شرح الصلاة 20 من خبيئة الاسرار

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الانبياء والمرسلين،وعلى مولاتنا فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين ،وعلى سيدتنا خديجة الكبرى ام المومنين ،وعلى اله وصحبه اجمعين.
اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا وَمَوْلاَنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا وَمَوْلاَنَا مُحَمَّدٍ،الَّذِي لَوْخَلاَ الْكَوْنُ مِنْ أَسْرَارِنُبُوَّتِهِ لَفُتِحَ الْمَجَالُ لِلْجَلاَلِ الْمَحْضِ،وَلَأَفْنَتُهُ الْتَّجَلِّيَّاتُ الإِلَهِيَّةُ إِذْ لَا نِسْبَةَ بَيْنَ الْخَالِقِ وَالخَلَائِقِ.نِسْبَتُهُمْ إِلَى هَذَا النُّورِالرَّحْمُوتِي حَقِيقَةِ الحَقَائِقِ،الَّذِي لَهُ وِجْهَةٌ حَقِّيَّةٌ تَنْظُرُ إِلَى الأُلُوهِيَّةِ،وَخَلْقِيَّةٌ مُوَالِيَّةٌ لِلْعُبُودِيَّةِ.وَحَقِيقَةُ الْعُبُودِيَّةِ تَقْتَضِي طَاعَةَ الْمَعْبُودِ، وَمُحَبَّتَهُ،وَالْخَلْقُ لاَيَصِلُونَ إِلَى كَمَالِ مَحَبَّتِهِ،وَطَاعَتِهِ لِضُعْفِهِمْ الذَّاتِي.فَجَاءَتِ الرِّسَالَةُ بَشَراً مِنْ جِنْسِهِمْ وَاسِطَةً بَيْنَ حَضْرَتَيْنِ يَتَعَذَّرُ تَوَاصُلُهُمَا فَبَلَّغَتِ الطَّرَفَ الخَلْقِي أَنْبَاءَ الطَّرَفِ الحَقِّي،فَأَقَامَ طَاعَتَهُ مَقَامَ طَاعَتَهِ﴿مَّن يُطِعِ ٱلرَّسُولَ قَد أَطَـاعَ ٱللَّهَ﴾وَأَقَامَ مُبَايَعَتَهُ،مَقَامَ مُبَايَعَتِهِ،وَمَحَبَّتَهُ مَقَامَ مَحَبَّتِهِ ﴿قُل إِنْ كُنتُم تُحِبُّونَ ٱللَّهَ فَٱتَّعـونِي يُحبِبكُمُ ٱللَّهُ﴾فَهُوَ الرَّحْمَةُ الإِلَهِيَّةُ الَّتِي سَبَقَتِ الْغَضَبَ، وَوَسِعَتْ كُلَّ شَيءِ،وَالْغَضَبُ شَيءٌ وَسِعَتْهُ الرَّحْمَةُ.فَلَا يَتَصَرَّفُ إِلاَّ بِحُكْمِهَا،مَسْجُونٌ فِي صَيَاصِيهَا، وَصَحْبِهِ وَسَلِّمْ.
من اسرار النبوة محتدها الأحدي ،فهذا حقق لها نسبة مع الألوهية،فهي نور الله. قال تعالى (قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين)فهو صلى الله عليه وسلم نور من مقتضى الاحدية والكتاب المبين هو القرءان. قال صلى الله عليه وسلم( اول ماخلق الله نور نبيك ياجابر) (كنت نبيا وءادم منجدل في طينته)فكان صلى الله عليه وسلم أول المخلوقين،وأول العابدين،وأول المسلمين.

