شرح الصلاة 13 من خبيئة الأسرار

شرح الصلاة الثالثة عشر من خبيئة الأسرار

اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا ومولانا محمد وعلى ال سيدنا ومولانا محمد،الذي تصلي عليه الألوهية،والدوائر العليا الملكوتية﴿إن الله وملٰئكتهۥ يصلون على النبي﴾باستمرارية،صلاة أزلية ،أبدية.تثني على المحمدية بالأحمدية،وتظهر المقتضيات الأسمائية،وفق الحكم المسطر في بساط الرحمانية،فالكل بها منوط.سواء علوم وهبية، أوكسبية،دينية، أو دنيوية، فما ظهرت الإبتكارات العلمية والتطورات التكنولوجية.إلابعدما ظهرت صلوات تعنون عن الأحدية التي برزت من مقتضاها الحقيقة المحمدية، لهذا أمرت العوالم العلوية والسفلية، بالصلاة عليها.هي أفضل القربات، وأعظم الطاعات،ففي كل صلاة نعتية نبايعه، ونكون من المقربين من نبوته،الموقنين بحقيقته،ومن المصدقين بكل ما جاء به. وصحبه وسلم.

الذي تصلي عليه الألوهية،والدوائر العليا الملكوتية﴿إن الله وملٰئكتهۥ يصلون على النبي﴾ باستمرارية، صلاة أزلية ،أبدية:

هذه الآية الجليلة تحمل ما لاحصر له من الدلالات والاشارات و التصريحات في علوشأن نبوة سيدنا ومولانا محمد صلى الله عليه وسلم وعظمته،وتستحق منا الوقوف عند بعض من رشحات تلك العظمة

1 حرف (إن) للتوكيد يشيرإلى أهمية الصلاة على النبي ويؤكد حقيقة هذا النبي العظيم الذي كان قبل القبل. قال تعالى”قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين”وقوله صلى الله عليه وسلم”كنت نبيا وآدم بين الماء والطين  ” أول ما خلق الله نورنبيك ياجابر”.فالنبوة رحمة للكون الإلهي ” وما أرسلناك إلارحمة للعٰلمين ”والله غني عن العالمين،فصلاته على النبوة تعود بالرحمة على الكون الإلهي،وتلطف من حرارة التجليات الإلهية (قولنا اللهم ألطف بنا، بنا = 53  أي أحمد)فنبوة مولانا رسول الله واسطة في كل تجل” فأينما تولوا فثم وجه الله ”،ولاشئ إلا وهو به منوط ،وكيف لاوقد تحلى صلى الله عليه وسلم بجميع الأسماء الإلهية وبالاسم الجامع[ الله] قال تعالى”إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله”. فالظاهر يفيد التوكيد لغة،أما باطنا،فهو يفيد كذلك استرسال الكون وأهله في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ،دون أن يقيد ذلك بزمان أو مكان. وبدخول “إنّ” تُصبح الجملة إسمية ،بينما لو قال تعالى [الله وملائكته يصلون] لكانت الجملة فعلية. وفي هذا نكتة عظيمة:وهي أن الجملة الإسمية لاتقيد بالزمان،وكما تفيد الماضي فهي تفيد كذلك المضارع والمستقبل.وهذا دليل على أقدميته صلى الله عليه وسلم فهو الأول والآخر.

2  إسم الجلالة” الله “هو الاسم الدال على الذات الالهية ،هواسم جامع لجميع الاسماء والصفات الإلهية،وهو رئيسها فحينما نقول يا الله فنحن ندعوا الله بسائر الاسماء الالهية كاللطيف والغني والنافع و… وهو الذي اختص بالتوحيد وأساس التوحيد” لااله الا الله محمد رسول الله” وتأمل فليس بين اسم الجلالة واسم محمد حرف فاصل،مثلا (لا إله إلا الله ومحمد رسول الله)لأنه قريب من رب العزة ،فليس هناك خطابا بين الله وسيدنا محمد،فلا تجد في القرءان” يا محمد”بل تجد:يا آدم ..يا نوح ..يا ابراهيم ..يا موسى….يا عيسى وتجد ” قال نوح رب …قال ابراهيم رب…و لن تجد قال محمد: رب.

وباقي الأسماء الإلهية داخلة تحت حيطة اسم الجلالة “الله” حتى اسمه تعالى الرحمن فهو اسم مرتبة قال تعالى” قل ادعوا الله او ادعوا الرحمن أياما تدعوا فله الاسماء الحسنى”، والاصطحاب بين النبوة  والاسماء الإلهية ،وقع في دائرة اسم الجلالة.. فكان شرفا وتعظيما لسيد الوجود أن تكون الصلاة عليه برئيس الأسماء الإلهية..فالعظيم تعالى يصلي على العظيم صلى الله عليه وسلم”وإنك لعلى خلق عظيم”.

3    قال تعالى “وملائكته” ولم يقل “والملائكة”و..هذا راجع على دور الملائكة الكرام في الكون،وكونه مربوطا بالأسماء الالهية. فصلاة الملائكة على المولى سيدنا محمد النبي صلى الله عليه وسلم هو خدمة للكون وتسخير لبني ادم (فسجدوا). ولما كانت علاقة الملائكة بالأسماء الالهية وثيقة جدا،علاقة فاعل وخادم للفاعل “لايعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يومرون ”ولأجل هذا الدور الذي،كان عطف اسم الجلالة (الله)باعتباره الاسم الجامع رئيس الاسماء الآمرة للملائكة والمسيرة تحت سلطان تجلياتها لخدمتها،كلها بدون استثناء ،وكيف لا،وعالم الظهور أعطيت انطلاقته من هذا البساط :بساط الألوهية.

إذا” إنّ الله وملائكته”:راجعة على كل الملائكة بدون استثناء وعطفها على اسم الجلالة لطبيعة دورها في الكون ووساطتها في ظهور مقتضياتها. وايصالها الى اصحابها .

4   جاء التعبيربالمضارع ”يصلون” الذي يفيد الاستمرارية والتجدد، فصلاة الله على حبيبه صلى الله عليه وسلم هي مدحه،وذكره، والثناء عليه في القرءان،ومن المعلوم أن القرءان استمراري ولاتنقضي عجائبه     “فيه خبرما قبلكم ونبأ ما بعدكم ”الحديث . فوُرود( يصلون) بالمضارع المفيد للتجدد والاستمرارية يعنون عن التغيير الذي تنتجه التجليات الإلهية ،فكل ما يُظْهِره الله في الكون،هوتابع لتجل الأسماء والصفات الإلهية وللمقتضيات القرءانية .”ما فرطنا في الكتٰب من شئ” .والتجليات الإلهية تتطلّب وساطة حقيقته المحمدية،للإنفعال في الكون الإلهي، وبالتالي فكل ما يَظْهر في الكون هومنوط بصلوات الله على المولى النبي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله.

5   يصلون على النبي”،ولم يقل يصلون على الرسول.

الصلاة المطلوبة هي الصلاة على النبوة، إذ النبوة صفة تخصه صلى الله عليه وسلم لم يشاركه فيها أحد ،وهي صفته القديمة ،وبهذا فالصلاة على النبوة هي صلاة عليها قبل وجود الكائنات وبعد وجودها.وأما الرسالة فصفة متعلقة بالكون” يا ايها الناس اني رسول الله اليكم جميعا” فهي دستور الكون وفهرسته. فتكون الصلاة عليه هي من احمديته على محمديته، منه به عليه…

6   حرف الجر “على” في الآية، لها معاني كثيرة فمن معانيها:أنها تفيد الوسيلة(نقول جئت على العربة أي بواسطتها) وهذا بمعنى أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وسيلة للكون وأهله وواسطة بين الكون وربه،فكانت بذلك الصلاة على النبي كالشيخ المربي لصاحبها فتختصر له الطريق ويترقى بها ما لا يصله غيره السنين العديدة وذلك بشروط. حرف الجر“على” أيضا يشير أننا لانصلي مباشرة على المولى النبي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله…إنما نطلب من الله أن يصلي عليه فنقول :اللهم صل على سيدنا محمد ،والحق سبحانه وتعالى له العلو..

7    ورد النداء في قوله تعالى”ياآيها الذين آمنوا“،والنداء:”يا أيها “في القرآن الكريم أمره عجيب فمن حيث الإحصاء، وردت “ياأيها” في المصحف الشريف 143مرة ،إثنان منهم محذوفتا الألف ،قوله تعالى ”وَقَالُوا يَا أَيُّهَ السَّاحِرُ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ”وقوله تعالى ”سنفرغ لكم أيه الثقلان”. و143 هي 13 ×11 أي كسر الصفة أحد × كسر“هو”،وهذا فيه من الدلالة على أن هذا النداء فيه من سر الأحدية ما فيه ،والأحدية محتد النبوة،والهوية حجاب،بل حجب وهي بساط مشترك، فمن عرف نبيه فقد علم سر النداء واهتدى،و في كل أموره به اقتدى. ومن حجبته بشريته ضل وما اهتدى.ومن العجيب كذلك أن“يا أيها النبي” ذكرت في القرآن الكريم 13 عنونا عن الأحدية .فدل هذا على  الحجاب المسدول دون الأحدية من طرف الهوية (إذ النداء العام في القرآن 13 ×11 = أحدية في هوية) والنداء الخاص للنبوة ،ورد دون حجاب إذ الأحدية محتدها فافهم . وألحقت “يا أيها” بالإسم الموصول ” الذين” 92 مرة، أي عدد كسر إسم محمد،محمد = 92. منها 89 نداء “للذين آمنوا” ،و 1 نداء “للذين أوتوا الكتاب”، و1 نداء “للذين هادوا “،و نداء “للذين كفروا” . والإسم الموصول يفيد كما يقول اللغويون التعيين والتخصيص، فكأن في هذا العدد دلالة على أنه بالمحمدية وقع التعيين والتخصيص في الكون فاختصت أهل الإيمان بالفضل الكثير.ولم يرد النداء بصيغة يا أيها الرسول إلا في موضعيين من القرآن الكريم .

وصيغة النداء “يا أيها “جمعت بين ثلاث حروف: (يا ) (أي) (ها). فيا أداة نداء للبعيد ،وأي أداة نداء للقريب،وها أداة صلة. فانظر إلى هذا السر العظيم المخزون في هذا النداء فهو يجمع بين متناقضين : فهو يبدأ بنداء بعيد ويتبعه نداءً قريب ثم صِلة.والذي نراه والله أعلم،أن هذا النداء يعنون عن برزخيته صلى الله عليه وسلم ”فأوحى إلى عبده”،”ما أوحى” .   فالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم تقرب الأمة من نبيها وتعرفهم به،وبفضله العظيم،وأنه المُخاطَبُ الأول والمخاطِب الثاني للكون كله. والنداء كما يُعرِّفه اللغويون هوطلب توجه المخاطب إلى المتكلم ،فنداؤه صلى الله عليه وسلم للكون عنوان على أن معرفته صلى الله عليه وسلم والإستجابة له واجبة ”يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ” ولم يقل تعالى إذا دعوكما،والنداء دعاء ،فلاَحِظ كيف أن الآية أشارت إلى أن النداء بيا أيها هونداء من الله ورسوله.واختص صلى الله عليه وسلم أهل الإيمان من أمته فجعل لهم الحظ الأكبر من هذا النداء وهذا من فضل الصلاة على النبي في هذه الأمة..

8 ما سر تخصيص أهل الإيمان  بالنداء ؟وما الفرق بين” ياآيها الذين آمنوا ”و”ياأيها المؤمنون” .وما قيمة التعبيربالاسم الموصول الجمعي “الذين” ؟جاء النداء ب“يا” للتنبيه ،”أيها” بالتأييه،وذلك ليكون أقوى في التنبيه ،لِتلَقِّي الامر الذي يرد بعده فيكون ذلك من التحريك إلى التشويق ثم التذويق ،والشوق إذا تقدم عن الذوق يكون التذوق أكمل وأعلى وأتم. وتعليق النداء على صفة الايمان ”ياأيها الذين آمنوا” نداء لأهل المحبة قال صلى الله عليه وسلم : لن يومن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ماله وولده والناس أجمعين (الحديث).وأكد تعالى ذلك ب ” ال” التعريفية” النبي ”لأنه صلى الله عليه هوالمعروف الحقيقي بوصف النبوة .     ”صلوا ” هذا أمرفمن ترك هذا الامر وتخلف عنه فقد خدش في إيمانه وتعرض للخطر وهذا نظير قوله تعالى: ياأيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون..

 9“صلّوا عليه” هذا الأمر يجب الإمتثال إليه والطاعة له.

وشرط في المصلي ان يتحقق مقام الإيمان فيه حتى يكون أهلا للصلاة على النبوة.فلايصلي على النبوة إلا أهلها،وقد انتخبت النبوة أهلها..   “صلّوا عليه” أمر،لا يحصره زمان، فهو في الماضي والحاضر والمستقبل .فهذا أمر لكل مسلم مومن أن يصلي على رسول صلى عليه وسلم. وكون الصلاة جاءت هنا بالضمير حيث قال [عليه] ولم يقل على النبي إضمار لحقيقة هذا النبي الكريم،وبيان أن المصلين متفاوتون في صلاتهم. فمنهم من يصلي على سيدنا محمد البشر الذي يأكل الطعام ويمشي في الاسواق ، ومنهم من يصلي على سيدنا محمد المبعوث الذي خص بالرسالة الى أهل الكون.ومنهم من يصلي على الحقيقة الأزلية الأبدية لهذا النبي العظيم. وكما قال صلى الله عليه وسلم : صلوا كما رأيتموني” . أي كما شهدتم حقيقتي…

10    قال الله تعالى“وسلموا تسليما”ولم يقل سلموا سلاما وما الفرق بين التسليم والسلام ؟

السلام : هو قولنا السلام عليك أيها النبي كما في التشهد.

أماالتسليم: هوأن تعتقد أنه صلى الله عليه وسلم تعرض عليه صلاتك وتسليمك ويرد عليك وأنه خليفة الله في أرضه.“فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَيَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً”..”ويسلموا تسليما “بمعنى :انقيادا وخضوعا وإذعانا ,وفي قوله “إيمانا وتسليما “:استسلاما ورضا وسكونا تحت مجاري الأقدار…”مما قضيت” فبيده صلى الله عليه وسلم مفاتح الاسماء الالهية.

تُثْني على المحمدية بالأحمدية: الصلاة على النبي على ثلاثة أقسام:

صلاة الله عز وجل وهي صلاة بالنّعوت الواردة بالقرءان.

صلاة الملائكة بالشمائل المحمدية (بالسوريانية).

صلاة المؤمنين بالسيرة العطرة. 

قال أبو الفيض الكتاني: [ من صلّى على المحمدية بالمحمدية (السيرة أو الشمائل)فقد مَدحها،ومن صلّى على المحمدية بالأحمدية فقد أثْنَى عليها. وشَتّان ما بين المدح والثناء ].   الأحمدية هي القرآن.. والمحمدية هي النبوة

والصلاة بالنّعوت تفوق غيرها،وتَطْوي المسافات.والنّعوت كلّها أوصاف باطنية من القرءان.قال:(مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً مَرَّةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِها عَشْراً) [رواه مسلم والترمذي]، صلى الله عليه بــــهـــــا.

استاذنا اختصر هنا جملةً من المعارف لن تسَعها مجلدات ،لأنَّ جوهر الصلاة والتسليم على سيدنا ومولانا محمد صلى الله عليه وسلم :هو الثناء على صاحب الصفة أي الموصوف بصفته الخالدة له أي نعظم ونمدح علو شأن سيدنا ومولانا محمد بما أثبته القرآن له من عظيم النعوت والصفات .. فنحن عاجزون أن نمدحه بأقوالناوأفكارنا ..هل إطّلعْنا على كمال مراتب نبوته ؟ هل أحَطْنا بحضراتها؟ هل وقفنا على كُنه كونه نورا إلهيا ؟ نحن جاهلون بحقيقةعظمته صلى الله عليه وسلم “ماعرفني حقيقة غير ربي”.قد كان قرآنا يمشي .. فنمدحه بكلام الله ،وثناء الله عليه هو ثناء أزلي سرمدي ….وما أعظم ما تحت هذا الغطاء من تعاظيم الثناء وتماجيد المدح وعاليات التسبيح وراسخات التوقير لمقام المولى سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله  وسلم (لِّتُؤۡمِنُوا۟ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُۚ وَتُسَبِّحُوهُ بُكۡرَة وَأَصِیلًا”

وتظهر المقتضيات الأسمائية،وفق الحكم المسطر في بساط الرحمانية

الكون يَسيرعلى وِفق بساط الرحمانية وهذا السيرلايخْرُج عن مقتضيات الأسماء الفاعلة في هذا الكون: الأسماء الإلهية نقيبها هو إسمه الرحمن (قُلِ ٱدۡعُوا۟ ٱللَّهَ أَوِ ٱدۡعُوا۟ ٱلرَّحۡمَـٰنَۖ أَیا مَّا تَدۡعُوا۟ فَلَهُ ٱلۡأَسۡمَاۤءُ ٱلۡحُسۡنَىٰۚ).هذه الاسماء هي كلُّها حُلل لبستها النبوة المحمدية واليها الإشارة في عديد الايات مثل “إن الذين يبايعونك إنما يبايعونك الله”..فالصلاة على سيدنا و مولانا محمد صلى الله عليه وسلم لها دور في إظهار تلك المقتضيات الأسمائية لأننا نُخاطب النبوة المُصطحِبة بتلك الأسماء، فبخطابنا النبوة و تغزلنا فيها وثنائنا عليها تعظيما لشأنها،فإننا نأتي البيوت من الابواب . ..  فسيدنا ومولانا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله. أرسله  الحق تعالى خليفة في السروالعلانية،مراقبا لكل الخبايا والخفايا الوجودية،وأعطاه المفاتح والمقاليد والحل والعقد”هذاعطاؤنا فامنن أوأمسك بغير حساب”. جفت الاقلام والصحف.فاعرف قدرالحبيب المولى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله .

فالكل بها(أي الصلاة على النبوة) منوط.سواء علوم وهبية أوكسبية، دينية،أودنيوية: …علم ذلك من علمه، وجهل ذلك من جهله .

فما ظهرت الإبتكارات العلمية والتطورات التكنولوجية. إلابعدما ظهرت صلوات تعنون عن الأحدية التي برزت من مقتضاها الحقيقة المحمدية

هذا سر من أسرار القوم ظهر إبّانُه،أبرزه شيخ شيخنا قدس الله سره الجميع، إذ قال(التوحيد مفتاح لكل التجليات ومظهر للخبايا والخفايا، فعلى قدرالوصول إلى عين التوحيد وعمقه على قدرالكشف على نعوت سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في القرءان المجيد وتكون الفتوحات في كل العلوم والاختراعات، وما ظهرت الابتكارات والابداعات العلمية إلا بعد ما ذكرت هذه الصفة(أحد)وصُلِّي على النبي صلى الله عليه وسلم بالنعوت القديمة الموجودة في الكتاب المبين)..انتهى.                            فتعظيم شأن النبوة بالثناء عليها بما جاء من خصائص النعوت القديمة التي تصف النبوة ،هو تعظيم يفتح الباب لكل ابتكار وابداع واختراع وتَيْسير،يُسهل على البشرية تقدمها ،فتلك من مظاهررحمة النبوة..وينال المصلي عليه نصيبه من الخلافة المحمدية، “كنتم خير امة اخرجت للناس” ,,”خلفاء الارض” ولم يقل تعالى خلفاء في الارض ,

