلم أن ظهور الحقيقة المحمدية في كل عالَم،يكون بما يليق بحال ذلك العالم. فليس ظهوره صلى الله عليه وسلم في عالم الأجسام كظهوره في عالم الأرواح،لأن عالم الأجسام ضيّق لا يسع ما يسعه عالم الأرواح. وليس ظهوره في عالم الأرواح كظهوره في عالم المعنى،فإن عالم المعنى ألطف من عالم الروح وأوسع. ثمّ ليس ظهوره في الأرض كظهوره في السماء،وليس ظهوره في السماوات كظهوره عن يمين العرش،وليس ظهوره عن يمين العرش كظهوره عند الله تعالى فوق العرش حيث لا أين ولا كيف؟ فكل مقام أعلى يكون ظهوره فيه أكمل وأتمّ من المقام الأنزل،ولكلظهور جلال وهيبة بقدر المحل،حتى يتناهى إلى محل لا يستطيع أن يرى فيه أحداً من الأنبياء والأولياء،وذلك معنى قوله: “لي وقت مع الله لا يسعني فيه غير ربي“..                                فأوصيك يا أخي بدوام ملاحظة صورته ومعناه صلى الله عليه وسلم،ولو كنت مُتكلّفاً مُستحضراً،فعن قليل تتألّف روحك به فيحضُر لك عِياناً تجده وتُحدّثه وتُخاطبه فيُجيبك ويُحدّثك ويُخاطبك،فتفوز بدرجة الصحابة وتلحق بهم إن شاء الله تعالى.

الباب السابع: في ثمرة مُلازمة تلك الحضرة اللطيفة بمعانيها العزيزة المُنيفة.

اعلم أن ثمرة العكوف عليه هي الوصول إليه،ألا تراه صلى الله عليه وسلم يقول: “أكثركم عليّ صلاة أقربكم منّي يوم القيامة”. فالمُصلّي عليه لا بد أن يتعلّق به خاطره فيتعشّق قلبه بالصورة الروحانية تعشّقاً يوجب المحبة ودوام الذكر له بالصلاة عليه،فلأجل ذلك يقرُب إليه ويكون عنده ومعه.. فإذا كان هذا نتيجة الصلاة باللسان،فما تكون نتيجة الصلاة بالقلب والروح والسرّ؟.. فإذا حصل هذا الأمر من الروح والسرّ،هل يكون إلا معه عند الله؟.. لأن نتيجة العمل الظاهر،وهو الصلاة عليه،القُرب بالمكان وهو الجنة. ونتيجة العمل الباطن،وهو التعلّق والإقبال ودوام استحضار صورته صلى الله عليه وسلم،القُرب بالمكانة وهو عند الله في مقعد صدقٍ حيث لا أين ولا كيف،فافهم.

__ السكون والاضطراب:

اعلم أن الوليّ الكامل كلما ازدادت معرفته في الله تعالى سَكَن وثَبت لوجوده عند ذكره،وكلما ازدادت معرفته في رسول الله اضطرب وظهرت عليه الآثار عند ذكر النبي. وذلك أن معرفة الوليّ لله إنما هو على قدر قابلية الولي ومحتدّه في الله،ومعرفته للنبي صلى الله عليه وسلم شُرب من معرفة الله على قدر قابلية النبي،ولهذالا يُطيق أن يثبُتله وتَظهر عليه الآثار،لأنه من فوق أطواره. وكلما ازداد الوليّ في النبي معرفة،كان أكمل من غيره وأمكن في الحضرة الإلهية..

__ تجليات الحقيقة المحمدية:

من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم أن كل من رآه من الأولياء في تجلّ من التجليات الإلهية لابساً لخلعة من الخلع الكمالية،فإنه صلى الله عليه وسلم يتصدّق بتلك الخلعة على الرائي وتكون له. فإن كان قوياً أمكنه لبسُها على الفور، وإلا فهي مدّخرة له عند الله يُلبسها له متى تَقوّى واستعدّ،إما في الدنيا وإما في الآخرة.. فكل من رأى ذلك الوليّ في تجلّ من التجليات،وعليه تلك الخلعة النبوية،فإنه يخلعها ويتصدّق بها عن النبي على الرائي الثاني، وينزل للولي الأول من المقام المحمدي خلعة أكمل من تلك الخلعة،عِوَض ما تصدّق بها عن النبي.. وهكذا إلى ما لا نهاية له،صدقة نبوية محمدية هاشمية،جَرت سنّة سيدنا محمد بذلك من الأزل..

لخصه الفقير الى عفو ربه رشيد موعشي

حصل المقال على : 52 مشاهدة
هل أعجبك الموضوع؟ يمكنك مشاركته على منصتك المفضلة

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

عرض التعليقات (1)

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد