اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا وَمَوْلاَنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا وَمَوْلاَنَا مُحَمَّدٍ،سِرَاجُ الكَوْنِ وَمَدَدُهُ﴿يَٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِنَّا أَرسَلنَٰكَ شَٰهِدا وَمُبَشِّرا وَنَذِيرا وَدَاعِيًا إِلَى ٱللَّهِ بِإِذنِهِ وَسِرَاجا مُّنِيرا﴾ فَكَمَالَاتَصِحُّ الحَيَاةُ بِدُونِ شَمْسٍ وَقَمَرٍ،كَذَلِكَ حَقِيقَتَهُ هِيَ المُمِدَّةُ لِلْوُجُودِ، يَسْتَمِدُّ مِنْهَا كُلُّ مَوْجُودٍ،فَانْفَلَقَتْ كُلُّ الأَنْوَارِمِنْ نُورِهِ،وَكُلُّ الأَسْرَارِمِنْ سِرٍّهِ،وَظَهَرَتْ سِيَّادَتُهِ الَّتِي كَانَتْ بَاطِنَةً،فَهُوَ حَقِيقَةُ الحَقَائِقِ،وَالنُّورُ الأَسْبَقُ لِلخَلَائِقِ،هُوَأَصْلٌ لِجَمِيعِ المَوْجُودَاتِ مِنْ حَيْثُ حَقِيقَتِهِ.ظَهَرَ بِمَعْنَاهِ فِي الأَشْيَاءِ إِذْ لَوْلاَهُ لَمْ يُوجَدُ لَهَا عَيْنٌ،وَلَوْظَهَرَ بِصُورَتِهِ لَمْ يُوجَدُ لَهُمْ عَيْنٌ.وَمِنْ أَجَلِ تِلْكَ النِّسْبَةِ،عَمَتِ الرَّحْمَةُ كُلَّ الكَائِنَاتِ ﴿وَرَحمَتِي وَسِعَـت كُلَّ شَيء ﴾وَصَحْبِهِ وَسَلِّمْ
قال تعالى في وصف الشمس في سورة النبأ(وجعلنا سراجا وهاجا).وفي وصف الشمس والقمر(تَبَارَكَ ٱلَّذِی جَعَلَ فِی ٱلسَّمَاۤءِ بُرُوجا وَجَعَلَ فِیهَا سِرَ ٰجـا وَقَمَرا مُّنِیرا)(الفرقان) وورد وصفهما بالجعل. اما في حقه صلى الله عليه وسلم ،قال تعالى في سورة الاحزاب(يا ايها النبي انا ارسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وداعيا الى الله بأذنه،وسراجا منيرا) فذكر الإرسال،وليس الجعل.وجمع له صلى الله عليه وسلم بين الوصفيين السراج والانارة .و(سراجا وهاجا) محذوفة الالف لأن الشمس والقمر لهما طلوع وغروب. يختصان بعالم الملك. ويصيبهما الكسوف والخسوف،ولا ابدية لهما.يوما ما ،ستطلع من مغربها وستقوم القيامة.
أما في حق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم (وسراجا منيرا)ثابته الالف وفي بعضها محذوفة الالف،شارة الى الظهور والبطون وتلميحا الى أن معرفة حقيقته صلى الله عليه وسلم لا تدرك.(“وتراهم ينظرون إليك وهم لايبصرون)”ماعرفني حقيقة غير ربي” .فهو ظاهرلأصحاب الكشف والمشاهدة ،وباطن عن غيرهم
ومااحتجبت إلا برفع حجابـها ♣ ومن عجب أن الظهور تستر.
هو سراج من نورالغيب.و كما لا يصح الوجود بدون شمس ولا قمر،ولولاهما لما كان ليل ولا نهار،ولا صيف ولا شتاء ،ولا ظل ولا حرور.فكذالك لا استمرارية للوجود بدون حقيقته صلى الله عليه وسلم، ولا غنى له عن ظل لطفها ،وجناح عطفها،ووساطة رحمتها، منها يستمد وعليها يعتمد، فهي لا تغيب تطلع بالليل كما بالنهار،هوالسراج الذي أضاء الكون، فأزال ظلمة الجهل ،والشك والريب،وظلام الجاهلية والشرك والكفر،ورسخ كلمة التوحيد “لا إله إلا الله محمد رسول الله”.
وهوصلى الله عليه وسلم كان قبل الظل وقبل امتداد الظل،موصوف باللطافة ،وإن ظهرت للناظر الكثافة،فلا ظل له،يَرى من خلف كما من إمام ،ويرى بالضوء كما بالظلام. من نوره انفلقت الانوار،ومن سره انشقت الاسرار. هو شمس الوجود ليس له كسوف،وقمره ليس له خسوف.هو حياة الوجود ونوره.ولوغابت النبوة عن الوجود لانفطرت سماؤه،وانكدرت نجومه،واتتثرت كواكبه،وزلزلت أرضه وقامت قيامته ،(فإما نذهبن بك فإنا منهم منتقمون) .
وكل الخلائق يعرفون الشمس والقمر،قال تعالى(والشمس والقمر بحسبان) أي ان بحركتهما كان التقويم الزماني الشمسي والهجري.وبسط وكسر اسم(محمد) يساوي 354 بعدد أيام السنة الهجرية التي بها التشريع الاسلامي.
وكما ان الملوك والرؤساء معروفون عند العامه والخاصة،والشمس والقمر كذالك فكذلك حقيقته المحمدية ،معروفة عند الخواص من امته ،لا تغيب عنهم ،قال المرسي “لو غاب عني رسول الله صلى الله عليه وسلم طرفة عين ما عددت نفسي من المسلمين” .هو صلى الله عليه حقيقه الحقائق ،والنور الاسبق لخلائق .أخرج الموجودات من العدم ،فصارت مسبحات ،ولله ساجدات،عابدات ،وعمت الرحمة كل الكائنات.
قال الحلاج رحمه الله :
طلعت شمس من أحب بليل = فاستنارت فما لها من غروب
إن شمس النهار تغرب بالليـــ=ــل وشمس القلوب ليس تغيب
من أحب الحبيب طار إليه= اشتياقا الى لقاء الحبيب.
اللهم اجعلنا من المحبين فيه،ومن المقربين منه صلى الله عليه وسلم دنيا واخره وارزقنا شفاعته دنيا واخره (واخردعواهم ان الحمد لله رب العالمين)