بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه. السلام عليكم ورحمة الله. موضوعنا حول علم التصوف التصوف عرفه معروف الكُرخي فقال: (التصوف الأخذ بالحقائق واليأس مما في أيدي الخلائق.
وعرفه الجنيد بقوله :هوتصفية القلب عن موافقة البرية ومفارقة الأخلاق الطبعية وإخماد الصفات البشرية ومجانبة الدواعي النفسانية ومنازلة الصفات الربانية والتعلق بعلوم الحقيقة واتباع الرسول في الشريعة.
وقال سحنون :(التصوف هو أن لا تملك شيئاً ولا يملكك شيء وعرفه أبو محمد الجريري بقوله هو الدخول في كل خُلُقٍ سَنِيّ، والخروج من كل خلق دَنِيّ .وعرفه أبو بكر الكتاني: التصوف خلق.فمن زاد عليك في الخلق فقد زاد عليك في التصوف .
وعرفه الشيخ عبد القادر الجيلاني فقال: التصوف الصدق مع الحق، وحسن الخُلُق مع الخَلْق . وعرفه أبو حفص الحداد: التصوف كله أدب: لكل وقت أدب، ولكل مقام أدب، ولكل حال أدب. فمن لزم آداب الأوقات بلغ مبلغ الرجال،ومن ضيع الآداب فهو بعيد من حيث يظن القرب، ومردود من حيث يظن القبول .
قال أبوحامد الغزالي رحمه الله تعالى في كتابه “المنقذ من الضلال”: ولقد علمت يقينا أن الصوفية هم السالكون لطريق الله تعالى خاصة وأن سيرتهم أحسن السيرة وطريقتهم أصوب الطرق وأخلاقهم أزكى الأخلاق…
هو طريقة وهي أول شروطها تطهير القلب بالكلية عما سوى الله تعالى، ومفتاحها الجاري منها مجرى التحريم من الصلاة استغراق القلب بالكلية بذكر الله، وآخرها الفناء بالكلية في الله . ويقول أيضاً بعد أن ذاق طريق التصوف ولمس نتائجه وذاق ثمراته: الدخول مع الصوفية فرض عين، إذ يخلوأحد من عيب إلا الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.
وما أحسن ما قال ابن عربي في كتابه التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية:التصوف صافاك الله أمره عجيب،وشأنه غريب،وسره لطيف لايُمنح لكثيف،بل لصاحب عناية وتصريف، وقول حق،وقدم صدق،له أمور وأسرار، غطى عليها إقراروإنكار. انتهى
يقول الشيخ زروق: نسبة التصوف في الدين نسبة الروح من الجسد لأنه مقام الإحسان الذي فسره رسول الله صلى الله عليه وسلم لجبريل عليه السلام أن تعبد الله كأنك تراه….
وقال الإمام فخر الدين الرازي في كتابه (اعتقادات فرق المسلمين والمشركين: “الباب الثامن التصوف هو الطريق إلى معرفة الله تعالى، هو التصفية والتجرد من العلائق البدنية،.. وقال أيضا: والمتصوفة قوم يشتغلون بالفكر وتجرد النفس عن العلائق الجسمانية، ويجتهدون، لا يخلو سرهمو بالهم عن ذكر الله تعالى في سائر تصرفاتهم وأعمالهم، منطبعون على كمال الأدب مع الله عز وجل، وهؤلاء هم خير فرق الآدميين انتهى.
يقول الشيخ ماءالعينين في كتاب ” نعت البدايات وتوصيف النهايات : ” علم التصوف من أفضل العلوم وأجملها وأجلها ، لانه علم به صلاح القلوب ،وبه تهذيبها من العيوب ،وبه انكشاف الحجب عنها لمشاهدة الغيوب ”انتهى
و كل علم من العلوم قد يتأتى حفظه ونشره للمنافق وللمبتدع وللمشرك إذا رغب فيه وحرص عليه لأنه نتيجة الذهن وثمرة العقل، إلا هذا العلم، علم الإيمان واليقين والمشاهدة ، فإنه لا يتأتى الكلام في حقائقه إلا لمؤمنٍ مُوقِنٍ مقتف اثر رسول الله صلى الله عليه وسلم ظاهرا وباطنا.
التصوف هوطريق إتباع، واجتماع، واستماع. إتباع للسنة النبوية الشريفة، واتباع أوراد الطريقة، واللإقتداء بالسلف الصالح. اجتماع للذكر،والمذاكرة، في أسرار القرءان، في الأحاديث النبوية، في كلام القوم. فلا سير بدون إتباع، ولا إتباع بدون ذكر ومذاكرة واجتماع. والذئب يأكل من الغنم القاصية. قال العلامة الشريف الجرجاني في (التعريفات): التصوف مذهب كله جِدٌ، فلا تخلطونه بشيء من الهزل، وهو تصفية القلب عن مواقف البرية، ومفارقة الأخلاق الطبيعية، وإخماد صفات البشرية، ومجانبة الدعاوي النفسانية، ومنازلة الصفات الروحانية، والتعلق بعلوم الحقيقة، واستعمال ما هو أولى على السرمدية، والنصح لجميع الأمة، والوفاء لله تعلى على الحقيقة، وإتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الشريعة، انتهى.
فالتصوف هو الحال الذي كان عليه باطن الصحابة رضي الله عنهم وهو طريق جِدٍ لا هزل، وطريق حق لا باطل، وطريق صدق لا كذب، وإخلاص لا رياء ،ولا مداهنة الناس، وعلى قدر تحقـقـك بمقامات الطريق تصفو مرآة باطنك ،وتتفجر ينابع الحكمة من فؤادك و ”من عرف نفسه عرف ربه” فمعرفة الربوبية موقوفة على القيام بآداب العبودية، أي معرفة الحقيقة موقوفة على معرفة الشريعة ،فحقق الشريعة ،تظفر بالحقيقة.وابحث عمن تقتفي اثره وتنتمي الى طريقاه والى سلسلته الصوفية ،وتسير بسيره،فيعلمك مما علم رشدا قال سيدنا موسى للخضر : هل اتبعك على ان تعلمن مما علمت رشدا”وكتبت تعلمن بدون ياء اشارة الى العلوم اللدنية اتي كانت بحوزة الخَضِر ” علمناه من لدنا علما”
وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد نبي الله وعلى الزهراء بنت رسول الله