                فالحمد لله على المولى سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله…

لهذا أُمِرت العوالم العلوية والسفلية،بالصلاةعليها هي أفضل القربات،وأعظم الطاعات

كل العوالم العلوية ما علمنا منها وما لم نعلم تصلي على النبوة المحمدية وكذا العوالم السفلية.و الصلاة على النبي هي العبادة الوحيدة التي يشاركنا فيها الحق سبحانه وتعالى وملائكته.وإن لم يكن فيها من الفضل إلا مشاركة الحق فهو كاف.قال تعالى﴿يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا صَلُّوا﴾ فالخطاب موجه للذين ءامنوا،فإن كنت من المصلين على مولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنت مومن حقاً،وإلافيحقّ عليك قوله تعالى﴿قُلْ لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ﴾. وأنت مهتد﴿وَمَن يَهْدِ اللّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ﴾ [الإسراء]،ولست (مهتدي)،﴿مَنْ يَهْدِ اللّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي﴾ [الأعراف]،وزيادة المبنى زيادة المعنى،فإنتبه. 

            وقال صلى الله عليه وسلم (لن يومن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ماله وولده والناس أجمعين)، وقال تعالى﴿النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ ﴾،فالحق سبحانه وتعالى قدّمه على نفس كل مؤمن،ومعنى ذلك: إذا تعارض لك حقّان،حقّ لنفسك وحقّ للنبي صلى الله عليه وسلم،فأسبقهما وأوجبهما وأشرفهما حقّ النبي، ثمّ يأتي حقّ النفس بعد.

 ورد في الحديث الصحيح [ قَالَ أُبَيٌّ: قُلْتُ:(يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُكْثِرُ الصَّلَاةَ عَلَيْكَ،فَكَمْ أَجْعَلُ لَكَ مِنْ صَلَاتِي؟). فَقَالَ:(مَا شِئْتَ). قَالَ: قُلْتُ:(الرُّبُعَ). قَالَ:(مَا شِئْتَ،فَإِنْزِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ). قُلْتُ: (النِّصْفَ). قَالَ:(مَا شِئْتَ، فَإِنْزِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ). قَالَ: قُلْتُ:(فَالثُّلُثَيْنِ). قَالَ:(مَا شِئْتَ،فَإِنْزِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ). قُلْتُ:(أَجْعَلُ لَكَ صَلَاتِي كُلَّهَا). قَالَ: (إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ،وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ) ].فلنُصَلِّ على حبيبنا،يُكفى همّنا،ويُغفر ذنبنا.فلا تجارة أعظم منها، فالواحدة بعشرة، والعشرة بمائة،والمائة بألف،والألف بعتق رقبة من النار،والزيادةغنيمة،ومن زاد زاد الله له،ولا يملّ الله حتى تـملّوا. فما من خير وبركة إلا وهاته الطاعة سبب فيها ..فسيدنا ومولانا محمد صلى الله عليه وسلم هوعين البركة الإلهية العظيمة. .. فمن كان ذاكرا لله سالكا لطريق التقوى والولاية يكون في طريق بركة خاص..ليس كباقي العموم..

ففي كل صلاة نعتية نبايعه

مبايعة سيدنا ومولانا محمد صلى الله عليه وسلم اختُصّ بها ساداتنا الصحابة.فهم اهل السبق رضي الله عنهم..فهل نُحرم نحن من تلك المبايعة في زمننا الآن؟..إتّباع الشريعة والسيرعلى نهج من كانوا نجوما في إتّباعها،من أصحاب مولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم هي  متابعة عامة للنبوة المحمدية..

