هو سؤال وصلني من بعض الاصحاب
قال تعالى في سورة القصص ﴿وَجَاۤءَ رَجُل مِّنۡ أَقۡصَا ٱلۡمَدِینَةِ یَسۡعَىٰ قَالَ یَـٰمُوسَىٰۤ إِنَّ ٱلۡمَلَأَ یَأۡتَمِرُونَ بِكَ لِیَقۡتُلُوكَ فَٱخۡرُجۡ إِنِّی لَكَ مِنَ ٱلنَّـٰصِحِینَ﴾.
وقال تعالى في سورة يس﴿وَجَاۤءَ مِنۡ أَقۡصَا ٱلۡمَدِینَةِ رَجُل یَسۡعَىٰ قَالَ یَـٰقَوۡمِ ٱتَّبِعُوا۟ ٱلۡمُرۡسَلِینَ﴾. السؤال : كتبت(أقصا) مخالفة للرسم الاملائي (الاقصى) مثل التي بسورة الاسراء (الى المسجد الأقصا) لم خالفت الرسم الاملائي؟ وفي الآية الأولى قدم(جاء رجل) وآخر(أقصا المدينة) وفي الآيةالثانية قدم (أقصا المدينة) واخر (رجل)!! ما سر كتابة الاقصا وليس الاقصى ؟وما سر التقديم والتاخير؟
هذا الرجل لو كان من مومني بني اسرائيل،لآمن على يد موسى عليه السلام،ولكان موسى وقومه يعرفونه.
وجاء في القرءان نكرة(جاء رجل) في الايتين..فلا احد يعرفه، وفي سورة القصص تبين ان عنده كشف بالامور.
قال : ( ان الملأ ياتمرون بك ليقتلوك فاخرج اني لك من الناصحين) ياتمرون اي يتشاورون،والمشاورة لا تكون في الشارع،وعلى مرآى من الجميع، بل في مجلس مغلق،وبغية قتل فرعون لموسى لا يعرفها الا من كان من المقربين منه، ممن حضر المشاورة،وهي سر فلا يفشيها.
لذا قدم مجيىء الرجل قبل المكان(اقصا المدينة) . (جاء رجل من اقصا المدينة). فأهمية الخبر الذي جاء به منحته التقديم،وهو خبر ليس بالسهل الحصول عليه.
وفي سورة يس قال تعالى: (وَجَاۤءَ مِنۡ أَقۡصَا ٱلۡمَدِینَةِ رَجُل یَسۡعَىٰ قَالَ یَـٰقَوۡمِ ٱتَّبِعُوا۟ ٱلۡمُرۡسَلِینَ ٱتَّبِعُوا۟ مَن لَّا یَسۡـَٔلُكُمۡ أَجۡرا وَهُم مُّهۡتَدُونَ وَمَا لِیَ لَاۤ أَعۡبُدُ ٱلَّذِی فَطَرَنِی وَإِلَیۡهِ تُرۡجَعُونَ ءَأَتَّخِذُ مِن دُونِهِۦۤ ءَالِهَةً إِن یُرِدۡنِ ٱلرَّحۡمَـٰنُ بِضُرّ لَّا تُغۡنِ عَنِّی شَفَـٰعَتُهُمۡ شَیۡـٔا وَلَا یُنقِذُونِ إِنِّیۤ إِذا لَّفِی ضَلَـٰل مُّبِینٍ إِنِّیۤ ءَامَنتُ بِرَبِّكُمۡ فَٱسۡمَعُونِ). وكلام هذا الرجل كله توحيد خالص ،يبين انه بعيد عن اعتقاد بني اسراءيل الذي ما غاب عنهم موسى حتى عبدوا العجل ،فلا شك ان هذا الرجل النكرة له سر عظيم، ولا شك انه من اولياء الله الصالحين.
في سورة القصص نصح موسى،وفي هذه الاية نصح قومه(يا قوم).وله معرفة بالرسالة، وبالفطرة التي خلق الله الناس عليها وله علم البعث( اليه ترجعون).يؤمن بالله ،ويكفر بغير الله ،بكل من اعتقدت فيه الالوهية خطأ(إِنِّیۤ ءَامَنتُ بِرَبِّكُمۡ فَٱسۡمَعُونِ).
وسيدنا موسى في بداية دعوته ،قلة قليلة هي التي ءامنت من قومه في تستر وخفاء( فما ءامن لموسى الا ذرية من قومه على خوف من فرعون وملأيهم)…الا ذرية من قومه)فهم يعرفون بعضهم البعض
والعبد الصالح الخضر عاصر موسى، ويعرفه ،ولاشك ان هذا الرجل النكرة هو الخضر. لذا كتبت الاقصا مخالفة للرسم الاملائي،فهو بعد زماني باطني. (اقصا) اشارة الى بطون حقيقة الخضر (اقصا )بألف ممدودة الى الاعلى، لأن الخضر لا يتحرك الا بأمر الله،(ما فعلته عن أمري).(وَجَاۤءَ رَجُل مِّنۡ أَقۡصَا ٱلۡمَدِینَةِ)من باطن المدينة ،فلكل شيء ظاهر وباطن ولكل شيء ملك وملكوت.
في الايتين وردت كلمة رجل منونة للتعظيم. و(يسعى) كما تعني السرعة في المشي،تعني كذلك انه يقصد وجه الله، والذب عن بني اسرائيل وحمايتهم. كقوله تعالى (وسعى لها سعيها)
فهذا الرجل المجهول ذو القدر العظيم،وجوده في الاية هو الذي غير كتابة الاقصى الى الاقصا.فالاقصى البعيد ،والاقصا الباطن.قال تعالى (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَا الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)فالاقصا في الاية هو البيت المعمور ،اما المسجد الاقصى فهناك من هو أقصى ،وأبعد منه. فخرجت الاية من الظاهر الذي يشير الى ابعد مكان بالمدينة ،الى الاقصا الذي يشير الى تصرف اهل الباطن،في الباطن بأمر الله. (عبدا من عبادنا اتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علما) بالعلم عرف المؤامرة التى تحاك ضد موسى والسعي لقتله. وبالرحمة ذهب يبحث عنه، وهو يعرف مكانه، ليخبره بالمكيدة كي ينجو منها
(فخرج منها خائفا يترقب) دون ان يتأكد من صحة اقوال الرجل ..ولا ان يسأل عنه… فتصرفات الخضر تكون هكذا خاطفة،مباغتة،ويختفى بسرعة مذهلة،كأنه لم يكن. والله اعلم.