ومن اسرار النبوة انها رحمة مهداة للعالمين(وماارسلناك الارحمة للعالمين)فنسبة الخلائق مع هذا العبد الأحدي الأولي الأزلي،حقيقة الحقائق الذي له وجهة حقية ووجهة خلقية.خلقه الله تعالى قبل المخلوقات،ورحمة له، وسيط برزخي رحموتي نوراني، لأن طاعة الحق تعالى ليست في متناول البشر لضعفهم الذاتي (وخلف الانسان ضعيفا)فخلق تعالى النسبة(نور نبوة مولانا نبي الله) ثم خلقهم بها ،بها اذ كل التجليات الإلهية تتطلب وساطتها سواء الخلق او التصوير اوالحياة أو الممات،أوالهداية ….. فكان هذا الوسيط الحقاني العظيم من حيث وجهته الخلقية بشرا مثلهم برزخا بين حضرة الالوهية والمألوهين،حضرتين غير متجانستين التواصل بينهما مباشرة مستحيل، اذ لا مناسبة بينهما، فبلغ هذا الطرف اللاهوتي المحمدي الاحمدي ،الطرف العبدي المحدث،الناسوتي انباء خالقهم ،وأخبرهم بمراد خالقهم ، وكيف تكون عبادته،وطاعته، وأقام طاعته مقام طاعته ومبايعته مقام مبايعته ،ومحبته مقام محبته،والاستجابة له مقام الاستجابة لحبيبه .فلولاه صلى الله عليه وسلم لأفنت التجليات الإلهية الكون( فإما نذهبن بك فإنا منهم منتقمون)
قال أبو العباس التجاني قدس الله سره:ما خلق الله لنفسه إلا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ،والباقي من الوجود كله مخلوق لأجله معلل بوجوده . لولا أنه خلق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ما خلق شيئاً من العوالم ، فبان لك أن الوجود كله مخلوق لأجله .انتهى .
فالوجود مخلوق لمخلوق.وانفرد الحق تعالى بالغنى المطلق.فهو تعالى غير محتاج لا لكون ولا لأكوان،ولا لإنس ولا لجان، ولاتنفعه طاعة ولايضره عصيان خلق الخلق للخلق لا له .
ويقول الشيخ محمد الكتاني قدس الله سره: في “الرقائق الغزْلية “:فالمراد من الموجودات النوع الإنساني،والمراد من النوع الإنساني الأنبياء والرسل(عليهم السلام)والمراد منهم وجود الحقيقة المحمدية،فكانوا لها بمنزلة المقدمات والفذلكات، والمراد من الكتب السماوية القرآن الحكيم، والمراد من الأمم هذه الأمة المحمدية ﴿لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ﴾،والمراد من هذه الأمة آل البيت النبوي الأطهر(عليهم السلام). فصار كأن القصد الحقيقي منِ العالم ليس إلا الحقيقة الأحمدية وما والاها. انتهى.

ويقو الشيخ الأكبر في نقش الفصوص :… وجعله الله تعالى العين المقصودة من العالم كالنفس الناطقة من الشخص الإنساني ولهذا تخرب الدنيا بزواله ،وتنتقل العمارة إلى الآخرة من أجله فهو الأول بالقصد، والآخر بالإيجاد ،والظاهر بالصورة والباطن بالسورة، أي المنزلة فهو رب للعالم وعبد بالنسبة لله .انتهى
:ولله ذر القائل
أنت الذي لولاك ماخلق امرء ♣ كلا ولاخلق الورى لولاكا
أنت الذي من نورك البدر إذ طالع ♣والشمس مشرقة بنوربهاكا
أنت الذي لمارفعت إلى السماء♣ بك قد سمت وتزينت لسركا
أنت الذي ناداك ربك مرحبا ♣ ولقد دعاك لقربه وحباكا
أنت الذي فينا سألت شفاعة ♣ لباك ربك لم تكن لسواكا
أنت الذي لما توسل آدم ♣ من زلة بك فاز،وهوأباك

وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد نبي الله وعلى الزهراء بنت رسول الله .محمد بن المبارك

حصل المقال على : 437 مشاهدة
هل أعجبك الموضوع؟ يمكنك مشاركته على منصتك المفضلة

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد