صلحاء مدينة تارودانت
تضم تارودانت أزيد من 30 ضريحا قديما جدا،5 منها فقط توجد خارج المدينة، والباقي داخل حزام السور موزعة على نقاط متقاربة جدا تخضع لتقسيم التجمعات السكنية المعروفة ب”أربع ربوعات”،
المكان | اسم الضريح | الرقم |
حومة الرحبة القديمة | سيدي وسيدي | 1 |
حومة الرحبة القديمة | سيدي امحمد احماد | 2 |
حومة القصبة | مولاي أحمد الذهبي | 3 |
حومة القصبة | سيدي بولنوار | 4 |
حومة القصبة | سيدي سعيد عبد النعيم | 5 |
حومة القصبة | سيدي علي قاضي حاجة | 6 |
مجمع الأحباب | سيدي محمد صالحي | 7 |
مجمع الأحباب – تفلاكت | سيدي سليمان | 8 |
مجمع الأحباب | سيدي بوسلهام | 9 |
مجمع الأحباب | سيدي بوسبع | 10 |
مجمع الأحباب | سيدي محمد أوشن | 11 |
درب الجزارة | سيدي امبارك أوسليمان | 12 |
شارع ابراهيم الروداني | سيدي بوسعدن | 13 |
شارع ابراهيم الروداني | سيدي مسعود | 14 |
شارع المستقبل – بنيارة | سيدي جعفر | 15 |
درب الشريف | سيدي محمد | 16 |
درب الشريف | سيدي بورجا | 17 |
مقبرة المساجن/أمام المستعجلات | سيدي العربي | 18 |
درب الوخشاش – الحشيش | سيدي أمحمد بن يعقوب | 19 |
شارع محمد الخامس | سيدي عبد الله أمبارك | 20 |
زرايب أولاد بنونة | سيدي أمبارك بن علي | 21 |
سيدي محمد الكوط | 22 | |
سيدي بوالنخيلات | 23 | |
شارع القدس | سيدي بوداليا | 24 |
حومة البلاليع | سيدي الحاج بوثابت | 25 |
باب الخميس | للا الصالحة | 26 |
خاج باب ترغونت | سيدي بلقاسم/بلقاس | 27 |
خارج باب الزركان | سيدي بوالذهب | 28 |
خارج باب اولاد بنونة | سيدي محمد بن عبد الله | 29 |
خارج باب الخميس-المقبرة الكبرى | سيدي سعيد بن علي | 30 |
خارج باب الخميس-المقبرة الصغرى | مولاي بناصر بن عبد الرحمان | 31 |
بالنسبة لباب اولاد بنونة توجد مقبرة فوق الوادي الوعر بها ضريح سيدي محمد بن عبد الله الملقب ” مصيفت الحجاج” وقصة اللقب قديمة استمرت الى حدود منتصف القرن الماضي، لما كان وفد الحجيج يجتمعون في رْبْعْ سيدي حساين الشرحبيلي – السجل الديني لتارودانت- بساحته الشهيرة، مقر الزاوية الناصرية سابقا، مدرسة القراءات السبع حاليا، ومن هنا تبدأ كخطوة أولى مراسيم التبرك من قبل وفد الحجيج قبل الانتقال لباب أولاد بنونة وإحياء طقس احتفالي لتوديع الوفد في رحلة قد تستغرق سنة كاملة مشيا على الأقدام، وقد سجل لنا أبو زيد عبد الرحمن التمنارتي في كتاب الفوائد الجمة بإسناد علوم الأمة صفحة 319 قصيدة شعرية مؤرخة في دي الحجة سنة 1002هـ وأخرى سنة 1035هـ ، من بين المتأخرين الذين سجل لهم التاريخ الروداني إحياء هذا الطقس الاحتفالي الحاج امحمد توفلا وهو من وجهاء القوم بتارودانت ومقدم الزاوية الطيبية بربع الزاويات/اسراك.
