بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الانبياء والمرسلين،وعلى مولاتنا فاطمةَ الزهراء سيدة نساء العالمين ،وعلى سيدتنا خديجةَ الكبرى امِّ المومنين ،وعلى اله وصحبه اجمعين.السلام عليكم ورحمة الله. موضوعنا سيدي عبد الرحمن المجذوب
سيدي عبد الرحمن بن عياد بن يعقوب بن سلامة الصنهاجي الأصل،
ولقب المجذوب أطلقه عليه أهل زمانه، وبقي معروفا ؛ ولد في شهر رمضان عام 909ھ- ابان حكم الدولة السعدية ، برباط تيط قريبا من بلدة أزمورثم رحل وهو صبي مع والده ، إلى نواحي مدينة مكناس، ونزل بموضع يقال له: “إرُكَّان”، ونشأ في بيئة خير وصلاح. فوالده كان صوفيا أخذ عن الشيخ إبراهيم أفحام الزرهوني تلميذ الشيخ أحمد زروق،
أخذ الشيخ سيدي عبد الرحمن المجذوب عن عدة شيوخ، منهم: الشيخ علي بن أحمد الصنهاجي ، والشيخ أبو حفص عمر الخطاب دفين جبل زرهون، وعليه اعتمد في التربية وسلوك الطريق، والشيخ أبو عثمان سعيد بن أبي بكر، والشيخ أبو الرواين دفين خارج مكناسة الزيتون، والشيخ أبو العباس أحمد بن عبد الواحد الشبيه الشريف الحسني الجوطي دفين خارج مكناسة الزيتون، والشيخ أبو محمد عبد الحق الزليجي دفين جبل زرهون، والشيخ أبو زكريا يحيى بن علال البوخصيبي العمري دفين خارج باب الفتوح من فاس،.
ويظهر من خلال تتبع سلسلة شيوخه، أنه اتصل بالطريقة الزروقية الملامتية بواسطة الشيخ علي الصنهاجي ،وبالجزولية عن طريق عمر الخطاب الزرهوني تلميذ الشيخ عبد العزيز التباع خليفة الشيخ الجزولي
قال فيه صاحب ممتع الأسماع: “كان الشيخ المجذوب عظيم الحال باهر الخوارق، كثير الكرامات غزير المكاشفات، فكان كثيرا ما يخبر بالشيء قبل أن يكون، وكانت له الإغاثة في البر والبحر، والخطوة فلقد كان يقف كل سنة بعرفات وكان يجري في كلامه الأخبار عن اللوح المحفوظ ورؤية ما فيه…، وكان لا يكترث بالخلق في إقبالهم ولا في إدبارهم، مجموعا على مولاه لا يلتفت ،لغير ما به تولاّه، بل كان يعد إقبال الخلق عليه ليلا وإدبارهم عنه نهارا، يفر طول دهره من نفسه ومما سوى الله إلى الله، قد صفا باطنه من شوائب الكدر واستوى عنده الذهب والمدر، والمدح والذم، والشدائد والنعم، بل كان يعد نعمة الدنيا منعا وبلاء والشدة عطاء ورخاء، أعرض في بدايته عما سوى الله فحصل في نهايته من فضل الله ما لا يعلمه إلا الله…انتهى”.
حدثوا عنه أنه كان مرة في زيارة مع أصحابه، فمروا بقطيع من البقر فقال لهم: “خذوا ذلك الفحل، لعِجْلٍ أراهم إياه فأخذوه وذبحوه واشتغلوا به، فبينما هم كذلك، إذا بربته تبحث عنه وتذهب يمينا وشمالا حتى وصلت إليهم،فسألتهم عنه وقالت لهم: والله ما بي إلا أنه عندي لسيدي عبد الرحمن المجذوب، فقالوا لها إن صاحبه قد أخذه وأخبروها بالقصة”.
لسيدي عبد الرحمن المجذوب كلام ملحون لا يخلو من فوائد وحكم، وقد جمعه بعضهم وشرحه وطبعه،
وترك من الأزجال ذخيرة (خصوصا مايعرف “بالرًّباعيات”) لا زالت تحتفظ بها الذاكرة الشعبية إلى عصرنا هذا وتتغنى ببعضها الطوائف العيساوية وغيرها من المتصوفة.
يقول الشيخ عبد الرحمن المجذوب في إحدى رَباعياته عن الزمان:
راح ذاك الزمان وناسو = وجاء ذا الزمان وفلسو
وكل من يتكــلم بالـ =ـحـق كســـروا له راسو
ويقول أيضا عن الدنيا:
الـدنــيا يكنــوها نـاقة =إذا عطفت بحليبها ترويك
وإذا عطفت ما تسد فيها الباقة = تتكفح ولو كان في يديك
توفي رضي الله عنه ليلة الجمعة من عيد الأضحى سنة 976ھ ودفن بمدينة مكناس جوار ضريح السلطان المولى إسماعيل..
وصلى الله على سيدنا محمد نبي الله ،وعلى الزهراء بَضعة رسول الله ،وعلى اله وصحبه.