بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الانبياء والمرسلين،وعلى مولاتنا فاطمةَ الزهراء سيدة نساء العالمين ،وعلى سيدتنا خديجةَ الكبرى امِّ المومنين ،وعلى اله وصحبه اجمعين. الحقيقة المحمدية خارجة عن ادراكنا ولا يحاط بها و كذلك مراتبها الأولية اللامتناهية،لأن ادراكنا يقيدها ويحصرها ،وهي مطلقة لامقيدة ولا محصورة.فشأن النبوة في بساط الاحدية ،وكذا بساط الهوية وغيرها من البسائط خارج(تفصيلا)عن كشف المحققين،وأذواق النظار،فتنقيبهم لا شك ينقصه شيء من الدقة والتفصيل، لأن هذه الحقائق باطنة في الازل،والنور النبوة من نور الله، ولون الماء لون إنائه (ماعرفني حقيقة غير ربي)ومثلنا كمن يريد أن يرى العالم من ثقب الباب وذلك محال.والمعرفة بالقليل من هذه الحقائق مرتبط بمقام المحقق ،وقامته العرفانية ،ومنوط بما قدره الله له،وما قسمت له النبوة” الله المعطي وإنما أنا قاسم”،وذلك في حقها شعاع من نور شمس حقيقتها الذي لا تطيقه أبصارنا ولا بصائرنا،ولا تدركه عقولنا ،ولاتبلغه أذواقنا.فكل عبر عنها بما تعرفت له به،وتحملته حوصلته من أسرارها،ومنهم من أوتي فتح العبارة،فتحدث به عن فتحه وحدث بنعمة ربه. النبوة خرجت من الأحدية مرتوق في حقيقتها جميع العلوم الكونية ومقتضياتها علومها واسرارها ذاتية لها،والذاتي لا يعلل بعلة. انما لم تكن مفعلة،ولم تفعل حتى بساط الهوية،فأصبح نور النبوة متحققا بها،تحقق الشئ بنفسه اذ لا وجود للكثرة في هذه البسائط الاولية الازلية (الكثرة لم تظهر حتى مرتبة الواحدية والظهور كان في مرتبة الرحمانية). فالعلوم الكونية الملكية والملكوتية الظاهرة والباطنة،كلها كانت مرتوقة في نور النبوة،ومندرجة في حقيقته،اندراج النخلة في النواة.ولا وجود لعلم بدون معلوم. فالنبوة هي هيولى الوجود وأصل شجرة الأكوان المتفرع عنها كل شيء،فعلمها بالمقتضيات الكونية،علمها بنفسها،ومثالا لذلك دمج المعلومات الكثيرة في الوحدة المركزية للكمبيوتر،ثم تظهر بالتدريج تفصيلا على الشاشة فتُعرف بالتالي المعلومات التي كانت مخزونة فيه، فالنبوة وجدت من الأحدية عالمة بالقوة، فتعرفت على نفسها وعلى جميع المقتضيات الكونية من ذاتها،أما الجهل بالذات الالهية فعلم ،بأنها لا تعلم،والجهل بالحقيقة المحمدية في حقنا كذلك،لأنها لا يحاط بها ولا بمراتبها(ما عرفني حقيقة غير ربي)والعلم كان مرتوقا في النبوة منذ برزت من الأحدية،وهي ترتقي في مراتبها دائما وأبدا، ترقي ذاتي لها، اذ الاحدية صفة إلاهية ،وهي كمال،ولا يصدر عن الكامل الا الكمال.وقولنا انها خرجت من الاحدية متصفة بالجهل،قول يصعب تقلبه،فالحقيقة المحمدية عارفة بجميع المقتضيات الكونية من ذاتها بذاتها وفق الإرادة الأزلية. ولما دخلت بساط الألوهية كانت متحققة بالمهام التي تنتظرها في عالم الظهور،فوقع الاصطحاب،وتلقى الفيضة النورانية القرءانية دون الوساطة الجبريلية ﴿وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ﴾ ﴿وَلَاتَعجَل بِٱلقُرءَانِ مِن قَبلِ أَن يُقضَىٰ إِلَيكَ وَحيُهُۥ﴾ فكان نبيا قل القبل “كنت نبيا وءادم منجدل في طينته” (قل ان كان للرحمن ولد فأنا اول العابدين) ورسولا قبل القبل(وَإِذۡ أَخَذَ ٱللَّهُ مِيثَٰقَ ٱلنَّبِيِّۧنَ لَمَآ ءَاتَيۡتُكُم مِّن كِتَٰبٖ وَحِكۡمَةٖ ثُمَّ جَآءَكُمۡ رَسُولٞ مُّصَدِّقٞ لِّمَا مَعَكُمۡ لَتُؤۡمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ ءَأَقۡرَرۡتُمۡ وَأَخَذۡتُمۡ عَلَىٰ ذَٰلِكُمۡ إِصۡرِي قَالُوٓاْ أَقۡرَرۡنَاۚ قَالَ فَٱشۡهَدُواْ وَأَنَا۠ مَعَكُم مِّنَ ٱلشَّٰهِدِينَ) فسماه رسولا في تلك(القرون) الأولى. لنفسه ولمن تقدم من الأنبياء والرسل،الى أن آن وقت ظهوره،فهوصلى الله عليه (رسول من الله) قبل القبل(رسول من عند الله)عند نزول الوحي .
خواطر حضرتني حول قول الشيخ الاكبر قدس الله سره في ج1 ص11 ” قال : ….فنقول أن الله تعالى لما أوجد الكلمة المعبر عنها بالروح الكلية أوجدها في مقام الجهل ومحل السلب أي اعماه عن رؤية نفسه فبقي لا يعرف من أين صدر ولا كيف صدر…..الى اخر كلامه ). وصلى الله على سيدنا محمد نبي الله ،وعلى الزهراء بَضعة رسول الله ،وعلى اله وصحبه.
المعهد الفاطمي المحمدي.
الاستاذ ،معز.من تونس