بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله العالمين اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا ومولانا محمد وعلى ال سيدنا ومولانا محمد،الفيض المطلق والهيولى المحقق.فلا استمرارية للوجود بدون شمس حقيقته،التي يستمد منهاكل موجود. ولاترى البصائر إلا بنوره الممدود﴿يٰأيها النبي إنا أرسلنٰك شٰهدا ومبشرا ونذيرا﴾الظاهر وإن تستر بالعناصر،والساري سره في المظاهر.فما حجبت حقيقته إلا الأسماء الإلهية، المتجلية في الأعيان الوجودية. فكل اسم كساه،وأفرغ له مقتضاه،ومن عجب أن الظهور تستر.وصحبه وسلم.
الفيض المطلق: كل التجليلت الالهية وساطة فيها النبوة المحمدية،فكل العطاءات سواء حسية او معنوية تمرعبر الوساطة المحمدية وكذلك كلما يصعد الى السماء كالطلبات والادعية والحسنات “تعرض علي اعمالكم”…وهو الذي عبرعنه الشيخ الكتاني في صلاة المتردي ب”قهرمان العروج”. فقابلية سيدنا محمد لوحده،بقوابل سائرالموجودات،فهو المستفيض الأول، والمفيض الثاني،لأن الفيض الأقدس الرحموتي متوجه إليه بالتوجه الأول،ومنه يتوجه الى بقية المخلوقات بقدر قوابلهم،فهو كل الوجود وبه كل شئ . والتجلي مطلق فكذلك الفيض المحمدي مطلق،فهو صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين الرحمة التي وسعت كل شيء ” ورحمتي وسعت كل شيء
والهيولى المحقق: الهيولى كلمة تعنى الأصل أو المادة،والمخلوقات مكونة من هيولى، وصورة… واستاذنا محمد بن المبارك نفعنا الله به قسم الهيولى إلى هيولى جزئي مقيد، وهيولى كلي مطلق. – الهيولى الجزئي: كالخشب فهو قابل للتشكل، فهو هيولى الابواب، والسلاليم والشبابيك والسفن ،والاثاث الخشبي…وكالحديد الذي هو هيولى المسمار، والسيف والسكين والدرع والدبابة، والجسور… واللون الأبيض،هو هيولى الألوان،ففي قوس قزح نجد جميع ألوان الطيف،ومصدرها هو شعاع الشمس الأبيض عند إلتقائه بماء المطر،هذه الألوان لا حصر لها.والعدد واحد هو هيولى الأعداد، فهو أصل لها فكل عدد يحتاجه لإثبات حقيقته ولإظهار صورته،فالعدد عشرة هو واحد،واحد تكرر عشرة مرات،فالواحد سارٍ في جميع الأعداد. فالصغير من الأعداد هو أصلها،والصغير في الأشكال الهندسية هو النقطة،هي أيضا أصلها وهيولاها. فالخشب،والحديد،والعدد واحد،والنقطة، هيولى جزئي مقيد لأن الخشب لا نصنع منه السيوف،والحديد لا يمكن أن يكون هيولى الملابس. فلكل هيولي صورة لا تنفصل عنه،ولا صورة من غير هيولي ولا هيولي من غير صورة.. والهيولى الكلي هي النبوة المطلقة القديمة، هي ماء الوجود الذي جعل الله منه كل موجود “وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ“ومفاد هذه الآية أن الماء هيولى الاشياء،اذ جُعل الله منه كل شيء(شرح صلاة الهيولى). كل الكائنات أصل ظهورها النبوة فهي هيولى كل شيء و اليه الإشارة في الوقف (بَرَزُوا۟ مِنۡ عِندِكَ)النساء 81.و(خَرَجُوا۟ مِنۡ عِندِكَ )محمد 16…فالجميع عنه صدر،و إليه الإشارة في الوقف(جَمِیعا مِّنۡهُۚ)الجاثية 13 هي ايضا بمعنى المن و الإمتنان من مقتضى إسمه المنان (و ان لم يرد ضمن الأسماء 99).
