عوائق السّير والسّلوك

 عوائق السّير والسّلوك

قراءة في كتاب الفتوحات الالهية

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الانبياء والمرسلين

ف(جهاد البدن) بقطع مواده من: تقليل الطعام والشراب واللباس والمنام..

و(جهاد النفس) بقطع مألوفاتها وبخرق عوائدها: بتحميلها ما تكره،وإبعادها مما تحبّ.وأعظمها ثلاث: (حب الجاه،وحب الدنيا،وحب النساء)..

و(جهاد الشيطان) بالإشتغال بالله والغيبة عنه..

بقي من العوائق (الناس)،فإنهم أكبر العوائق وأقبح القواطع لمن وقف معهم وإشتغل بمقابلتهم. وأما من غاب عن (حسّهم) وغرق فيهم،فقد صاروا له عوناً على الترقي إلى معرفة خالقهم..

هذه العوائق الأربعة،إنما هي عوائق لمن وقف معها وحُجب بها،وأما من لم يقف معها فإنما هي في حقه معونات وموصلات..ف(لولا ميادين النفوس ما تحقّق سير السائرين)،فسبحان من جمع بين الضدين..

ومن نهض بمجاهدة هذه العوائق قد يُكرمه الله بظهور الكرامات وخرق العادات،إما حسية أو معنوية،فيظهر عليه بحسب كل مقام خارق يليق به على قدر حاله..

فمن جهة (مجاهدة البدن) تظهر (الكرامات الحسية)،إما من جهة العبادة الحسية كحلاوة الطاعات ولذيذ المناجاة،وإما من جهة خرق العادة الحسية كالمشي على الماء والطيران في الهواء وطيّ الأرض..

ومن (مجاهدة النفس) تظهر (الكرامات المعنوية) من: فهم العلوم،وإتّساع الفهوم،وتحقيق اليقين،وشهود رب العالمين،وتسخير النفوس وقهرها،وظهور الجلالة والمهابة إلى الخلق..

ومن (مجاهدة الشيطان) تظهر (الكرامات الحقيقية) ب(الكفاية والهداية والحفظ)..

والعلوم والإدراكات والإقتدار على خرق العادات،هي كامنة خفية في النفوس،كإستتار الحَبّ والثمار في الغصون،فإذا نزل المطر وأرعد الرّعد أخرجت أوراقها وأزهارها وثمارها..

و(رُعود) المريد: مجاهدة الجوارح الظاهرة في خدمة الشريعة،ككثرة الذكر والصلاة والصيام،وغير ذلك،وأوكدُها (الذكر والصّمت والعزلة)..

و(إنسكاب الغيث): نزول الأحوال والواردات على القلوب،من (شوق مُقلق) أو (خوف مُزعج)،ووصول أثرها إلى الباطن من: (الشفقة والرحمة والحلم والصبر والزهد والورع والتوكل والرضى والتسليم والمحبة والطمأنينة)،وغير ذلك من الأخلاق المحمودة..

و(جولان الرياح): النفحات التي تهبّ على القلوب من حضرة علام الغيوب،بصحبة العارفين والحك معهم..فصحبة العلماء بالله (تُلَقّح) المعارف والأسرار في القلوب،كما تلقح الرياح الثمار في الأشجار..وقد ضرب أبو طالب المكي في (قوت القلوب) مثلاً لهذا السر الكامن في النفوس ب(الزّبد الكامن في اللّبن)،فإذا ضرب بالمخض خرج زبده،ثمّ إذا ذوّب صار سمناً صافياً..

رشيد موعشي

حصل المقال على : 998 مشاهدة
هل أعجبك الموضوع؟ يمكنك مشاركته على منصتك المفضلة

    يمكنكم الاشتراك في نشرتنا البريدية للتوصل بملخصات يومية

    الاشتراك في النشرة البريدية

    احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

    اترك تعليقا

    يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد