علامة الولي المحمّدي الكامل:
عن كتاب بوارق الحقائق المؤلف: الإمام محمد مهدي بهاء الدين الصيّادي،المشهور ب “الروّاس” (1220_1287هـ)(بالتصرف).
…عند وصول الإمام الرواس إلى قرية “متكين”،وزيارته للغوث السيد الكبير الصيّاد،ودار بينهم حوار روحاني..وممّا سأله عنه،قوله:[.. فقلت:وبأيّ علامة نعرف المحمدي الكامل؟ قال: بعلامتين: الأولى ظاهرة:التحقّق بأثر النبي صلى الله عليه وسلم وحُسن اتّباعه،والتمكّن بحال النبي بشأنه وبشأن أتباعه.
العلامة الثانية:يتمكّن المحمدي من الحال النبوي بشأنه،فلا يَعلو ولايغلو،ولايقول إلا الحقّ.أكله ما حضر،ولباسه ماستَر،وهو من مكرربّه على حذَر. إن قام ذكر،وإن قعد ذكر.راضياً عن الله في السفروالحضر،والأمن والخطر. غيوراً لله ولأوامر الله،ولرسول الله ولسنة رسول الله،ولكل ما يؤول إلى الله. مع الحق،لا يعرف في الحق أباً ولاأماً ولاخالاً ولاعمّاً.قصدُه ربّه،وشُغله حُبّه. هذا حال المحمدي بشأن نفسه. وأما شأن أتباعه:فيوقفهم بحاله عند حدّ،لايُمكنهم بسببه الغلوّ بصاحبهم(أعني المحمدي)ولاالإفراط ولا الإطراء به… نازلاً عن نخوته متواضعاً،بل مُتّضعاً. وهنالك كلّما هَمّ القوم أن يجمحوا للغلوّ به والعلوّبسببه أخجلهم حاله،فوقفوا عنده..فإن كل أتباع سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم،وقفوا بشأنه الكريم عند مرتبة العبودية،مع معرفة ماله عند الله تعالى من خلاصة الخصوصية والمنزلة العليّة..فكل عبد مُقرّب ووليّ مُحبّب،أطبق أتباعه على التغالي به،فزحزحوه عن منزلته وطفوا به على مائدة الله،فما هو بمحمدي كامل.. ]..انتهى.
فمن علامات الوارث المحمدي،اتباعه لأثر مولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ظاهرا وباطنا،ولاتكون فيه صفة العلو،والتطاول على خلق الله،ولا الغلو في أموره الدنيوية،فالولي الحقيقي يتزود لآخرته ويكون قدوة للاخرين،ولايقبل الغلو في شخصه أي لايقبل من اصحابه نعته بصفات ليست فيه كوصف بعض الطرق الصوفية شيخهم بالختم،وبقطب الزمان،وبصاحب الوقت،وهو ليس في ذلك من شيء. أكله ما حضر ولباسه ما ستر ... وشيوخ زمننا يلبسون فاخر الثياب،ويأكلون ألذ الأطعمة،ويركبون سيارات فاخرة.
أما عن أصحابه فلايقبل منهم الغلو في شخصه،ولا الافراط ولا الاطراء به، وكل من قبل غلو أصحابه في مدحه ولم ينهاهم عن ذالك،فما هو بمحمدي كامل،وهذا شأن شيوخ زمننا ويحبون غلو أصحابهم فيهم ،ولهذا كثر المدعون للمقامات الصوفية القعساء كالختمية والغوثية..وأصبح المريد هوالذي يصنع شيخه حسب مراده وحسب هواه.. وكَثُرالمتطفلون على التصوف،لأنها تجارة مربحة تجلب المال دون أي تعب.فعلى العاقل أن لايتبع كل من طالت لحيته، وكورعمامته،وتمشدق في ترثرته ،ولاتفارقه سبحته، فالقطبانية،والغوثية،والختمية مقامات عالية،ولها شروط ،ومن شروطها المعرفة بالنبوة المحمدية،والتحدث بها،ومن شروطها،أن تكون عنده صلاة نعتية،راقية تتغزل في الحقيقة المحمدية بالأحمدية،أضف الى هذا يجب أن يكون سلوكه الصوفي معروفا عند الجميع،أي من هو شيخه،وشيخ شيخه ،وطريقته،وسلسلته الصوفية حتى مولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم.وأن يكون على معرفة بالحقيقة المحمدية والتحدث بها عنها.(أما بنعمة ربك فحدث)...فلا صفة للعارف غير المعرفة.