الهيولى المحقق: المحقق أي باعتباره حقا وحقيقة كائنة :أي أن حقيقته صلى الله عليه وسلم سارية في جميع الأشياء،وفي كل ذرات الكون،سريان الماء في الأشجار،وسريان الواحد في الأعداد. وهو الهيولى الباطن فيها والتي تقوم به حياتها (وما في الوجود إلا حي) واستمرارية وجودها،ولو فقد سريانه ذرة من ذرات الوجود لصارت محض عدم” فإما نذهبن بك فإنا منهم منتقمون” فليس هناك شئ قد خلا من محمد، وإذا حققت هذا السريان بالآية القرءانية، أي أصبحت ترى سريانه في كل الآيات القرءانية،وترى سريانه في ذرات الوجود..إذا حقّقتَ ذلك فهنيئا لك. فلا استمرارية للوجود بدون شمس حقيقته،التي يستمد منهاكل موجود… الوجود كله عالة على المعيل الكوني صلى الله عليه وسلم ،جميع الكائنات عياله وقد أُرْسِل صلى الله عليه وسلم رحمة لهم وبهم، ومن مصاديق رحمته : أنه كُلف بقسمة العطايا وايصالها لهم (الله معطي وإنما أنا القاسم)ومن قسم لك فقد اعطاك.. فما معنى هاته العطايا النبوية الواصلة للكائنات؟معناها أنه صلى الله عليه وسلم هو المصطحِب بكل الأسماء و الصفات الإلهية التي يطلبها المألوهون كي تستقيم حياتهم .. فلولا أنّ سيدنا ومولانا محمدا صلى الله عليه وسلم مصطحب بالاسم الإلهي الرزاق ،لما تيسَّرتْ استمرارية حياة المرزوق وفق ميزان مستقيم ولكان هلاكه محققا (وَلَوۡ بَسَطَ ٱللَّهُ ٱلرِّزۡقَ لِعِبَادِهِۦ لَبَغَوۡا۟ فِی ٱلۡأَرۡضِ وَلَـٰكِن یُنَزِّلُ بِقَدَر مَّا یَشَاۤءُۚ إِنَّهُۥ بِعِبَادِهِۦ خَبِیرُۢ بَصِیر)فالمولى سيدنا محمد هو صاحب الإمداد والإستمداد ﴿فأوۡحىٰٓ إلىٰ عبۡدهۦ ﴾﴿مآ أوۡحىٰ) أي أنه العبد المنفرد بالحق تعالى﴿فأوۡحىٰٓ إلىٰ عبۡدهۦ ﴾فهو صاحب الوحي و المصطحِب بكل الأسماء الإلهية ،الذي أغدق بعد ذلك كل العطاءات ومقتضيات تلك الأسماء على الكائنات،﴿ مآ أوۡحىٰ) لكل واحد وما يستحق،فاستمداد كل مربوب على قدر استعداده كي لا يتعطل سيره الملكي و الملكوتي..قال استاذنا في شرحه لصلاة جوهرة الكمال( فما من شئٍ في الوجود، إلا وله مرتبةٌ ترجع به إِلى الأسماء الإلهية منها مدده واستمراريته..فالوجود بنور النبوة ظهر،وعنها صدر،وإلى رحمتها افتقر﴿وَمَاأَرْسَلْنَٰكَ إِلَّارَحْمَةً لِّلْعَٰلَمِينَ﴾وبمددها استمر…فكان هو القاسم للإمدادات الإلهية،فرتبت الدوائر الكونية،وفق مقتضيات ميازب الذات العلية . و الحمد لله والشكر له ،حق حمده وشكره أنْ جَعل مدد الكون واستمراريته ومراقبته موكولة الى مخلوق جانسهم بوجهته الخلقية وفارقهم بوجهته الحقية فهو صاحب المُلك وصاحب المدد﴿قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ﴾ لغنى الحق تعالى عن عبادة من يعبده. قال شيخنا قدس الله سره: (وما من شئ إلا وله مُرب وَمُوَّجِه، في أعلى الكون وأسفله،وبدئه الأزلي وإنتهائه الأبدي،وليس إلاسيدنا محمد صلى الله عليه و سلم انتهى. ولا تَرى البصائرُ إلا بنوره الممدود﴿يٰأيها النبي إناأرسلنٰك شٰهدا ومبشرا ونذيرا﴾. النبوة نور ذاتي(لقد جاءكم من الله نور)،في الحديث الشريف قال صلى الله عليه و سلم(تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلاهالك) ليلها كنهارها،أي ما بطن منها لايخالف ما ظهر،فالحقيقة لا تخالف الشريعة،والشريعة من جملة الحقائق.. بحساب اهل الأسرار فاسمه محمد بسطه وكسره = 354 أي عدد أيام السنة القمرية التي بها التشريع.محمد رسول الله = 694 أي 360 (الله) +334 (احمد بسطا وكسرا)، بطون الأحمدية،يشير الى وجود حقيقته أزلا ،إذ منها استمد السابقون”أول ما خلق الله نور نبيك ياجابر”.فالمحجة البيضاء نهارها “لااله الا الله” وحقيقة ليلها”محمد رسول الله”. فما ظهر،هي وجهته الخلقية،وما بطن وجهته الحقية “ماعرفني حقيقة غير ربي””إني لست كهيئتكم “،”وتنام عيناي ولاينام قلبي.”لم يكن له ظل”. قال أويس القرنى للصحابة “ما أدركتم من محمد إلا كسيف في غمده”وبما أن الحقيقة ليل(أي بطون)ولايرى في الليل إلا بنور.فهو صلى الله عليه وسلم النور الذي أخرج الوجود من ظلمة العدم وعرفه بخالقه . بنوره الممدود..فهو صلى الله عليه و سلم هو سراج الكون ومدده ﴿يٰأيها النبي إنا أرسلنٰك شٰهدا ومبشرا ونذيراوداعيا إلى الله بإذنهۦوسراجا منيرا﴾ فكما لا تصح الحياة بدون شمس وقمر،كذلك حقيقته هي الممدة للوجود،يستمد منها كل موجود، فانفلقت كل الأنوار من نوره،وكل الأسرار من سره. حقيقته هي مصباح دائم النور،يستنير من الحق،وينير الخلق ولاينقص منه شيئا،ولذلك قال تعالى عنه ﴿سراجا منيرا﴾فهو الواسطة في كل شئ : فتخلقت نبوته بالأخلاق الإلهية،وكانت شريكا في التجليات،وترقت في الكمالات،ونشرت كل الرحمات،وأمدت كل الكائنات،فالعظمة شاملة،عامة لكل مهامه الغارات،فصحت له الخلافة الإلهية،والمراقبة الكونية،والإمدادات الربانية. لذلك : فمن حيثُ أتَيْتَ لا تَجِد إلاّ نُور سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ينفهق عليك﴿فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾قال تعالى (اللَّهُ نُورُالسَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ) فمشكاة الأنوارهوسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم منه المدد لجميع الأنبياء السابقين وكذلك المدد لجميع الأولياء اللاحقين، فبنوره الممدود تمّت للكون الرؤية : وقد صحّ أنّ نور وجهه صلى الله عليه وسلم كان به تكشف الظلمة وكان يُمدح بهذا الوصف الشمائلي،فكما كان ظاهره بقالبه الشريف نورا يُستضاء به، كذلك حقيقته وباطنه العظيم ..فهو الوساطة العظمى في إمدادات الربوبية،هو ميزاب فيضها،ويدُ مُناولتها،ومصدر إسدائها..من مشكاته تمنح الإمدادات،وعلى يده تقسم العطاءات.مدينة العلم التي تهب الترقيات،وترفع المقامات وله على كل ذرة من ذرات الوجود نعمة الإستمداد.فجميع الإمدادات الخارجة للعالم العلوي على طبقاته،والعالم السفلي على مراتبه،ليست إلا من برزخية أحمديته الجامعة. لكل وقت تجل يخصه( كل يوم هو في شان ).(وليس عند الله يوم) فالتجليات الإلهية هي اليوم لتجدده وهي غذاء الكون ومدده،وهي التي تحفظ له بقاءه..كما جاء في الموقف التاسع و التسعون.. المدد النبوي له ايضا وسائط بهم يسري المدد والنور للمريدين وهو سر الصحبة المتسلسلة بالسند ،فيكون الشيخ العارف او الوارث المحمدي المأذون سبيلا انتقال هذا المدد (بالوارث المحمدي،صاحب الفيض المصطفوي،والمدد المولوي.قال سيدنايأتي على الناس زمان يغزو فئام من الناس،فيقال هل فيكم من صاحب الرسول،فيقولون نعم فيفتح لهم،ثم يأتي على الناس زمان ،فيغزو فئام من الناس، فيقال لهم،هل فيكم من صاحب أصحاب الرسول،فيقولون نعم،فيفتح لهم،ثم يأتي على الناس زمان،فيغزو فئام من الناس،فيقال هل فيكم من صاحب،من صاحب أصحاب الرسول،فيقولون نعم فيفتح لهم.سلسلة تنتهي إلى رسول الله.فالفتح منوط بصحبته،أوصحبة من صاحب أصحاب أصحابه..) ﴿يٰأيها النبي(النبيء) إنا أرسلنٰك شٰهدا ومبشرا ونذيرا﴾..سنقف وقفة عرفانية عند الآية ﴿يٰأيها النبي إنا أرسلنٰك شٰهدا ومبشرا ونذيرا) *النبي)= قبل القبل *النبيء)= الظهور البشري من اب مولانا عبد الله و أم مولاتنا آمنة الطاهرين عليهما السلام *أرسلنٰك)= بألف محذوف ليدخل تحت حيطة الإرسال كل ساداتنا الأنبياء *شٰهدا)= كانت شهادته قديمة قبل القبل(وإذا اخذنا ميثٰق…) (جاءكم رسول ).. في تلك المهامه التي لاخُبرعنها ولا خَبر… *الواو للمغايرة بين الشهادة والبشارة و النذارة وهي من وظائف النبوة في الكون.. الظاهر وإنْ تستَّر بالعناصر..( وَتَرَيٰهُمۡ یَنظُرُونَ إِلَیۡكَ وَهُمۡ لَا یُبۡصِرُونَ ) تحَقَّق نَظرُهُم في الظاهر،لكن تستُّرَهُ صلى الله عليه وسلم بالعناصر جعل إبصارهم لحقيقته على وجه الإحاطة متعذرا.. وقد تقدمت معنا معاني التستر في الصلاة الثالثة ،نكرر بعضا منها مختصرة ،فالتكرار يفيد استقرار الحقائق ( ظهر وتستـَّرَ: ظهرتْ نُبوتّه ورسالته لِمَنْ أُرْسِل إليهم لكنَّ كُنْه حقيقته لمْ و لنْ يعْرفها أحَد لافي الدنيا ولافي الآخرة ﴿وتريهم ينظرون إليك وهم لا يُبْصِرون ﴾.. لايبصرون حقيقتك النورانية،فرأوا وما أبصروا،شاهدوا و ماحقّقوا : ( ما عرفني حقيقة غير ربي) ،فالصفة مشهودةُ الأثر مفقودةُ النّظَر، ولو فُقِدَ سريانه صلى الله عليه و سلم في ذرَّة من ذرات الوجود لصارت محْضَ عدم ،فهوالظّاهرالذي لا يُعرَف والباطن الذي لا يُجهل﴿وءامنوا بما نُزّل على محمد وهوالحق من ربهم ﴾، أي محمد هو الحق و لكل حق حقيقة) .
ومن معاني التسترأنَّ سيّدنا ومولانا محمدا صلى الله عليه وسلم مكتومٌ ومستورٌ بالرسالة التي هي صفته،لهذا خاطبه الحق في القرءان المجيد بصفاته ولم يخاطبه بالإسم ولو مرة واحدة . ومن معاني التستر أيضا أنّ حقيقته صلى الله عليه وسلم بقيت في حُجُرات العزة والعلو،تستّرتْ وتبرقعت بالأسماء الإلهية وهذا من مقتضى وجهته الحقية، وما رُئِيَ منه غير الصورة البشرية التي كانت حجابا ان يعبد من دون الله ،فلم يرى منه إلا ما يرى من السيف في غمده…قال صاحب الخبيئة(استتر عن الأبصار بنوره،واحتجب عن البصائر بظهوره.ومِنْ عَجَبٍ أنَّ الظهور تسَتُّر. والساري سره في المظاهر..سرى مِن السريان (فكان له بطون في عين الظهور ،لسريان سره في الكنز المصون.)،هذه السراية لا مطمع للعقل في دركها،فما أدركتها الملائكة المقربون وهم القائلون (لو أن عندنا ذكرا من الأولين لكنا عباد الله المخلصين) والأولون هم مراتب الحقيقة المحمدية،منها القلم الأعلى،والعقل الأول ..ولا أدركها أولوا العزم من المرسلين،ولو فقد سريانه صلى الله عليه في ذرة من ذرات الوجود،لصارت محض عدم.فهو الظاهر الذي لا يعرف، والباطن الذي لا يجهل(وامنوا بما نزل على محمد وهو الحق من ربهم ).أي محمد هو الحق ولكل حق حقيقة.ومن جملة حقائقه صلى الله عليه وسلم تحليه بالأسماء الإلهية : لذلك كانت النبوة حاضرة في كل تجلٍّ فهو صلى الله عليه وسلم الخليفة المتصرف وللخليفة الظهور بصورة المستخلف،و الإشارة لذلك في الآية (فأينما تولوا فثم وجه الله)سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم،هو وجه الله المشهود،وهوحقيقة الحقائق،والنور الأسبق للخلائق، والحق المخلوق به،وماء الوجود،وروح الأرواح،والسراج الذي اتقدت منه جميع السرج الكونية. فهو أصل لجميع الموجودات من حيث حقيقته ،لا من حيث صورته البشرية.ظهر بمعناه في الأشياء ،إذ لولا معناه لم يوجد لها عين،ولو ظهر بصورته لم يوجد لهم عين.ومن أجل هذه النسبة،عمت الرحمة جميع الموجودات،فهي الوجود المفاض على الكون الإلهي”وما أرسلنٰك إلارحمة للعٰلمين “وهو الرحمة التي وسعت كل شئ” ورحمتي وسعت كل شيء” والشئ أنكر النكرات .
فما حجبت حقيقته إلا الأسماء الإلهية،المتجلية في الأعيان الوجودية… حقيقة سيدنا و مولانارسول الله صلى الله عليه وسلم المُتَحَلية بالأسماء والصفات الإلهية، ومؤتزرة بالعظموتية،وهذا من مصاديق قول العارف(رداء الكبرياء ) .. هذه الحجب هي التي تفاضَل في معرفة رشحاتها الآحاديون وكانت معرفتهم هي المسماة بتوحيد المقربين اوأهل التوحيد الخاص كما اصطلح عليه القوم رضي الله عنهم و أرضاهم : ممن يرون حقيقة النبوة في التجلي وفي المقتضى “فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ “لا يرون في الكون إلا أحد أحمد،واكتفوا بالصفة التي هي خالدة بين الناس، والـمُمَثَل فيها الأمر والنهي إجمالا وتفصيلا،يرون الكثرة شريعة،والوحدة حقيقة.فالكثرة موجودة ،والوحدة مشهودة،والوحدة راجعة أصلا وفصلا الى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فهوعينها ،لأنه هو أصل الكون، ومبدأه،وقائده،من حيث حقيقته لا من حيث صورته. فغاية السالك أن يَغْرِقَ في بحر عين الوحدة فعين الوحدة هو حقيقته المحمدية ،والغارق في بحرها لا يرى الكثرة الوجودية بل هو فانٍ في الوحدة الشهودية. فالاسماء و مقتضياتها التي ظهرت في الأعيان الوجودية ما كان لظهورها ان يتم لولا اصطحاب النبوة و حضورها،فهي طرف محوري لتتحقق الرحمة و اللطف . فكُلُّ اسمِ كساه،وأفرغ له مقتضاه،ومن عجب أنّ الظهور تستر. حقيقته صلى الله عليه وسلم سارية في كل ذرات الكون وأهله، سريان الماء في الأشجار،وسريان الواحد في الأعداد. إذ هو صلى الله عليه وسلم الهيولى الباطن فيها والتي تقوم به حياتها(وما في الوجود إلا حي) واستمرارية وجودها، ولو فُقِد سريانه في ذرة من ذرات الوجود لصارت محض عدم( فإما نذهبن بك فإنا منهم منتقمون)، فليس هناك شئ قد خلا من سر المولى سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم ، وإذا تحقق العبد من هذا السريان التحق بأهل وحدة الشهود (فَأَیۡنَمَا تُوَلُّوا۟ فَثَمَّ وَجۡهُ ٱللَّهِۚ)، قال شيخ شيخنا قدس الله سرهما ( …فإن جمعتَ المخلوقات من أول الدهر إلى آخره لاهوتيين وناسوتيين والملائكة أجمعين يكون محمد صور فيهم وهو حقي وخَلقي فهو صلى الله عليه وسلم الظاهرفيهم بحقيقته لابصورته، وهوالمتقلب فيهم بهم والساجد بهم فيهم،قال تعالى﴿هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا منه﴾ ﴿ما خلقنا السموات والأرض وما بينهما إلا بالحق﴾ ﴿وهو الحق من ربهم﴾ أي محمد هو الحق ولذا سماه الصوفية “الحق المخلوق به” وحقيقة الحقائق . و قوله افرغ له مقتضاه : افرغ له،ولم يقل عليه،لأنه صلى الله عليه وسلم مصطحب مع جميع الاسماء الالهية متحل بها ،لابسا للإسم لا يُنزع عنه ،لون الماء لون إنائه،وهو معنى إصطحاب النبوة بالأسماء و الصفات الإلهية الوارد في الآية من طريق الإشارة (هُنَّ لِبَاس لَّكُمۡ وَأَنتُمۡ لِبَاس لَّهُنَّۗ) النبوة لابسة للأسماء و الصفات والأسماء والصفات لاتنفك عن النبوة..افرغ له أي من أجله و لعظمة شأنه..ولم يقل افرغ عليه ..فافهم يا ولي.. ومن عجب ان الظهور تستر:لأنه ظاهر في عين بطونه باطن في عين ظهوره قال تعالى “فأينما تولوا فثم وجه الله” فحيثما نظرنا وجه الله في واجهتنا أبصارنا لا تراه، هو وجه يرى بعين البصيرة . ومع شدة ظهوره،وسريانه في جميع جزئيات العالم ،فهو باطن لا يدرك.
وما احتجبت إلا برفع حجابها*ومن عجب أن الظهور تستر. فجميع ما في الكون إنما هو آثار الأسـماء الإلهية، ظهرت في صور المخلوقات على وفق مراد الحق سبحانه وتعالى،ونحن نسميها حوادث،ووقائع ،وأفراح، وأتراح.تتنوع لكثرة مظاهرها واختلاف مقاصد مظاهرها فهو الشاهد الشهيد المشهود،وحيثما كان الاسم الالهي وجدت معه حضرة محمدية، تضفي اللطف على مقتضاه لَبِسَتْ حُلَلَ الْكَمَالِ فَنَابِتِ عَنِ الْحَقِّ فِي الظُّهُورِمَنْ رَآنِي فَقَدْ رَآى الْحَقَّوَفِي الكَلَاَمِ ﴿إِنَّهُ لَقَوْلُ رَّسُولٍ كَرِيمٍ﴾خَاطَبَتْ وَسُمِعَتْ، تَجَلَّتْ فَشُوهِدَتْ. و الحمد لله وصلى الله على سيدنا ومولانا رسول الله كما هو أهله وعلى آله وصحبه وسلم
الفقير الى عفو ربه عبد الكريم ابن الفاطمي.