شيوخ ابن عربي
— الشيخ أبو جعفر العريني قدس سره لقيه بأشبيلية في أول دخوله في طريق القوم ، وكان الشيخ أبو جعفر هذا بدويا أميا لا يحسب ولا يكتب،وإذا تكلم في علم التوحيد فحسبك أن تسمع .
— الشيخ أبو يعقوب يوسف بن يخلف الكوفي العبسي،من أصحاب شيخ المشايخ أبي مدين شعيب بن الحسين المغربي البجادي دفين عباد تلمسان ،ولسان هذه الطريق ومحييها ببلاد المغرب قدس سره .
قال الشيخ : دخلت تحت أمره فربى وأدب ،فنعم المؤدب ونعم المربي . وقال وسمعته يقول:إذا شاء الشيخ ،أخذ بيد المريد من أسفل سافلين،وألقاه في عليين في لحظة واحدة .
قال : وجل ما أنا فيه من بركته وبركة أبي محمد المروزي يعني عبد اللّه ابن الأستاذ المروزي من أصحاب الشيخ أبي مدين أيضا وأشياخ صاحب الترجمة .
قال رضي الله عنه :عاشرته معاشرة انتفعت به،وأطلعني اللّه ليلة على المقامات ومشى بي عليها،حتى وصلت مقام التوكل،فرأيت شيخنا عبد اللّه المروزي في وسط ذلك المقام ، والمقام يدورعليه كدوران الرحى على قطبها ،وهو ثابت لا يتزلزل فكتبت له بذلك .
— الشيخ سيدي أبومدين المذكور،فإنه رضي الله عنه كان معاصرا له في حياته بإشبيلية، والشيخ أبو مدين ببجاية ،وبينهما مسيرة خمسة وأربعين يوما، وكان يريد الرحلة إليه شديد الرغبة في لقائه،ويتمنى أن يجتمع به وقد سكن أبو مدين إذ ذاك عن الحركة فأتاه غيبا وأمده بروحانيته ،فاكتفى بذلك عن رؤية الحس ومصاحبته وصار يحليه بشيخنا وبسيدنا وبخلاصة الأبرار،ويذكر أحواله ومآثره،ويعظمه كثيرا ويحتج بكلامه،وقد لقي كثيرا من أصحابه، وأخذ من أخباره عنهم ما تضيق به العبارة .
وأرسل الشيخ سيدي أبو مدين مع بعضهم وهو الشيخ أبو عمران موسى السدراتي (وكان من الأبدال) يقول له : أما الاجتماع بالأرواح فقد صح بيني وبينك وثبت ،وأما الاجتماع بالأجسام في هذه الدار فقد أبي اللّه ذلك ،فسكن خاطري والموعد بيني وبينك عند اللّه في مستقر رحمته،ذكر ذلك الشيخ في رسالته روح القدس .
— ومن شيوخ ابن عربي في طريق الله كذلك عجوزان صالحتان هما:
1= ياسمينة شمس الفقراء التي قال عنها :ومن الاولياء ايضا الأواهون ،من رجال ونساء رضي الله عنهم ،لقيت منهم بمرشانة الزيتون من بلاد الاندلس تدعى ياسمينة ،مسنة تولى الله هذا الصنف بالتأوه مما يجدونه في صدورهم من ردهم ،لقصورهم عن عين الكمال والنفوذ،ويكون عن وجود أوغير وجود وجد على المفقود(الفتوحات ج2 ص 46 ورسائل القدس ص54 و55.
2) نونة بنت ابن المثنى التي عاش معها عيشة طاهرة زهاء سنتين مريدا وخادما,وفيها يقول: خدمت أنا بنفسي المرأة من المخبآت العارفات بإشبيلية،يقال لها فاطمة،بنت ابن المثنى القرطبي ،وهي تزيد على 95 سنة ،وكنت استحيي أن أنظر الى وجهها وهي في هذا السن،من حمرة خذيها وحسن نعتها وجمالها…وكان لها حال مع الله( الفتوحات ج2 ص 459)
—والشيوخ الذين لقيهم وأخذ عنهم وانتفع بهم كثيرون،وقد صرح بذكر الكثير منهم في بعض كتبه كالفتوحات،ورسالة روح القدس،وألف فيهم كتابا سماه الدرة الفاخرة في ذكر من انتفعت به في طريق الآخرة.
اسباب فتحه
يقول ابن عربي ان من سبب فتحه ومنة اللّه عليه،هو محاماته لفقراء الصوفية ومدافعته عنهم وانتصاره لهم ،كما في كتابه روح القدس في ترجمة شيخه أبي محمد المروزي : ولم أزل أبدا والحمد للّه أجاهد الفقهاء في حق الفقراء السادة حق الجهاد،وأذب عنهم وأحمي ،وبهذا فتح لي ومن تعرض لذمهم والأخذ فيهم على التعيين ، وحمل من لم يعاشر على من عاشر ، فإنه لا خفاء لجهله ولا يفلح أبدا .
وقال في كتابه شرح الوصية اليوسفية :
ولقد رأيت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في النوم فقال : أتدري بم نلت ما نلت من اللّه تعالى ؟ قلت : لا. قال:باحترامك من يدعي أنه من أهل اللّه سواء كان ذلك في نفس الأمر كما ادعاه أم لا،فراعى اللّه تعالى لك ذلك وشكره منك،فأعطاك ما قد علمت .
ومن أسباب فتحه أيضا دخول الخلوة ،قال العارف باللّه القطب سيدي عبد الوهاب ابن أحمد الشعراني قدس سره في كتابه الذي سماه ب “الجوهر المصون،والسر المرقوم فيما تنتجه الخلوة من الأسرار والعلوم “ …. وكانت خلوته ثلاثة أيام بلياليها في قبر مندرس،ثم خرج بهذه العلوم التي انتشرت عنه في أقطار الأرض…اهــ.