علوم الباء لا يمحيها الماء
عندما اجتمع جلال الدين الرومي بـشمس الدين التبريزي وكان الرومي ماسكا بيده كتاباً ، فأخذ التبريزي الكتاب من الرومي ومسكه بالمقلوب واخذ يتطلع فيه ثم رماه في النهر ، فغضب الرومي وقال له :
– لماذا ألقيته في النهر ، انه علم..ولا توجد نسخة اخرى من الكتاب. غير ان التبريزي لم يكترث لحديث الرومي. وقال له:
– اتريد الكتاب ؟
فقال الرومي : نعم
فمد التبريزي يده في الماء واخرج الكتاب ، فتعجب الرومي..
وقال له التبريزي : اطلب علما لا يمحوه الماء..علما يثبت في القلب
فذهل الرومي وقال له هل اتبعك على ان تعلمني مما علمت رشدا
فقال التبريزي : – انك لن تستطيع معي صبرا
فقال الرومي : – بل اصبر
فقال التبريزي : -اريدك ان تأخذ جرة من الخمر وتطوف في المدينة لتبيعه
فقال الرومي : -كيف اعمل هذا المحرم ؟
فقال له : – كما تشاء ..
فقال الرومي : – اطلب مني شيئا اخر فقال له لا اريد غير هذا ..
ذهب الرومي ومكث الليل يفكر في الامر ثم وافق..
فأخذ جرة الخمر بملابسه وعمامته وهو يجوب الشوارع يبيع الناس الخمر
فقال الناس جُن الرجل واناس اخرين قالوا لقد فضحه الله
وهذه حقيقته ، فعاد الى التبريزي وهو منكسر ذليل
وقال للتبريزي : – لم يشترِ مني احد ،
فقال له : – هذا يكفي إلقِ ثيابك واغسلها وتطهر
فقال الرومي : – ثم ماذا ؟
فقال لا شيئ ..أنت الان إنسان عادي كنبتةٍ صغيرة ، لقد كان على رأسك صخرة كبيرة من غرور عمامتك ،وها قد كسرتها .وسقطت قيمتك وعلمك من أعين الناس.
انا اردت ان ازيل عنك هذا العجب و الالتفات الى نفسك والى علمك ، لترجع الى حقيقتك بلا عنوان ولا ألقاب ترجع كما انت وتنزع عن روحك كل ما يكدرها ، وان تذهب هذه الهيبة المصطنعه لرجال الدين على انهم مقدسون في اعين الناس .
منقول