باب تارغونت توجد مقبرة ثانية بها ضريح سيدي بلقاسم أو بن قاسم الذي تحرف نطقه ليصبح سيدي بلقاس، المقبرة ومعها الضريح لا يفصل بينهما وباب تارغونت سوى فدان وقف حبسي يسمى جنان القضاة تحول اليوم الى مجموعة محلات تجارية.
ثم مقبرة خارج باب الزركان بها ضريح سيدي أبي الذهب وتحيط به أيضا مجموعة أملاك حبسية ضمنها فدانين كان يستغلهما بعض يهود تارودانت الأول يدعى فدان الليمة والثاني فدان الحفرة .
مقبرة باب الخميس وهي قديمة جدا – خمسة قرون – ذكرها صاحب الفوائد الجمة الذي توفي بتارودانت سنة 1060هـ ، يوجد بها ضريح سيدي سعيد بن علي الهوالي(913هـ – 1001هـ) قاضي القضاة بتارودانت الفقيه المدقق، والنوازلي المحقق، البحر الذي جمع في قبر بمقبرة باب الخميس الكبرى؛ ثم ضريح ثاني يتوسط المقبرة الصغرى دفن به المولى بناصر بن المولى عبد الرحمان بن هشام الذي شغل مهمة خليفة السلطان بتارودانت، وقد نبش قبره ذات ليلة في عتمة الظلام بشكل همجي وبعثر أديمه من قبل اللاهثين خلف وهْم وسراب التنقيب عن الكنوز.
مقبرة أو بالأصح شبه مقبرة على اليمين مباشرة خارج باب تمصضوت/”السنسلة” ،كانت تسمى مقبرة العبيد وقد اندرست هي اليوم جزء من ساحة 20 غشت، لم أذكر أنني شاهدت معالم قبور هناك، كل ما يحضر ببالي منتصف الثمانينات بضع أفدنة الزياتين ضمنها فدان العرفاوي شيخ رْبع القصبة، لكن تواجد المقبرة أكده لي أكثر من مصدر شفوي، ويغلب الظن في ذلك بعد تقابل وتقارب الوقائع التاريخية، أن الأمر له علاقة بأحداث جسام عرفها المكان في بداية العقد الأول من القرن العشرين، زمن هجومات السلب والنهب وقطع الرؤوس بالفؤوس وتعليقها بشرفات السور فوق باب تمصضوت نكاية وعبرة، وهو ما دونته أول “رومية” لادريت دو لاشاريير التي وصلت تارودانت شهر ابريل 1911 ودونت مذكرات الطريق المعنونة le long des pistes moghrébines، ثم ظروف تشييد قلعة دار البارود التي استمرت من 1903 الى 1909 والأشغال يقوم بها عبيد الخدمة؛ في نفس الزمن والمكان وصول حيدة ميس شيخ قبيلة المنابهة وتعيينه باشا على تارودانت وتشييد قصره، فندق مرحبا ثم قصر السلام الحالي، وكان حيدة ميس يملك “جيشا”من عبيد الخدمة وعبيد “العسة” جلبهم معه وأسكنهم حومة القصبة بذكر مصدر شفوي من قبيلة أولاد يحيى، هذا ما جعلنا نرحج ما ذهب إليه أكثر من مصدر شفوي بخصوص مقبرة العبيد، وهذا ما جعل المقبرة لا يوجد بها ضريح ولي من الصالحين، ترجيحا لما يمكن اعتقاده حالة التنافي أن يتساوى في الدفن ويتجاور في المرقد العبد المملوك مع السيد المالك.
هذا عن أضرحة الأولياء بتارودانت المتواجدين داخل المقابر بخارج المدينة، أما بداخل حزام السور فتوجد ثلاث حالات لكل منها خصوصية اجتماعية، الأولى هي ضريح سيدي العربي بمقبرة المساجين “الحبّاسة” جنب باب القصبة وخلف السجن الحكومي مند زمن السعديين، ونقصد بالاسم باب القصبة السلطانية وليس باب تمصضوت/السلسلة؛ والثانية ضريح سيدي أمحمد بن يعقوب بمقبرة ركراكة جوار فدان الوخشاشي او الوخشاش المعروف اليوم باسم درب الحشيش؛ والثالثة داخل تارودانت ، تتعلق بمقبرة الشرفاء “شرفا” وضريح محمد بن صالح بن وندلوس / سيدي وسيدي، ووجه الاستثناء يكمن في كون الضريح والمقبرة يفصل بينهما طريق ضيق، آخر من دفن بها من ذوي السلطان باشا تارودانت حمو المكناسي سنة 1318هـ ، ومن الأعيان وجهاء البلد نزولا عند وصية سابقة، بعض شرفاء أهل المدينة المنتسبين للطرق الصوفية آخرهم سنة 1940 وهو من قاطني حومة الرحبة بعدما جرفته جائحة الوباء.
تبقى ظاهرة أضرحة المقابر والأضرحة عموما لا تهم مدينة تارودانت فقط ،بل نجد نماذج مشابهة في أغلب مدن المغرب التاريخية، وقد أحصى السوسيولوجي عبد الرحيم العطري في كتاب “بركة الأولياء” الذي تناول فيه الظاهرة بالدراسة من خلال مدينة سلا على صغرها مثل تارودانت، وأحصى 59 ضريحا، وهو أيضا ما سجله المستشرق بول باسكون في كتاب “الأساطير والمعتقدات بالمغرب”، ما جعله يلقب المغرب “بلد الألف ولي” .
كافة دفناء الأضرحة المعلومة بتارودانت، مجهولي النسب والسيرة، باستثناء محمد بن صالح بن وندلوس/ سيدي وسيدي المتوفي أواخر الدولة الموحدية ، وسعيد بن علي الهوزالي المتوفي زمن صدر الدولة السعدية ، وبناصر بن عبد الرحمان بن هشام المتوفي زمن تردي الحالة السياسية المغربية وبداية الأطماع الأجنبية، هؤلاء سجل التاريخ ذكرهم وبعضا من سيرتهم لكونهم مارسوا حياتهم إما من زاوية دينية أو اجتماعية أو سياسية، كما نسجل كونهم دفنوا بمقابر وليس خارجها ثم شيدت لهم أضرحة.
إذا كانت المعجزات خاصة بالأنبياء، فالكرامات واردة سمعا عن الأولياء فيما يقبله العقل السليم والثابت في الدين والراسخ في العلم ،ومن كرامات الأولياء إجراء أسباب الخير والتيسير على أيديهم كما ورد في كتاب “التشوف لرجال التصوف” الذي حققه وزير الأوقاف الحالي أحمد التوفيق. مثال ذلك أنه كلما انحبس الغيث واشتد القحط، قدم القوم واحدا منهم تقيا زاهدا ورعا لصلاة الاستسقاء يستمطرون بدعائه فيغاثوا ولو بعد حين، وهو حال المسمي سيدي ابي السحاب ضريحه قرب أكادير…
لما نتحدث عن الكرامة نصف صاحبها “سيدي” فلان، وان فاضت البركة سمي “مولاي”، وإلا لقب العابد رغم زهده “الفقيه” وان كان زهده نسبي لقب “الفقير”، ومما تعنيه كرامة الولي وبركة الصالح في المعتقد الشعبي عامة الرخاء وهو عكس الشدة، والتيسير وهو ضد العسير، وأوجهه تتجلى في طلب الولد أو وفرة المحصول أو ربح التجارة ومختلف أوجه الأعمال الخاصة وأشكال المعاملات العامة.
ما يمكن ملاحظته بتارودانت ان جميع أضرحة الأولياء تكون عبارة عن فضاء فسيح نذكر ضريح الولي الحاج بوتابث بالبلاليع ومحمد بن عبد الله فوق الوادي الوعر، أو ضيق مثل سيدي بلقاس وسيدي بوسبع، أكثر ما يميز أضرحة الأولياء قبة هرمية مرتفعة متجهة الى السماء تلفت انتباه الزائر/ة وتأخذ بصره وتشد نظره، وقد تكون مزخرفة الخشب منمقة الجبص وهو حالة قبة سيدي وسيدي، بها منافذ خاصة ذات طول عكس العرض الضيق جدا، تسمح بنفاذ أشعة الشمس التي تسقط على مركز القبة أرضا، لتقع مباشرة على قبر الولي دفين الضريح، هذه العناصر المعمارية والهندسية إذا أخضعناها لتحليل تأملي نستنتج أنها تقوم بوظيفة الإبهار العلني، وهذه الوظائف مجتمعة بالطقوس الشعبية والمعتقدات الخرافية، تمنح للفضاء الداخلي رهبة نفسية وقدسية روحانية وخشوع ذاتي يرج شكيمة قلب الزائر/ة فلا تسمع إلا البسملة وهمهمة بالتصلية على النبي، وهمسا بالتسليم للولي صاحب المكان عالي المقام مولاي أو سيدي فلان، نفعنا الله ببركته.
تراجع كثيرا المعتقد الشعبي إزاء أضرحة الأولياء بتارودانت لعدة أسباب عما عرفناه وشاهدناه من تبجيل وتقديس في فترة السبعينات، بل نؤكد زوال طقوس نهائيا مثل إشعال شمعة يوميا كلما أطبق الظلام دثاره و أسدل الليل ردائه، فتوقد شمعة داخل ثقب يحفر عند مدخل عدد من الأضرحة ، وهي نفس العادة كانت تقام مدة ليلة كل سبت جوار قبر/ضريح يهودي بعمق حي سيدي بلقاس خلف تجزئة المزود، بل زوال أضرحة بالكامل في تارودانت مثل قبر/ضريح اليهودي المذكور، وضريح الحاج بوتابث بالبلاليع، وضريح ابن الوقاد التلمساني أصلا الروداني دارا واقبارا بمقبرة المحراب بحومة الجامع الكبير، وتقزيم مساحة البعض المتبقي خاصة بالشوارع الرئيسية مثل سيدي بوسبع، ومؤخرا ضريح سيدي بوداليا بطريق الحدادة وتحويله الى محل تجاري حبسي.
أما عن إشعال الشموع فلا يعدو كونه طقس من طقوس العادة، حسب ما ذهب إليه السوسيولوجي عبد الرحيم العطري الوجه المألوف في برنامج بدون حرج على قناةMedi1TV ، أن السلطان السعدي أحمد المنصور الذهبي – دفين حومة القصبة بتارودانت – أعجب بالعادات الاحتفالية التي كانت تقام بمدينة اسطنبول التركية العثمانية ، حيث كانت تنظم مواكب شعبية بالشموع، وتندر السلطان السعدي احمد المنصور بتنظيم احتفالات مماثلة بالمغرب، وفور الانتصار في معركة وادي المخازن قرر إعطاء الانتصار بهجة احتفالية خاصة، فأنشأ معاصر الشمع وجمع مهرة الصناع من فاس وسلا ومراكش لصناعة هياكل شمعية شبيهة بما شاهده باسطنبول، وقد أشارت بعض مصادر التاريخ لمعاصر الشمع بتارودانت في الفترة السعدية، لتبقى – سابقا- رمزية قربان الذبيحة مهما صغرت أفضل ما يُتقرب به في الضريح ،والشمعة أعز ما يطلب كهدية باروك الولي الصالح. معتقدات شعبية عفي عنها الزمن وأصبحت في خبر كان.
نقلا عن السيد علي هرماس