وهناك مبايعة خاصة تكون بهاته الصلوات النعتية والتي هي ذكره، ومدحه،والثناء عليه،بالنعوت القديمة المذكورة في القرءان،وما دام يمدح، إلا والرحمة تتنزل على الكون،ويشمل اللطف كل المخلوقات، وينال المصلي عليه حظه من الخلافة ” اني جاعل في الارض خليفة “

وهي مبايعته على الشريعة،وعلى الحقيقة،فمدد الكون واستمراريته ومراقبته موكولة الى مخلوق مثله﴿قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ﴾ لغنى الحق تعالى عن عبادة من يعبده،وعن معرفة من يعرفه،و غناه تعالى حتى عن اسمائه وصفاته أتى الملك من يشاء.

وهذه الصلوات النعتية المأذون فيها تفتح للمواظب عليها مع الوقت والجهد والإستقامة علوم ومواهب وأسراروحقائق .. وتكون بأعداد عرفانية تحمل في طيها سر النبوة وسر المدد ..

ونكون من المقربين من نبوته،الموقنين بحقيقته،ومن المصدقين بكل ما جاء به. وصحبه وسلم.

التحقق في مبايعة النبوة في مقام الشريعة ثم بعدها في مقام الحقيقة ،يرفع المُبايِع لمقامات القرب من سيدنا ومولانا محمد صلى الله عليه وسلم و على آله: فحقيقة النبوة لا سبيل للوقوف على رشحات منها إلا بالتحقق في مبايعته صلى الله عليه وسلم بالتحقيق التزاما بالشريعة والقيام على حدودها..وبالسير في مشرب المبايعة الحقيقة المحمدية وكثرة ذكرها و تعظيم شأنها يصل المبايع للدرجات ويطوي المقامات في التصديق حتى يُكتب عند الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وعلى آله صدِّيقا وارثا..( إن مثلك يا أبا بكر)..و انتبه يا ولي لاشارة المولى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله (مثلك)..ولن تخلو الأمة المحمدية المرحومة من وارث للمقام الابراهيمي الصديقي وأهل البيعة الذين سماهم البيان النبوي الشريف ب( اشتقت لإخواني)..فاللهم احشرنا في سلك أهل البيعة شريعة و حقيقة

   قال العارف النابلسي في هذا المهيع الشريف :

نحن إخوان النبي المصطفى* ود لو كان رآنا وكفى

وهم الأصحاب كانوا قبلنا *جاء هذا في حديث يقتفى

وانقضت أصحابه وانقطعوا* وبقينا نحن إخوان الصفا

حبنا من حبه مكتسب * ومع البعد به البعد انتفى

وهو يشتاق ونشتاق كما *يشتكي نشكو تباريح الجفا

وإذا ود وددنا مثله *وهو أمرجل عن أن يوصفا

إن في الإخوان في الحكم يداً *تقتضي منه عهوداً ووفا

وهو أيضا نسب متصل  *وحدة الروح مقام الخُلَفا

وإذا الصحبة في الظاهر قد *عظمت فضلاً وزادت شرفا

نسبة الإخوان في الباطن لا *تقتضي إلا الجوى والشغفا

شرطوا الرؤية بالعين فمن * نالها منه فبالجسم اكتفى

وشرطنا الذات للذات ترى *رؤية التحقيق من غير خفا

فاعرفوا بالفرق ما بينهما *فاز بالإحسان من قد عرفا…

فالحمد لله على المولى سيدنا محمد نبي الله صلى الله عليه وسلم و على بضعته الزهراء رضي الله عنها.

ابن الفاطمي .

حصل المقال على : 935 مشاهدة
هل أعجبك الموضوع؟ يمكنك مشاركته على منصتك المفضلة

    يمكنكم الاشتراك في نشرتنا البريدية للتوصل بملخصات يومية

    الاشتراك في النشرة البريدية

    احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

    اترك تعليقا

    يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد