قد يصاب الشخص بمرض في فهمه،وفي إدراكه،ولا يدري أنه مريض،لأنه لا يرى مرضاً حسياً فيه.ولا يرى مرضه إلا من يتعامل معه،ويكون خارج دائرته
وفي طريق التصوف علة الفهم والادراك سببها انعدام المذاكرة في الطريق والحواجزاللامتناهية التي يضعها(الشيخ) بينه وبين المريد،حيث يصبح سؤال الشيخ بدعة لايكفرعنها،وجهلا لا مثيل له.وسببه كذلك المجالسة.فالمجالسة مجانسة.فعندما تجالس فقراء في طريقة انتميت إليها جلُّهم يلزمون الصمت،فلا شك تصيبك العدوى،لايفهمون ولايريدون الفهم، ولايسعون الى تقوية ادراكهم، ولا الى بلوغ مقامات الرجال.بل يكفى أن شيخهم سمعوا انه عارف وأنه قطب زمانه وفريد عصره،وسيتكلف لهم بكل شيء ترقيتهم وإدخالهم الى الحضرة المحمدية .فالمريض المصاب بمرض عضوي،يلتمس له الأطباء،ويبحث عن العلاج، ويسعى قدر المستطاع طلباً للشفاء،ولا يزال كذلك حتى يبرأ أو يخف مرضه،أما المصاب بمرض في الفهم،فلا يرى نفسه مريضا حتى يخرج ،الى محيط اخر،فإن أدركته العناية شعر بمرضه،فطلب الشفا وبحث عن أطباء القلوب فأي طريقة لاتقوي إدراكك ولا تفتح بصيرتك،ولاتنمي فهمك، ولاتروي عطشك فليست مشربا قال الشيخ الدرقاوي :المريد ينتمي إلينا ولا ينتفع بنا عارعلينا. قال صاحب الحكم :لا تصاحب من لاينهضك حاله ويدلك على الله مقاله.
قال تعالى(بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلّهِ وَهُوَمُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ وَلاَخَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَهُمْ يَحْزَنُونَ).الإحسان لغة:هو القيام بأنواع الخير،من صدقة وإطعام الطعام وتكفّل باليتامى وبناء المساجد. وشريعة الإحسان(كما ورد في الحديث):”أن تعبد الله كأنك تراه،فإن لم تكن تراه فإنه يراك”. الإحسان أعلى درجة الإيمان وأعلى درجات الإحسان المُشاهدة(فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ)وما قال لنا تعالى هذا إلا لعلمه أنّ مِنّا مَن سَيَرى هذا الوجه،وإلا فما فائدة هذا(فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ).إن لم يوجد ولا واحد من الخلائق إينما تَوَلّى شاهد وجه الله.فإن لم تكن تَرى هذا الوجه فَصَدِّق أن هناك من رآه،ولا تجمع بين الجهل والإنكار.وعِلَل الأفهام أشدّ من عِلَل الأجسام
الموقف السابع والخمسون من كتاب المواقف الاحمدية.