سيدي علي العمراني الجمل

سيدي علي بن عبد الرحمان العمراني الجمل: ت1194هـ

اسمه ونسبه:

هو الإمام الجليل الشيخ العارف بالله، الدال على الله، شيخ الطريقة وإمام أهل الحقيقة، أبو الحسن سيدي علي بن عبد الرحمن بن محمد بن علي بن إبراهيم بن عمران الشريف الحسني الإدريسي العمراني من شرفاء بني عمران أهل قبيلة بني حسان؛ لُقب بالجمل، والأصل في لقبه بالجمل كما قال مولاي العربي الدرقاوي: “أنه كان في حال صغره قويا شديدا، وكان ذات يوم سائرا ببعض طرق فاس، إذ وجد بها ناقة أو بعيرا صغيرا راقدا، فرفعه ووضعه خارج الطريق، فرآه بعض الناس حين فعل ما فعل فقال: هذا هو الجمل، فاشتهر رحمه الله بالجمل عند أهل فاس، فهذا هو السبب في لقبه بسيدي علي الجمل”. [1]

يقول محمد بن جعفر الكتاني: “كان -رحمه الله- أولا بفاس متصلا بالمخزن، ثم خرج منها إلى تونس على عهد السلطان أبي عبد الله محمد؛ المدعو: ابن عربية. ابن أمير المومنين مولانا إسماعيل خوفا على نفسه من أشرافها، إذ كان ممن تولى أمرهم من قبل السلطان ولحقتهم الإذاية منه. فلقي بتونس مشايخ انتفع بهم، وبعثوه إلى وازان عند الشيخ مولاي الطيب الوازاني رضي الله عنه؛ فلقيه بوازان عام ثلاثة وخمسين ومائة وألف، ثم بعثه مولاي الطيب إلى فاس، فقدم عليها؛ وذلك في السنة المذكورة، وقرأ بها ما شاء الله من التصوف على الشيخ أبي عبد الله جسوس، وصحب العارف الأكبر أبا المحامد سيدي العربي بن أحمد ابن عبد الله معن الأندلسي، ولزم خدمته مدة من ستة عشرة عاما، حتى انتفع به غاية النفع، وسمع منه الأسرار ما لا يكيف ولا ينحصر.

وكان قد فتح له أولا على يد شريف كبير السن حسن الوجه من ناحية المشرق، يُقال له: عبد الله. وجده بتطوان وصحبه بها سنتين. ثم لما توفي شيخه سيدي العربي؛ بنى لنفسه زاوية بالرميلة حيث ضريحه الآن، وكثر أتباعه وخدامه”[2].

علمه وأخلاقه:

كان الشيخ سيدي عبد الواحد الدباغ يقول: “لا يعرف سيدي عليا إلا من كان هو سيدي علي”،[3] أي لا يعرفه حق المعرفة إلا من بلغ مرتبته.

ويقول مولاي العربي الدرقاوي: “كان بحرا لا ساحل له؛ لأن علمه كان أحلى من السكر وعمله كان أمرَّ من الحنظل، إذ كان دائما يقول كلام ولي الله تعالى سيدي أبي المواهب التونسي رضي الله عنه: من ادعى شهود الجمال قبل تأدبه بالجلال أرفضه فإنه دجال”،[4] ويقول الشيخ سيدي عبد الواحد الدباغ: “كان سيدي علي فقيها كبيرا، عالما شهيرا في علم الضدين، يعني: الحقيقة والشريعة، والحرية والعبودية، والجمع والفرق، والسكر والصحو، والسلوك والجذب، والفناء والبقاء… وما أشبه ذلك”.[5]

وكان رحمه الله متواضعا خيِّرا يقوم بأعمال الزاوية بمفرده، وفي ذلك يقول مولاي العربي الدرقاوي عنه: “لما قصدته لزاويته بالرميلة التي بين المدن عدوة الوادي لي من جهة القبلة -شرَّفها الله- وهي التي ضريحه بها الآن مشهور مقصود للزيارة فدققت الباب فإذا به قائم يُشطب الزاوية إذ كان لا يترك تشطيبها بيده المباركة كل يوم مع كبر سنه وعلو شأنه”.[6]

تلامذته:

تخرج على يد هذا الشيخ الجليل العديد من المشايخ لهم قدم راسخة في العلم بالله، منهم:

• الشيخ مولاي العربي الدرقاوي، (ت1239هـ).

• الشيخ أبو القاسم الحلو، دفين قبة الشيخ صاحب الترجمة وراء قبره.

• الشيخ أبو عبد الله محمد أمزاج.

• الشيخ أبو القاسم الوزير، دفين خارج باب الفتوح من مدينة فاس.

• الشريف عبد القادر العلمي، دفين مكناسة الزيتون بزاويته المشهورة.

مؤلفاته:

• نصيحة المريد في طريق أهل السلوك والتجريد ويسمى أيضاً اليواقيت الحسان في تصريف معاني الإنسان. وهو مطبوع، طبعته دار الكتب العلمية، بتحقيق: عاصم إبراهيم الكيالي الحسيني، سنة 2005م/1426هـ.

• أنوار الطريقة وأسرار الحقيقة. وهو مطبوع، دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى، إعداد وكتابة وترتيب وتبويب: محمد بن محمد المهدي التمسماني، 2007م/1428ه.

• الرسائل في التصوف، (مخطوط).

وفاته:

توفي صاحب الترجمة -رضي الله عنه- بفاس عشية يوم السبت تاسع وعشرين ربيع الأول سنة أربع وتسعين، وقيل: سنة ثلاث وتسعين ومائة وألف، عن مائة وستة أعوام، أو خمسة؛ على ما في فهرسة الكوهن. وحكى بعضهم عن ولده سيدي محمد الشريف أنه ولده وهو من مائة وثمان عشرة سنة… والله أعلم.

ودفن من الغد وهو: يوم الأحد بزاويته التي بحومة الرميلة من عدوة فاس ، قرب مسجد الشيخ سيدي أبي مدين الغوث نفعنا الله به، وبنيت عليه هناك قبة، وقبره بها مشهور معروف مزار، عليه دربوز من خشب، ودفن معه بها وبما اتصل بها جماعة من أصحابه وأصحابهم رضي الله عنهم.

الهوامش:

[1]- مقدمة رسائل مولاي العربي الدرقاوي المُسماة بشور الهدية في مذهب الصوفية، قدم لها الشيخ أحمد بن محمد الزكاري المعروف بالخياط، اعتنى بها: عاصم إبراهيم الكيالي، دار الكتب العلمية، ط1، 2009م. ص: 27.

[2]- سلوة الأنفاس ومحادثة الأكياس بمن أقرب من العلماء والصلحاء بفاس، لأبي عبد الله محمد بن جعفر بن إدريس الكتاني، 1/409. تحقيق: عبد الله الكامل الكتاني، حمزة بن محمد الطيب الكتاني، محمد حمزة بن علي الكتاني، دار الثقافة، الدار البيضاء، المغرب، ط1، 1425هـ /2004م.

[3]- المصدر السابق نفسه، 1/410.

[4]- الرسالة 45 من رسائل مولاي العربي الدرقاوي. 63.

[5]- سلوة الأنفاس، 1/410.

[6]- من خطبة ابن الخياط لرسائل مولاي العربي الدرقاوي، 18.

حصل المقال على : 1٬852 مشاهدة
هل أعجبك الموضوع؟ يمكنك مشاركته على منصتك المفضلة

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد